الزمن بحسب تعريف الموسوعة الحرة، هو بعد فيزيائي رابع للمكان حسب نظرية النسبية الخاصة، لكنه لا يعدو كونه وسيلة لتحديد ترتيب الأحداث بالنسبة لمعظم الناس. ربما يكون مصطلح الزمن عصيّ على التعريف، فالزمن أمر نحس به أو نقيسه أو نقوم بتخمينه، وهو يختلف باختلاف وجهة النظر التي ننظر بها له، بحيث يمكننا الحديث عن زمن نفسي أو زمن فيزيائي أو زمن تخيلي.
لذا فقد اصبح الزمن وقياس الوقت لما له من اهمية بالغة في حياتنا اليومية من اكثر الأمور التي تشغل بال العلماء والباحثين في العديد من دول العالم، خصوصا بعد التغيرات المهمة والمتسارعة التي طرأت على أنماط الحياة واثرت سلباً على صحة المرء النفسية والجسدية، نتيجة اختلال إيقاع حياته الحيوي، أو ما يعرف بـ"الساعة البيولوجية"، إذ أثبتت دراسات عدة، أن ظهور بعض الأمراض، ومنها أمراض مزمنة، يرتبط بشكل مباشر باختلال الساعة البيولوجية.
وقال أخصائي الأنشطة الصحية، الدكتور أسامة كامل وكما نقلت الامارات اليوم، إن التقدم التكنولوجي نجم عنه العديد من الآثار السلبية المرتبطة بصحة الإنسان، إذ لم تعد الأمراض المزمنة هي الجانب السلبي الوحيد في ما يتعلق بصحة الإنسان، التي نتجت عن الخمول البدني وقلة النشاط الحركي، الذي يعد أحد إفرازات المجتمعات التكنولوجية الحديثة، مشيراً إلى أن من أبرز سلبيات التقدم التكنولوجي كذلك اضطراب ما يسمى بـ«الساعة البيولوجية» (الإيقاع الحيوي) لجسم الإنسان.
واضاف كامل أن أي اختلال يحصل في نمط الحياة حتماً ينعكس سلباً على الصحة النفسية والعضوية، إذ تشير دراسات علمية في هذا المجال إلى أن ظهور بعض الأمراض ارتبط بشكل مباشر بانقلاب (الساعة البيولوجية)، ونتيجة لذلك أصبح العديد من الناس في هذا العصر يعاني الأرق وعدم القدرة على النوم، نتيجة تغير العديد من السلوكيات الصحية، ما أثر سلباً في الإيقاع الحيوي لجسم الإنسان، إذ يعتقد علماء أن هناك أوقاتاً محددة خلال اليوم يكون فيها الجسم البشري في أفضل حالاته، إذ تزداد كثافة التمثل الغذائي ونشاط الجهاز الدوري التنفسي نهاراً، وعادة تكون هذه العمليات أكثر من أربع عمليات فسيولوجية ترتبط بزمن اليوم الكامل.
ساعة الذروة وجسم الإنسان
وفي هذا الشأن فقد توصلت دراسة جديدة إلى ارتباط اثنين من ساعات الذروة، بالتغير السريع في طريقة عمل الأنسجة في جسم الإنسان. وراقبت الدراسة التي أجريت على الحيوانات وظيفة الخلايا في 12 نسيجا طوال اليوم، وفقا لدورية الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية. ووجدت الدراسة تحولات كبيرة في النشاط فقط قبل الفجر والغسق.
ويقول الخبراء إن تلك النتائج قد تساعد في تحديد وقت الدواء المناسب للوصول إلى أفضل استجابة في الساعة البيولوجية للإنسان. ومن المعروف أن ساعة الجسم الداخلية تؤدي إلى تغيرات كبيرة، فتغير من حالة اليقظة والمزاج والقوة البدنية، وحتى خطر النوبات القلبية في الإيقاع اليومي. وأجرى فريق من جامعة بنسلفانيا بحثا حول تأثير الوقت خلال اليوم على طريقة عمل الحمض النووي "دي إن إية" أثناء التجارب على الفئران. وكانوا يفحصون كل ساعتين عينات من الكلى والكبد والرئة والغدة الكظرية والشريان الأورطي وجذع الدماغ والمخيخ والدهون البنية والدهون البيضاء والقلب والمهاد وكذلك الهيكل العظمي.
