لم يعد الفساد محصوراً بالسياسيين وحسب وبل وبالرياضيين ايضاً، فهناك اموال بالملايين تدار في هذا العالم ولابد ان يطالها شيء من الفساد، لاسيما وان تشكل مطمع للعديد، حيث تم الكشف عن فضيحة "اوراق بنما" وعزل رئيسة البرازيل وإطلاق اجراء اقالة رئيسة كوريا الجنوبية الى وضع العام 2016 تحت شعار فضائح فساد اثارت سخطا شعبيا، ومن الصعوبة بمكان معرفة ما اذا كانت الاحتجاجات الكبيرة التي سببتها كل هذه الحالات مؤشرا على مزيد من اليقظة والادراك لحجم هذه الآفة.
حيث شكلت "اوراق بنما" الفضيحة التي اندلعت في نيسان/ابريل عاملا قويا في معرفة حجم الفساد لانها قدمت نحو 11,5 مليون وثيقة من مكتب المحاماة البنمي "موساك فونسيكا" كشفت عن شبكة واسعة من التهرب الضريبي شملت كبار السياسيين والرياضيين واصحاب المليارات في العالم.
وبين المشاهير لاعب كرة القدم الارجنتيني ليونيل ميسي والمخرج الاسباني بيدرو المودوفار ونجم السينما جاكي تشان من هونغ كونغ ولكن ايضا اكثر من 140 مسؤولا، وارغم الكشف عن هذه الوثائق رئيس الوزراء الايسلندي على الاستقالة واحراج رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون كما انها اثبتت ان مقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نقلوا مليارات الدولارات الى الخارج.
كما كشفت "اوراق بنما" معلومات عن الصين خصوصا صهر الرئيس شي جنبينغ لكنها لم تظهر في الصحافة المحلية رغم عملية التطهير الواسعة في الطبقة السياسية بأمر من الرئيس، ومعاقبة اكثر من مليون من المسؤولين بسبب الفساد، وبصفة عامة فان "نشر اوراق بنما يذكرنا بقوة الشفافية" كما ذكر رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، في قمة لمكافحة الفساد في لندن في ايار/مايو، واشار الى ان "الفساد يسرق بكل بساطة الفقراء"، وقد اظهرت التقديرات الاخيرة ان 1500 الى 2000 مليار دولار تدفع سنويا كرشى في العالم.
وقد عمت كوريا الجنوبية موجة تظاهرات احتجاجا على فضيحة بتقاضي اموال ادت الى اطلاق اجراء اقالة الرئيسة بارك غيون هي، بتهمة التواطؤ في قضية الابتزاز واستغلال السلطة لدى مجموعات صناعية ضخمة مثل سامسونغ.
وفي ماليزيا، منع رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق التحقيقات حوله لكنه لم يستطع منع تظاهرة عشرات الآلاف من المواطنين للمطالبة باستقالته، والوحيد الذي يبدو انه يقاوم هذا الغضب العالمي هو جاكوب زوما رئيس جنوب افريقيا المعروف عنه تجاوزه للمطبات نظرا لقدرته على تخطي المصاعب، ورغم مخاطر اعادة فتح 783 تهمة بالفساد في قضية قديمة حول صفقة اسلحة، فانه ينوي البقاء في سدة الحكم حتى انتهاء فترة ولايته العام 2019.
قطر تدفع 5ر2 مليون يورو لنجل لامين دياك
دفع جهاز قطر للاستثمار نحو 5ر3 ملايين دولار (5ر2 مليون يورو وقتها) الى شركة للتسويق الرياضي يقودها نجل الرئيس السابق للاتحاد الدولي لالعاب القوى السنغالي لامين دياك من اجل الحصول على شرف استضافة مونديال 2017 الذي منح للندن، وهناك تحويلين بقيمة اجمالية بلغت 950ر499ر3 ملايين دولار ضمن بيانات جمعتها مصلحة الضرائب الاميركية، وهذه المبالغ تم تحولها من طرف جهاز قطر للاستثمار الى شركة بامودزي سبورتس كانسالتينغ التي يقودها بابا ماساتا دياك في 13 تشرين الاول/اكتوبر و7 تشرين الثاني/نوفمبر 2011.
وقبلها بفترة، اعلنت الدوحة ترشحها لاستضافة مونديال 2017، وبعد اربعة ايام من عملية التحويل الثانية، حصلت لندن، التي كانت تنافس العاصمة القطرية، على شرف الاستضافة، وفي عام 2013، حصلت قطر على شرف استضافة مونديال 2019 امام اوجين الاميركية وبرشلونة الاسبانية واعدة بدفع 37 مليون دولار (32 مليون يورو) للرعاية وحقوق النقل التلفزيوني.
