كثيرون يقرأون القرآن وأدمغتهم مشحونة بالأفكار والرؤى والمفاهيم المسبقة. ولذلك فهم لا يرون القرآن إلاّ من خلال أفكارهم، ولا يجدون في القرآن إلاّ ما يؤيّد هذه الأفكار. كالذي يضع على عينيه نظارة سوداء، يرى جميع الأشياء بلون نظارته فهم يرون آيات القرآن بلون المفاهيم القابعة في عقولهم...

هنالك بعض الشُّبه والإشكالات التي قد يتمسّك بها البعض للتدليل على عدم جواز التدبَّر في القرآن الكريم، بل ولأعتبار «التدبُّر» في القرآن معصية كبيرة تهوي بصاحبها في نار جهنّم وساءت مصيرا!

فما هي هذه الشبه؟

وما هي الإجابة عنها؟(1).

الشبهة الأُولى: الرِّوايات نهت عن ذلك

يقولون: لقد نهت الروايات الشريفة عن (التفسير بالرأي) وهدّدت من يفعل ذلك بنار جهنم، وقالت: «من فسّر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر، وإن أخطأ فهوى أبعد من السماء»(2).

«من فسّر برأيه آية من كتاب الله فقد كفر»(3).

ولكن، ما هي النتيجة؟ عن ذلك يجيبنا حديث آخر فيقول: «من فسر القرآن برأيه فليتبّوأ مقعده من النار»(4).

وفي مواجهة هذا المنطق نقول: إنّ (التفسير بالرأي) لا يعني (التدبُّر في القرآن)؛ إذ إنّ هذه الرِّوايات لا يمكن أن تنهى عن نفس ما أمر به القرآن الكريم والروايات الأُخرى(5)، بل إنها تعني أحد المحتملات التالية:

1- أنّ يحمل الفرد آراءه الشخصية على تفسير معاني آيات القرآن بأحد الأشكال التالية:

أ- حمل اللّفظ القرآني على خلاف ظاهره.

ب- حمل اللّفظ القرآني على أحد احتمالَيِه دون أيِّ دليل.

مثلاً: يحمل «القُرء» في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ}(6) على الحيض دون الطهر (باعتبار أنّ «القُرء» لفظة مشتركة بين الطهر والحيض) من دون أيِّ دليل.

ج- التعسُّف في تأويل الآيات القرآنية، وسوف نضرب على ذلك بعض الأمثلة فيما بعد -إن شاء الله تعالى-.

أمّا الأسباب الكامنة وراء هذا (التحريف المعنوي) الذي يأتي تلبية لآراء الفرد، فهي:

أوّلاً: الأهواء الشخصية للفرد.

إنّ بعض من لم يدخل نور الإيمان قلوبهم يحاولون أن يخضعوا آيات القرآن لأهوائهم وشهواتهم، ولذلك فهم يحاولون فهم الآيات القرآنية (بآرائهم) أي: حسب أهوائهم وشهواتهم.

فهذا (يحيى بن أكثم) القاضي الشهير كان يعاني من (الشذوذ الجنسي) حتّى قال عنه ابن خلّكان: «ألوطُ قاضٍ بالعراق نعرفه»!

وكان محبوب المأمون، فقال له يوماً: لمن هذا الشعر:

قاضٍ يرى الحدَّ في الزِّناءِ ولا 

يرى على مَنْ يلوطُ من باسِ

فأجابه: الذي قال:

ما أحسبُ الجورَ ينقضي وعلى 

الأُمّةِ والٍ من آلِ عبّاسِ!

يحيى بن أكثم هذا كان «يديّن» عمله الشائن ويتمسّك بآية من القرآن في مشروعية ذلك! والآية هي قوله تعالى: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثًا}(7).

فكان يستفيد من ذلك: إباحة (الزواج) وإباحة (الشذوذ) كذلك!

إنّ الآية الكريم تقول: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ *أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا}(8).

