ناقش مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث موضوعا تحت عنوان (الدولة في الفكر الاسلامي.. قراءة في التجارب المعاصرة) وذلك بمشاركة عدد من الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يُعقد بمقرّ مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام في كربلاء المقدسة. افتتح الجلسة الباحث في المركز محمد...
ناقش مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث موضوعا تحت عنوان (الدولة في الفكر الاسلامي.. قراءة في التجارب المعاصرة) وذلك بمشاركة عدد من الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يُعقد بمقرّ مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام في كربلاء المقدسة.
افتتح الجلسة الباحث في المركز محمد علاء الصافي، ليستعرض من خلال ذلك أهم تفاصيل هذا الموضوع حيث قال:
"لم تزل قضية الدولة لغزاً بالنسبة لمجتمعات الشرق الأوسط، اذ مرت بتحولات عديدة في سعيها نحو الوصول الى مرحلة إنشاء دولة تعبر عن مدى حاجة تلك المجتمعات الى كيان سياسي يحمي وجودها.
المشكلة تكمن في أن الدولة باتت فكرة شائعة ولكنها غامضة في نفس الوقت؛ وهذا يعود الى غياب التأصيل لها اجتماعيا من خلال ترسيخ مطلبها في أذهان الناس، وتزداد الغرابة ان الكل يتحدث عنها ولكن لايعمل عليها!
مع ذلك يحيط العراق تجارب لبناء الدولة جديرة بالمراجعة والفهم، فما جرى في ماليزيا وإندونيسيا وكوريا الجنوبية والهند، يتطلب مزيدا من التحليل لكي نقف على اسباب النجاح والتلكؤ.
ولذلك يربط عالم الاجتماع الألماني ماكس ڤيبر ما بين نشوء الدولة وطبيعة الفعل الاجتماعي ونمط الاقتصاد والعمل، فحين يكون الفعل الاجتماعي في مستوى العقلانية نشهد سلاسة في خطوات بناء الدولة وإذا وقع الفعل الاجتماعي في المستوى التقليدي القديم والكاريزمي المعتمد على شخص الحاكم فإن الدولة تتحول الى رهينة بيد الماسك بالسلطة.
في العراق ومنذ عام ٢٠٠٣ ولغاية اليوم بقيت الدولة مشروعا وفهماً رهين خيال اجتماعي يصطدم دائما بتصورات القوى السياسية التي تحصر معنى الدولة بما تراه هي وليس بما يناسب المجتمع وحاجاته.
والسؤال الأهم هنا كيف تكون الدولة بمؤسساتها المختلفة دولة صالحة، منبثقة من الشعب، خادمة للناس، حاصلة على رضا أكثرية مواطنيها؟
وكيف يمكن أن تكون الدولة بمؤسساتها المختلفة دولة طالحة، ظالمة لشعبها، وأعمالها مرفوضة ومستنكرة عند أكثرية مواطنيها؟
يرى المرجع الراحل السيد محمد الشيرازي أن على الدولة تحري الغرض الصالح، لحفظ مصالح الأمة والتقدم بها إلى الإمام، ويتجلى ذلك في ثلاثة أمور:
الأول: أن يكون الهدف مطابقا للعقل والمنطق (وفي الدولة الإسلامية يكون مطابقا للإسلام أيضا) بأن تكون الدول عاملة للحسن في كل الشؤون، مجتنبة عن القبيح، فيوجب عملها حفظ الأنفس والأعراض والأموال للكل، فلا استبداد؛ ولا ترفيع أو تخفيض لفرد أو جماعة على حساب الآخرين، ومن خرج عن القانون العقلي والشرعي عوقب بقدر خروجه بما يقتضيه العقل والشرع فقط.