ويتهم بابا ماساتا دياك الذي عمل مستشارا في الاتحاد الدولي لالعاب القوى حتى عام 2014، بكونه احد ابرز الفاعلين في نظام فساد داخل قمة هرم الاتحاد الدولي للتغاضي عن حالات منشطات داخل العاب القوى الروسية مقابل المال.
ويقيم بابا ماساتا حاليا في السنغال وهو موضوع مذكرة توقيف دولية صادرة عن القضاء الفرنسي الذي يحقق في الملف. والده لامين دياك رئيس الاتحاد الدولي لالعاب القوى في الفترة بين 1999 الى 2015 يخضع للتحقيق منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2015 بتهم الفساد وغسل الاموال في القضية ذاتها.
السجن 10 سنوات للرئيس السابق لاتحاد كرة القدم الإكوادوري
حكم على رئيس الاتحاد الإكوادوري السابق لكرة القدم لويس شيريبوغا، بالسجن لمدة 10 سنوات، بتهم فساد على علاقة بالفضيحة التي تضرب الاتحاد الدولي (فيفا) منذ أيار/مايو 2015.
واتهم القضاء الإكوادوري شيريبوغا بتبييض الأموال، كما اتهم معه أمين صندوق الاتحاد السابق هوغو مورا، وحكم عليهما بالسجن لمدة 10 سنوات، إضافة إلى المحاسب السابق للاتحاد بيرو فيرا، وحكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات و4 أشهر بسبب التواطؤ.
وترأس شيريبوغا الاتحاد الإكوادوري من 1998 حتى 2016، وهو من ضمن لائحة تتألف من نحو 40 شخصا تتهمهم السلطات الأمريكية بتلقي رشاوٍ لمنح حقوق بث مباريات في تصفيات كأس العالم.
واعتقلت السلطات السويسرية عددا كبيرا من المسؤولين في الفيفا عشية انتخابات الرئاسة في أيار/مايو الماضي، بسبب أخطر فضيحة فساد في تاريخ هذه المنظمة التي تأسست قبل مئة عام. كما اضطر رئيس الفيفا السابق السويسري جوزيف بلاتر إلى الاستقالة من منصبه بعد أيام قليلة على فوزه بولاية خامسة على التوالي بسبب تورطه أيضا في فضائح الفساد، ثم حصلت انتخابات جديدة في شباط/فبراير الماضي فاز فيها السويسري الآخر جياني إنفانتينو.
شركة ارجنتينية توافق على دفع 113 مليون دولار للتسوية
اعلن الادعاء الاميركي ان شركة التسويق الرياضي الارجنتينية "تورنيوس اي كومبتنسياس" وافقت على دفع 112,8 مليون دولار اميركي كتسوية في قضية مرفوعة ضدها في الولايات المتحدة، على خلفية فضيحة فساد مرتبطة بالاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
وافاد مكتب المدعي العام للمقاطعة الشرقية من نيويورك ، ان الشركة "اقرت بدورها في برنامج امتد 15 عاما، يشمل دورها في دفع عشرات ملايين الدولارات من الرشى والعمولات لمسؤول بارز في الفيفا لضمان الحصول على دعمه"، في قضية ترتبط بحقوق بث مباريات كأس العالم 2018، 2022، 2026 و2030.
وبموجب التسوية المبرمة، تتفادى الشركة الملاحقة القانونية في حال تفادت ارتكاب المخالفات خلال السنوات الاربع المقبلة، وتدفع الغرامات وتعيد العائدات المالية "الملوثة"، واعتبر المدعي الاميركي روبرت كايبرز ان التسوية "تمثل خطوة اضافية مهمة في جهودنا المتواصلة لاستئصال الفساد في كرة القدم الدولية، وتبعث رسالة مهمة ان الشركات التي تعتمد على النظام المالي الاميركي لكسب العائدات من خلال الرشى، ستتم محاسبتها".
واتهم الادعاء الاميركي 40 مسؤولا في الفيفا وشركات اعلانية بطلب ونيل عشرات ملايين الدولارات من الرشى والعمولات في قضية اثارت ازمة غير مسبوقة في اعلى سلطة كروية في العالم، واقر العديد من هؤلاء بالاتهامات المنسوبة اليهم ووافقوا على التعاون مع المحققين في مقابل خفض محتمل للعقوبات بحقهم. كما وجهت الاتهامات الى شركتين في القضية نفسها.
