q
يواصل فيروس كورونا المستجد انتشاره في القارة العجوز، التي سجلت أكبر عدد من الاصابات والوفيات حول العالم، بحسب قالت منظمة الصحة العالمية التي قالت إن العالم لم يصل بعد إلى ذروة تفشي فيروس كورونا المستجد، وتشكل أوروبا 70% من المصابين والمتوفين في العالم...

يواصل فيروس كورونا المستجد انتشاره في القارة العجوز، التي سجلت وبحسب بعض المصادر اكبر عدد من الاصابات و الوفيات حول العالم، وقالت منظمة الصحة العالمية إن العالم لم يصل بعد إلى ذروة تفشي فيروس كورونا المستجد، الذي أسفر عن أكثر من 121 ألف وفاة في العالم، نحو 70% منها في أوروبا التي سعت بعض دولها الى تخفيف إجراءات العزل العام، وهو ما قد تكون له نتائج سلبية بحسب بعض الخبراء، خصوصا وان بعض الدول الاوروبية قد سجلت تراجع معدل الإصابات الجديدة بفيروس كورونا، وهو ما يعد علامة إيجابية على انحسار الوباء لكن ذلك يحتاج الى مزيد من الصبر لمنع حدوث انتكاسة جديدة.

وحثت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على التنسيق مع بدء رفع إجراءات العزل العام، وحذرت من أن عدم القيام بذلك قد يسفر عن موجات ارتفاع جديدة في حالات الإصابة بفيروس كورونا. ودعت المفوضية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد والتي لا تملك سلطة إملاء إجراءات صحية على الدول الأعضاء الـ27- إلى نهج مشترك بعد أن عملت كل دولة على حدة في ما يتعلق باحتواء الفيروس، والآن تعمل الدول بالطريقة نفسها في ما يتعلق باستراتيجيات الخروج من إجراءات العزل العام.

وتفيد توصيات المفوضية بأن إجراءات العزل يجب ألا تُخفف إلا بعد تراجع ملحوظ في انتشار المرض بشكل مستقر على مدى مدة زمنية، وعندما تكون طاقة المستشفيات قادرة على تحمل موجة جديدة من الإصابات. لكن الحكومات تواجه ضغوطا متزايدة لتخفيف إجراءات العزل العام بعد أن اتضح الأثر الكارثي لتفشي جائحة فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي. وتفيد تقديرات المفوضية بأن الناتج في دول منطقة اليورو قد ينكمش بمعدل 10% هذا العام. وقالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس إن 90% من الإصابات حول العالم سجلت في أوروبا والولايات المتحدة. وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد الحالات الجديدة ينحسر في بعض أنحاء أوروبا، ومنها إيطاليا وإسبانيا، لكن التفشي يزيد في بريطانيا وتركيا.

تخفيف الاجراءات

وفي هذا الشأن أعلنت دول عديدة من الأعضاء بالاتحاد الاوروبي وكما نقلت بعض المصادر عن خطط لتخفيف بعض القيود، أو عن البدء بالفعل في تخفيف الإجراءات التي فرضتها لاحتواء تفشي الفيروس مع تنامي الضغوط لإنعاش اقتصاداتها المتضررة. وفي إيطاليا وهي أولى دول الاتحاد الأوروبي التي تتضرر بشدة من الفيروس سمحت السلطات لبعض الشركات باستئناف عملها بما في ذلك المكتبات ومتاجر ملابس الأطفال، رغم الإبقاء على إجراءات صارمة تقيّد الحركة.

وسمحت إسبانيا التي طبقت بعضا من أعنف إجراءات العزل العام في أوروبا لبعض القطاعات، منها الإنشاءات والصناعات التحويلية، بالعودة للعمل لكن المتاجر والحانات والأماكن العامة ستظل مغلقة حتى 26 أبريل/نيسان على الأقل. وأعلنت بولندا اليوم أنها ستخفف القيود على المتاجر اعتبارا من 19 أبريل/نيسان. ومضت دول أخرى إلى أبعد من ذلك، فمن المقرر أن تفتح الدانمارك المدارس.

