غطت أكوام النفايات على صور المعالم الجذابة في العاصمة الفرنسية باريس مع استمرار إضراب عمال النظافة احتجاجا على مشروع إصلاح نظام التقاعد، وباتت الفضلات جزءا من المشهد في المدينة الأكثر استقطابا للسياح حول العالم، ودأبت النقابات منذ شهرين على تنظيم تحركات عدة على نطاق وطني...
غطت أكوام النفايات على صور المعالم الجذابة في العاصمة الفرنسية باريس مع استمرار إضراب عمال النظافة احتجاجا على مشروع إصلاح نظام التقاعد. وباتت الفضلات جزءا من المشهد في المدينة الأكثر استقطابا للسياح حول العالم.
ودأبت النقابات منذ شهرين على تنظيم تحركات عدة على نطاق وطني لدفع السلطة التنفيذية إلى التراجع، ومنها مظاهرات حاشدة بمشاركة الملايين، وإضرابات في المدارس وقطاعات النفط والكهرباء والنقل وسواها، وسط تواصل إضراب عمال النظافة احتجاجا على مشروع إصلاح نظام التقاعد في فرنسا، لم يعد التقاط زوار باريس صور "سيلفي" ذاتية أمام برج إيفل أمرا فريدا مع انتشار أكوام القمامة بالقرب من المعالم الأثرية الشهيرة في العاصمة الفرنسية. بحسب فرانس برس.
وما مِن مؤشرات في الواقع إلى أي تحسن في هذا الوضع، إذ أن عمال النظافة وجمع النفايات التابعين لبلدية باريس صوتوا صباح الثلاثاء لمواصلة إضرابهم إلى 20 آذار/مارس على الأقل، وأصدر وزير الداخلية جيرالد دارمانان مساء تعليمات إلى قائد شرطة باريس لوران نونيز بأن يطلب من البلدية إحضار وسائل لرفع النفايات بسبب "الأوضاع الصحية" الناجمة عن تكدسها.
الدولة ستتولى الأمر
وأفادت أوساط وزير الداخلية أن "الدولة ستتولى الأمر" في حال لم تستجب البلدية للطلب، أي أن الدولة بنفسها ستؤمن الوسائل لجمع النفايات وإزالتها، تحجب أكوام النفايات، التي تجمعت مثلا على ضفاف نهر السين الممتدة على مقربة من كاتدرائية نوتردام، رؤية التحفة المعمارية التي بنيت بين القرنين الثاني عشر والرابع عشر في قلب العاصمة الفرنسية، وليس على الراغب في التعرف على الكنيسة التي أتى حريق كبير عام 2019 على أجزاء منها، إلا أن يغض الطرف عن النفايات ويتصرف وكأنها لم تكن.
أما الزوار الراغبون في تأمل برج إيفل من ساحة تروكاديرو، فيسيرون لدى خروجهم من مترو الأنفاق بمحاذاة سور تشكل من أكياس النفايات البلاستيكية السوداء. واجتاحت الصناديق المرمية وبقايا الطعام الفاسد وكل أنواع القمامة الأزقة الرومانسية في وسط العاصمة، وقالت الكندية أوميرا بعد التقاطها صورة لكومة من النفايات في سان ميشال، في الحي اللاتيني "لم أر مثل هذا المشهد في كندا يوما"، متوقعة أن يؤدي ذلك إلى "تنفير السياح الذين سيغادرون ولن يعودوا!"، أما مارتن رويز (18 عاما) القادم من ولاية تكساس الأمريكية فأعرب عن أسفه "للرائحة" المنبعثة من النفايات، ووصفها بـأنها "مقززة". وأيدته في ذلك أنجلوس موسكويدا التي حرمتها تلال القمامة رؤية أوبرا باريس، إذ أبدت السائحة المكسيكية انزعاجها مما تشمه هنا وهناك في أرجاء المدينة الشهيرة بعطورها.
ولم تكن الألمانية كلوديا هارماند تتوقع أن تضطر مع حبيبها الفرنسي إلى خوض "سباق تعرج بين النفايات" خلال زيارتها باريس، معتبرة أن الأمر "يفسد إلى حد ما سحر" مدينة الأضواء التي تعد الأكثر استقطابا للسياح في العالم إذ بلغ عددهم 34,5 مليونا عام 2022 وفقا للسلطات، تعيش باريس على وقع غضب اجتماعي واسع أثاره مشروع لحكومة الرئيس إيمانويل ماكرون ينص على رفع سن التقاعد القانونية من 62 إلى 64 عاما.
ودأبت النقابات منذ شهرين على تنظيم تحركات عدة على نطاق وطني لدفع السلطة التنفيذية إلى التراجع، ومنها مظاهرات حاشدة بمشاركة الملايين، وإضرابات في المدارس وقطاعات النفط والكهرباء والنقل وسواها.