الساعة البيولوجية تحدد أوقات النشاط المناسبة لجسم الانسان ويحدث أكبر تحول وقت الفجر والغسق وكشف الباحثون أن 43 في المئة من الجينات وأقسام من الحمض النووي الموجود في البروتين تغير نشاطها على مدار اليوم. وتقوم جينات مختلفة بأنماط نشاط مختلفة في أنسجة مختلفة، ويقدر الباحثون بتحفظ أن أكثر من نصف الجينات تكشف التقلبات اليومية إذا ما أخذت عينات من النسيج.
وكان الكبد هو العضو الأكثر ديناميكية بحوالي 3186 جينا تظهر نمطا يوميا مقارنة بحوالي 642 جينا فقط في المهاد. ووفقا للدراسة فإن أكبر نافذتين للنشاط كانتا أثناء الفجر والغسق. والعديد من الأدوية تصبح أكثر فاعلية عند تناولها في الوقت المناسب مثل أدوية الكوليسترول ويفضل تناولها مساء ومن المعروف حاليا أن هناك بعض العقاقير تعمل بصورة أفضل في بعض أوقات من النهار.
ويؤدي الكوليسترول لانسداد الشرايين ومن ثم الإصابة بأمراض القلب، ويتكون غالبيته في الكبد أثناء الليل، لذلك فإن تناول عقاقير ستاتينات (المخفضة لنسبة الكوليسترول) في المساء يجعلها أكثر فاعلية. وقال الباحثون إن حوالي 56 من بين أفضل 100 عقار بيعا، وما يقرب من نصف قائمة منظمة الصحة العالمية للأدوية الرئيسية، تعمل على الجينات المعروف الآن أن تأثيرها يعمل وفقا لآلية التغير اليومية.
وقال دكتور جون هوجنسك: "أرجو أن يكون بإمكاننا استخدام هذه المعلومات لتصميم علاجات أفضل من العقاقير الموجودة، وهذا أمر مهم لأنها لن تكلف أموالا إضافية". وأضاف أعتقد أن هناك فرصة حقيقية لتحسين الدواء الحالي بطريقة تجعله أكثر تأثيرا". ويوضح سيمون أرتشر، المتخصص في الساعة البيولوجية بجامعة ساري: "إذا ابتعدت عن الأنسجة، فإننا نبحث عن التعبير الجيني في الدم فقط، وإلقاء نظرة على العضو بأكمله، ثم إن التنظيم الزمني المحدد يطبق أكثر بكثير مما كنا نعرف من قبل". بحسب بي بي سي.
وأضاف أن ما بين 40 و50 في المئة من الجينات ترتفع وتنخفض خلال 24 ساعة، وهذا هو هدف العقاقير، وعندها سيكون الأمر مهما. وتابع: "آلاف بل ملايين البشر يمكنهم الاستفادة من تناول أدويتهم في أوقات مختلفة خلال اليوم، وإثارة هذا النوع من الوعي أمر مهم للغاية".
الساعة البيولوجية للرياضيين
الى جانب ذلك أشارت نتائج دراسة جديدة الى ان أداء اللاعبين ربما يتوقف جزئيا على الأقل على مدى مواءمة توقيت اللعب مع الساعة البيولوجية لأجسامهم. ووجد الباحثون ان أفضل اسلوب لتوقع أداء الرياضيين هو قياس الوقت منذ موعد الاستيقاظ الطبيعي لأجسامهم.
وقال رولاند براندستاتر كبير المشرفين على هذه الدراسة من جامعة برمنجهام بالمملكة المتحدة "السبب الذي دفعنا لإجراء هذه الدراسة هو ان جميع المؤلفات الموجودة التي تتحدث عن الإيقاع اليومي في الأداء الرياضي توصلت الى نفس الاستنتاج: ألا وهو ان الرياضيين يظهرون أفضل أداء في المساء". وحسب ما ورد في دورية (كارانت بيولوجي Current Biology) درس براندستاتر وزملاؤه أداء 121 رياضيا ممن شاركوا في المنافسات الرياضية.
وعندما قسم الباحثون الرياضيين الى ثلاث مجموعات حسب الساعة البيولوجية الذاتية وجدوا ان اولئك الذين يستيقظون مبكرا بصورة طبيعية يبلغون قمة الأداء في الساعات الاولى من بعد الظهر أما من يتأخرون في الاستيقاظ طبيعيا فقد يبلغون قمة الأداء في المساء. وعلى وجه التحديد فان من يستيقظون طبيعيا مبكرا أو بعد ذلك بقليل يبلغون ذروة الأداء بعد نحو ست ساعات من موعد الاستيقاظ التلقائي أما من يستيقظون متأخرا فيصلون الى ذروة الأداء بعد نحو 11 ساعة من موعد الاستيقاظ التلقائي.
