يعد مرض السرطان من أكبر الأسباب التي تؤدي الى الوفاة، ويعد ايضا من أخطر المشكلات الصحية التي تواجه العالم، خصوصا وان بعض التقارير تشير الى وجود ارتفاعا كبيرا في نسبة الإصابة بمرض السرطان في العديد من دول العالم، فقد كشف تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية أن عدد حالات الإصابة بمرض السرطان حول العالم قد ارتفع إلى 14 مليون مصاب، بعد أن بلغ 12.7 مليون شخص في عام 2008، في إشارة الى ازدياد أعداد الوفيات من 7.6 مليون شخص لتصل إلى 8.2 مليون شخص.
ويتصدر التحول السريع في أنماط المعيشة في العالم النامي لائحة الأسباب الرئيسية لهذه الزيادة، وينعكس ذلك أيضا بصورة أكبر على البلدان الصناعية، وتحدث 30% من وفيات السرطان بسبب خمسة عوامل خطر سلوكية وغذائية رئيسية هي ارتفاع منسب كتلة الجسم، وعدم تناول الفواكه والخضر بشكل كاف، وقلّة النشاط البدني، وتعاطي التبغ، وتعاطي الكحول. يمثّل تعاطي التبغ أهم العوامل المرتبطة بالسرطان، إذ يقف وراء 22% من وفيات السرطان العالمية و71% من الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة.
العدوى التي تسبّب السرطان، مثل العدوى الناجمة عن فيروس التهاب الكبد B أو C وفيروس الورم الحليمي البشري، مسؤولة عن نحو 20% من وفيات السرطان التي تحدث في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل. من الملاحظ أنّ نحو 70% من مجمل وفيات السرطان التي سُجلت في عام 2008 حدثت في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل.
وكان سرطان الرئة هو أكثر أنواع السرطان انتشارا، إذ بلغ عدد حالات الإصابة به 1.8 مليون شخص، اي بنسبة 13% من العدد الإجمالي للمصابين. وأفادت منظمة الصحة العالمية أن الارتفاع في معدلات الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء يعتبر حادا، وقد ارتفعت بسببه حالات الوفاة منذ عام 2008، ويعتبر سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان انتشارا بين النساء في 140 دولة حول العالم. وتؤكد المنظمة أن الحاجة أصبحت ماسة لإحراز تقدم في اكتشاف وتشخيص وعلاج حالات سرطان الثدي في البلدان النامية. وبحسب توقعات المنظمة سيبلغ عدد حالات الإصابة بمرض السرطان الإجمالي في عام 2025 قرابة 19 مليون شخص.
السرطان نصيب الدول الأفقر
وفي هذا الشأن كشفت مارغريت تشان المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية في التقرير الذي نشرته الوكالة الدولية لبحوث السرطان التابعة للمنظمة الأممية، والتي تتخذ من مدينة ليون الفرنسية مقراً لها، أن "البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ستكون من دون شك الأكثر تأثراً بالمرض، إذ إنها تفتقر في أحيان كثيرة إلى التجهيزات اللازمة لمواجهة ارتفاع عدد المرضى". وقد ساهم 250 خبيراً من 40 بلداً في إعداد "التقرير العالمي عن مرض السرطان للعام 2014" الممتد على 600 صفحة.
ويذكر أنه في العام 2012، كان سرطان الرئة على رأس لائحة أنواع السرطان الأكثر تشخيصاً (1.8 مليون حالة، أي 13% من إجمالي الحالات)، تلاه سرطان الثدي (1.7 مليون حالة، أي 11.9% من إجمالي الحالات)، ثم سرطان القولون (1.4 مليون حالة، أي 9.7% من إجمالي الحالات). وكان سرطان الرئة أيضاً الأكثر فتكاً مع 1.6 مليون وفاة ناجمة عنه (19.4% من إجمالي الوفيات الناجمة عن السرطان)، متقدماً بأشواط على سرطان الكبد (800 ألف حالة وفاة، أي 9.1% من إجمالي الوفيات)، وسرطان المعدة (700 ألف حالة وفاة، أي 8.8% من إجمالي الوفيات).
