قبل عام من نهاية ولاية باراك غوين رئيسة كوريا الجنوبية، تواجه مشكلات قضائية بفعل تحقيق يتمحور حول اتهامها بالتواطؤ مع صديقتها شوي سون سيل ومساعد سابق للضغط على أصحاب شركات كبرى لدفع تبرعات لمؤسستين أقيمتا لدعم مبادراتها السياسية، ونفى مكتب الرئاسة ومحامي باك الاتهامات الموجهة لها.
وتتمتع الرئيسة بحصانة من المحاكمة في هذه القضية مادامت في منصبها. وإذا استقالت باك أو وافقت المحكمة الدستورية على تصويت البرلمان بمساءلتها فلا بد من إجراء انتخابات خلال 60 يوما لتعيين رئيس لفترة رئاسية تستمر خمس سنوات مع تولي رئيس الوزراء قيادة البلاد خلال المرحلة الانتقالية. ولم يخفق أي رئيس كوري جنوبي في إكمال فترة رئاسته التي تستمر خمس سنوات منذ تطبيق النظام الديمقراطي الحالي في البلاد عام 1987.
هذا وقد طلبت رئيسة كوريا الجنوبية باك جون هاي من البرلمان اتخاذ قرار يحدد كيف ومتى يمكنها التخلي عن السلطة بسبب فضيحة استغلال نفوذ لتدخل الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد في نفق مظلم. ورفض الحزب الديمقراطي وهو حزب المعارضة الرئيسي عرض باك ووصفه بأنه حيلة للإفلات من المساءلة وقال إنه سيواصل جهوده لطرح اقتراح بمساءلة باك في البرلمان يسعى أن يتم في وقت قريب.
وبهذا الخصوص تظاهر نحو مليون شخص في العاصمة سيول رغم البرد والثلوج مطالبين باستقالة رئيستهم بارك غوين-هي على خلفية اتهامات بالفساد واستغلال نفوذ. وأدلى أعضاء البرلمان بأصواتهم في اقتراع سري وأيد 234 عضوا مساءلة الرئيسة بينما عارض الاقتراح 56 مشرعا مما يعني أن عشرات من أعضاء حزب ساينوري المحافظ الحاكم الذي تنتمي له باك أيدوا الاقتراع تمهيدا لعزلها. وكان الاقتراح بحاجة إلى 200 صوت من أصوات أعضاء المجلس وعددهم 300 عضو لإقراره.
وقد أظهر استطلاع للرأي أن معدل التأييد لبارك خمسة بالمئة بعدما تراجع في وقت سابق لأدنى مستوى على الإطلاق عند أربعة بالمئة. وأظهر المسح الذي أجرته مؤسسة جالوب كوريا- وهي غير تابعة لجالوب الأمريكية- أن 81 بالمئة يؤيدون مساءلة باك.
بارك غوين البالغة من العمر (61عاما) والدها الرئيس السابق بارك تشونغ، الذي حكم البلاد لما يقرب من عقدين من الزمن. ودخلت بارك، ولم تتعد الثانية والعشرين من عمرها، دائرة الضوء السياسية وأصبحت السيدة الأولى في كوريا الجنوبية بعد مقتل والدتها عام 1974 برصاصة قاتل كوري شمالي كان يخطط لاغتيال زوجها.
وعلى مدار خمس سنوات، كانت بارك تستقبل زوجات رؤساء الدول الأجنبية في البيت الأزرق، مقر الرئاسة في كوريا الجنوبية. يقول البعض إن العمل مع والدها وتجربتها كسيدة أولى ساعدها على التغلب على بعض الأحكام المسبقة الراسخة بين الناخبين الذكور.
