q
يبدو أن الصين ستنشغل من الآن فصاعداً ليس فقط بمواجهة وباء كورونا والتعتيم الإعلامي المتهمة بممارسته، بل كذلك ستنشغل بإخماد غضب شعبي متصاعد من الأسلوب الذي تدير به الأزمة، وفاة الطبيب لي وينليانغ، البالغ من العمر 34 عاماً والذي كان أول المبلغين عن اكتشاف المرض...

يبدو أن الصين ستنشغل من الآن فصاعداً ليس فقط بمواجهة وباء كورونا والتعتيم الإعلامي المتهمة بممارسته، بل كذلك ستنشغل بإخماد غضب شعبي متصاعد من الأسلوب الذي تدير به الأزمة، وفاة الطبيب لي وينليانغ، البالغ من العمر 34 عاماً والذي كان أول المبلغين عن اكتشاف المرض وعومل في ووهان كمذنب، أشعلت وسائل التواصل الاجتماعي الصينية بالحزن. حزن ما لبث أن تحول إلى غضب مستعر أدى بالحكومة إلى تشديد الرقابة على المنشورات واللجوء لحذف الكثير منها.

توفي لي، الذي ستضع زوجته طفلاً في حزيران/ يونيو، في وقت مبكر من يوم الجمعة، وفق ما قاله مستشفى ووهان المركزي في منشور على منصة ويبو Weibo الصينية وهي نسخة محلية مشابهة لتويتر.

ويبدو أن موته في حد ذاته شكل أزمة للسلطات، حيث تم الإعلان عن الوفاة مساء الخميس من قبل صحف حكومية كغلوبال تايمز وصحيفة الشعب اليومية والتلفزيون الحكومي CCTV على منصاتهما على ويبو، لتحذف المنشورات لاحقاً بعد أن جذبت تفاعلاً هائلاً وأصبح وفاة لي من بين الموضوعات الأكثر تداولاً على المنصة، لتعلن لاحقاً الوفاة فجر الجمعة.

وتصدر التداولَ على منصة ويبو وسمان هما: "حكومة ووهان تدين بالدكتور لي وينليانغ بالاعتذار" و "نريد حرية التعبير"، ليتم التعامل مع المنشورات التي تنضوي تحتهما بسرعة رقابياً، ويتم حذف الآلاف منها، لم يقتصر الموضوع على المنصات الصينية فحسب بل قام العديد من المشاهير ورواد مواقع التواصل العالمية بتبني القضية والمساهمة بالنشر عنها.

فيروس كورونا يفتك بطبيب صيني حذر منه

قالت مصادر طبية إن طبيبا صينيا كان قد هوجم ”لنشر شائعات“ عن فيروس كورونا قبل الاعتراف بوجوده رسميا توفي متأثرا بإصابته بالفيروس، كان لي وين ليانغ، وهو طبيب عيون في مستشفى بمدينة ووهان، بؤرة تفشي الفيروس، واحدا من ثمانية أشخاص وبختهم شرطة المدينة الشهر الماضي لنشر معلومات ”غير قانونية وكاذبة“ عن فيروس كورونا، وقال مستشفى ووهان الذي كان يعمل فيه الطيب في بيان نشره على حسابه على موقع ويبو إنه توفي الساعة 2:58 صباح الجمعة بالتوقيت المحلي.

كان لي (34 عاما) قد أبلغ مجموعة من الأطباء على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية وعبر منصة الرسائل وي تشات أنه تم التأكد من وجود صلة بين سبع حالات لمتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) وبين سوق للأطعمة البحرية في ووهان، يُعتقد أنه مصدر الفيروس.

ونشر صورة لنتائج تحليل تؤكد وجود فيروس كورونا ”الذي يشبه سارس“ في عينة أحد المرضى طبقا لما ظهر في لقطة شاشة للمحادثات التي جرت عبر منصة الرسائل وي تشات واطلعت عليها رويترز وتحققت منها، وقال لي على موقع ويبو في الأول من فبراير شباط إن نتائج التحاليل التي أجريت له أكدت إصابته بفيروس كورونا.

السلطات تفتح تحقيقا في وفاة أول طبيب حذر من فيروس كورونا

وأعلنت هيئة تفتيش صينية الجمعة فتح تحقيق في أعقاب وفاة الطبيب، وذكرت اللجنة في بيان أن فريق التحقيق سيتوجه إلى ووهان، بؤرة الفيروس حيث توفي الطبيب لي وينليانغ "لإجراء تحقيق شامل في المسائل المتعلقة بالطبيب لي وينليانغ والتي أثارها الناس".