ويطال مرض السرطان الرجال أكثر بقليل من النساء. كما أن أكثر من 60% من الإصابات و70% من الوفيات تسجل حالياً في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. ومن المتوقع أن يستمر الوضع على هذا المنوال في السنوات المقبلة. إلى ذلك، دعا التقرير إلى عدم الاكتفاء بالعلاجات الجديدة، بل تعزيز المبادرات الوقائية على صعيد واسع، من قبيل التلقيح ضد فيروس التهاب الكبد "بي" وفيروس الورم الحليمي البشري.
من جانب اخر بينت دراسة يابانية ان بخار السجائر الالكترونية يحتوي على مواد مسببة للسرطان بنسب مختلفة قد تتجاوز أحيانا تركزات دخان السجائر العادية. وبحسب الخلاصات غير النهائية التي كشفها هذا التقرير فان البخار الناجم عن السيجارة الالكترونية يحتوي على مادة فورمالديهايد التي تعد مسببة للسرطان، ومواد أخرى مثل الاكرولين.
وجاء في الدراسة ان "النسب تختلف بشكل كبير بين علامة تجارية وأخرى وحتى بين سيجارة واخرى من العلامة نفسها" وتبين للباحثين ان بخار سيجارة الكترونية من إحدى العلامات فيه نسب من مادة الفورمالديهايد تزيد عشر مرات عن تلك التي تحتوي عليها السيجارة العادية، بحسب ما قال الباحث ناوكي كونوغيتا المشرف على الدراسة. ورفع هذا التقرير الصادر عن المعهد الوطني للصحة العامة في اليابان الى وزارة الصحة التي تدرس على غرار دول اخرى إمكانية تقنين استخدام هذه السجائر.
السمنة تسرّع الإصابة بالسرطان
الى جانب ذلك ورغم أن غالبية البشر يدركون مدى ارتباط السمنة بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، إلا أن ليس الجميع يعلمون مدى ارتباط السمنة بخطر الإصابة بمرض السرطان. وأشارت دراسة أمريكية إلى أن حوالي 90 في المائة من الأمريكيين يدركون أن التدخين مرتبط بارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، فيما 10 في المائة فقط يدركون بوجود ارتباط بين السمنة والسرطان.
أما بالنسبة للعلاقة بين السمنة ومرض السرطان، فإن الدكتور كليفورد هوديس يقول بأن 10 في المائة فقط من الناس يعرفون بوجد ارتباط بين المرضين. وقال الدكتور كليفورد هوديس في الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريرية إن "البدانة تساهم بشكل رئيسي وغير ملحوظ في ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن مرض السرطان، ما يعني أن تأثير البدانة يفوق دور التبغ في خطر الإصابة بالسرطان."
وأشار تقرير صادر عن المعهد القومي للسرطان إلى أن "84 ألف حالة تشخيص بمرض السرطان سنوياً ترتبط بالسمنة." وتؤثر الدهون الزائدة على كيفية عمل علاجات مرض السرطان، ما يمكن أن يزيد من خطورة تعرض مريض السرطان للوفاة، نتيجة السرطان أو أسباب أخرى. وأشار الدكتور هوديس إلى أن الوقاية من مرض السرطان المرتبط بالسمنة يعتبر أفضل علاج، لافتاً إلى أن معدلات الإصابة بغالبية أنواع السرطان تزيد مع التقدم بالعمر، لافتاً إلى أن الوقاية من السمنة تحصل من خلال إتباع نظام غذائي صحي، وممارسة التمارين الرياضية، والنوم الصحي، فضلاً عن التعامل مع الضغط وإدارة التوتر.
وكانت مجلة نيو إنغلاند أوف ميديسن نشرت نتائج دراسة في العام 2003، شملت أكثر من 900 ألف من الأشخاص البالغين في الولايات المتحدة الأمريكية. ووضع المشاركون في الدراسة تحت المراقبة لمدة 16 عاماً، ما أثبت أن المشاركين الذي يعانون من زيادة في الوزن، كانوا أكثر عرضة للوفاة نتيجة الإصابة بمرض السرطان مقارنة بالمشاركين الذين يتمتعون بوزن صحي.
