تجهّز المحكمة الجنائية الدولية سياسة جديدة بشأن الجرائم البيئية، في وقت يأمل به ناشطون حقوقيون أن تصنّفها ضمن الجرائم ضد الإنسانية في قائمة نظامها الأساس، وطالبت رسالة مفتوحة من تحالف، يضم نشطاء في مجالات حقوق الإنسان والمحاماة، المحكمة بتقييم العلاقة بين تغير المناخ والجرائم الدولية التي تعالجها، وأن تعطي الأولوية للقضايا التي تسبّب دمارًا للبيئة...
تجهّز المحكمة الجنائية الدولية سياسة جديدة بشأن الجرائم البيئية، في وقت يأمل به ناشطون حقوقيون أن تصنّفها ضمن "الجرائم ضد الإنسانية" في قائمة نظامها الأساس.
وطالبت رسالة مفتوحة من تحالف، يضم نشطاء في مجالات حقوق الإنسان والمحاماة، المحكمة بتقييم العلاقة بين تغير المناخ والجرائم الدولية التي تعالجها، وأن تعطي الأولوية للقضايا التي تسبّب دمارًا للبيئة.
واستشهدت الرسالة المفتوحة، التي أرسلها التحالف للمحكمة يوم الخميس 26 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعدّة أحداث تشير إلى العلاقة بين المسألتين، وفق تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ومن بين تلك الأمثلة: جفاف بحيرة تشاد في أفريقيا، والطقس شديد الحرارة الذي دفع السكان المعتمدين على الزراعة إلى وضع اقتصادي حرج، وأضعف مقاومة الشباب في الانضمام للجماعات المتطرفة، مثل جماعة "بوكو حرام"، بحسب ما ذكر الموقع الإلكتروني لمنظمة "إنسايد كليمت نيوز".
كما ذكرت الرسالة الصراع الدائر في أوكرانيا، بعد غزو روسيا، التي فجّرت سد "كاكوفكا"؛ ما تسبَّب في فيضان أجبر سكان المنطقة على إخلاء منازلهم، وقتل كميات هائلة من الأسماك، وأضعف قدرة آخرين على الوصول للمياه النظيفة.
وفي أفغانستان، أدت أربعة عقود من الحرب شبه المستمرة إلى القضاء على المناظر الطبيعية، وأشعلت فتيل الصراع على الحقوق في الأرض والمياه والموارد الطبيعية الأخرى، في حين إن التلوث الناجم عن العمليات العسكرية أضرّ بالسكان المدنيين الذين مزّقتهم الحرب.
الجرائم البيئية
قال مدير مجلس المناخ في هولندا، ريتشارد جيه روجرز، وهو أحد موقّعي رسالة التحالف إلى المحكمة الجنائية الدولية: "يجب تصنيف تغير المناخ والتدهور البيئي من ضمن التهديدات القانونية المتعددة التي تواجه السلام والأمن العالميين".
بدوره، قال مكتب المدّعي العام للمحكمة الجنائية كريم خان، في بيان: "إن المحكمة تُجهّز سياسةً تخصّ الجرائم البيئية، والتي ستوضح كيفية استعمال المكتب لولايته القضائية لمعالجة الضرر البيئي الذي يحدث في سياق نظامها الأساس -نظام روما الأساس للمحكمة-".
وأضاف البيان: "إن السياسة الجديدة لن تعدّ الإضرار البيئي جريمة حرب فقط، إذ نصّ عليها نظام روما الأساس، ولكنها ستفحص الجرائم البيئية المرتبطة التي يمكن أن تكون نتيجة للجريمة الواردة في نص نظام روما".
وكان مكتب المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قد تلقّى 5 طلبات خلال الأعوام الأخيرة، للتحقيق بجرائم ضد الإنسانية في كل من كمبوديا والبرازيل متعلقة بالإضرار البيئي.
جرائم ضد الإنسانية
لم تحاكم المحكمة الجنائية الدولية أيّ جرائم متعلقة بالإضرار البيئي بوصفها جرائم ضد الإنسانية منذ بدء عملها في 2002، ولا يدرج نظام روما الأساس صراحةً التدمير البيئي بصفته عملًا من أعمال الجرائم ضد الإنسانية، لكن علماء القانون يعتقدون أن مكتب المدّعي العام لديه سلطة محاكمة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي تنطوي على تدمير البيئة.
وقال روجرز إن المدّعي العام للمحكمة يشارك في جمع الأدلة، ويمكنه إضافة عنصر بشأن تغير المناخ، مثل سؤال الشهود عمّا إذا كانوا قد مرّوا بتغييرات في أنماط الطقس، وإذا كان الأمر له تأثير في الصراع.
وأكد خطاب الحقوقيين المفتوح الموجّه للمحكمة الجنائية الدولية عن الجرائم البيئية، وما إذا كان لها علاقة بالجرائم ضد الإنسانية، أن المحكمة قادرة على بناء مجموعة من المعرفة حول الصلات بين تغير المناخ والجرائم الدولية التي يمكن أن تساعد المؤسسات الدولية وصانعي السياسات على اتخاذ إجراءات لمعالجة الأسباب الجذرية للعنف، ومنع حدوثه.
وحذّرت الرسالة المفتوحة، التي يقودها مركز حقوق الإنسان السوداني ومجلس المناخ، من أن "كل أزمة جيوسياسية على الأرض تقريبًا تتصف الآن بطريقة أو بأخرى بالصراع البيئي"، وقدّمت خمس توصيات، بما في ذلك أن تعيّن المحكمة مستشارًا خاصًا للأمن المناخي، وتضمين التحقيقات التحليل المناخي، والدعم العلني بإضافة الـ"إبادة بيئية" إلى قائمة جرائم المحكمة.
ورغم أن عددًا كبيرًا من المنظمات الحقوقية وحقوق الإنسان شارك في الرسالة المفتوحة للمحكمة الجنائية، فإن الرسالة سلّطت الضوء على جرائم الحرب في صراع دارفور في السودان، التي وصفها الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، في 2007، بأنها "أول صراع تغير مناخ في العالم".
اضف تعليق