مهنة شاقة
في خضم هذا الحراك، ينفذ عمال جمع القمامة البلديون في باريس إضرابا منذ أكثر من أسبوع. وقال أحدهم ويُدعى نبيل لطريش (44 عاما) "نحن نعمل تحت المطر والثلج وعندما يكون الطقس عاصفا"، واصفا مهنته وزملاءه بأنها "شاقة"". وأضاف "عندما نكون واقفين في الجهة الخلفية من شاحنة جمع النفايات، نتنفس الأبخرة المتطايرة، ونصاب بالكثير من الأمراض المهنية".
أما مورييل غيريمينك (56 عاما) التي تعمل في مجال جمع القمامة منذ عقدين، فأكدت أنها تدرك أنها ستعيش "فقيرة"، إذ لا يتجاوز معاشها التقاعدي 1200 يورو على الأكثر، أي أقل من الحد الأدنى الحالي للأجور، وهو بالتالي غير كاف لتخيل مستقبل مريح.
ويواجه زملاؤهما موظفو الشركات الخاصة العاملة في بقية العاصمة مشكلة إغلاق مواقع الحرق، وأدى ذلك تاليا إلى تكدس أكثر من سبعة آلاف طن من النفايات الثلاثاء، وفقا للبلدية، وهو حجم يزيد يوما بعد يوم.
مع الإضرابات في كل مكان
كانت النتيجة أن آلاف السياح الذين كانوا موجودين في باريس ويحاولون تعويض بعض ما فاتهم خلال مرحلة الجائحة، وجدوا أنفسهم رغما عنهم وسط معمعة نزاع محتدم حول قضية اجتماعية. واعتبر السائح الأمريكي مارك وهو يجر عربة أطفال أن "الإضرابات لن تغير شيئا، إذا كان ينبغي تأخير الذهاب (إلى التقاعد)، فليكُن".
أما البريطانية أوليفيا ستيفنسون فلها في الموضوع رأي آخر، إذ هي "مع الإضرابات في كل مكان"، في فرنسا كما في إنكلترا حيث "كثرت" في الآونة الأخيرة. وإذ رأت أن النفايات في باريس "تفسد المنظر والرائحة"، شددت على أن "مسألتي التقاعد والرواتب مهمتان لكثير من الناس"، وأقر رئيس هيئة السياحة والمؤتمرات في باريس جان فرنسوا ريال بأن "العاصمة ليست في أفضل أحوالها بالنسبة إلى الزوار الأجانب"، لكنه ذكر بأن "التوقف عن رفع النفايات مدة أسبوعين في نابولي لم يؤذِ صورة" المدينة الإيطالية. واستنتج جازما أن ما يحصل راهنا لن يترك "أي تأثير" على حركة السياحة في باريس.
إضراب عمال النظافة
بعد أسبوع على بدء إضراب عمال جمع النفايات احتجاجا على مشروع إصلاح نظام التقاعد في فرنسا، تكدست أكياس القمامة في شوارع العاصمة باريس، حيث توقف العمل في ثلاث محطات لحرق القمامة خارج العاصمة. وأثّر الإضراب على بعض أبرز مناطق المدينة مثل الجادة الخامسة والسادسة. فيما لم تتأثر المناطق التي تتولى شركات خاصة مسؤولية جمع النفايات فيها. بحسب فرانس برس.
أعلن مجلس مدينة باريس الأحد، أن آلاف الأطنان من القمامة تراكمت في شوارع العاصمة الفرنسية بعد أسبوع على بدء إضراب عمال جمع النفايات احتجاجا على مشروع الإصلاح الحكومي لنظام التقاعد، وتوقف العمل في ثلاث محطات لحرق القمامة خارج العاصمة لتتجمع أكياس القمامة على طول أرصفة بأكملها وتفيض الحاويات.
وأعلنت وكالة "سيتكوم" المسؤولة عن نفايات المنازل أنها غيرت مسار شاحنات جمع النفايات إلى مواقع أخرى للتخزين والمعالجة في المنطقة فيما لم تلجأ بعد إلى الشرطة، ويجمع عمال النظافة في المدينة على مدى الأسبوع الماضي القمامة من نصف أحياء باريس فقط، وأثر الإضراب على بعض أبرز مناطق المدينة مثل الجادة الخامسة والسادسة. فيما لم تتأثر المناطق التي تتولى شركات خاصة مسؤولية جمع النفايات فيها.
وبحسب الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي) اليسارية المتشددة، يمكن لجامعي النفايات والسائقين التقاعد حاليا من سن 57 عاما، لكن سيتعين عليهم العمل عامين إضافيين بموجب خطط الإصلاح التي ما زالت تتيح حق التقاعد المبكر للأشخاص الذين تعد ظروف عملهم صعبة، وتشير الكونفدرالية إلى أن متوسط العمر المتوقع للعاملين في مجال جمع النفايات يعد أقل بما بين 12 و17 عاما من المعدل بالنسبة للبلاد بأكملها، ويستند الإجراء الرئيسي في الإصلاح على رفع الحد الأدنى العام لسن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، وهو أمر يرى كثيرون أنه غير منصف بالنسبة للأشخاص الذين بدأوا العمل في سن مبكرة.
اضف تعليق