وفي حين يعزى الفضل لوالدها في تعزيز اقتصاد كوريا الجنوبية، فإنه اتهم أيضا بسحق المعارضة بقوة وتأخير التطور الديمقراطي. وسط حالة من الجدل حول إرث والدها قبل خوض الانتخابات الرئاسية، أصدرت بارك في سبتمبر / أيلول 2012 اعتذارا علنيا عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في ظل حكم والدها. ومع ذلك، وصفت الانقلاب الذي قاده والدها عام 1961 بأنه كان ضروريا، وهو ما أدى إلى خسارتها أصوات بعض الناخبين الشباب الذين كانوا قلقين من عدم رغبتها في نبذ ما قام به والدها.
لم تتزوج بارك وهو الأمر الذي يعرضها لبعض التعليقات في المجتمع الكوري الجنوبي المحافظ.
تخرجت من كلية الهندسة بجامعة سوغانغ في العاصمة سول، وانتخبت للمرة الأولى في الجمعية الوطنية لكوريا الجنوبية عام 1998. أدت بارك غوين اليمين الدستورية يوم 25 فبراير / شباط 2013 - بعد أيام من التجربة النووية الثالثة لكوريا الشمالية. وفي خطاب تنصيبها، وعدت بارك بأن تمنح أولوية لكل من الأمن الوطني وإعادة تنشيط الاقتصاد.
فضيحة فساد مدوية
وفي السياق نفسه, قال مسؤولو الادعاء في كوريا الجنوبية إنهم يعتقدون أن الرئيسة باك جون هاي شريكة في فضيحة فساد تعصف بإدارتها في ضربة قوية لمحاولاتها الخروج من الأزمة. وكانت اتهامات قد وجهت لصديقة باك تشوي سون-سيل ومساعد سابق لها في هذه القضية.
وذكر ممثلو الادعاء اسم باك كشريكة في الجريمة في تحقيق بشأن ما إذا كان قد تم الضغط بشكل غير ملائم على شركات كبيرة للمساهمة بأموال لمؤسسات أنشئت لدعم مبادرات باك.
واعترفت باك بالرعونة في علاقتها بتشوي التي قالت باك إنها ساعدت على تجاوز أوقات صعبة. وقالت باك "لم أسع حتى للحظة واحدة لتحقيق مكاسب لي وعشت دون تحقيق ذرة من المصالح الذاتية." وتعود هذه الصداقة إلى وقت عملت فيه باك كسيدة أولى بالإنابة بعد مقتل والدتها عام 1979. بحسب رويترز.
وقال لي يونج-ريول رئيس مكتب الادعاء في المنطقة الوسطى بسول إنه وُجهت لتشوي سون سيل صديقة باك ولآن تشونج-بوم المساعد الرئاسي السابق تهمة استغلال السلطة في الضغط على شركات كبيرة لتقديم مساهمات مالية لمؤسسات في قلب الفضيحة.
وأكد لي في مؤتمر صحفي "خلص فريق التحقيق الخاص استنادا إلى الأدلة المتوفرة حتى الآن إلى تواطؤ باك مع تشوي سون سيل وآن تشونج-بوم وجيونج هو-سيونج بدرجة كبيرة." وجيونج مساعد سابق لباك ومتهم بتسريب معلومات سرية لتشوي.
واوضح لي إنه لا يمكن توجيه اتهام لباك إذ أنها تتمتع بحصانة دستورية وأضاف دون إسهاب "سنواصل التحقيق بشأن الرئيسة". وبموجب الدستور لا يمكن توجيه اتهام لرئيس في المنصب إلا في حالة الخيانة لكن ما خلص إليه الادعاء من تواطؤ باك في القضية أثار دعوات جديدة من أحزاب المعارضة لها لتقديم استقالتها.
وقالت باك في كلمة تلفزيونية قصيرة "سأترك للبرلمان كل شيء بشأن مستقبلي بما في ذلك تقليص فترة رئاستي." وألقت هذه الخطوة من جانب باك عبء حل الأزمة على عاتق البرلمان الذي يسيطر عليه ائتلاف لأحزاب المعارضة منذ أن خسر حزب باك المحافظ أغلبيته بشكل غير متوقع في انتخابات جرت في ابريل نيسان.