والثاني: أن يتجه الهدف الطيب للدولة لصالح الفرد، وذلك بتأمين المأكل والمشرب والمسكن والملبس والنقل والدواء؛ وحفظه من الخوف والقلق، ثم بحفظ حقوقه بعدم تعدي الآخرين عليه سواء كان المعتدي في الخارج كالدولة الأجنبية؛ أو في الداخل كالسراق، ثم بتهيئة وسائل الإنماء والتقدم بما يكفل النهوض به.
والثالث: أن يتجه الهدف الطيب للدولة لصالح الجماعات، سواء كانت جماعات سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو غيرها، وليس للدولة في نظر الإسلام التدخل في شؤون الجماعات أو وضع قوانين لها وتقييدها بقيود إطلاقا، إلا بما يوجب الضرر على الآخرين بما لا يجوز تحمله شرعا.
فإذا اتبعت الدولة (الحكومة) سياسة العقل والمنطق، وحققت مصالح الأفراد والجماعات دون التدخل في شؤونهم، أو الحد من حريتهم، إلا بما يوجب وقوع الضرر على الآخرين؛ فتتدخل لرفض ذلك الضرر، تكون الدولة دولة صالحة ومرضية عند عموم أبناء الأمة، والعكس صحيح أيضا.
وللإبحار أكثر في تفاصيل هذا الموضوع كان لابد من مناقشة الأسئلة التالية:
السؤال الاول: لماذا فشلت بعض الحركات والاحزاب الاسلامية في تقديم مشروع ناجح للدولة؟
ليس هناك سعي لإقامة الدولة الاسلامية
- جواد العطار، عضو برلماني سابق، "يؤكد بانه لا يكفي أن يكون الحاكم اسلاميا متدينا يصلي صلاة الليل حتى يمكن أن نطلق على الدولة دولة اسلامية، ثانيا لا يكفي أن يكون شعبا مسلما مؤمن بالاسلام أن نطلق على هذه الدولة التي يعيش فيها هذا الشعب انها دولة اسلامية، الدولة الاسلامية أن يكون هناك قانون ودستور يتطابق مع مفاهيم وقيم الاسلام، ويكون هذا القانون وهذا الدستور برضى وقناعة الشعب".
يضيف العطار "اما ما يخص فشل التجربة في العراق فأساسا ليس هناك سعي لإقامة الدولة الاسلامية، وذلك اما عدم القناعة لبعضهم وعدم وجود مشروع لبعضهم الاخر، ولا الظروف مناسبة حتى يتمكن من يرى الحل في الدولة الاسلامية، فضلا عن التداخل فالنظام الديكتاتوري سقط بالألة الحربية الامريكية، وبالتالي هذا يفرض استحقاقاته وشروطه على البلد، كما أن المشاركين في الحكم ليسوا من يدعون إلى الدولة الاسلامية من الكرد والسنة، بل والاكثر من ذلك البيئة الاجتماعية غير قابلة أن تستوعب النظام الاسلامي.
خلط في المفاهيم وفي المصاديق
- الشيخ مقداد البغدادي، عضو برلماني سابق "يعتقد أن ما يرتبط بتجربتنا في العراق هناك خلط في المفاهيم وفي المصاديق، أي أن الاسلاميين يحملون منطلقات خاصة، ايضا القوميون يحملون منطلقات خاصة، والطائفيون يحملون منطلقات خاصة، بالتالي فالتوجه العام لهذه المكونات الاساسية في ادارة الدولة غير متجانسة وهي تحمل الفشل، وبطبيعة هذا الحال فإن الحكومة هي المرآة العاكسة للدولة، لذا فجميع المكونات العراقية يحمل تصورا خاصا به، فعقلية المكون الشيعي تحمل مظلومية اجيال واجيال منذ العام (1920)، اما منطلق الاخوة السنة فهم لا يعترفون بالعهد الجديد ويحاولون ارجاع الوضع باتجاههم من جديد، اما بالنسبة لمنطلقات الحركة الكردية فهم يتعاملون بشطارة قوية ولا يثقون باي احد".
