q

فضائح أوراق بنما التي هزت العالم، وكشفت تورط شخصيات وزعماء كبار ومشاهير من عالم المال والرياضة في عمليات تهرب ضريبي وغسيل اموال، لاتزال محط اهتمام واسع خصوصا مع استمرار نشر وسائل الاعلام لتسريبات جديدة ومختلفة من مجموع هذه الوثائق التي يجاوز عددها لـ11 مليون وثيقة، والتي قد تستمر بحسب بعض المراقبين لسنوات طويلة، مؤكدين في الوقت ذاته على ان تسريبات أوراق بنما التي اثارت ردود افعال مختلفة وفجرت موجة تحقيقات في العديد من دول العالم، ربما تكون عملية مدروسة ومخطط لها من قبل بعض الشخصيات والدول بهدف ضرب الخصوم، فقد كشف موقع ويكيليكس النقاب عن فضيحة خاصة بـ"وثائق بنما" المتعلقة بتسريب وثائق شركة "Mossack Fonseca"، حيث أكد الموقع أن هذه الوثائق جاءت بتمويل مباشر من الحكومة الأمريكية والملياردير الأمريكي جورج سوروس.

وأشار موقع "ويكيليكس" عبر حسابه على موقع "تويتر" الإلكتروني أن تسريب البيانات التي تدل على تورط عدد من ممثلي النخبة السياسية على مستوى العالم في الشبكات المالية غير الشرعية العاملة في الملاذات الضريبية (أوفشور)، كان في حقيقة الأمر هجوما موجها ضد روسيا وتحديدا ضد رئيسها فلاديمير بوتين. وجاء في تغريدة نشرها "ويكيليكس" على "تويتر"، "أعد مشروع رصد الجريمة المنظمة والفساد هجوم "أوراق بنما" ضد بوتين. ويستهدف هذا الهجوم روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة، ويتم تمويلها من وكالة "يوسايد" (وكالة التنمية الدولية الأمريكية) وسوروس".

من جانبه صرح الرئيس البنمي خوان كارلوس فاريلا ان "اوراق بنما" التي تكشف عمليات تهرب ضريبي واسعة تشكل محور مواجهة بين القوى الكبرى التي تستخدم النظام المالي البنمي. وقال الرئيس البنمي ان "هذه القضية تتعلق بالنظام المالي العالمي وليس ببنما". واضاف ان "الامر غير اللائق هو ان تستخدم القوى الكبرى بنما ساحة لمعركتها اذا كانت تريد ان تتواجه. اذا كانت ترغب في ذلك فلتفعله في بلدانها لكن عليها الا تستخدم نظامنا المالي والضريبي".

الى جانب ذلك قالت صحيفة زودويتشه تسايتونج الألمانية إن المصدر الذي سرب ملايين الوثائق للصحيفة من شركة موساك فونسيكا للمحاماة في بنما أرسل لهم بيانا يقول فيه إن دافعه هو الكشف عن "حجم المظالم" التي حوتها الأوراق. وأضافت الصحيفة أن المصدر لم يكشف علنا من قبل عن سبب تسريبه للوثائق التي تعرف الآن باسم أوراق بنما. وفي البيان المؤلف من 1800 كلمة ونشرته الصحيفة على موقعها على الإنترنت أشاد المصدر الذي أطلق على نفسه اسم جون دو بمن سربوا مثله وثائق سرية وحساسة مثل إدوارد سنودن الذي كشف تفاصيل عن برنامج المراقبة الخاص بالحكومة الأمريكية. كما قال إنه سيكون على استعداد للتعاون مع وكالات إنفاذ القانون.

ودعا المصدر المفوضية الأوروبية وبريطانيا والولايات المتحدة ودولا أخرى لاتخاذ خطوات لحماية من يكشفون عن معلومات خاصة عن مثل تلك القضايا الحساسة بدلا من معاقبتهم. ونفى المصدر الذي تواصل مع الصحيفة منذ عام بعرض لتزويدهم بوثائق داخلية مشفرة من الشركة في بنما كونه جاسوسا لأي جهة أو حكومة لكنه قال إنه أدرك "حجم المظالم" التي تفصلها تلك الأوراق. ورحب المصدر بفكرة أن التسريب أثار جدلا حول "أخطاء الصفوة" لكنه قال إن ما حدث لا يعد كافيا.

