أظهر عام 2016 الفساد المنظم عبر العالم والتفاوت الاجتماعي الذي يفرض على كل واحد منا اتباع المنهج الأكثر انتشارا اليوم وهو التخلص من وهم المؤسسات السياسية، ويقدم أرضا خصبة لظهور السياسيين الشعبويين، حيث أن 69% من أصل 176 دولة على قائمة التصنيف حسب مؤشرات الفساد، حققت أقل من 50، في ميزان النقاط من )0 ((تعتبر فاسدة للغاية) حتى (100) (تعتبر نقية جدا(.
ما يفضح ضخامة انتشار الفساد في القطاع العام حول العالم، هذا العام، تراجع مؤشرات عدد من الدول أكثر من التي تحسنت، ما يتطلب عملا سريعا، اذ ليس هناك تساو في الفرص بشكل عام، الفساد والتفاوت يسيطر على الجميع، المشكلة هي في الحلقة المفرغة بين الفساد والتوزيع غير المتساوي للسلطة في المجتمع، والتفاوت في توزيع الثروة.
كما دعت منظمة "الشفافية الدولية" غير الحكومية الحكومات الغربية ، الى التصدي للفساد الذي ساهم في العراق وليبيا ونيجيريا، في ظهور حركات متطرفة مثل تنظيم داعش الارهابي او جماعة بوكو حرام، واعلنت المنظمة في تقرير اعده فرعها البريطاني بعنوان "التحول الكبير: الفساد وظهور التطرف العنيف"، ان "الحركات المتطرفة مثل تنظيم داعش الارهابي تزدهر عندما يفقد الناس ثقتهم تماما بمن يتولون الحكم، وعندما يستفيد المسؤولون من بؤس الغالبية الكبرى من الناس، وعندما تستغل الشرطة بدلا من ان تحمي، وعندما تحتكر اقلية الفرص الاقتصادية".
واكدت منظمة "الشفافية الدولية" ان "التصدي للفساد يجب ان يكون الاولوية المطلقة"، مشيرة الى "مراحل عملية يمكن اتخاذها على الصعيد الديبلوماسي، مثل رفض منح التأشيرات او تجميد الارصدة للبدء بمعالجة فساد النخب"، وبذلك اوضحت المنظمة غير الحكومية ان "وجود حوالى 50 الف جندي وهمي" في صفوف الجيش العراقي، ادى الى العجز "عن التصدي لتنظيم الدولة الاسلامية لدى سيطرته على الموصل، وأثرت مشاكل مماثلة على مكافحة بوكو حرام في نيجيريا".
واكدت منظمة "الشفافية الدولية" أبرز منظمة غير حكومية لفضح الفساد في العالم، ان "على الحكومات الغربية، اعادة النظر بطريقة اوسع واعمق في علاقاتها مع (حكام مثل) القذافي والأسد والمالكي في المستقبل"، وجاء في التقرير ان "كثيرا من الحكومات الغربية تفضل القيام بمحاولات للتأثير على أو لتعديل سلوك حكام مستبدين فاسدين تعتبرهم بديلا من عدم الاستقرار، لكن الحكومات الفاسدة في نهاية المطاف هي التي تصنع الأزمات الأمنية اللاحقة".
عملاق الإسمنت "لافارج هولسيم" يعترف بتمويل مجموعات مسلحة في سوريا
اعترفت المجموعة الفرنسية-السويسرية العملاقة للإسمنت "لافارج هولسيم" في بيان بأنها مولت "بطريقة غير مباشرة" في 2013 و2014 مجموعات مسلحة في شمال سوريا، بهدف الاستمرار في تشغيل مصنعها، وأقرت شركة "لافارج هولسيم" لمواد البناء والمصنفة الأولى عالميا، بعد تحقيق داخلي، أن مصنعها للإسمنت في سوريا قد أجرى ترتيبات مالية "غير مقبولة" مع مجموعات مسلحة تنشط في شمال البلاد.