اضاف البغدادي "الجامع الوحيد هو الاستفادة على مستوى الحركات، لذلك اصبحت العملية معقدة، وبالتالي اصبحت المشكلة اكثر تعقيدا".
الاحزاب الاسلامية لم تقدم نموذجا ناجحا للحكم
- علي حسين عبيد كاتب في مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، "يرى أن الاحزاب الاسلامية الموجودة عندنا في العراق، هي نفسها لم تقدم نموذجا تنطلق من خلاله لبناء الدولة العراقية، بالتالي متى ما استطعنا أن نقدم حزبا نموذجيا فيه انتخابات، وفيه نظام الشورى بمعناه الحقيقي، عند ذاك من الممكن أن تسهم هذه الاحزاب في بناء دولة عراقية. أما اليوم فيعتبر ذلك ضربا من الخيال، الامام الشيرازي رحمه الله قدم الكثير من الافكار، لو أن الطبقة السياسية الاسلامية بالذات اخذت جزء بسيطا من هذه الافكار كان من الممكن أن تبني نفسها بطريقة ممتازة".
الدولة ليست فكرة بل ظاهرة
- الدكتور حسين أحمد، رئيس قسم الدراسات الدولية في مركز الدراسات الإستراتيجية في جامعة كربلاء وباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، "يعتبر أن الدولة ليست فكرة بل هي ظاهرة ومصاديقها وتطبيقاتها ظاهرة للعيان، الامر الثاني الدولة في العراق ما بعد (2003) لم تصل إلى مرحلة المشروع فكانت مرحلة ما قبل المشروع، الاحزاب الاسلامية فشلت، لأن الفكر الاسلامي لا يمتلك مشروعا متكاملا لبناء الدولة، والدليل على ذلك ما هو موجود في السعودية فهو ليس حكما عادلا يتناسق مع ما دعي اليه الاسلام".
اضاف احمد "وحتى نظام الحكم في ايران هو لا يمثل ما نادى به الاسلام من عدالة ومساواة بين الافراد بشكل عام، بالتالي الفكر السياسي لا يمتلك نظرية ومشروع لبناء الدولة وادارة امور المجتمع، الامر الاخر القوى السياسية الاسلامية كانت تهدف إلى بناء دولة اسلامية، لكنهم تفاجئوا بالوضع العام كونه لا يسمح بذلك، ايضا أن مدرسة الولاية الخاصة في النجف الاشرف هي الاخرى لا تقبل بهذا المشروع، ولذلك هم اصروا على أن يكون التشريع الاسلامي هو التشريع الوحيد لذا واجهوا معارضة قوية، الشيء الاخر أن المشكلة ليست في مشروع الدولة، ولكن قبل ذلك ما هي هيكلية هذه الدولة، ولذلك الاحزاب الاسلامية فشلت في الانتخابات الاخيرة".
فكرة الدولة الاسلامية اضرت الاسلام
- الدكتور ايهاب علي، اكاديمي وباحث في مؤسسة النبأ، "يرى أن بعض الباحثين يعتقدون بأن فكرة الدولة الاسلامية فكرة اضرت الاسلام اكثر مما نفعته، ولو يبقى الاسلام معارضا ومطالبا بحقوق المظلومين والمضطهدين لانتشر اكثر، لماذا؟، لأنه عندما يحمل افكار الدولة والصراع عندها سوف تتلوث تلك الصفحة الناصعة، ايضا العداء الذي وجه للإسلام اليوم هو بسبب وجود دولة ايران ودولة السعودية، وبالتالي فإن فكرة الدولة الاسلامية تشوبها الكثير من المغالطات، إلى جانب ذلك فإن الاحزاب الاسلامية وعلى مدى انتشارها هي فاشلة".
