دراسة تحليلية تتوقع تضاعُف معدلات تلوث المسطحات المائية بالمخلفات البلاستيكية بمقدار 2.6 مرة بحلول 2040 إذا لم يتم التحرك جديًّا لوقفها، كشفت دراسة حديثة أن مستويات تلوث محيطات العالم بالمخلفات البلاستيكية بدأت في الارتفاع بشكل كبير خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي...
بقلم: محمود العيسوي
دراسة تحليلية تتوقع تضاعُف معدلات تلوث المسطحات المائية بالمخلفات البلاستيكية بمقدار 2.6 مرة بحلول 2040 إذا لم يتم التحرك جديًّا لوقفها، كشفت دراسة حديثة أن مستويات تلوث محيطات العالم بالمخلفات البلاستيكية بدأت في الارتفاع بشكل كبير خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي، وأنها بلغت مستويات غير مسبوقة منذ عام 2005، وسط تحذيرات من تضاعُف هذه المستويات خلال السنوات القليلة المقبلة.
استند الباحثون، بقيادة ماركوس إريكسن -عالِم الأحياء البحرية في معهد "فايف جايرز" (5Gyres)، وهو معهد أمريكي غير ربحي معني بشؤون البيئة- إلى دراسة تحليلية لمجموعة بيانات عالمية حول تلوث المحيطات بمخلَّفات البلاستيك، خلال فترة 4 عقود، انتهت إلى وضع تقييم لمستويات التلوث بالبلاستيك في محيطات العالم.
تتوقع الدراسة -التي نشرتها دورية "بلوس وان" (PLOS ONE) أمس "الأربعاء" 8 مارس 2023- أن تتضاعف مستويات تلوث المسطحات المائية بالمخلفات البلاستيكية بمقدار 2.6 مرة إذا لم تُتخذ إجراءات جدية لمنع تدفق المزيد من مخلفات البلاستيك إلى المحيطات والبحار في مختلف أنحاء العالم.
تقدم الدراسة -التي أجراها باحثون من الولايات المتحدة والسويد وتشيلي وأستراليا- فهمًا أكثر عمقًا لكيفية تراكُم المواد البلاستيكية في محيطات العالم، مما يوفر نقطة انطلاق أساسية لمعالجة هذا النوع من التلوث، الذي بات يمثل أحد أبرز التحديات العالمية.
عمل "إريكسن" وزملاؤه على تحليل بيانات التلوث بالبلاستيك في المسطحات المائية، تم جمعها خلال الفترة بين عامي 1979 و2019، بواسطة 11777 محطة رصد، عبر 6 مناطق رئيسية في مختلِف أنحاء العالم، تتضمن شمال وجنوب المحيطين الأطلسي والهادئ، والمحيط الهندي، والبحر المتوسط.
تمكن الباحثون من تطوير نموذج لتقييم التغيرات التي طرأت على مستويات التلوث بالبلاستيك خلال هذه الفترة، ووضعوا في اعتبارهم اتجاه الرياح وقوتها، واختيار مواقع الرصد، ونقص العينات، وأظهرت النتائج ارتفاعًا كبيرًا ومتسارعًا في انتشار المخلفات البلاستيكية على أسطح المحيطات منذ عام 2005.
وعند نهاية الفترة الزمنية المحددة للدراسة في عام 2019، تم رصد ما يتراوح بين 82 و358 تريليون جزيء مواد بلاستيكية تطفو على أسطح المحيطات، بمتوسط حوالي 171 تريليون جزيء، تزن ما بين 1.1 و4.9 ملايين طن، أي بمتوسط حوالي 2.3 مليون طن.
وبينما وجد الباحثون صعوبةً في تقييم مستويات التلوث بالبلاستيك خلال الفترة من 1979 حتى 1990، بسبب نقص البيانات، أظهرت النتائج أن الفترة بين 1990 و2004 شهدت تأرجُحًا في مستويات التلوث بين الارتفاع والانخفاض، دون اتجاه محدد، قبل أن تبدأ في الارتفاع اعتبارًا من عام 2005.
وبالرغم من أنه تم جمع غالبية البيانات التي استندت إليها الدراسة من مناطق شمال المحيطين الأطلسي والهادئ، يرى الباحثون أن هذه الزيادة غير المسبوقة في مستوى التلوث بالبلاستيك تعكس النمو العالمي في منتجات البلاستيك، بالإضافة إلى ظهور ممارسات جديدة فيما يتعلق بتوليد المخلفات وإدارتها.
يقول "إريكسن" في تصريحات لـ"للعلم": أهم ما يميز هذه الدراسة أنها تستند إلى جمع وتحليل بيانات التلوث بالبلاستيك في المحيطات بمختلِف أنحاء العالم، وفي فترة زمنية تمتد إلى 4 عقود، بعكس دراسات سابقة، اعتمدت في غالبيتها على تقييم مستويات التلوث في المسطحات المائية بنصف الكرة الأرضية الشمالي، بالقرب من الدول الأكثر تصنيعًا في العالم، ولفترات زمنية محددة.
ويصف "إريكسن" الارتفاع المتسارع لمستويات المواد البلاستيكية الدقيقة في محيطات العالم، منذ بداية الألفية الجديدة، والتي وصلت إلى أكثر من 170 تريليون جزيء، بأنه "اتجاهٌ مثيرٌ للقلق"، معتبرًا أن الدراسة تطلق تحذيرًا صارخًا بأنه "يجب علينا اتخاذ إجراءات الآن على نطاق عالمي".
ويرى فريق الدراسة أنه من دون اتخاذ خطوات ملموسة لإجراء تغييرات واسعة النطاق في السياسات المتبعة حاليًّا، فإن مستويات تلوث المحيطات بالمخلفات البلاستيكية قد تتضاعف بمقدار 2.6 مرة بحلول عام 2040، الأمر الذي يؤكد أهمية العمل على صياغة معاهدة عالمية وملزِمة لوقف المشكلة من مصدرها.
اضف تعليق