وأوضحت المجموعة المنبثقة من اندماج الفرنسية لافارج والسويسرية هولسيم في 2015، في بيان الخميس "يظهر بعد التحقيق أن مصنعنا المحلي قدم موارد مالية لأطراف خارجية في إطار ترتيبات مع أفراد من هذه المجموعات المسلحة، وبينها تنظيمات محظورة، بهدف الاستمرار في الشغل وضمان أمن تنقل الموظفين".
من جهتها أكدت الشركة في بيانها أن التحقيق الداخلي لم يمكن من تحديد المتلقين النهائيين لهذه الأموال بدقة، وأضافت أنه تبين "مع الوقت أن الشروط المفروضة لضمان استمرارية تشغيل المصنع كانت غير مقبولة"، واستنادا لرسائل إلكترونية فإن إدارة "لافارج" كانت وقتها على علم بالوضع، كما أكد جاكوب وارنيس هذه الممارسات، الذي كان يشغل منصب مدير المخاطر في "لافارج" بسوريا بين 2011 و2013، من جهتها تقدمت وزارة الاقتصاد الفرنسية بشكوى إلى نيابة باريس في 2016، تخص تجاوزات محتملة قد تكون "لافارج" الفرنسية للإسمنت ارتكبتها في سوريا.
تراجع شعبية رئيس بيرو إلى 38 بالمئة وسط تحقيق فساد
أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة إبسوس تراجع شعبية رئيس بيرو بيدرو بابلو كوتشينسكي بخمس نقاط مئوية مع اتساع نطاق فضيحة فساد تحاصر سلفه، وأوضح الاستطلاع أن شعبية كوتشينسكي تراجعت إلى 38 في المئة بعد أن بلغت 63 في المئة بعد فترة قصيرة على انتخابه وقطعه وعودا بتحديث بيرو، وارتفعت نسبة عدم الرضا عن أداء كوتشينسكي ست نقاط مئوية لتصل إلى 51 في المئة.
وأجري الاستطلاع بينما اتهم الادعاء العام الرئيس السابق أليخاندرو توليدو بتلقي رشاوى بقيمة عشرين مليون دولار لمساعدة شركة المقاولات البرازيلية أوديبرخت على الفوز بعقود ضخمة لمد طرق سريعة في البلاد، ونفى كوتشينسكي الذي شغل منصبي وزير المالية ورئيس الوزراء خلال عهد توليدو الذي امتد بين 2001 و2006 أي علاقة له بهذه القضايا.
وذكر مصدر في وزارة الداخلية في بيرو إن السلطات الأمريكية أبلغت البلاد أنها لا تعتزم منع رئيس بيرو السابق اليخاندرو توليدو المطلوب في تحقيق مرتبط بالفساد من ركوب طائرة من كاليفورنيا إلى إسرائيل، وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مصرح له بالحديث إن من غير الواضح سبب عدم احتجاز الولايات المتحدة لتوليدو. وأضاف أن حكومة الرئيس بيدرو بابلو كوتشينسكي تضغط على الولايات المتحدة لتغير رأيها.
وأصدر قاض في بيرو مذكرة اعتقال دولية لتوليدو وعرضت الحكومة مكافأة قدرها 30 ألف دولار لمن يدلي بأي معلومات تؤدي إلى اعتقاله بعد أن رفض تسليم نفسه للسلطات، وبينت بيرو إن الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) أرسلت مذكرة اعتقال للدول الأعضاء للمساعدة في العثور عليه لكن اسم توليدو لا يظهر على قوائم المطلوبين الدوليين. ولم تستجب الإنتربول لطلبات للتعليق على وضع توليدو، ويذكر ممثلو الادعاء في بيرو إن توليدو حصل على رشا قيمتها 20 مليون دولار من شركة مقاولات برازيلية كبرى وأصدر قاض حكما بحبسه فترة تصل إلى 18 شهرا لحين إعداد الاتهامات ضده، ونفى توليدو - الحاصل على درجات علمية في الاقتصاد من جامعة ستانفورد - ارتكاب أي مخالفات ولم توجه ضده اتهامات رسمية كما لم تتم إدانته بأي جريمة بعد.