وهي تعني أنّ الناس تجاه إنجاب الذريّةُّ على أربعة أقسام: فقسم لا يولد له إلاّ الإناث، وقسم لا يولد له إلاّ الذكور، وثالث: يولد له الإثنان معاً، ورابع: لا يولد له أيُّ واحد منهما، بل يظل عقيما!.

ولكنّ يحيى بن أكثم اقتطع هذه الجملة من القرآن وفصلها عن سياقها العام لكي يرضي أهواءه وشهواته(9).

والآن لنستمع إلى حوار بين يحيى بن أكثم وبين الإمام الهادي (عليه السلام) في هذا الصدد، فقد سأل الإمام عن قوله تعالى: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثًا}.

فأجاب الإمام (عليه السلام): «أي: يولد له الذكور، ويولد له إناث. يقال لكلّ اثنين مقرنين: زوجان. كلّ واحد منهما زوج».

وأضاف الإمام وهو يضرب على الوتر الحساس: «ومعاذ الله؛ أن يكون عنى الجليل [أي الله تعالى] ما لبّست به على نفسك، تطلب الرخص لارتكاب المآثم. ومن يفعل ذلك يلق أثاماً، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا». واستدرك الإمام قائلاً: «إن لم يتب»(10).

إن هذا الشكل من (التحريف المعنوي) هو الذي يصدق عليه -حسب الأحتمال الأوّل- «مَن فسّر القرآن برأيه» أي: حسب أهوائهِ وشهواته.

وهذا الشكل من التحريف - لا تزال قطاعات من الأُمّة تعاني من آثاره السلبية حتّى الآن.

فهم يفسّرون - مثلاً - قوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} بأنّ على الفرد أن لا يعمل، ولا يجاهد، ولا يتحرّك؛ لأن ذلك يعني «التهلكة» التي قد نهانا الله عنها.

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}.

بأنّ مسؤولية الفرد محصورة في إطار ذاته ولا شأن له بالآخرين؟ فليذهب العالم كلّه إلى الجحيم! ليس ذلك مهماً! المهم أن يحافظ الفرد على صومه وصلاته وبعض آخر من الواجبات الفردية، وليس أكثر من ذلك.

ويقول شاعرهم في ذلك:

وما أُبالي إذا نفسي تطاوعني على النجاة بمن قد ضلّ أو هلكا

ويفسّرون (الصبر) الذي ورد الأمر به كثيراً في القرآن الكريم والسنّة الشريفة بأنه يعني: الخضوع للطواغيت، والاستسلام لهم.

و(التقية) بأنها تعني: الجمود والتوقّف.

و(التوكل) بأنه يعني: إيكال المسؤوليات إلى الله والجلوس في زوايا البيوت دون أيّ عمل.

و(الزهد) بأنه يعني: اعتزال الدنيا وترك (الفاسقين) و(الكفار) يمرحون فيها ويلعبون، وانتظار ثواب الله في الآخرة بدلاً من ذلك. وهلمّ جرّاً.

وهذا هو أحد مصاديق (التفسير بالرأي) المنهي عنه في الروايات، والذي يعني حمل آيات القرآن الكريم على طبق (الآراء) التي تكوّنت للإنسان من خلال أهوائه وشهواته.

إن القضية تبدأ بـ«هوى» يسعى خلفه الإنسان. وعلى مر الزمن يتحول هذا «الهوى» إلى رأي ونظرية.

ثمّ يحاول الإنسان - تطويع (الدين) ليأتي مؤيّداً، بل ومشجعاً على هذا (الرأي)

وهنا.. يأتي الحديث الشريف: «من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار!.

ثانياً: المسبقات الفكرية المترسّبة في عقلية الفرد:

فهنالك كثيرون يقرأون القرآن وأدمغتهم مشحونة بالأفكار والرؤى والمفاهيم المسبقة. ولذلك فهم لا يرون القرآن إلاّ من خلال أفكارهم، ولا يجدون في القرآن إلاّ ما يؤيّد هذه الأفكار.