ولا يزال خمسة منهم تحت الاقامة الجبرية في الولايات المتحدة، ويواجهون محاكمة امام قاض فيدرالي، قد تبدأ نهاية السنة المقبلة، وادى التحقيق الاميركي لخضة كبرى في الفيفا بعد كشف قضايا فساد ادت في نهاية المطاف الى استقالة رئيسه السويسري جوزيف بلاتر بعد نحو 18 عاما في سدة المسؤولية، واصدار محكمة التحكيم الرياضي عقوبة بتوقيفه ستة اعوام عن مزاولة اي نشاط مرتبط بكرة القدم.
النيابة الإسبانية تطالب بسجن نيمار لمدة عامين
طالب النائب العام الإسباني بمعاقبة نجم المنتخب البرازيلي لكرة القدم ونادي برشلونة نيمار بالسجن لمدة عامين والتغريم بـ10 ملايين يورو، على خلفية مزاعم فساد في صفقة انتقاله من نادي سانتوس البرازيلي إلى فريقه الحالي. كما طالب بتغريم النادي الكتالوني بـ8,4 ملايين يورو وسجن رئيسه السابق ساندرو روسيل لخمس سنوات.
اذ كشفت وثائق المحكمة أن المدعي العام الإسباني طالب بإنزال عقوبة السجن لمدة عامين على نيمار، مهاجم برشلونة، وتغريمه بمبلغ 10 ملايين يورو، وذلك لدوره في مزاعم فساد تتعلق بصفقة انتقال اللاعب البرازيلي إلى العملاق الإسباني، وأوضح مصدر قضائي أن النيابة العامة "طالبت بسجن نيمار سنتين مع تغريمه بمبلغ 10 ملايين يورو".
وطالب القاضي خوسيه بيرالس أيضا بعقوبة السجن خمس سنوات لرئيس برشلونة السابق ساندرو روسيل، وتغريم النادي 8.4 مليون يورو (8.9 مليون دولار)، لكنه دعا إلى إسقاط التهم عن الرئيس الحالي جوسيب ماريا بارتوميو، وبدأت القضية بعد شكوى من مجموعة "دي.إي.إس" الاستثمارية البرازيلية التي تملك جزءا من حقوق انتقال نيمار والتي تزعم أنها حصلت على أموال أقل مما كان يحق لها.
وتعرض برشلونة وسانتوس، الفريق السابق لنيمار، لانتقادات بعد الطريقة التي انتقل بها اللاعب في 2013، وتركزت التحقيقات أيضا حول مزاعم تتعلق بمحاولة برشلونة إخفاء عقد مبدئي سعى من خلاله الفريق لضم اللاعب قبلها بعامين في 2011، وكانت "دي.إي.إس" تملك 40% من الحقوق الرياضية في نيمار عندما بدأت مفاوضات انتقال اللاعب إلى برشلونة، وتزعم المجموعة البرازيلية أن الفريق الإسباني أخفى المقابل الحقيقي لانتقال نيمار وأبقى عليه خارج سجلات معاملاته المالية، وذكر نادي برشلونة الذي وافق بالفعل على دفع 5.5 مليون يورو (6.2 مليون دولار) إلى سلطات الضرائب الإسبانية فيما له صلة بهذه القضية إنه دفع 57.1 مليون يورو من أجل التعاقد مع نيمار، قبل أن يعلن فيما بعد أن القيمة اقتربت من مئة مليون يورو.
الفساد في الرياضة وملايين ضائعة
لم نكن في يوم من الايام نفكر بأن الرياضة سيطالها الفساد، وستظهر العديد من الملفات الخاصة بالفساد والتي تخص شخصيات وشركات كنا نظن أنها في مأمن من تفشي الفساد فيها، فمعايير الشفافية والنزاهة التي ظهرت كحاجز حمائي لهذه المنظومة، بين لنا مدى هشاشة هذه المعايير ومدى زيف من يعمل في هذا المنظومة.
وبالتالي يبقى السؤال، ماذا ستشهد الرياضة بعد ذلك؟ وهل ستكون هذه المنظومة قادرة على مواجهة الفساد؟ وهل ستكون في مأمن من توغل السياسة فيها، لاسيما وانها ملاذ خصب لينشر السياسيون مايريدونه من خلالها؟ وهل ستتحول الرياضة شأنها شأن باقي الانشطة الى مجرد نشاط تجاري تنعدم فيه الاخلاق الرياضية والمنافسة الشريفة.
اضف تعليق