مشروع بناء الدولة لابد أن ينطلق من الواقعية
- حيدر الاجودي باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، "يصف أن مشروع بناء الدولة لابد أن ينطلق من الواقعية، وأن يعتمد على الرؤية المستقبلية لرسم شكل تلك الدولة وكيف للمجتمع أن يتفاعل مع تلك المؤسسات، كما ان الاحزاب الاسلامية والتيارات اغلبها لا زالت تعتمد على افكار الماضي، وهذا التراوح جعل اغلب الاحزاب والتيارات الاسلامية تعيش حالة ازمة حكم حقيقية، لانها تريد أن تفرض نفسها على اتباعها اولا وعلى الرأي العام ثانيا وأن لديها مشروع لبناء وطن وبناء مواطن، وهي بذلك تبتعد عن الواقعية وتعتمد على المثالية والتنظير".
لا يمتلكون رؤية واضحة
- الدكتور قحطان حسين الحسيني الباحث في مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية، "يعتقد أن الدولة في الفكر الاسلامي لا يوجد لديها رؤية وفكرة متكاملة، فمن يطلع على المفكرين القدامى الذين كتبوا في مفهوم الدولة، نجد هناك انقسام واضح ولم يستطيعوا أن يقدموا لنا رؤية متكاملة ومشروع قابل للتطبيق للدولة الاسلامية في المنطقة، ولم يكن هناك فيها تجديد أو تكييف ممكن أن يكون قابل للتطبيق في العصر الراهن".
اضاف الحسيني "لذلك فشلت كل التجارب التي دعي لها الكتاب والمفكرون في اقامة دولة اسلامية، النقطة الثانية الاحزاب الاسلامية التي استلمت السلطة في بعض الدول الاسلامية كان هناك انقطاع ما بين قيادة الاحزاب الاسلامية وما بين من نظّر للحزب الاسلامي، ايضا من استلم السلطة هم ليسوا بالمنظرين وهم لا يمتلكون رؤية واضحة ولا يمتلكون فكر، ايضا السبب الاخر لفشل تجربة الدولة الاسلامية هو كون العالم لم يعد كالسابق، الدول منعزلة عن بعضها بل اليوم المصالح ما بين الدول متشابكة ومتداخلة، بالتالي تشكلت رؤية عالمية قائمة بأن الدولة الاسلامية لم تعد مقبولة".
السياسيون الاسلاميون هم عززوا فكرة أن يكونوا هوامش
- عادل الصويري، شاعر وكاتب، "يصف الاحزاب الاسلامية بانها وقعت في اشكالية كبيرة كونها توسم بانها لا تمتلك مشروع لبناء دولة، ولكنها في حقيقة الامر لو تريد أن يكون لها مشروع بناء الدولة لكان لها ذلك، الا أن مشكلتها وعندما اتت إلى العراق جاءت بذهنية عاطفية وجهادية وغيبت أن يكون لها مشروع لبناء الدولة، ايضا المسالة الاخرى السياسيون الاسلاميون هم عززوا فكرة أن يكونوا هوامش لطرفين الاول ايران والاخر امريكا، بالتالي كل هذه العوامل غيبت بناء الدولة، فاذا ارادت تلك الاحزاب أن يكون لديها مشروع لبناء الدولة عليها أن تتخلى عن مركزية الهامش.
اشكالية في العنوان خصوصا في المفهوم القانوني
- الحقوقي احمد جويد، مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات، "يجد هناك اشكالية في العنوان خصوصا في المفهوم القانوني، فالدولة هي(شعب/ اقليم /سيادة)، وبطبيعة هذا الحال فالإقليم تحده حدود، في الفكر الاسلامي الدولة الاسلامية لا يوجد لها حدود ومساحتها تمتد مع امتداد الوجود الاسلامي، لكن عندما نأتي على الشعب المسلم والنظام الاسلامي الذي عاصر الرسول الكريم(ص) والامام علي (ع) كان في الدولة اناس من غير المسلمين، لكن الاحزاب الاسلامية التي اتت للعراق هي لا تحمل مشروع أو رؤية لبناء الدولة، بل على العكس من ذلك تبلور مشروع السلطة على حساب مشروع الدولة، وحاولوا أن يتوسلوا بمشروع الدين على حساب الاسلام".
