نخاطب كل متخوف وشكاك، ينبغي أن ينظر الى انفتاح شعوب العالم المتحضر لأخذ اللقاح، فبريطانيا سجلت نسبة تلقيح تفوق 80 بالمئة ومثيلاتها من البلدان بالنسبة نفسها، فلماذا هذا الخوف؟ أليس الخوف من تأثيرات الفيروس على صحة الانسان هي بحد ذاتها مسؤولية تستدعي التحصين بتناول جرعة اللقاح...
في أول يوم من امتحانات طلبة الجامعات والمعاهد العراقية التي جرت في 25 تموز، وفي قاعة دراسية كانت مكتظة بالطلبة، على الرغم من تحقيق شروط السلامة الصحية من ارتداء الكمامات والتعقيم، والتباعد المكاني بينهم، وعندما كنت مراقبا عليهم، طرحت عليهم سؤالا، من منكم أخذ جرعة اللقاح ضد فيروس كورونا؟
وبينما وقفت متفحصا بدقة لأحصي عدد الأيادي التي أكد أصحابها تعاطيهم جرعة اللقاح ضد الوباء الذي بات يقلقنا حتى من أنفسنا، ويحرمنا من متعة الحياة بسياقها الاجتماعي الطبيعي، فكانت النتيجة ثلاثة طلاب من أصل 20 طالبا؟ وهذه الحصيلة المتدنية للغاية.
انما هي مؤشر، بل وعينة لضعف مستوى اقبال العراقيين على أخذ جرعات اللقاح المتوافر في المستشفيات والمراكز الطبية، ومع انها نتيجة مقلقة للغاية فهي أيضا تعكس انعدام ثقة العراقيين من تعاطيهم للقاح، وتفضيل الانسياق خلف شائعات تسوقها جهات ومواطنون، يخيم على تفكيرهم الخوف وغياب الوعي.
وفي كل المجتمعات والدول تمثل مؤسسات بناء الوعي من وسائل اعلام وتربية وتعليم وصحة ومنظمات مجتمع مدني وغيرها، طرفا لمعادلة يمثل طرفها الآخر بيئة مجتمعية، قد يصنف غالبية سكانها في خانة اللاوعي، ومن البديهي أن يتحقق النجاح كلما كانت مؤسسات الوعي نشطة وفاعلة ومؤثرة وقريبة من نفسية الانسان والمجتمع وبيئته.
وبالاتجاه الآخر يمكن ان يسجل للجهل واللاوعي في مجتمعات الفقر والتخلف صلابة الرأي، الذي من شأنه يجهض كل محاولات مؤسسات الصنف الأول من صعوبة اختراقها، لأنه من أصعب المسؤوليات تغيير عقلية الانسان عندما يخضع لتأثيرات الفقر والجهل والخوف وانعدام الثقة.
وقد تكون أسباب أخرى رئيسة تتجسد في غياب برامج الدولة ومشاريعها التي تمتص شعور الناس من دون إدراك بالاتجاه الإيجابي؟
إن القراءة الدقيقة لمعرفة مستوى عزوف الناس على المؤسسات الصحية وتعاطي جرعة التلقيح ضد فيروس كورونا عبر سؤال يطرح في قاعة دراسية لطلبة جامعيين، يفترض أن يكونوا شعلة فكرية تنير بيئة الأسر والمجتمعات بالوعي الصحي والاجتماعي والثقافي، انما الوصول للنتيجة بغض النظر عن كونها سلبية صادمة، فانها تظهر لنا مؤشرا واضحا على أن الأسرة العراقية تعيش الظرف الاستثنائي والخوف من المجهول، بغض النظر عن حجم الضخ المعلوماتي من أهمية جرعات كورونا التي تعطينا تحصينا من مخاطر الوباء.
ومن هنا نخاطب كل متخوف وشكاك، ينبغي أن ينظر الى انفتاح شعوب العالم المتحضر لأخذ اللقاح، فبريطانيا سجلت نسبة تلقيح تفوق 80 بالمئة ومثيلاتها من البلدان بالنسبة نفسها، فلماذا هذا الخوف؟ أليس الخوف من تأثيرات الفيروس على صحة الانسان هي بحد ذاتها مسؤولية تستدعي التحصين بتناول جرعة اللقاح، والتحلي بثقة ومعنويات مستقرة، أفضل من حالة اللا استقرار والقلق الدائم.
وقد يكون السبب أن قادة الرأي من أكاديميين ومثقفين ومسؤولين، ومشاهير من رياضيين وفنانين وإعلاميين، لم يسلطوا الضوء على لحظة تعاطيهم اللقاح، ليوفر ذلك ثقة، ويشكل حافزا لإقبال عامة الناس على التلقيح، لاسيما ان العراق في ذيل القائمة عالميا بنسب أخذ جرعات اللقاح.
اضف تعليق