اعتقال مؤسسي شركة موساك فونسيكا لاتهامات بالفساد
صرح مكتب النائبة العامة في بنما إن السلطات ألقت القبض على مؤسسي شركة موساك فونسيكا القانونية بعدما وجهت إليهما اتهامات بغسل الأموال في قضية يتضح إن لها علاقة بفضيحة فساد واسعة النطاق في البرازيل.
وذكرت النائبة العامة كينيا بورسيل للصحفيين إن المعلومات التي تم جمعها حتى الآن تشير إلى أن الشركة البنمية تنظيم إجرامي يهدف إلى إخفاء الأصول أو الأموال المشكوك في أصلها، واضافت بورسيل إن التحقيق الذي استمر عاما وأدى إلى الاعتقالات تم بمساعدة مدعين في البرازيل وبيرو والإكوادور وكولومبيا وسويسرا والولايات المتحدة.
وموساك فونسيكا محور قضية منفصلة تعرف باسم أوراق بنما حيث تعرضت الملايين من وثائق الشركة للسرقة وتم تسريبها للإعلام في 2016، وأثارت تداعيات التسريب فضيحة عالمية بعدما كشفت وثائق عديدة بالتفصيل كيف استخدم الأغنياء وأصحاب النفوذ شركات في الخارج لإخفاء المال وربما التهرب من الضرائب، ونفى فونسيكا الذي كان مستشارا رئاسيا في بنما أي صلة له بشركة الهندسة البرازيلية أودبريشت التي اعترفت بدفع رشى لمسؤولين في بنما ودول أخرى للفوز بعقود حكومية في المنطقة بين 2010 و2014.
قضايا الفساد تطال العرش الاسباني
برأت محكمة اسبانية شقيقة الملك فيليبي السادس كريستينا من تهم التآمر في قضية فساد ضريبي لكنها حكمت على زوجها بالسجن ست سنوات وثلاثة اشهر بتهمة الاختلاس، وقررت محكمة جزر الباليار في بالما دي مايوركا تبرئة كريستينا دو بوربون (51 عاما) التي كانت تحاكم بشبهة التآمر في عملية تهرب ضريبي وحكمت بالسجن على زوجها ايناكي اوردانغارين الذي اختلس مع شريك له ملايين اليوروهات من الاعانات التي منحت لمؤسسة كان يرأسها.
وكان إيناكي اوردانغارين البطل الاولمبي السابق في كرة اليد متهما باستغلال صفته كفرد من العائلة المالكة للفوز بعقود في جزر الباليار وفالنسيا بواسطة شركة غير ربحية كان يترأسها وتحمل اسم "نوس".
لكن وبسبب مسؤوليتها المدنية، ستدفع كريستينا دو بوربون غرامة تصل الى 265 الف يورو، -وقد استيعد هذا المبلغ خلال المحاكمة- باعتبارها مستفيدة من الجرائم الضريبية التي تؤخذ تلى زوجها، وحكمت المحكمة في المقابل على اوردانغارين بالسجن ست سنوات وثلاثة اشهر، وبدفع غرامة تفوق 512 الف يورو، بسبب التزوير الضريبي واستغلال النفوذ.
وقد اتهم بأنه اختلس مع شريك بضعة ملايين من اليوروهات من المساعدات الممنوحة الى شركة "نوس" غير الربحية بين 2004 و2006 من قبل حكومتي الباليار وفالنسيا المستقلتين اللتين كان يرأسهما الحزب الشعبي (يمين)، وكان القضاة اقل قسوة من النيابة التي طلبت السجن 19 عاما وستة اشهر لاوردانغارين، زوج كريستينا منذ 1997 ووالد ابنائهما الاربعة، وكانت كريستينا دو بوربون العضو الاول من العائلة الملكية الحالية في اسبانيا التي يوجه اليها القضاء التهمة. لكن النيابة لم تطلب منذ منذ البداية اصدار اي حكم عليها.