شركات الاوفشور السرية

في هذا الشأن نشر الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين على الانترنت بيانات مفصلة من "اوراق بنما" حول اكثر من 200 الف شركة اوفشور سرية. وتكشف البيانات التي تستند الى جزء من الوثائق التي سربت من شركة "موساك فونسيكا" البنمية عن اكثر من 360 الف اسم لافراد وشركات خلف الشركات السرية، بحسب الاتحاد. وكشفت التقارير التي نشرت حول هذه الاوراق في نيسان/ابريل عن اسماء عدد من كبار زعماء العالم المرتبطين بشركات سرية ومن بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وغيرهم.

واعلن الاتحاد عن نشر جزء من المعلومات الواردة في قاعدة البيانات "من اجل المصلحة العامة" مع تزايد الحملة العالمية ضد التهرب الضريبي. وقال ان قاعدة البيانات "تتيح للمستخدمين تصفح شبكة الشركات والافراد الذين استخدموا واحيانا اساءوا استخدام سرية شركات الاوفشور بمساعدة موساك فونسيكا وغيرها من الوسطاء". الا انه اكد انه لن يكشف عن السجلات الحقيقية على الانترنت، كما لن يكشف عن جميع المعلومات الواردة في السجلات، لمنع الوصول الى بيانات شخصية او تفاصيل حسابات بنكية للاشخاص المعنيين.

كما أفاد تقرير اعتمد على تسريبات (أوراق بنما) أن أثرياء أمريكا اللاتينية يستخدمون شركات وهمية وصناديق معفية من الضرائب في نيوزيلندا لتحويل أموالهم من أنحاء العالم. ويتصاعد الضغط على رئيس الوزراء جون كي بعد أن حللت وسائل الإعلام المحلية أكثر من 61 ألف وثيقة لها صلة بنيوزيلندا تعد جزءا من بيانات كثيرة جرى تسريبها من شركة موساك فونسيكا القانونية ومقرها بنما. وسلطت أوراق بنما الضوء على كيف يستغل أثرياء العالم شركات المعاملات الخارجية (الأوفشور).

وقال تقرير مشترك لراديو وتلفزيون نيوزيلندا وصحفي التحقيقات نيكي هاجر إن موساك فونسيكا روجت لنيوزيلندا كمكان جيد للأنشطة التجارية بسبب الإعفاء الضريبي هناك والسرية العالية والوضع الأمني. وقال كي إن الإشارة إلى نيوزيلندا كمكان للإعفاء الضريبي "عارية تماما عن الصحة" مضيفا أنه مستعد لتغيير القواعد المتعلقة بالصناديق الأجنبية إذا نصحته بذلك مراجعة للأوضاع أو منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وتابع للصحفيين "إذا كانت هناك حاجة لتغيير ذلك فان الحكومة ستدرس الأمر وستتخذ إجراءات إذا لزم الأمر."

وقال كي إن الحكومة طلبت من وزارة العدل التحرك سريعا فيما يتعلق بالقواعد التي تجري دراستها بالفعل لتشديد الإجراءات المناهضة لغسل الأموال بالنسبة للمحامين والشركات والمحاسبين. وقال زعيم حزب العمال المعارض أندرو ليتل إنه يجب أن تتصرف الحكومة "لحماية سمعة نيوزيلندا بإنهاء النظام الذي ورط بلادنا في شبكة عالمية كبيرة للإعفاء الضريبي". بحسب رويترز.

وقالت حكومة نيوزيلندا إنها ستبدأ مراجعة قوانينها الخاصة بالصناديق الأجنبية بعد أن سلطت أوراق بنما الضوء على نقاط الضعف في إطارها القانوني بشكل يجعلها وجهة محتملة لكيانات الإعفاء الضريبي لأن صناديقها الأجنبية ليست خاضعة لضرائب. وقال جيمس شو أحد زعيمي حزب الخضر إن المراجعة ليست كافية ودعا كي إلى "التوقف عن الدفاع عن صناديق الإعفاء الضريبي" وطالب بتحقيق شامل.