وسمحت النمسا للمتاجر الكبرى باستئناف نشاطها ، وتعتزم فتح المراكز التجارية في الأول من مايو/أيار المقبل، لكن الحكومة قالت "إن الخطر لم ينته بعد". في المقابل، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تمديد إجراءات العزل والحجر المنزلي لمواجهة فيروس كورونا حتى 11 من الشهر المقبل، وهو الموعد الذي قال إنه سيتم فيه إعادة فتح المدارس ودور الحضانة بشكل تدريجي.

من جانبها أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين أن الحياة ستعود فقط إلى وضعها الطبيعي بمجرد أن يتوافر لقاح لفيروس كورونا المستجد على نطاق واسع، وذكرت دير لاين في تصريحات أوردتها مجلة (بوليتيكو) في نسختها الأوروبية، على موقعها الإلكترونى أن فرق البحث العلمي تعمل على إيجاد لقاح لهذا الفيروس، مُشيرة إلى اقتراب اثنتين من "أكثر الفرق الواعدة" في أوروبا من تطوير لقاح. وأعربت عن أملها في أن تتمكن الفرق البحثية من إنتاج لقاح بحلول نهاية العام الجاري، بعد ما صرحت سابقًا بأن اللقاح قد يصبح متوافرًا في الأسواق بحلول فصل الخريف، ولكن الخبراء ناقضوا هذا الموعد، منوهين بأن اللقاح قد يأخذ عامًا على الأقل لكي يتم تطويره وتصنيعه.

وكانت المفوضية الأوروبية، دعت الدول الأعضاء إلى تمديد العمل بإجراءات منع السفر غير الضروري عبر دول الاتحاد الأوروبي حتى 15 مايو المقبل بسبب تفشى فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). وذكرت المفوضية في أن تقييمها جاء على أساس استمرار تزايد عدد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا في مختلف دول الاتحاد الأوروبي وأيضًا الدول الأعضاء في منطقة تأشيرة الدخول الموحدة "شنجن". وكانت المفوضية الأوروبية قد دعت للمرة الأولى في 16 مارس الماضي الدول الأعضاء إلى ضبط حركة السفر فيما بينها وعلى الحدود الخارجية لضبط تفشى وباء كورونا.

قلق متزايد

على صعيد متصل وصف هانز كلوج المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا تفشي فيروس كورونا المستجد في القارة بأنه ”مقلق للغاية“، وحث الحكومات على ”توخي الحذر البالغ“ قبل تخفيف الإجراءات التي تفرضها للحد من انتشاره. وقال كلوج في مؤتمر صحفي افتراضي ”الارتفاع الكبير في حالات الإصابة عبر الأطلسي يعطي صورة لا تزال تثير قلقا بالغا في أوروبا. ما زال الطريق طويلا أمامنا“. من جانبه قال بروس أيلوارد، كبير مستشاري رئيس منظمة الصحة العالمية، عقب عودته من رحلة إلى إسبانيا، إحدى البلدان الأشد تضررا بمرض كوفيد-19، إن من السابق لأوانه الحديث عن أي تفاؤل، وإن كان انتشار الفيروس هناك ”يتباطأ بكل تأكيد“.

ومع استمرار عدد الوفيات الناجمة عن فيروس كوفيد-19 في الارتفاع في أوروبا، يبدو أن الإغلاق بدأ يؤتي ثماره عن طريق الحد من الضغوط على المستشفيات، ولكن نفحة الأكسجين هذه التي يحتاجها الطاقم الطبي لا تعني التراخي في مكافحة الجائحة، وفق ما يحذر الخبراء. وتقول الطبيبة ماريا خوسيه سييرا من مركز الإنذار الصحي الإسباني: "على الرغم من وتيرته البطيئة، بدأنا نلحظ قدراً من التراجع في الضغط في المستشفيات ووحدات العناية المركزة".