ولم تحاكم كريستينا الا بناء على شكوى من هيئة "الايدي النظيفة" للدفاع عن دافعي الضرائب، والتي تعتبر من اليمين المتطرف، وكشفت قضية "نوس" في 2011 فيما كانت البلاد تعيش ازمة اقتصادية حادة. وسرعت الفضيحة تنحي خوان كارلوس الاول في 2014 ووصول نجله فيليبي السادس الى العرش.
إعتقال نائب وزير المالية في جنوب أفريقيا بسبب الفساد
ذكرت مصادر في جنوب أفريقيا أن مكبيسي جوناس نائب وزير المالية في البلاد يخضع للتحقيق من وحدة الصقور الخاصة التابعة للشرطة في إطار تحقيق في مزاعم فساد في خطوط جنوب أفريقيا الجوية وهي الناقل الوطني للبلاد، وإن الوحدة تحقق في مزاعم استغلال جوناس لنفوذه السياسي لتأمين عقود لشركة (إيه.إيه.آر كورب) الأمريكية لتزويد قطع غيار وإطارات لشركة الطيران الوطنية، وأفاد المتحدث بأسم وحدة الصقور إن هناك تحقيقا في مزاعم الفساد في شرطة الطيران إلا أن السياسة المتبعة هي عدم إفشاء أسماء من يشملهم التحقيق. وانتقد جوناس من قبل علنا الفساد في الحكومة وتسبب في انقسامات داخل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم العام الماضي عندما ذكر إن أصدقاء الرئيس جاكوب زوما من رجال الأعمال ذكروا إنهم قد يؤمنون له الحصول على منصب وزير المالية، وتسبب تحقيق أجرته وحدة الصقور العام الماضي في ممارسات وزير المالية برافين جوردان في هزة في الأسواق المالية في جنوب أفريقيا وتم إسقاط التحقيق في وقت لاحق.
إيطاليا تُقيل دبلوماسيا في العراق بعد تحقيق بشأن بيع تأشيرات
صرحت إيطاليا إنها أقالت رئيس مكتب التأشيرات الإيطالية في أربيل بالعراق بعد تقارير قالت إن تأشيرات بيعت بآلاف اليورو بعضها لأشخاص رفضت دول أخرى دخولهم بوصفهم خطرا أمنيا، وذكرت وزارة الخارجية الإيطالية في بيان إن تحقيقا لقنصليتها في عاصمة المنطقة الكردية بالعراق اكتشف وجود "مخالفات." وأضافت أن هذه المعلومات أُرسلت إلى القضاء الإيطالي لإجراء مزيد من التحقيقات، وأن لاجئين أكرادا وسوريين اضطروا لدفع ما يصل إلى عشرة آلاف يورو (10600 دولار) للتأشيرة الواحدة بدلا من الرسوم العادية التي تبلغ 90 يورو (96 دولار)، وأن المحققين الإيطاليين وجدوا ما لا يقل عن 152 حالة طُلبت فيها رسوم باهظة مقابل التأشيرات.
تصاعد وتيرة الفساد بشكل أسرع
واهتم تقرير المنظمة هذا العام بصعود الأحزاب والقوى الشعبوية في الولايات المتحدة وأوروبا، وأشارت إلى أن تقريرها يأتي بعد خمسة أيام فقط من تنصيب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة، وذكرت المنظمة إن ترمب وكثيرا من القادة الشعبويين يربطون كثيرا بين "النخبة الفاسدة" الحريصة على إثراء نفسها وأنصارها وبين تهميش الطبقة العاملة، وهو أمر لا يجادل التقرير في صحته، لكنه يؤكد أن سجل القادة الشعبويين في مواجهة هذه المشكلة غير مبشر.
وترى الشفافية الدولية أن هؤلاء القادة يستخدمون هذه الرسالة لاستقطاب المؤيدين لكن ليست لديهم نية جادة لمواجهة مشكلة الفساد، بل إن الفساد يزداد في كثير من الحالات التي تصعد فيها هذه القوى إلى السلطة. وساق التقرير أمثلة على ذلك من الهند وإيطاليا وسلوفاكيا والمجر.
اضف تعليق