من جهة اخرى وجه قاض ارجنتيني انابة قضائية الى كل من بنما والبهاماس لمعرفة ما اذا كان الرئيس ماوريسيو ماكري يملك حصصا في شركتين كشفت "اوراق بنما" عن وجودهما، تتخذين مقرا لهما في هاتين الجنتين الضريبيتين. ويود القاضي سيباستيان كاسانيو معرفة "ما اذا كان ماوريسيو ماكري يظهر او ظهر بصفة مساهم" في شركتي "فليغ تريدينغ ليمتد" و"كاغيموشا"، وما اذا كانت شركاته سجلت "حسابات مصرفية باسمه"، بحسب ما افاد مصدر قضائي.

وكشف التحقيق في فضيحة "اوراق بنما" ان اسم ماكري ورد في شركتي "اوفشور" هما "فليغ تريدينغ ليمتد" التي استمرت بين 1998 و2008 وكان مقرها في البهاماس، و"كاغيموشا" التي انشئت في 1981 في بنما. ويريد القاضي ان يحدد ما اذا كان ماكري ارتكب "اغفالا غير مشروع" لعناصر عند التصريح بممتلكاته، وهو جرم يعاقب بالسجن سنتين. وفور كشفت فضيحة "اوراق بنما"، رد الرئيس من يمين الوسط الذي انتخب في تشرين الثاني/نوفمبر، معلنا انه لم يذكر الشركتين في التصريح بممتلكاته لانه لم يكن له اي مساهمة فيهما.

والى اسم ماكري، وردت في وثائق بنما اسماء افراد من عائلة الامين العام للرئاسة الارجنتينية فرناندو اندريس، ونستور غرينديتي المسؤول المالي في بلدية بوينوس ايرس حين كان ماكري رئيس البلدية. وكشفت ملايين الوثائق هذه المسربة من مكتب المحاماة البنمي "موساك فونسيكا" والتي نشرتها حوالى مئة وسيلة اعلام، عن فضيحة تهرب ضريبي واسعة النطاق تطاول قادة عالميين ومساعدين لهم وعائلات ونجوم في عالم الرياضة والسينما.

القطاع المال في هونغ كونغ

الى جانب ذلك تكشف وثائق "اوراق بنما" ان هونغ كونغ المدينة المتطورة الكبرى التي يتمتع سكانها بحريات لا مثيل لها في اماكن اخرى من الصين، تتسم بجانب غامض مرتبط بوضعها كواحدة من الملاذات الضريبية. وسمح تحليل ملايين من وثائق مكتب المحاماة موساك فونسيكا بكشف حجم الممارسات الضريبية التي تفتقد الى الشفافية لبنما. لكنها كشفت ايضا الدور الذي تلعبه هذه المستعمرة البريطانية السابقة في دوائر الاوفشور القادمة من الصين.

واي شركة اوفشور هي شركة مسجلة في الخارج ولا تمارس اي نشاط في البلد الذي سجلت فيه لكنها تتمتع بامتيازات ضريبية في هذا البلد. واقامة شركة اوفشور ليست امرا غير قانوني لكن يمكن ان يصبح اداة فعالة لاخفاء نشاطات واموال مثيرة للشبهات. وانشأ مكتب المحاماة البنمي اكثر من 16 الفا و300 شركة اوفشور اي ثلث شركات الاوفشور "النشيطة" في 2015، لحساب زبائنه في هونغ كونغ والصين. وبين هؤلاء اعضاء في القيادة الصينية والثري لي كاشينغ وهو من هونغ كونغ والممثل جاكي شان... ومعظم هذه الشركات مقارها في الجزر العذراء البريطانية. وفي 2009، افلتت هونغ كونغ في اللحظة الاخيرة وبعد مفاوضات شاقة مع الصين، من ادراجها على لائحة الملاذات الضريبية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.