وكان لي وينليانغ يعمل طبيبا للعيون في مدينة ووهان، مركز انتشار الفيروس، عندما لاحظ مرضى تظهر عليهم أعراض مشابهة لتلك الخاصة بمرض المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) الذي انتشر بين عامي 2002 و2003.

وبعث الطبيب البالغ من العمر 34 عاما رسالة حول ذلك إلى زملائه في 30 كانون الأول/ديسمبر، قبل أن يكون من بين ثمانية مبلغين آخرين عن الفيروس استدعتهم الشرطة للتحقيق بتهمة "نشر شائعات".

وأصيب الطبيب لاحقا بالفيروس خلال معالجته أحد المرضى. لكن مستخدمي الإنترنت في الصين أشادوا به على وسائل التواصل الاجتماعي بوصفه بطلا، وأكد مستشفى ووهان المركزي في مقاطعة هوبي، حيث عمل لي، وفاته في بيان مقتضب نشر على موقع "ويبو" الصيني، وأعلن البيان أن "طبيب العيون لي وينليانغ الذي يعمل في مستشفانا، والذي أصيب للأسف خلال مكافحته الالتهابات الرئويّة الناتجة عن فيروس كورونا المستجد، توفي في الساعة 2:58 صباحا في 7 شباط/فبراير عام 2020 على الرغم من كل الجهود التي بذلت لإنقاذه"، وأضاف البيان "نشعر بالأسف والحزن العميقين لما حصل".

وتوفي أكثر من 630 شخصا وأصيب أكثر من 30 ألفا بالفيروس في الصين، حيث لا تزال السلطات تسعى جاهدة لاحتواء تفشيه وتطلب من ملايين الأشخاص ملازمة منازلهم في عدد متزايد من المدن.

وبعث لي رسائل إلى زملائه يحضهم فيها على ارتداء أقنعة وملابس واقية، بعد ملاحظته مرضى يعانون أعراضا شبيهة بالسارس، وبعد أربعة أيام، استُدعي لي مع ثمانية آخرين من قبل الشرطة لـ"ترويجهم شائعات"، وفقا لما نشره هو بنفسه على موقع "ويبو" من سريره في المستشفى بعد إصابته بالفيروس في منتصف كانون الثاني/يناير.

وقال لي إن السلطات طلبت منه توقيع رسالة يتهم فيها باختلاق "تعليقات زائفة" أدت إلى "زعزعة النظام الاجتماعي بشدّة"، وأقرت المحكمة العليا في الصين الأسبوع الماضي بأن المبلغين عوملوا "بطريقة غير لائقة".

وانتقدت المحكمة في كانون الثاني/يناير شرطة ووهان لمعاقبتها أول "المروجين للشائعات"، معتبرة أن الأزمة ما كانت لتصبح بهذا السوء "لو صدق الناس تلك ’الشائعات‘ في ذلك الحين"، وأعرب مستخدمو الإنترنت في الصين عن غضبهم الشديد من المسؤولين في هوبي بسبب إضاعتهم الوقت واستجابتهم البطيئة لانتشار الفيروس الذي تحول إلى أزمة صحّية عالميّة، وأثارت وفاة لي الحزن والغضب على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، فأشاد به مستخدمو الإنترنت باعتباره "شهيدا"، وكتب مستخدِم يعمل جراحا على موقع ويبو "إنه بطل ضحى بحياته لتحذير الآخرين".

غضب ومطالبات بالمساءلة في الصين

أثارت وفاة الطبيب الصيني مكتشف انتشار فيروس كورونا الجديد في مدينة ووهان الصينية متأثرًا بإصابته بالمرض، موجة كبيرة من ردود الفعل الغاضبة في الصين، حيث طالب رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الصين، بمحاسبة المسؤولين عن الانتقادات التي وجهت للطبيب لي وين ليانغ، في أعقاب إطلاق التحذير الأول من انتشار المرض في الصين، في ديسمبر كانون الأول الماضي.

وعلى الرغم من سيطرة الحكومة الصينية على مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد، إلا أن ذلك لم يمنع من انفجار مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات وردود الفعل الغاضبة على وفاة الطبيب لي وين ليانغ.

وطالب الصينيون بتقديم الحكومة، اعتذارا عما بدر منها تجاه الطبيب، كما طالبوا بزيادة مساحات حرية التعبير والشفافية في البلاد، التي تواجه انتشار فيروس كورونا الجديد، وتصدرت هاشتاغات "حكومة ووهان تدين للدكتور لي وين ليانغ بالاعتذار"، و"نريد حرية التعبير"، مواقع التواصل الاجتماعي في الصين، لكن الحكومة الصينية سارعت بحذف آلاف التغريدات التي تحمل انتقادات للسلطات الصينية.