تماماً كالذي يضع على عينيه نظارة سوداء، إنه يرى جميع الأشياء بلون نظارته!

وكذلك هؤلاء، فهم يرون آيات القرآن بلون المفاهيم القابعة في عقولهم.

إنهم يحاولون فهم القرآن كما تقتضي اتّجاهاتهم وأفكارهم، بدل أن يكونوا تلامذة متواضعين بين يديه.

إنّهم يحاولون توجيه القرآن على حسب ما تقتضيه أفكارهم، بدل أن يحاولوا تهذيب أفكارهم على حسب ما تقتضيه مفاهيم القرآن الرفيعة.

وهذا هو عين الخطأ. وهذا هو - أيضاً - أحد مصاديق (التفسير بالرأي) المنهي عنه.

ونجد في التاريخ الغابر -كما في التاريخ المعاصر- أمثلة كثيرة على ذلك.

وأوّل ما نجده في هذا المجال هو: تفسير القرآن الكريم على حسب (الأفكار العقائدية المسبقة) كما نلمس ذلك في أصحاب مذاهب من أمثال (الأشاعرة) أو (الباطنية) أو (الكرّاميّة) أو غيرهم.

هذه الطوائف كانت تحمل آراء خاصة في (الله) و(صفاته الثبوتية) و(صفاته السلبية) وغير ذلك. وعندما اصطدمت عقائدها بالقرآن أخذت تفسر الآيات القرآنية على حسب أرائها السابقة(11).

ونجد كذلك: تفسير آيات القرآن حسب (الفكر الصوفي) و(الذوق العرفاني) -بشكله المنحرف-. والذي جاء من أجل تدعيم أفكار هذين الإتجاهين، وإعطائهما صبغة (شرعية).

فمثلاً: باعتبار أنّ مذهب بعض أهل العرفان هو (وحدة الوجود)، لذلك فهم يفسّرون - قول هارون (عليه السلام) لأخيه موسى (عليه السلام): {يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتي‏ وَ لا بِرَأْسي}. بأنّ موسى (عليه السلام): بعد أن عاد من «الطور» ورأى قومه قد عبدوا العجل عاتب أخاه هارون (عليه السلام) قائلاً له:

لماذا لم تدع الناس يعبدون العجل؟ ألا تعلم أنّ الله سبحانه يُحبّ أن يعبد - في أيّة صورة كان المعبود!.

وكذلك أيضاً يفسّر بعض العرفاء قوله تعالى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} بأن المقصود من «فرعون» ليس شخصاً معيناً، بل المقصود به (القلب القاسي)، وهذه الآية تشير إلى مجاهدة هذا القلب(12).

وهنالك -أيضاً- تفسير القرآن الكريم حسب (الفكر المادي)، والذي حدث متأثراً بالفترة التي أخذت الحضارة الغربية تخطو فيها خطوات واسعة في المجالات العلمية والتكنولوجية. ممّا أبهر بريقها عيون بعض المسلمين.

هؤلاء أخذوا يفسّرون القرآن بطريقة خاصة، وقد ترك الاتجاه المادي بصماته واضحة عليها.

فالملائكة، والجن، والشياطين فسّروها بـ(القوى الطبيعية) التي تسيّر الإنسان والكون.

ومعاجز الأنبياء أخذت تعطي مدلولات جديدة، وتفسَّر بشكل جديد. وهلّم جرّا.

إنّ كل هذه الأنواع من التلاعب بمعاني القرآن الكريم، وتوجيه الآيات القرآنية على حسب الأفكار العقائدية المسبقة أو الأفكار الصوفية والعرفانية أو الإتجاهات المادية. كل هذه تعتبر من أنواع التفسير بالرأي - المرفوض أساساً من قبل الدين - حسب الاحتمال الأوّل.

أمّا الاحتمال الثاني في معنى (التفسير بالرأي) فهو:

2 - التسرُّع في تفسير الآيات القرآنية على حسب ما يظهر للفرد في بادئ الرأي، ووفق ما توحي إليه ظنونه الأوّلية، من دون الاستيقان، ومن دون الرجوع إلى سائر الآيات والروايات الواردة في ذلك الموضوع.