وهونغ كونغ التي توصف "بلؤلؤة الشرق" باتت في المرتبة الثانية -- بعد سويسرا -- بين الدول الاكثر غموضا على الصعيد المالي في العالم، حسب ترتيب وضعته منظمة "تاكس جاستيس نيتورك" في 2015. وقال المحامي دوغلاس كلارك ان "كل شئ في هونغ كونغ مصنوع لتسهيل قطاع الاعمال (...) وهذا يعني انه من السهل القيام باي نوع من الاعمال سواء كانت قانونية او غير قانونية".

وتتسم المستعمرة البريطانية السابقة بصفتين اساسيتين لاي مركز مالي "اوفشور" هما الامن والحرية. وتمتعت هونغ كونغ بحماية بريطانيا 150 سنة قبل ان تعود قبل 19 عاما الى الصين. وقد بقيت منطقة تنعم بالاستقرار السياسي في منطقة مضطربة. ومنذ عودتها الى بكين في 1997 تتمتع هونغ كونغ بحكم ذاتي واسع ولم تواجه اي مشكلة على الصعيد الاقتصادي. وقال المحلل توم هولاند ان "تاريخ هونغ كونغ كمركز مالي يغض النظر عما يخضع في مكان آخر لتحقيقات، يعود الى ستينات القرن الماضي".

ويحسب لوزير مالية هونغ من 1961 الى 1971 السير جون كاوبرثويت انه حول هذه المنطقة الى مركز مالي كبير. وكان هذا المدافع عن "عدم التدخل الايجابي" للدولة، يرفض حتى اجراء احصاءات اقتصادية خوفا من منح الحكومة صلاحيات واسعة. ومنذ تلك السنوات، يمكن لهذا الملاذ "الحر" في منطقة شهدت حروبا، جذب كل اشكال رؤوس الاموال. واستند الزعيم الصيني دينغ شياوبينغ الى هذه المستعمرة في الانفتاح الاقتصادي الصيني الذي بدأ في 1980 باقامة اول "منطقة اقتصادية خاصة" في شينزين. وهونغ كونغ مركز مثالي للنخبة الصينية التي ترغب في الافلات من المراقبة.

وتشهد هذه المنطقة اليوم واحدة من اعلى نسب النمو في العالم في قطاع الخدمات المالية للاوفشور. وكانت في 2015 تمتلك 350 مليار دولار من موجودات "مصارف خاصة" القطاع الذي يزدهر بسرية وتكتم. وقالت المنظمة نفسها ان حوالى 335 مليار دولار كانت في نهاية 2011 مملوكة من قبل شركات احتكارية متمركز في هونغ كونغ. وهونغ كونغ خيار مفضل ايضا للمستثمرين الصينيين الذي يقومون بعمليات "التفاف"، اي يخرجون اموالهم لاعادتها بعد ذلك بطريقة غير قانونية من اجل الاستفادة من امتيازات خاصة بالاستثمارات الاجنبية.

لذلك تطغى على الاستثمارات الخارجية في الصين، الاموال القادمة من هونغ كونغ (45 بالمئة في نهاية 2012) او الجزر البريطانية (15 بالمئة) حسب المبالغ التي اوردتها "تاكس جاستيس نيتوورك". وتنبع اهمية عرض الاوفشور في هونغ كونغ من الضرائب القليلة جدا على النشاطات التيي تجري في الخارج. وتشكل هذه المنطقة وجهة مثالية لنقل الارباح والافلات من الضرائب. بحسب فرانس برس.

ويؤكد ديفيد ويب المصرفي السابق الذي اصبح ناشطا يطالب بالشفافية المالية ان ثلاثة ارباع الشركات المدرجة في بورصة هونغ كونغ مسجلة في جزر كايمان وبرمودا. وهذه الارقام ينفيها الناطق باسم ادارة البورصة الذي يؤكد ان الشركات المدرجة عليها الامتثال لبعض المعايير. وكان وزير المالية في هونغ كونغ شان كا-كيونغ صرح مطلع نيسان/ابريل "لدينا شعور بانه على الصعيد الدولي، يعتبرون الاماكن التي تفرض ضرائب اقل وتتمتع بحرية اكبر، بشكل طبيعي اماكن لتبييض المال وهذا خطأ".