وأعلنت مستشفى ووهان المركزي، في وقت متأخر من مساء الخميس، وفاة الطبيب لي وين ليانغ، البالغ من العمر 34 عامًا، نتيجة إصابته بفيروس كورونا الجديد، وكانت وسائل الإعلام الحكومية الصينية تراجعت، في وقت سابق الخميس، وحذفت تقارير تؤكد وفاة وين ليانغ، مؤكدة أنه كان "في حالة حرجة"، لكنها عاودت مرة أخرى إعلان خبر وفاته، واتهمت السلطات الصينية الطبيب لي وين ليانغ، بنشر أخبار كاذبة عبر الإنترنت، والإخلال بالنظام الاجتماعي في الصين، وأجرت تحقيقات معه في أعقاب إطلاقه تحذيرات من الإصابة بمرض جديد لاحظه على عدد من مرضاه، وكان الطبيب الصيني يعتقد أن المرض الجديد هو نسخة معدلة من فيروس سارس الذي كان ضرب الصين قبل سنوات، وتم نقل الطبيب الصيني، إلى المستشفى في 12 يناير كانون الثاني، بعد إصابته بالفيروس من مريضه، وتأكد إصابته بالمرض في 1 فبراير شباط الجاري.

وقال الدكتور مايك ريان المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، عندما سئل عن وفاة الطبيب الصيني لي وين ليانغ مكتشف انتشار فيروس كورونا الجديد، في مؤتمر صحفي في جنيف، "إننا نشعر بالحزن الشديد لسماع فقدان لي وين ليانغ"، مضيفًا "يجب أن نحتفي بحياته ونحزن على وفاته مع زملائه".

وأعلنت منظمة الصحة العالمية، أن المرض لم يصل بعد إلى مرحلة الوباء العالمي، فيما تتخذ السلطات الصحية في مختلف دول العالم إجراءات استثنائية للحد من انتشار المرض المميت والذي تشبه اعراضه، أعراض نزلات البرد العادية مع ارتفاع كبير في درجات الحرارة.

ماذا فعل وينليانغ؟

في الثلاثين من ديسمبر/كانون الأول، بعث طبيب العيون وينليانغ رسالة إلى زملائه خلال دردشة جماعية على إحدى وسائل التواصل الصينية، محذرا إياهم من تفشي الفيروس، وناصحا لهم بارتداء ألبسة واقية لتفادي العدوى، ما لم يكن يعلمه وينليانغ حينها هو أن المرض الذي كان يتحدث عنه هو فيروس كورونا.

وكان وينليانغ يعمل في مركز تفشّي الفيروس في ديسمبر/كانون الأول عندما لاحظ إصابة سبع حالات ظنّها للوهلة الأولى مصابة بفيروس "سارس" - الذي تفشى كوباء عالمي عام 2003، وبعد أربعة أيام زاره مسؤولون من مكتب الأمن العام وطالبوه بالتوقيع على خطاب نصّ على اتهامه "بالإدلاء بتعليقات غير صحيحة" ترتب عليها "إخلال جسيم بالنظام العام"، ونشر وينليانغ قصته على موقع "ويبو"، ووصف فيها كيف عانى من السعال في العاشر من يناير/كانون الثاني، قبل أن يُصاب بالحمى ويُنقل إلى المستشفى حيث شُخّص بالإصابة بفيروس كورونا في الـ 30 من يناير/كانون الثاني.

ما الوضع في الصين وحول العالم؟

أخبر الرئيس الصيني، شي جين بينغ، صباح اليوم الجمعة، نظيره الأمريكي دونالد ترامب بأن الصين "واثقة تماما وقادرة على هزيمة الوباء"، واتخذت الصين المزيد من التدابير الصارمة في محاولة للسيطرة على تفشّي الفيروس.

وحظرت العاصمة بكين إقامة مآدب جماعية في الحفلات كأعياد الميلاد وغيرها. ووضعت مدنٌ صينية أخرى قيودا على عدد أفراد الأسرة المسموح لهم بالخروج من المنزل يوميا، وثمة تقارير عن حالات إصابة مؤكدة بالفيروس في نحو 25 دولة. وتم الإبلاغ عن حالتي وفاة جرّاء الإصابة بالفيروس حتى الآن خارج الصين - إحداها في هونغ كونغ والأخرى في الفلبين.

اضف تعليق