ويوضح البروفيسور فانيمس "هذه مؤشرات صغيرة مشجعة تدعونا إلى التفكير في أننا نبطئ منحنى الوباء". ويقول أرنو بانوس، الباحث في المركز الوطني للأبحاث العلمية والمتخصص في النمذجة الحاسوبية، "يبدو أن الإغلاق إلى جانب التدبيرين الأساسيين الآخرين وهما عدم الاختلاط الاجتماعي وسلوكيات الوقاية الصحية، له تأثير على تفشي الوباء ". وتقول كاثرين هيل، عالمة الأوبئة المتقاعدة التي تراجع يومياً منحنيات الوباء حول العالم: "هذا يقلل من نسبة الأشخاص المصابين بالعدوى ولكن الأمر يستغرق بعض الوقت لنرى آثاره".

لكنها تحذر من أنه "ما زال هناك أناس يصابون بالعدوى" لأن فيروس سارس كوف-2 ما زال منتشراً، ومن هنا الحاجة الماسة للإبقاء على إجراءات الاحتواء الصارم، وفق الخبراء. ويقول جان فرانسوا دلفريسي رئيس المجلس العلمي الفرنسي، "لأننا بدأنا على وجه التحديد نلمس أولى الإشارات التي تدل على أن الاحتواء بدأ ينجح يجدر بنا أن نستمر في ذلك".

ويقول البروفسور فانيمس إن بين السكان بالفعل "نسبة، لم يتم تقديرها بدقة حتى الآن من المصابين الذين لا يمكن الكشف عنهم. في الواقع، هؤلاء قلما تظهر عليهم الأعراض أو بالأحرى لا تظهر عليهم أعراض ولكن من المحتمل أن يصيبوا الآخرين ومن المحتمل أن يتسببوا بحالات خطيرة". هذا العنصر المجهول الكبير يجعل التنبؤ باتجاه المرض صعباً. ويقوم السيناريو "المتفائل" على استقرار منحنى تقدم الوباء من أجل الوصول إلى "هضبة"، وهو مصطلح يُفضل غالباً على مصطلح "الذروة" الذي يفترض انخفاضاً سريعاً، وهو أمر غير مرجح.

ويوضح أرنو بانوس: "الهدف هو جعل هذه الهضبة تدوم لبعض الوقت، لأن الإغلاق يتيح الاستفادة من عامل الوقت"، وإذا استمر الالتزام بالإجراءات، فقد تميل هذه الهضبة في النهاية إلى الهبوط، ونحقق في النهاية "الفوز" في المعركة على الوباء. ولكن في حالة التعجل والإسراع في تخفيف إجراءات العزل، فإن الخطر هو أن نواجه قفزة جديدة، وأن يعود المنحنى للارتفاع مرة أخرى. ويقول الخبير "توضح لنا النماذج أنه إذا قمت بمجرد وصولك إلى الهضبة بتخفيف الضغط، فإن الوباء سيرتد لأنك ستطلق في الخارج أشخاصاً كانوا محميين حتى ذلك الوقت وسيجدون أنفسهم على احتكاك مع الفيروس". بحسب فرانس برس.

ويكمن الخوف من أن يستدعي الكثير من التفاؤل التراخي. وعليه يحذر مفوض الحكومة الإيطالية لفيروس كورونا دومينيكو أركوري من "الأوهام ... لأننا ما زلنا بعيدين عن المخرج". ويخشى البروفسور فانيمس من أن "كثرة الحديث عن إنهاء إجراءات العزل في وقت مبكر، والكلام المرتبط بان الطقس الجيد وبأن الناس قد سئموا من بقائهم في المنزل، وبأنه لا ينبغي تجاهل الضغوط الاقتصادية المحتملة، يمكن أن تخلق وضعاً محفوفاً بالمخاطر"، داعياً إلى "اليقظة الشديدة مع الأخذ في الاعتبار جميع المؤشرات الوبائية (الدخول في العناية المركزة وعدد المصابين والوفيات والاتصال بجهاز الإسعاف، وما إلى ذلك)".

