تزامناً مع مبادرة رئيس الوزراء في إطلاقه مشروعا لتبسيط الاجراءات الادارية في دوائر الدولة، وتسهيل انجاز معاملات المواطنين بهدف إلغاء الحلقات الزائدة والروتينية في إنجازها وعبر إستخدام تكنولوجيا المعلومات، وعلى الرغم من أنها متأخرة عن موعدها بكثير، فالعراق يمتلك القابليات المادية والموارد البشرية التي لم يشوبها الفساد بعد للقيام بتلك التجربة ولو على مستوى محدود إلا إنها بحاجة الى الدعم الكامل لإنجاحها.
ماحدث في مجال إنجاز المعاملات سابقاً وحتى في الوقت الحاضر لايمثل إلا إنتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان، رجال ونساء كبار في السن يتراكضون خلف معاملاتهم على أمل إنجازها خلال سويعات فاذا بها تستمر لأيام وأيام وهناك معاملات تستمر لأشهر مع أن هناك معاملات مهمة كمعاملات الشهداء ومعاملات التعويضات عن العمليات الارهابية، ففي الوقت الذي يعمل فيه العالم وحتى دول الجوار بتنسيق عال المستوى ألكترونيا في تناقل المعلومات ؛ أبقى الإداريون الفاسدون معاملات العراقيين قيد حركة السلحفاة.
لكل مشروع جديد يطلق هناك عنصر مقاومة قوي للتغير تراه يتراءى أمامك في كافة الدوائر التي تطمح لإجراء التغيير والتصحيح، فلو إفترضنا بأن التعامل بتكنولوجيا المعلومات يحتوي على نسبة خطأ محددة، فما هي نسبة الخطأ التي من المحتمل أن تحدث مع الفساد؟ أعتقد أنها ستكون بأضعاف مضاعفة لا يتصورها البعض فمع الفساد سيصبح الاسود أبيض ويصبح الظالم هو المظلوم ويدب الخلل الإداري ليشمل حقوق تنهب من أصحابها، فالفساد أمتلك القدرة على التحكم بمصير مؤسسات كثيرة تبعه عدم التخصص الوظيفي لمدراءها لأن المحاصصة قد دفعتهم لتلك المناصب وعدم قدرتهم على رسم السياسات العامة لتلك المؤسسات ووضع ستراتيجات العمل الرئيسية ومع ضعف الرقابة، على الرغم من كثرة الوحدات الرقابية، آل حالنا الى ما عليه اليه.
في بداية كل مشروع كبير يطلق يجب أن يكون إطلاقه بزخم عال لتدارك قوة المقاومة تلك وتعزيز المشروع بخبراء في مجال تقنية المعلومات من مهندسي البرمجيات ورفد المؤسسات بأولئك أصحاب الخبرات الكبيرة، كذلك فمراقبة من تلوح حول شبهات الفساد مهما كان حجمها أمر يجب تدركه بسرعة كبيرة وإلا فنحن نحيل المشروع الى خبر إعلامي فقط لاغير ونفقده بريقه وأهميته في حياتنا ونحن نكافح ونقاتل اليوم على جبهات عدة إقتصادية وعسكرية واجتماعية.. إنها حرب طويلة تستنزف القدرات المادية للبلد وعلى الانظمة والمشاريع التي نطلقها أن تمتلك المقومات والدعم الكبير من كافة مؤسسات الحكومة.
للفساد حلقات عدة تبدأ في الدوائر الحكومية من عتبة بابها وحتى أعلى هرمها مروراً بمروجي المعاملات الى حماية المؤسسة الى أبسط كتابها وحتى تصل الى قمتها الادارية التي ليس بالضرورة ان تكون فاسدة ولكن عدم قدرتها على تحديد خط عمل المعاملات الادارية هو الفساد بعينه.
إن نجاحنا بتنفيذ هذا المشروع هو أكبر تحدي ممكن أن تواجهه المؤسسات الحكومية وسيكون فاتحة عهد جديد في مجال تقديم الخدمة العامة لمواطنينا ونجاحنا بذلك سنكسب به طبقات واسعة من أبناء شعبنا ممن يحاولون بشق الانفس الحصول على وثائقهم.
ما يعزز نجاح الخدمة العامة في بلدنا هو حسن استقبال المواطنين من قبل إدارة المؤسسات مع توفير أماكن الانتظار الصحية التي تتوفر فيها كافة مقومات الراحة مع أسلوب التعامل السليم وفق الضوابط الحكومة وبما يكفله الدستور كحق من حقوق المساواة.
لذلك فإن الخدمة العامة تعتبر من أهم واجبات الإجندات التي تتضمن عمل الكابينات الحكومية على إختلافها وعدم القيام بها بطرقها القياسية يتسبب دائماً بحصول الإنتكاسات الشعبية وتوليد حالات الفقر والإمتعاض لدى الشعوب بل وتكون سبباً من أهم أسباب الفساد الإداري والنفور الشعبي من الحكومات وفقدان الثقة بمؤسساتها، في حين أن تطورنا ونجاحنا في الخدمة العامة سيوفر لنا طاقات وقدرات شعبية مهمة تديم لنا فعاليات النهضة المستدامة التي نأملها. حفظ الله العراق.
اضف تعليق