وتوصل الباحثون إجمالا الى ان الأداء الفردي خلال اليوم قد يتفاوت بين نسبة 7 الى عشرة في المئة بين من يستيقظون مبكرا او بعد ذلك بقليل وبنسبة تصل الى 26 في المئة بين من يستيقظون متأخرا. وقال براندستاتر إن تحسين ذروة الأداء ربما ينطبق ببساطة على مجالات أخرى غير الرياضة. وقال "الأداء البدني والأداء الذهني يسيران جنبا الى جنب. إذا كنت منهكا جسمانيا فسيكون عقلك عاطلا عن العمل بالمثل... وايضا إذا كنت مجهدا ذهنيا فلن تكون في قمة أدائك البدني". بحسب رويترز.
وفي حين ان بالامكان تغيير الساعة الداخلية للجسم يقول براندستاتر إن الامر يستغرق وقتا. وأوضح قائلا "إذا غيرت موعد استيقاظك في نفس يوم المسابقة أو في يوم الأداء الرياضي فلن يؤثر ذلك كثيرا. إنك في حاجة الى ان تبدأ مسبقا كي تحافظ على ساعتك البيولوجية". وقال براندستاتر إنه ربما يكون من الصعب على الناس معرفة مواعيد الاستيقاظ التلقائية لكنها ببساطة ليست موعد انطلاق رنين ساعة التنبيه في الصباح. وقال براندستاتر "حاول ان تنصت الى ساعتك البيولوجية الداخلية وتتفهمها. حاول ان تتعايش معها بدلا من محاولة ان تعيش ضدها".
التوقيت الصيفي والأزمات القلبية
على صعيد متصل ذكرت دراسة أمريكية جديدة نشرت إن التحول إلى العمل بالتوقيت الصيفي وفقدان ساعة من ساعات النوم يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأزمة قلبية بنسبة 25 بالمئة في أول يوم عمل بالتوقيت الصيفي وهو عادة ما يكون يوم الاثنين في الولايات المتحدة والدول الغريبة مقارنة بأيام الإثنين الأخرى في باقي العام. وعلى النقيض فإن خطر الإصابة بأزمة قلبية تراجع بنسبة 21 بالمئة سنويا في يوم الثلاثاء الذي يلي بدء العمل بالتوقيت العادي وزيادة ساعات النوم ساعة إضافية.
ولوحظ تأثير تقديم وتأخير الساعة وهو تأثير ليس بخفي عند مقارنة حالات الدخول إلى المستشفيات من قاعدة بيانات المستشفيات غير الاتحادية بولاية ميشجان. وفحصت الدراسة معدل دخول المستشفيات قبل بداية العمل بالتوقيت الصيفي ويوم الاثنين الذي يلى بدء العمل بالتوقيت الصيفي فورا لمدة أربع سنوات متتالية. ويقول الدكتور أمنيت سندو زميل طب القلب في جامعة كولورادو في دنفر والذي ترأس الدراسة إنه بوجه عام فإن التاريخ يشير إلى حدوث الأزمات القلبية غالبا بعد صباح يوم الإثنين وقد يكون هذا بسبب ضغط بدء أسبوع عمل وحدوث تغييرات ملازمة في دائرة النوم واليقظة.
وقال ساندو الذي قدم نتائجه في الجلسات العلمية السنوية للجامعة الأمريكية لطب القلب في واشنطن إنه "مع بدء العمل بنظام التوقيت الصيفي فإن هذا يرتبط بانخفاض ساعات النوم ساعة." وهناك دراسات سابقة تشير إلى وجود ارتباط بين الافتقار إلى النوم والأزمات القلبية. لكن ساندو قال إن الخبراء مازالوا لا يتفهمون بوضوح السبب وراء الحساسية المفرطة للأشخاص لدوائر النوم واليقظة. وقال "تشير دراستنا إلى أن التغييرات المفاجئة حتى وإن كانت صغيرة في النوم قد يكون لها آثار ضارة."
ودرس ساندو 42 ألف حالة دخول لمستشفيات في ميشيجان ووجد أن متوسط 32 مريضا يصابون بأزمات قلبية في أي يوم من أيام الإثنين. وقال ساندو أن حالات دخول المستشفيات في يوم الإثنين الذي يلي بدء العمل بالتوقيت الصيفي كان هناك متوسط ثمانية حالات إصابة إضافية بأزمات قلبية. ولم يتغير العدد الإجمالي للإصابة بالأزمات القلبية للأسبوع الكامل بعد بدء العمل بالتوقيت الصيفي وكانت الزيادة فقط في أول يوم إثنين بعد بدء العمل بالتوقيت الصيفي.