وخلصت الدراسة بعد تحليل النتائج إلى أن الدهون الزائدة تتسبب بالوفاة بنسبة 14 في المائة بسبب أمراض السرطان لدى الرجال، ونسبة 20 في المائة لدى النساء. وأكد الباحثون بالاستناد إلى تحليل النتائج أن علاقة وثيقة تربط بين السمنة وأمراض السرطان. وقال المسؤول الطبي في جمعية السرطان الأمريكية الدكتور أوتيس برولي، إن الأبحاث كشفت عن اتباط السمنة بـ 12 نوع من أمراض السرطان، ومنها سرطان بطانة الرحم، والقولون، والمريء، فضلاً عن سرطان الكلى والبنكرياس. بحسب CNN.
وأشار الباحثون في تقرير نشر مؤخراً في مجلة الجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان، إلى أن أمراض سرطان الرئة والبنكرياس والكبد ستعتبر بحلول العام 2030 من أبرز أمراض السرطان المسببة لحالات الوفاة في الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب ارتباطها بمرض السمنة بشكل جزئي.
وسائل حماية من سرطان
على صعيد متصل أظهرت إحدى الدراسات أن تناول عقاري الأسبرين أو الإيبوبروفين المسكنين بطريقة منتظمة قد يكون له دور في الحماية من بعض أشكال السرطان التي تصيب الجلد. وتوصل تحليل أسترالي لكل الدراسات التي أجريت حتى الآن إلى أن تناولب المسكنات المضادة للالتهابات اللاستيرويدية كان له دور في تقليل مخاطر الإصابة بسرطان الخلايا الحرشفية بنسبة 18%.
وكانت تلك العقاقير مرتبطة في السابق بتقليل مخاطر الإصابة بأنواع أخرى من السرطان، بما في ذلك سرطان القولون. فيما قال الخبراء إن الابتعاد عن أشعة الشمس ووضع الكريمات المضادة يعتبر أكثر الطرق تأثيرا لتجنب الإصابة بسرطان الجلد. وكانت النظرية التي تقول إن هذا النوع من المسكنات قد يكون وسيلة للوقاية من سرطان الجلد قد طرحت في السابق، إلا أنه لم يجر التوصل فيها إلى دليل كامل واضح.
لذا، فقد قام الباحثون بتحليل تسع دراسات تنظر في تناول العقاقير وخطر الإصابة بسرطان الخلية الحرشفية. وذكر الباحثون في دورية "طب الأمراض الجلدية الاستقصائي" أنهم توصلوا إلى أن تناول المسكنات المضادة للالتهابات اللاستيرويدية كالأسبرين يرتبط بانخفاض معدلات الإصابة بهذا النوع من السرطان بنسبة 18%. كما ارتبط تناول هذا النوع من المسكنات من غير الأسبرين بانخفاض معدلات الخطورة بنسبة 15%.
ومن أكثر الأمور المؤكدة حتى الآن هو أن هذا النوع من العقاقير يسهم في منع نمو سرطان الخلايا الحرشفية. إلا أن الخبراء لا يزالون غير متأكدين من تلك التأثيرات، نظرا لصعوبة تحديد بعض العوامل بدقة، بما في ذلك حجم تعرض الشخص لأشعة الشمس بل وحتى جرعات الدواء التي يحصلون عليها. ويعتقد أن المسكنات المضادة للالتهابات اللاستيرويدية، التي تتضمن الديكلوفيناك أيضا، قد تسهم كذلك في منع الإصابة بسرطان الجلد، حيث إنها تسهم في منع إنزيم COX-2، الذي يرتبط بنمو الأورام.
وتوصل الباحثون إلى وجود انخفاض بدرجة كبيرة في مخاطر الإصابة بالسرطان ترتبط بتناول العقاقير بين من كانت لديهم احتمالات للإصابة به، أو من لديهم تاريخ للإصابة بسرطان الجلد في عائلاتهم. ويزيد ذلك الأمر من إمكانية استخدام تلك العقاقير كعلاج وقائي لدى بعض الفئات. وتوصف المسكنات المضادة للالتهابات اللاستيرويدية كعلاج لمن يعانون من بعض حالات التهاب المفاصل، إلا أنه لا ينصح بتناول تلك العقاقير في الاستخدامات العادية بين الأصحاء لما لها من آثار جانبية تتضمن في بعض الحالات النادرة حدوث نزيف داخل المعدة.