ذلك لأنّ الرأي في اللّغة يعني: (الظن) و(التخمين) - كما تشير إليه بعض المصادر(13)- فالتفسير بالرأي - وفقاً لهذا الإحتمال - يعني: أن يفسّر القرآن بسبب بعض الظنون النيّئة التي لم تنضج بعد، رغم: {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْني‏ مِنَ الْحَقِّ شَيْئا} - كما يؤكّده القرآن الكريم -.

ومما يجدر ذكره في هذا المجال، أنّ امرأة على عهد عمر بن الخطاب كانت تمارس الجنس مع مملوكها، - وهذا بالطبع أمر محرم في نظر الإسلام - فذكر ذلك لعمر. فأمر أن يؤتى بها.

ولمّا جاءت سألها: ما حملك على ذلك؟!

فقالت: تأوّلت آية من كتاب الله. وهي: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}(14).

وفي بعض الروايات: «كنت أراه يحلّ لي بملك يميني كما يحلّ للرجل المرأة بملك اليمين!» إلى آخر القصّة(15).

ومن هذا القبيل: أن يقرأ الإنسان قوله تعالى: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}(16). فيتصور الله جسماً قد تربع على عرشه العظيم!

إنّ هذا الشكل من الفهم المتسرّع للآيات القرآنية - على حسب ما يقتضيه الظن والتخمين، وبعض الاستحسانات العقلية - هو ما نهت عنه الروايات السابقة - حسب الإحتمال الثاني -.

3 - فهم آيات القرآن الكريم المرتبطة بالأحكام، والآيات المتشابهة، والآيات المجملة، وما شابه، بعيداً عن روايات أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وبدون توفير قاعدة علمية رصينة تؤهّل الإنسان للاستنباط؛ ذلك لأنّه في عهد الرسالة كان النبي (صلى الله عليه وآله) هو الذي يشرح للمسلمين الآيات الغامضة المبهمة، وفي ذلك يقول الله سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}(17).

ولكن ماذا بعد رحيل الرسول (صلى الله عليه وآله)؟

لقد خلّف النبي (صلى الله عليه وآله) من بعده كتاب الله والعترة، وقد قرن النبي (صلى الله عليه وآله) القرآن بالعترة في أحاديث كثيرة(18). ومن هنا فإنّ آيّة محاولة للفصل بينهما هي محاولة خاطئة.

ويؤيّد ذلك أن كثيراً من الروايات التي ورد فيها النهي عن «التفسير بالرأي» جاءت ردّاً على أُولئك الذين كانوا يحاولون فهم القرآن بعيداً عن أهل البيت (عليهم السلام)، بل ونقيضاً لهم - في بعض الأحيان - كقتادة وغيره.

كما جاءت مجموعة من الروايات في هذا الصدد:

منها: ما روي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): «إنّما هلك الناس في المتشابه؛ لأنّهم لم يقفوا على معناه، ولم يعرفوا حقيقته، فوضعوا له تأويلاً من عند أنفسهم بآرائهم، واستغنوا عن مسألة الأوصياء فيعرّفونهم».

ومنها: ما روي عنه - أيضاً -: «إنّهم [أي المخالفين] ضربوا القرآن بعضه ببعض، واحتجوا بالمنسوخ، وهم يظنون أنه الناسخ، واحتجوا بالخاص وهم يظنون أنه العام، واحتجوا بأوّل الآية وتركوا السنّة في تأويلها، ولم ينظروا إلى ما يفتح به الكلام وإلى ما يختمه، ولم يعرفوا موارده ومصادره؛ إذ لم يأخذوه عن أهله. فضلّوا وأضلّوا»(19).

وهكذا نجد أن فهم القرآن - في طوائف من الآيات - بشكل مستقل وبعيداً عن أهل البيت (عليهم السلام)، أو بدون توفّر القاعدة العلمية الكافية (المتمثلة في الوصول إلى درجة الإجتهاد) يعتبر (تفسيراً بالرأي) - حسب الإحتمال الثالث.