تبرقعوا بتقوى علي ابن ابي طالب(ع )
- الدكتور علاء إبراهيم الحسيني التدريسي في كلية القانون بجامعة كربلاء، والباحث في مركز آدم "يرى أن الاحزاب والتيارات الاسلامية فشلت لوجود عدة عوامل، العامل الاول هو عدم تجانس هذه الاحزاب أو عدم امتلاكها رؤية لما تقدمه في المستقبل، ايضا هناك عقبة اخرى وهي علمانية الاحزاب القومية كالكردية مثلا واحلامها المختلفة عن الاحلام الاسلامية تماما، بالإضافة إلى ذلك فهناك المحتل وهذا فرض معادلة مختلفة في العراق، فكان هذا عاملا مهما جدا وهو لا زال يلقي بظلاله على الاحزاب وعلى رؤيتها الى المستقبل، اضف إلى ذلك هذا العامل هو من جاء بهم للسلطة وكانوا يحلمون أن يدخلوا العراق، بالتالي لما دخلوا للعراق وجدوا هناك غنيمة يجب أن يغتنموها، ويبتعدوا عن تقديم أي مشروع اصلاحي لأنه بالضد من مصالحهم الانية والمستقبلية".
اضاف الحسيني "اضف إلى ذلك هناك عامل الجوار العراقي الذي هو عبارة عن خليط غير متجانس، والذي يخوض حربا ضروسا ساحتها الرئيسية هو العراق، بالتالي كان بعض تلك الاحزاب هم ذيول لتلك الحرب، الشيء الاخر أن هذه الاحزاب لا تمتلك الا حقيقة واحدة كونها تملك الحقيقة المطلقة وأن الناس لا يفهمون شيئا، هم تبرقعوا بتقوى علي ابن ابي طالب(ع ) الذي الغى التمييز الموجود في عهد الخلفاء، لكنهم على النقيض من ذلك جاءوا بالتمييز في أصعب اشكاله وذلك من خلال رواتب رفحاء ورواتب المسؤولين ورواتب السجناء، بالتالي هم كرسوا مفهوم غاية في الوحشية حتى جعلوا الناس لا تتقبل ما يطرحون من افكار، لذا فكل هذه العوامل جعل من تلك الاحزاب تقدم تنظيرات فاشلة في رسم حاضر ومستقبل العراق".
قاعدة كونية: العالم قائم على الشراكات
- الشيخ مرتضى معاش، المشرف العام على مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام يرى ان، "البيئة التي نعيش فيها اليوم هي بيئة ترسخ فيها مفهوم البداوة القبلية، وكل ما يخرج منها سواء احزاب اسلامية أو غير اسلامية، تفكر بطريقة (الهيمنة/السيطرة /الاستفراد /تهميش الاخر)، هذا الواقع موجود اليوم، فأي جهة تصل إلى السلطة دائما تمارس الهيمنة والسيطرة وكأنما نحن عبارة عن مجموعة قبائل، وهذا ما اسس لحقيقة أن الحزب خارج الدولة وليس في داخلها وعدم الالتزام بقواعد اللعبة السياسية المعترف بها، بل يسعى للوصول إلى السلطة من خارج هذا السياق حتى لو اضطر الامر لنسف الدولة".
اضاف معاش "لذلك فالشعارات اليوم تحمل افكارا مختلفة منها الدعوة (لحكومة انقاذ وطني/ حكومة طوارئ/ انقلاب عسكري)، بالتالي حتى المعارضة اليوم هي تعمل بعقلية نسف الدولة، الاحزاب العراقية فشلت لأنها احزاب سلطوية وتعتقد بأنها هي الحزب الوحيد في هذا الكون القادر على اصلاح كل شيء، فاذا صار لديها قوة هي مستعدة لنسف الجميع واقتلاع جميع المعارضين من الساحة، هذه هي عقلية الدولة الاستبدادية وعقلية الحزب الاستبدادي المنشطر من داخله، بالتالي لا يوجد هناك عقد اجتماعي لذا فان هذا الحزب لا يستطيع بناء دولة ليس فيها عقد اجتماعي".