من جانبها، قالت دوروثي بينيت، أستاذة علم حياة الخلية بجامعة لندن، إن نتائج هذه الدراسة تستحق الاهتمام بها. إلا أن الآثار الجانبية لتلك العقاقير من شأنها أن تكون سببا في منع استخدامها بشكل روتيني. وتابعت بينيت قائلة: "إذا ما أخذنا في الاعتبار أن أغلب حالات الإصابة بسرطان الخلايا الحرشفية يمكن علاجها بتدخل جراحي في حين اكتشافها بوقت مبكر، فإن الانخفاض في مخاطر الإصابة يعتبر أمرا مهما. إلا أنه يصعب القول إن ذلك يستحق القيام بأمر ما تجاهه." بحسب بي بي سي.
أما برايان ديفي، أستاذ علم الأحياء الضوئية المتقاعد بقسم طب الأمراض الجلدية بجامعة نيوكاسل، فيرى أن تقليل مخاطر الإصابة بسرطان الجلد بنفس النسبة التي خرجت يها هذه الدراسة يمكن أن الوصول إليها من خلال تقليل التعرض لأشعة الشمس بدرجة ضئيلة. وقال ديفي: "بما أن تناول ذلك النوع من المسكنات لا يزال ينطوي على مخاطر، فإن من بين الحلول الأكثر أمانا لمن يرغبون في تقليل خطر إصابتهم بسرطان الجلد هو أن يقللوا بدرجة بسيطة من مدة تعرضهم لأشعة الشمس."
طابعات ثلاثية الأبعاد
من جانب اخر استحدث علماء بريطانيون استخداما جديدا للطابعات ثلاثية الأبعاد لطباعة نماذج طبق الأصل من الأجزاء المصابة بمرض السرطان في الجسد مما يسمح للأطباء باستهداف الأورام الخبيثة بدقة أكثر. وهذه المبادرة هي أحدث مثال على تسخير الطب للتكنولوجيا سريعة التطور والتي استخدمت بالفعل لتصنيع بعض الأنسجة التي يتم زراعتها.
وتطبع الطباعة ثلاثية الأبعاد المنتجات عن طريق وضع طبقات من المادة حتى يتكون المجسم ثلاثي الأبعاد. واستخدمت شركات السيارات وشركات الطيران الطباعة ثلاثية الأبعاد في انتاج نماذج بالإضافة إلى انتاج أدوات متخصصة وأجزاء للاستخدام النهائي. وفي مجال الرعاية الصحية يستخدم أطباء الأسنان الطابعات ثلاثية الأبعاد لعمل نماذج من الفكين والأسنان بالإضافة إلى بعض أنسجة الأسنان التي يتم زراعتها.
ويختبر خبراء جراحة العظام هذه الطابعات المتطورة لاستبدال مفصل الورك. وفي العام الماضي استعان العلماء في الولايات المتحدة بالطابعات ثلاثية الأبعاد لزراعة آذان بشرية من خلايا بقرة. ويشتمل العمل الأحدث على السرطان على "نماذج" للأورام والأعضاء مطبوعة بالطابعات ثلاثية الأبعاد بناء على أشعة مقطعية للمرضى أثناء علاجهم. ويمكن أن تملأ هذه النماذج البلاستيكية بسائل مما يتيح للخبراء مشاهدة تفصيلية لتدفق ما يطلق عليه الأدوية الإشعاعية. بحسب رويترز.
والأدوية الإشعاعية عبارة عن عقاقير تحتوي على مواد مشعة قد تحقن في الوريد أو تؤخذ عن طريق الفم أو توضع في أي تجويف بالجسد. ويكمن التحدي في حقن جرعة كبيرة تكفي لقتل خلايا السرطان دون التسبب في حدوث أضرار جانبية مفرطة للأنسجة السليمة. ويعتقد جلين فلكس رئيس قسم فيزياء النظائر المشعة بمعهد أبحاث السرطان في لندن أن التصميم الدقيق سيتيح للأطباء في المستقبل تحديد الجرعة بدقة نتيجة الاستخدام الروتيني المرجح لنماذج مثل هذه الطابعات.
اضف تعليق