والسؤال الآن هو: لقد برزت أمامنا حتّى الآن ثلاثة احتمالات في معنى «من فسّر القرآن برأيه» وهي:

1 - فسر القرآن بآرائه الشخصية، وذلك بقسميه: فسّر القرآن بهواه، وفسّر القرآن بمسلّماته الفكرية.

2 - فسّر القرآن بظنّه.

3 - فسّر القرآن بفهمه المستقل عن أهل البيت (عليهم السلام)، أو بدون توفُّر القاعدة العلمية الكافية.

فأيّ واحد من هذه المعاني هو المقصود؟!

والجواب: يمكننا أن نستفيد من إضافة كلمة «رأي» إلى «الهاء» في قول الإمام «برأيه» معنى عامّاً يشمل هذه المعاني، وذلك المعنى هو:

(تفسير القرآن بالرأي الشخصي النابع من الذات، لا من الواقع).

وهذا المعنى العام يشمل:

القسم الأوّل من المعنى الأول؛ لأنّه تفسير للقرآن بالهوى وليس بالواقع.

والقسم الثاني من المعنى الأوّل، لأنّه تفسير للقرآن بالتعصّب والأفكار المسبقة، وليس بالواقع.

والمعنى الثاني؛ لأنه تفسير للقرآن بظنّه الشخصي الذي لا يغني من الحقّ شيئاً، وليس بالواقع.

والمعنى الثالث؛ لأنه تفسير للقرآن بالأفكار الشخصية، وليس بالواقع الذي مقياسه هو: أهل البيت عليهم الصلاة والسّلام، والذي تكشف عنه القاعدة العلمية المشار إليها، فتأمّل.

وهكذا نجد أن الروايات التي تنهى عن (التفسير بالرأي) لا تقصد بذلك النهي عن التدبّر في القرآن الكريم، وإنما تنهى عن (تفسير القرآن بالرأي الشخصي النابع من الذات، لا من الواقع، بمختلف صورة وأشكاله).

* مقتطف من كتاب: (التدبر في القرآن) لمؤلفه آية الله السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي

...............................

(1) تفصيل الكلام والنقض والإبرام في هذه الشبهات موكول إلى (علم الأُصول) والمقصود هنا الإشارة العابرة على نحو ينسجم مع وضع هذا الكتاب.

(2) مقدمة «البرهان في تفسير القرآن»: 16 (طبعة دار الكتاب العلمية - إيران).

(3) البرهان 1: 19.

(4) الصافي 1: 21.

(5) راجع الفصل السابق: «التدبّر، أو التحجُّر»؟.

(6) البقرة: 228.

(7) الشورى: 50.

(8) الشورى: 49-50.

(9) للمزيد من التفاصيل حول «السياق القرآني» راجع القسم الثاني من هذا الكتاب (الفهم التجزيئي للقرآن).

(10) سفينة البحار 1: 367-368. وراجع أيضاً (الأذكياء) لابن الجوزي: 132.

(11) راجع: التمهيد في علوم القرآن الجزء الثالث.

(12) الصافي 1: 22.

(13) قال الراغب في مفرداته: الرأي عبارة عن ترجيح أحد طرفي القضية بالظن والتخمين. وقال الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول 1: 142: «الظاهر أن المراد بالرأي هو الاعتبار العقلي الظني الراجع إلى الإستحسان».

(14) المؤمنون: 8.

(15) الغدير 6: 118.

(16) طه: 5.

(17) النحل: 44.

(18) رويت هذه الأحاديث في كتب الفريقين.. راجع: «المراجعات» للعلامة شرف الدين 19: 25.

(19) فرائد الأصول (مبحث حجية ظواهر الكتاب). وأيضاً: مقدمة (البرهان): 19 (طبعة دار الكتب العلمية - إيران).

اضف تعليق