يكمل معاش، "نحن اليوم امام قاعدة كونية فالعالم قائم على الشراكات فهناك التعددية وهناك التنوع، بالتالي فان الحزب الذي يؤمن بالتعددية وبالتنوع وبالشراكة وبالتوافق، هذا الحزب هو الذي يستطيع أن يؤسس لفكر الدولة، من خلال ذلك لابد على الاحزاب الاسلامية أن تخرج من ذلك التقوقع".
استحالة قيام الدولة وفق المفهوم الإسلامي
- ميثاق مناحي العيساوي باحث في مركز الفرات، "يعتقد بأن كل الحركات الإسلامية فشلت في بناء الدولة وفق المفهوم الإسلامي وليس بعضها، وأن ملامح الدولة في بعض الدول الإسلامية مثل ماليزيا وغيرها من الدول بنيت وفق المزاوجة بين العلمانية والإسلامية، وعوامل الفشل في بناء الدولة وفق المفاهيم الإسلامية كثيرة ومنها:
1. عدم وضوح مفهوم الدولة في الإسلام، أي أن مفهوم الدولة في الفكر الإسلامي مشوه وغير واضح ابدا.
2. التخبط في المفاهيم والخلط بين مفهومي الدولة والأمة، فاغلب كتابات المفكرين الإسلاميين تراها تتحدث عن مفهوم الدولة بسياقات متداخلة مع مفهوم الأمة.
3. غياب التجربة الإسلامية الصحيحة لمفهوم الدولة عبر التاريخ، لان الدول التي شهدتها التجارب الإسلامية لم تكن دول بالمعنى الإسلامي، حتى تلك التي رسُم لها بأن تكون دولة إسلامية بوجود النبي أو الإمام لم تنجح.
4. الاختلاف المذهبي والطائفي كان من أبرز العوامل التي قوضت مفهوم الدولة في الفكر الإسلامي.
5. الاختلاف وعدم الاتفاق بين الكتاب والمفكرين والمنظرين الإسلاميين على مفهوم الدولة بشكل عام.
6. مقومات الدولة وملامحها وشكلها السيادي لم تكن واضحة على غرار الدولة في الفكر الغربي.
7. الروح العدائية اتجاه متبنيات الغرب أفشل مشروع الدولة الإسلامية.
8. النظرة الاستعلائية التي ينظر بها المسلمون اتجاه الأخرين.
9. التشدد المذهبي والديني وظهور التطرف والإرهاب على الساحة الإسلامية كان له دور كبير في عدم نجاح مفهوم الدولة الاسلامية المعاصرة.
واخيرا بنظرة ليست تشاؤمية، اعتقد باستحالة قيام الدولة وفق المفهوم الإسلامي، لكن ربما يمكن اعتماد النموذج الماليزي في بناء دولة صالحة تمزج بين متبنيات الإسلام والدولة المعاصرة من خلال خطط واستراتيجيات وبيئة صالحة..
السؤال الثاني: كيف يمكن تحقيق الدولة الصالحة من خلال الفكر الاسلامي؟
- الشيخ مقداد البغدادي "يعتقد بضرورة البحث عن المشتركات الانسانية التي تجمع جميع مكونات الواقع العراقي، الشيء الاخر نحن لم تتوفر لنا دورات عالمية من اجل هضم التجربة وخلق افاق عالية".
- الحاج جواد العطار "يعتقد ان احد مقومات الدولة الصالحة هو الشعب، فيفترض بالشعب أن يكون له دور ومساهمة جادة وحقيقية في صياغة الدولة، أي بمعنى أن يكون الشعب مقتنعا وراضياً ومشاركا في صياغتها وهنا نعني الدولة، ثانيا أن تكون هذه الدولة راعيه لمصالح هذا الشعب".