بوتين واوراق بنما

على صعيد متصل اقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بان المعلومات التي تضمنتها "اوراق بنما" التي تتهم قريبين منه صحيحة لكنه اكد انها لا تكشف اي امر غير قانوني، متهما الولايات المتحدة بالوقوف وراء هذه "الاستفزازات". وقال بوتين في اطار اسئلة واجوبة مع الروس عبر التلفزيون "مهما كانت غرابة الامر فان هذه المعلومات ذات مصداقية. لكن لدينا انطباع انها لا تاتي من صحافيين بل من رجال قانون". واضاف "بشكل ملموس هي لا تتهم احدا بشيء". واعتبر ان التحقيق الصحافي الذي كشف ضلوع مسؤولين سياسيين واقتصاديين كبار في العالم في نظام تهرب ضريبي يهدف الى "زرع البلبلة" بشان انشطة "اصدقائه" عبر الايحاء ان الاموال مخصصة "لمسؤولين بمن فيهم الرئيس".

وبحسب الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الذي يعتمد وثائق مكتب محاماة بنمي، فان قريبين من بوتين في مقدمهم العازف سيرغي رولدوغين اخفوا في الخارج ما يصل الى ملياري دولار وخصوصا في بنوك. وتساءل بوتين "من يمارس هذه الاستفزازات؟ نحن نعرف انهم موظفون في منظمات رسمية اميركية". واكد ان الصحيفة الالمانية سودويتشي تسايتونغ التي كشفت الفضيحة "هي ملك مجموعة اعلامية تعود الى المؤسسة الاميركية المالية غولدمان ساكس". وتوقع مزيدا من هذه الاستفزازات مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية الروسية في ايلول/سبتمبر. بحسب فرانس برس.

ودافع بوتين مجددا عن الموسيقي سيرغي رولدوغين المتهم بانه في صلب عمليات مالية لقريبين من بوتين، مؤكدا ان الموسيقي "انفق كل المال الذي جناه في شراء آلات موسيقية" وخصوصا كمانين وآلتي تشيلو تعتبر "نادرة". واضاف ان رولدوغين، وهو صديق بوتين منذ سبعينات القرن الماضي، "لم يعد يملك شيئا" بل عليه ديون.

استقالة خوسيه مانويل

من جانب اخر قدم وزير الصناعة الإسباني خوسيه مانويل سوريا استقالته على خلفية ذكر اسمه في فضيحة التهرب الضريبي العالمية التي صارت تعرف بـ" وثائق بنما"، ونظرا "للإساءة الواضحة" التي سببها للحكومة ولحزبه، كما قال في بيان له. وأعلن وزير الصناعة الإسباني خوسيه مانويل سوريا استقالته من حكومة على خلفية ذكر اسمه في فضيحة "وثائق بنما". وقال خوسيه مانويل سوريا في بيان "سلمت قراري بالاستقالة الذي لا رجعة عنه (...) نظرا للإساءة الواضحة التي يسببها هذا الوضع للحكومة وللحزب الشعبي" الذي يقوده رئيس الوزراء ماريانو راخوي. وأضاف أن الإساءة التي سببها للحزب "ترتدي طابعا خطيرا في الظروف السياسية الحالية".

وكانت اثنتان من وسائل الإعلام اليابانية ذكرتا أن اسم وزير الصناعة مرتبط بالفضيحة الواسعة "لوثائق بنما". وأشارتا إلى أنه كان لفترة قصيرة مدير شركة أوفشور في البهاماس، لكنه نفى ذلك بشدة. وعارضت وسائل إعلام عدة تأكيداته ونشرت وثائق تثبت أنه كاذب. واتهمت صحف، بما فيها صحف يمينية، وزير الصناعة بأنه كان مديرا لشركة أوفشور تتمركز في جزيرة جيرسي البريطانية حتى 2002، عندما كان رئيسا لبلدية لاس بالماس في أرخبيل الكناري. بحسب فرانس برس.