وقد رفض الحزب الديمقراطي وهو حزب المعارضة الرئيسي عرض باك ووصفه بأنه حيلة للإفلات من المساءلة وقال إنه سيواصل جهوده لطرح اقتراح بمساءلة باك في البرلمان يسعى أن يتم في وقت قريب قد يكون. ولم يخفق أي رئيس كوري جنوبي في إكمال فترة رئاسته التي تستمر خمس سنوات منذ تطبيق النظام الديمقراطي الحالي في البلاد عام 1987.
ولم يكن لدى البيت الأزرق الرئاسي أي تعقيب. ونقلت وسائل إعلام كورية جنوبية عن يوو يونج-ها محامي باك قوله إن إعلان الادعاء "يدعو لشديد الأسف".
النصر للشعب وجمهورية كوريا الجديدة
أيد برلمان كوريا الجنوبية بأغلبية ساحقة بمساءلة الرئيسة باك جون هاي بسبب فضيحة إساءة استغلال نفوذ الأمر الذي يمهد الطريق لأن تصبح أول زعيم منتخب ديمقراطيا يُنحى عن منصبه في البلاد. بحسب رويترز.
وأدلى أعضاء البرلمان بأصواتهم في اقتراع سري وأيد 234 عضوا مساءلة الرئيسة بينما عارض الاقتراح 56 مشرعا مما يعني أن عشرات من أعضاء حزب ساينوري المحافظ الحاكم الذي تنتمي له باك أيدوا الاقتراع تمهيدا لعزلها. وكان الاقتراح بحاجة إلى 200 صوت من أصوات أعضاء المجلس وعددهم 300 عضو لإقراره.
ويجب أن تقرر المحكمة الدستورية إن كانت ستؤيد القرار في عملية قد تستغرق ما يصل إلى 180 يوما. وتولى رئيس الوزراء هوانج كيو آن على الفور مهام عملها بشكل مؤقت إلى أن يصدر حكم المحكمة. وقالت باك في اجتماع لمجلس الوزراء "أقبل صوت البرلمان والشعب وآمل من كل قلبي أن يتم حل هذه البلبلة على نحو سليم."
وأضافت "سأرد بهدوء بموجب الإجراءات التي كفلها الدستور والقانون على مراجعة المحكمة الدستورية للمساءلة والتحقيق الذي يجريه المدعي الخاص." وانطلقت هتافات الترحيب خارج البرلمان عند إعلان نتيجة التصويت. ورفع متظاهرون لافتات تقول "النصر للشعب" و"جمهورية كوريا الجديدة". وفي وقت سابق اشتبك نشطاء مناهضون لباك مع الشرطة لدى محاولتهم قيادة جرارين زراعيين إلى بوابة البرلمان الرئيسية حيث احتشد أكثر من 1000 محتج.
وأظهر استطلاع للرأي أن معدل التأييد لها خمسة بالمئة بعدما تراجع في وقت سابق لأدنى مستوى على الإطلاق عند أربعة بالمئة. وأظهر المسح الذي أجرته مؤسسة جالوب كوريا- وهي غير تابعة لجالوب الأمريكية- أن 81 بالمئة يؤيدون مساءلة باك.
وسوف تقرر المحكمة الدستورية ما إذا كانت باك اتبعت الإجراءات السليمة وما إذا كانت هناك أسباب كافية للمساءلة. وسيتم الاستماع إلى دفوع الطرفين في جلسات علنية. ويُنظر إلى المحكمة الدستورية المؤلفة من تسعة قضاة على أنها محافظة في تشكيلتها لكن بعضا من قضاتها السابقين قالوا إن القضية ضد باك قوية ومن المرجح قبولها.
حركتهم لن تتوقف طالما بقيت بارك في منصبها
تظاهر نحو مليون شخص في العاصمة سيول رغم البرد والثلوج مطالبين باستقالة رئيستهم بارك غوين-هي على خلفية اتهامات بالفساد واستغلال نفوذ. قال منظمو تظاهرة إن أكثر من "مليون" شخص تحدوا البرد والثلوج في سيول للمطالبة مجددا باستقالة الرئيسة بارك غوين-هي الضالعة في فضيحة فساد مدوية واستغلال نفوذ.