وقال ساندو إن الأشخاص المعرضين للإصابة بالفعل بأمراض القلب قد يكونون عرضة للإصابة بصورة أكبر بعد تغيرات الوقت المفاجئة مباشرة وأضاف ساندو أنه يجب زيادة عدد العاملين في المستشفيات في يوم الإثنين الذي يلي بدء العمل بالتوقيت الصيفي. وقال "إذا ما استطعنا تحديد الأيام التي قد تشهد ارتفاعات في الإصابة بالأزمات القلبية فمن ثم يمكننا بالفعل أن نقدم رعاية أفضل لمرضانا." بحسب رويترز.
وبدأ العمل بالتوقيت الصيفي على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الأولى لتوفير الطاقة لكن بعض المنتقدين شككوا فيما إذا ما كان العمل بهذا التوقيت يوفر الطاقة حقا وإذا ما كانت هناك حاجة للعمل به حاليا. ووضع الباحثون حدودا للدراسة وأشاروا إلى أنها كانت مرتبطة بولاية واحدة ومرتبطة بالأزمات القلبية التي تطلبت عمليات توسيع شريان مثل تركيب دعامات. كما استبعدت الدارسة المرضى الذين توفوا قبل دخول المستشفى أو قبل التدخل الطبي.
عدد ساعات النهار
من جانب اخر قال باحثون إن زيادة توقيت ساعات النهار بواقع ساعة واحدة إضافية كل عام في بريطانيا يؤدي إلى زيادة النشاط عند الأطفال كل يوم. وكشفت دراسة أن 23 ألف طفل زادت معدلات نشاطهم بواقع 15 إلى 20 في المئة في أيام الصيف مقارنة بأيام الشتاء. وقال فريق الباحثين البريطانيين إن زيادة عدد ساعات الاستيقاظ نهارا يفيد الصحة العامة. ومن المقرر تأخير التوقيت في شتى أرجاء بريطانيا بواقع ساعة.
وسوف ينتج عن هذا الإجراء تقليص عدد ساعات النهار أمام الأطفال بعد انقضاء يومهم الدراسي إلى جانب سرعة حلول توقيت الغروب. وحلل باحثون من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي وجامعة بريستول مستويات نشاط مجموعة كبيرة من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 5 الى 16 عاما في تسع دول، من بينها انجلترا واستراليا. وارتدى جميع الأطفال مقاييس تسارع أو أجهزة إلكترونية حول خصورهم تقيس حركة الجسم.
وأظهرت النتائج، التي نشرتها الدورية الدولية للتغذية السلوكية والنشاط البدني، أن طول عدد ساعات النهار يسهم في بقاء الأطفال أكثر نشاطا لفترات أطول. تناول الباحثون في نطاق الدراسة نشاط 439 طفلا قبل وبعد تغيير التوقيت في بلادهم وتجرى مناقشات لمجموعة من المقترحات في البرلمان في أوقات مختلفة في السنة بشأن تغيير التوقيت بواقع ساعة مبكرة تشمل السنة بأكملها بدلا من التغيير في أكتوبر/تشرين الأول، لكن لم يصدر أي قانون في هذا الشأن.
وتوصلت الدراسة إلى أن هذه المقترحات، التي تتيح للأطفال البريطانيين 200 ساعة نهار إضافية كل عام، ستزيد من متوسط قضاء الأطفال وقتا لممارسة نشاط بدني قوي من 33 إلى 35 دقيقة يوميا.
وقالت المشرفة على الدراسة آنا جودمان، من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إن توفير دقيقتين إضافيتين قد لا تكون حلا، "لكن لا يستهان بها فيما يتعلق بمستويات أنشطة الأطفال بوجه عام". وأضافت جودمان:"تتيح هذه الدراسة دليلا أقوى حتى الآن يشير إلى أنه في أوروبا واستراليا تلعب عدد ساعات مغيب النهار دورا في زيادة النشاط البدني في فترة الغروب. وهي أهم ساعات للعب الأطفال في الخارج".