الامن للجميع
- الشيخ مرتضى معاش "يحدد مواصفات الدولة الصالحة وهي أن تكون انسانية اولا، وثانيا الدولة الاستشارية القائمة على المشورة وعلى المشاركة في الرأي وليس الاستحواذ والهيمنة والسيطرة، ثالثا نبذ الدولة الاستبدادية ذلك المفهوم الطاغي على جميع الكيانات الاسلامية، رابعا الامن للجميع وهذا يتشكل من خلال الامن (النفسي/الصحي/ الاقتصادي) وليس الامن للسلطة، بالتالي المهم أن يكون البلد للجميع، وأن تكون هناك دولة للشراكة الاجتماعية ودولة للكرامة الانسانية، التي لا يهان فيها الانسان ويعيش معززا ومكرما".
دولة المواطن
- الدكتور علاء إبراهيم الحسيني "يعتقد أن بناء الدولة لابد أن يركز على المواطن وعلى مشروع المواطن، علما أن بناء الدولة ينطلق من هذه المفردة وهي المواطن، وهذا يتطلب منا عدة خطوات منها القضاء على احزاب الوراثة والتوريث أو احزاب الاسر، خصوصا فيما يتعلق بالأحزاب الاسلامية فكلها احزاب اسر ووراثة وملكية، فهذا بالتأكيد لن يوصلنا إلى دولة المواطن والمواطنة، فلابد أن تقتنع هذه الاسر بالتنحي وافساح المجال امام ولوج المواطنين ساحة العمل السياسي بمختلف صوره، لابد ايضا أن نقضي على قضية الطبقية التي حاولت الكثير من الاحزاب أن تختلقها في المجتمع العراقي تحت مسميات مختلفة".
اضاف الحسيني "وذلك لان الكرامة الانسانية والذات الانسانية فوق كل اعتبار، وبالتالي ينبغي أن نصل إلى مرحلة المساواة التامة، هذه الاحزاب وهذه الحركات لا يمكن أن تصل بنا إلى الدولة الصالحة لأنها ضد المساواة، بل أن وجودها بالصيغة الحالية هو ضد دولة المواطن والمواطنة، لابد كذلك أن نرسخ في عقل المواطن العراقي بضرورة التحرر من الاثقال التي على كاهله ومن القيود، ايضا. بعض محروم من نعمة التفكير وهو ينتظر بعض الشخوص يتكلمون بالنيابة عنه، وهذا ما نجده في بعض التيارات السياسية التي تريد أن تختزل تفكير كل اتباعها وهذا لن يوصلنا إلى الدولة الصالحة، فلابد أن نترك حرية التفكير للمواطن".
- عادل الصويري "يتفق من حيث المبدأ أن العراق بلد مكونات، وفيه من الاحزاب ما يتبنى الطرح الاسلامي وهناك من الاحزاب ما تتبنى الطرح العلماني، بالتالي اذا اردنا أن تكون لنا دولة صالحة علينا أن نستثمر التنوع استثمارا ايجابيا لا استثمارا على اساس مصلحة، فمن الصعب جدا أن يكون الحاكم علي(ع) وأن يكون مستشاره مروان بن الحكم، وصعب جدا أن يكون هناك معارضون على شاكلة ماركس ويتحالف مع بن تيمية فقط من اجل اسقاط علي بن ابي طالب(ع)، علينا أن نستثمر التنوع بما يخدم المصلحة العامة دون التنازل عن الخصوصيات".