كما ردد المتظاهرون شعارات تدعو إلى رحيل بارك أو إيداعها السجن على وقع قرع الطبول أثناء توجههم نحو القصر الرئاسي حيث أغلق آلاف من عناصر الشرطة الطرقات المؤدية إليه. وبحسب المنظمين فإن 1,3 مليون شخص شاركوا في التظاهرة وهي الأكبر منذ بدء هذه التجمعات التي تنظم في نهاية الأسبوع في العاصمة.
وقدرت الشرطة عدد المتظاهرين بحوالي 260 ألفا وهو نفس الرقم الذي تحدثت عنه الأسابيع الماضية. وعند الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (11,00 ت غ) أطفأ المتظاهرون الشموع التي كانوا يحملونها ثم قاموا بإضاءتها لاحقا في إشارة إلى أن حركتهم لن تتوقف طالما بقيت بارك في منصبها.
وحافظت التظاهرات التي يسير فيها جنبا إلى جنب رهبان بوذيون وعائلات وموظفون ومزارعون، حتى الآن على طابعها السلمي. لكن هذه التظاهرات آخذة في الاتساع وهي الأكبر من نوعها منذ تظاهرات تطالب بالديمقراطية إبان ثمانينات القرن الماضي.
ورغم الصقيع جرت التظاهرة في أجواء احتفالية حيث تم توزيع الطعام ومنشورات على المتظاهرين في حين يعرض باعة متجولون شموعا وكراسي فيما كان بعض المتظاهرين يرقصون على أنغام موسيقى تصدح من مكبرات الصوت.
الادعاء يداهم مكاتب سامسونج وصندوق المعاشات
قالت وكالة يونهاب للأنباء إن ممثلين للادعاء في كوريا الجنوبية داهموا مكاتب مجموعة سامسونج بسبب صلاتها المزعومة بتشوي سون سيل الصديقة المقربة لرئيسة البلاد باك جون هاي والتي وجهت إليها اتهامات في فضيحة استغلال نفوذ.
وقالت متحدثة باسم هيئة المعاشات الوطنية أكبر صندوق لمعاشات التقاعد في البلاد إن المدعين داهموا مقرها أيضا. وقالت يونهاب لـ (رويترز): إن التحقيقات تدور حول قرار الهيئة الموافقة على صفقة اندماج بقيمة ثمانية مليارات دولار بين سامسونج تي آند تي كورب وتشيل إندستريز العام الماضي.
وأكدت متحدثة باسم مجموعة سامسونج أن مسؤولي الادعاء زاروا مكاتب المجموعة لكنها لم تذكر مزيدا من التفاصيل. وقالت المتحدثة باسم هيئة المعاشات الوطنية إن المداهمات جرت في مدينة جيونجو التي يقع بها مقر الهيئة. ورفضت الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من ممثلي الادعاء في سول. وتواجه باك وتشوي تحقيقات بسبب مزاعم ممارسة ضغوط على شركات كبيرة منها مجموعة سامسونج- أكبر مجموعة تديرها أسرة في كوريا الجنوبية- لتقديم مساهمات مالية لمؤسسات تدعم سياسة باك لدعم المجتمعات الثقافية والرياضية.
ووجهت لكل من تشوي وآن تشونج-بوم المساعد الرئاسي السابق اتهامات يوم الأحد بإساءة استغلال السلطة في ضربة كبيرة لرئيسة البلاد في معركتها من أجل البقاء سياسيا. وتملك هيئة المعاشات الوطنية حصصا في الشركتين واعتبرت موافقتها ضرورية لنجاح الاندماج، ودافعت الهيئة عن قرارها في مواجهة انتقادات بأن الصفقة ساعدت الأسرة المالكة لمجموعة سامسونج في تعزيز سيطرتها على الشركة الناتجة عن الاندماج على حساب المساهمين الآخرين.
اضف تعليق