وقالت الدراسة إن هذا التأثير يظهر على الفتيات والصبية والأطفال الذين يعانون من الوزن الزائد أو أصحاب الوزن الطبيعي بالإضافة إلى الأطفال من خلفيات اجتماعية اقتصادية مختلفة. وتناول الباحثون في نطاق الدراسة نشاط 439 طفلا قبل وبعد تغير التوقيت في بلادهم. وقالت جودمان: "في انجلترا سيكون هناك تراجع مفاجئ للنشاط البدني بنسبة 5 في المئة بسبب تأخير التوقيت". بحسب رويترز.
وقالت آشلي كوبر، مشرفة مشاركة على الدراسة وأستاذ النشاط البدني والصحة العامة في جامعة بريستول: "نظرا لأن طرح اجراءات لترشيد عدد ساعات النهار لن يحل مشكلة تراجع النشاط البدني بالتأكيد، نعتقد أنها خطوة على الطريق الصحيح". ويقول المعارضون لإجراءات ترشيد عدد ساعات النهار أن عدد ساعات النهار الصباحية ستتقلص، لاسيما في اسكتلندا، وسوف يكون لذلك تأثير على ذهاب الأطفال إلى المدارس وذهاب المواطنين إلى أعمالهم.
ساعة ذرية ضوئية دقيقة
من جانب اخر يقول العلماء إنهم توصلوا إلى طريقة أكثر دقة لقياس الوقت. فنحن حاليا نستعمل الساعات الذرية لحساب الثواني، لكن اختبارات أجريت على حاسابات زمنية ذرية بديلة كشفت أنها أكثر دقة. وقال باحثون فرنسيون إن هذه الساعات التي يطلق عليها اسم الساعات الضوئية الشبكية تفقد فقط ثانية واحدة كل 300 مليون سنة.
وقال فريق البحث الذي نشر دراسته في مجلة نيتشر كوميونيكيشن العلمية، إنه قدم نظاما أفضل لتعريف الثانية. كنا في السابق نستخدم دوران الأرض لحساب الوقت، حيث كانت دورة كاملة للأرض تعدل يوما واحدا، ولكن لأن كوكبنا يتأرجح حول محوره خلال دورانه، فيمكن أن تكون هناك أياما أقصر أو أطول من غيرها. وقد أثبتت الساعة الذرية أنها الوسيلة الأكثر دقة في حساب الوقت في العالم، وكانت تستخدم منذ فترة الستينيات لتحديد الثانية في النظام الدولي للوحدات (وحدات SI).
لكن العلماء يقولون الآن إن الساعة الضوئية الشبكية يمكن أن تحسن دقة قياس الوقت. وكما كانت ساعات أجدادنا تستخدم حركة البندول لحساب فترات من الزمن، فإن الساعة الذرية تستخدم "الاهتزازات" المنتظمة للذرات. وفي الأنظمة الحالية لدينا، التي تسمى نوافير السيزيوم، تتعرض سحب من ذرات السيزيوم لموجات ميكروويف لدفعها للتحرك، لكن الأنظمة الجديدة تستخدم الضوء لإثارة ذرات السترونتيوم.
وقال جيروم لودويك من مرصد باريس: "في ساعاتنا الحالية، نحن نستخدم أشعة الليزر، حيث إنها تتحرك أسرع بكثير من أشعة الميكروويف، وبمعنى آخر فنحن نقسم الوقت إلى فترات بينية أقصر من ذلك حتى نتمكن من قياس الوقت بدقة أكبر". وعرف الإنسان الساعات منذ زمن طويل، وأخذ يطورها.
وتعد الساعات الضوئية أكثر دقة بثلاث مرات من نوافير السيزيوم، التي تقدر دقتها بفقدان ثانية واحدة كل 100 مليون سنة. وبالإضافة إلى مقارنة الباحثين بين الساعات الضوئية الشبكية والساعات الذرية الحالية، قارن الباحثون أيضا الساعات الضوئية ببعضها بعضا، حيث وجدوا أنها تسجل نفس الوقت بدقة وأنها أيضا مستقرة جدا. بحسب بي بي سي.
ويعتمد العديد من وسائل التكنولوجيا مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية، وتحريك الأقمار الصناعية، وأسواق المال، على أفضل أنظمة لقياس الوقت. وقال الباحثون إن الساعات الجديدة يمكن أن تساعد في أحد الأيام في إعادة تعريف الثانية. وهناك ساعة أخرى يتم تطويرها الآن، هي الساعة الأيونية، وتفقد هذه الساعة ثانية واحدة فقط كل بضعة مليارات من السنين، ولكن لأنها تعتمد على أيون واحد، فإنها لا تعد حتى الآن مستقرة بما يكفي للاستخدام على نطاق واسع.
اضف تعليق