وكان الحزب الشعبي فقد أغلبيته المطلقة في البرلمان بعد انتخابات كانون الأول/ديسمبر الماضي، ويبدو حاليا عاجزا عن التوصل إلى تنصيب مرشحه لرئاسة الوزراء راخوي، رئيس الحكومة المنتهية ولايته، في غياب حلفاء. وحاول مانويل سوريا تقديم توضيحات في الأيام الأخيرة، لكن الصحف ردت عليه يوميا بنشر معلومات تناقض تأكيداته. وقال أنه استقال "بعد سلسلة من الأخطاء في الأيام الأخيرة"، لكنه لم يعترف سوى "بنقص في معلومات دقيقة حول وقائع جرت قبل أكثر من عشرين عاما".

عائلة واكد اللبنانية

في السياق ذاته أدرجت واشنطن كبار أفراد عائلة واكد اللبنانية الأصل التي تتمتع بنفوذ كبير في بنما وأعمالهم بما في ذلك مجموعتا "غروبو ويزا" و"لا ريفييرا" للسلع الفاخرة ومصرف وصندوق بالبوا وصحيفتان، على لائحة العقوبات الأمريكية، بحيث يحظر عليهم القيام بأعمال مع أمريكيين وتم تجميد أموالهم في الولايات المتحدة. وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن مجموعة واكد "تستخدم الأعمال التجارية لغسل الأموال مثل إصدار الفواتير التجارية الزائفة وتهريب مبالغ نقدية كبرى وغيرها لتبييض عائدات مخدرات لصالح مختلف مهربي المخدرات الدوليين ومنظماتهم".

كما ذكرت الخزانة تحديدا "عبد المحمد واكد فارس" (66 عاما) ونضال أحمد واكد حاطوم (36 عاما) على إنهما زعيما ما أسمته "منظمة واكد لتبييض الأموال". يحمل واكد فارس الجنسيات البنمية والكولومبية واللبنانية وواكد حاطوم الأسبانية والكولومبية والبنمية.

كما ذكر البيان أسماء ستة أشخاص آخرين ضالعين في أعمال التبييض من بينهم ثلاثة من أشقاء واكد حاطوم ونجل واكد فارس، إضافة إلى محاميين أشارت الوزارة إلى أنهما ساعدا العائلة على تأسيس شركات وهمية. وأكد المدعي العام البنمي كينيا بورسيل دياز أن الحكومة تتعاون مع السلطات الأمريكية في الملف. وقال في بيان "سنضمن مشاركة شعب بنما في إحقاق العدل. هذا التحقيق يعزز جهودنا وعزمنا على مهاجمة النشاط الإجرامي في بنما بقوة كي يسود حكم القانون". وأعلن رئيس هيئة مراقبة القطاع المصرفي أن مكتبه وضع اليد على بنك بالبوا "من منطلق سعينا للحفاظ على المصلحة العليا للمودعين".

واشتهرت عائلة واكد بسلسلة متاجر "لا ريفييرا" المعفية من الضرائب ومتاجر البيع القطَّـاعي لمواد التجميل والعطور التي تنتشر من مكسيكو إلى الأوروغواي. كما تدير متاجر علامات تجارية أوروبية كبرى على غرار مانغو وبوربوري وإيف سان لوران كما بنت مجمع سوهو بنما التجاري الفخم في وسط بنما سيتي بكلفة 350 مليون دولار الذي كان مقررا أن يشمل فرعا لفندق ريتز كارلتون. كما تدير المجموعة صحيفتي "ال سيغلو" و"لا استريلا". بحسب فرانس برس.

وقال واكد فارس في مقابلة نشرتها مجلة "ترافل ماركتس انسايدر" العام الفائت إن المجموعة تشغل أكثر من 5500 شخص في المنطقة. وقد وضعت جميع الأعمال المتعلقة بالعائلة على لائحة العقوبات التي تهدف إلى عزلها عن النظام المالي العالمي. لكن وزارة الخزانة أعلنت كذلك عن "رخص خاصة" أو استثناءات لقواعد العقوبات تجيز لبعض الأسماء المذكورة بما فيها الصحيفتان مواصلة العمل بقيود. وتجيز بعض الاستثناءات على غرار تلك المطبقة على مجمع سوهو التجاري بعض الوقت من أجل إبطاء العمليات وتصفية العقود المعلقة.

اضف تعليق