دولة الرفاهية والانصاف
- الدكتور قحطان حسين الحسيني "يعتقد أن الامام الشيرازي قد ثبت عدة نقاط تساهم في ايجاد الدولة الصالحة، النقطة الاول يجب أن يكون الحكم استشاريا وهذا ايضا يتطابق مع الرؤى الحديثة، بالتالي فكل دولة تفرض نفسها على الشعب والشعب غير مقتنع فمصيرها الزوال، ايضا يجب أن يكون الشعب مع قرار الحاكم الذي قبله عليه وأن لا يكون مزاجيا ويتمرد عليه، فيجب أن يستمر في دعم الحكومة، بالمقابل يجب أن تعمل الحكومة على تحقيق الرفاهية والامن والخدمات لكل افراد الشعب بدون استثناء، بالتالي النماذج التي نجحت من تلك الدولة هي تلك التي اعتمدت على المواطنة كأساس في التعامل مع الافراد دون تمييز لا على اساس اللون أو القومية أو الدين أو المذهب".
اضاف الحسيني "هذا التعامل بهذه الطريقة هو الذي خلق ارتباطا وثيقا ما بين المواطن وما بين الحكومة، وبالتالي اصبح الكل سواسية ولا وجود لتمييز ولا وجود لتذمر للشعور بالتهميش والتمييز في تعامل الحكومة مع الدولة، نقطة اخرى مهمة يجب أن تأخذها الدولة وهي تطبيق القوانين العادلة، وأن تسعى بكل امكانياتها المتاحة أن تشرع القوانين التي لا تؤسس لحالة من التمييز وحالة من الانصاف، هذا ايضا سيثير طبقات اجتماعية واسعة وسيجعل الحكومة بنظر هذه الطبقات غير منصفة، وبالتالي يجب أن نعمل كطبقات على ازالتها باي طريقة كانت".
- حامد الجبوري "يتصور أن بناء الدولة الصالحة يأتي من خلال بناء المؤسسات وخاصة تفعيل الجانب القضائي، ايضا لابد من توفير الحق في الوصول للمعلومات حتى يكون الشعب على دراية كاملة بكل الامور، الشيء الاخر حرية الاعلام، فالإعلام يكشف عن المعلومة، حرية القطاع الخاص هذا جانب اخر من جوانب وجود الدولة الصالحة".
- حيدر الاجودي "يعتقد بأن الاحزاب والتيارات اذا لم تتخلى عن طائفيتها المجتمعية وتطرفها الفكري، فكيف يكون لها أن تبنتي مشروع دولة عادلة، بالتالي ينبغي أن لا تفرق بين طوائف المجتمع برمته، كي تحقق نسبة لا باس بها من العدالة المجتمعية".
- الدكتور ايهاب علي "يرى انها من اكبر الاشكاليات التي ترد علينا في بناء النموذج الصالح للدولة الصالحة، بالتالي مشكلتنا اليوم في الاليات الصحيحة لبناء هذا النموذج، من اجل أن نحقق الدولة الصالحة فلابد أن نحدد عوائق الدولة الصالحة.
دولة المساواة
- الدكتور حسين أحمد "يقول لا يوجد شيء اسمه دولة صالحة، فالدول كمنظومة قيمية هي تسعى لتحقيق الرفاهية لأفرادها، الشيء الاخر لابد من الفصل ما بين النظرية الاسلامية كدين وحيوي وبين الدين الذي وصل الينا في الوقت الحاضر، وبالتالي هذا لا ينتج أي منظومة قادرة على تحقيق رفاهية الافراد، والسبب كون هذه المنظومة الفكرية التي وصلت الينا اليوم هي في اغلبها منظومة اقصائية، وبالتالي هي لا تؤمن بشيء اسمه المساواة بين الافراد، من الافضل أن نتجه تجاه دولة هدفها الاساس المساواة بين الافراد بغض النظر عن طائفته دينه لونه عرقه جنسه".
- علي حسين عبيد "يرى أن الدولة الناجحة هي دولة الثقافة الناجحة، فالكل يهمل الثقافة انطلاقا من الطبقة السياسية، الطبقة الحاكمة، الاحزاب، وهذه هي علة العراق حاليا".
اضف تعليق