كما أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى إن اختلاط المسنين مع محيطهم يجب أن يبقى محدودا حتى نهاية العام على الأقل، للوقاية من إصابتهم بفيروس كورونا. وفي تصريح لجريدة بيلد الألمانية، اعتبرت فون دير لايين أنه "في ظلّ عدم وجود لقاح، يجب الحدّ قدر الإمكان من تواصل كبار السنّ" مع غيرهم. وأضافت المسؤولة "سيتمتّع الأطفال والشباب بحرّية حركة أكثر من المسنّين ومَن يُعانون سوابق مرضيّة"، لكنّها عبّرت عن أملها في أن يُطوّر مختبر طبي أوروبي لقاحا "بحلول نهاية العام".

جيوش أوروبا

قلصت الجيوش في مختلف أنحاء أوروبا عملياتها وفرضت لوائح أكثر صرامة على أفرادها في محاولة لمنع انتشار فيروس كورونا بينهم إذ يعيشون ويعملون متجاورين مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة. ومن المهم منع انتشار الفيروس في الجيوش سواء لاعتبارات أمن أوطانها أو لأن الوحدات الخاصة في القوات البرية والبحرية والجوية استدعيت لمساعدة الحكومات في التصدي للفيروس في كثير من الدول.

وعلى سبيل المثال، نشرت ألمانيا 15 ألف جندي لمساعدة السلطات المحلية في التغلب على الأزمة بينما استدعت بولندا آلاف الجنود للقيام بدوريات في الشوارع التي يسري عليها الإغلاق وتعقيم المستشفيات وتعزيز حرس الحدود بحسب وزارة الدفاع البولندية. وأبرزت التطورات على متن حاملة الطائرات الأمريكية تيودور روزفلت خطر انتشار المرض بسرعة بين الجنود.

ورست حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية والتي يعمل عليها 5000 فرد في جوام، وهي أرض أمريكية، لفحص جميع من على متنها. وأعفت البحرية الأمريكية قائد حاملة الطائرات من منصبه بعد أن كتب خطابا يشير إلى المخاوف من نقص الإجراءات المناسبة لاحتواء المرض المعدي بشدة. وفي فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهي من بين أكثر الدول تضررا من الجائحة تم تقليص العمليات العسكرية أو تعليقها في بعض الأحيان. وقالت تركيا إنها حدت من تحركات قواتها في سوريا في الوقت الذي قفزت فيه حالات الإصابة بفيروس كورونا. بحسب رويترز.

وباشر الجيش الفرنسي عملية إنزال غير مسبوقة لـ1900 عنصر من البحرية سيتم وضعهم في الحجر الصحي، وذلك عقب عودة حاملة الطائرات النووية شارل ديغول ورسوها في مدينة طولون (جنوب) بسبب اكتشاف حالات إصابة بكوفيد-19 على متنها. وقالت المتحدثة باسم الإدارة البحرية للمنطقة كريستين ريب إنه تم بدء عملية إنزال لوجستية كبيرة لكامل الطاقم. مضيفة "وفق أحدث المعلومات المتوفرة لدي، لا يوجد تدهور" في الوضع الصحي للعناصر الـ50 المصابين بفيروس كورونا المستجد. وتابعت أنه "سيتم فحص الجميع"، كما سيوضع العسكريون (نحو 1700 على حاملة الطائرات وأكثر من 200 في الفرقاطة المرافقة لها) في الحجر الصحي لأسبوعين "في مراكز عسكرية في إقليم فار وفي المنطقة"، ولن يسمح لهم بالاختلاط مع عائلاتهم.

اضف تعليق