قد تشعر بالبرودة لمجرد سماعك بالقطبين الشمالي والجنوبي، و قد تظن أن القطبين متشابهان في كل شيء من ناحية درجة الحرارة وغيرها من المميزات، ولكن الحقيقة أن هناك العديد من الاختلافات بين القطبين، نورد ابرازها يعد القطب الجنوبي أبرد بكثير من القطب الشمالي...
قد تشعر بالبرودة لمجرد سماعك بالقطبين الشمالي والجنوبي، و قد تظن أن القطبين متشابهان في كل شيء من ناحية درجة الحرارة وغيرها من المميزات، ولكن الحقيقة أن هناك العديد من الاختلافات بين القطبين، نورد ابرازها يعد القطب الجنوبي أبرد بكثير من القطب الشمالي، حيث يصل معدل درجات الحرارة في القطب الجنوبي إلى 50 درجة مئوية تحت الصفر، أما القطب الشمالي فمعدل درجات الحرارة فيه تصل إلى 38 درجة تحت الصفر، معدل نسبة ذوبان الجليد للقطب الشمالي مرتفع مقارنة بالقطب الجنوبي، فالقطب الشمالي يفقد ما يعادل نصف الجرف الجليدي خلال فصل الصيف إلا أنه يعود ليتجمد في الشتاء، بينما معدل الذوبان في القطب الجنوبي أقل بكثير مما عليه في القطب الشمالي.
لا تعيش طيور البطريق إلا في القطب الجنوبي، بينما تستوطن الدببة القطبية القطب الشمالي، بحسب تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية فإن أكثر من نصف احتياطي العالم المتبقي من النفط الخام يتواجد تحت القطب الشمالي، وهذا ما دعا دول مثل روسيا وأمريكا تتسابق في ترسيخ نفوذها في القطب الشمالي، بينما تحمي المعاهدات الدولية القطب الجنوبي من عمليات التنقيب، رغم حملات الاستكشاف التي خاضت بقاع القطب الجنوبي، إلا أنه لم يثبت وجود أي أثار تاريخية للبشرية في القطب الجنوبي، وذلك بعكس القطب الشمالي الذي يسكنه الأشخاص ضمن مساحات تقارب الـ4 ملايين نسمة يتوزعون على قرى أقصى شمال روسيا، النرويج والآسكا.
ما هوَ القطب الشمالي؟ وهوَ عبارة عن مكان واسع لاتظهر بهِ أشعة الشمس إلّا لفترات قصيرة فقط، كما أنه يشكّل ثاني أبرد منطقة في الأرض، فالثلوج المتراكمة عليه تغطيه طوال السنة، ويتميز بوجود البرد القارس طوال العام فأعلى درجة حرارة قد وصلَ إليها القطب الشمالي هي صفر درجة مئوية، وأدنى درجة حرارة تُقدّر ب-38 درجة مئوية، كما أنهُ يسمى بمنطقة أركتيك Arctic ومعناها الدب باللغة اليونانية.
أينَ يقع القطب الشمالي؟ يقع في المحيط المتجمد الشمالي أي أنهُ موجود في الجهة الشمالية منَ الكرة الأرضية، ماهيَ أهمية القطب الشمالي؟ للقطب الشمالي أهمية كبيرة، فهو يعتبر من أهم المناطق الموجودة في العالم كونه يحتوي على العديد من الثروات الاقتصادية والبيئية في آنٍ معاً، كما أنهُ يحتوي على ثروات باطنية كبيرة يجعل جميع الدول تتنافس على الوصول إلى هذه الثروات المهمة، كما أن ذوبان الثلوج داخل القطب الشمالي لها أثر كبير في مناخ وحرارة الكرة الأرضية بالكامل، علاوة على ذلك يحتوي هذا القطب على الكثير من الموارد الطبيعية الهامة بالإضافة لنسبة 25 بالمئة من احتياطي النفط في العالم، فهيوَ منطقة باردة جداً ولكنها مهمة كثيراً وتطمح الكثير من الدول السيطرة عليها.
ما هوَ القطب الجنوبي؟ وهوَ قطب كبير وواسع المساحة جداً حيث أنَ مساحة هذا القطب تُقدّر بحوالي 14.000.000 كيلو متر مربع، علاوة على ذلك هوَ أكبر خامس قارة من قارات العالم، ويُعرف باسم أنتاركتيكا أيضاً، ويعتبر أقصى نقطة موجودة على سطح الأرض من ناحية الجنوب، ومنَ الجدير بالذكر أنَ مناخ هذا القطب بارد جداً وهو واحد من أبرد المناطق على سطح الأرض، كما أنهُ لاتعيش به أي حيوانات ولا يسكنه أي أحد لابشر ولانباتات ولاحيوانات، كما أنهُ يرتفع ارتفاع شديد عن مستوى سطح البحر بما يُقدّر بحوالي 2835 مما يجعله منطقة جليدية وباردة جداً.
أينَ يقع القطب الجنوبي؟ يقع على الطرف الجنوبي من الكرة الأرضية، ماهيَ أهمية القطب الجنوبي؟ للقطب الجنوبي أهمية كبيرة أيضاً وخاصةً للباحثين، فهو يحتوي على حوالي 100 محطة علمية من مختلف الدول وهيَ عبارة عن بعثات ترسلها الدول دوماً لاستكشاف القطب الجنوبي، كما أنَ القطع الجليدية الموجودة بهِ تعمل على توازن النظام المناخي ويُعد مكاناً مهماً لوجود الأحياء المختلفة وتكاثرها، مما يجعل العلماء يتنافسون إلى الذهاب للقطب الجنوبي واستكشاف ما بهِ، ومنَ الجدير بالذكر أنهُ يحتوي على المياه العذبة والكثير منَ المخلوقات البحرية ويُعد مختبر للكثير من أبحاث المناخ، وعلوم الفضاء.
ما الفرق بين القطب الشمالي والقطب الجنوبي؟
والآن بعد أن قدّمنا لمحة عامة عن القطبين الشمالي والجنوبي معاً، سنتناول أهم الفروق والاختلافات ما بين هذين القطبين: يعد القطب الجنوبي أبرد بعدة مرات من القطب الشمالي، فالقطب الشمالي كما ذكرنا في الأعلى أنه أدنى درجة حرارة قد وصلت إليه هي –38 درجة مئوية تحت الصفر، أما عن القطب المتجمد الجنوبي فأدنى حرارة تصل إلى –50 درجة مئوية تحت الصفر، مما يجعله منطقة باردة جداً وأبرد من القطب الشمالي.
القطب الجنوبي يقع على قارة قاحلة ويابسة فيها العديد منَ الجبال والبحيرات وتحتوي على المسطحات المتجمدة حول اليابسة، أما بالنسبة للمحيط الشمالي فهناكَ فرق واضح أنَ القطب الشمالي يقع فوق مسطح مائي متجمد، مما يجعلهُ يحتوي على العديد من الأراضي المختلفة التابعة للدول الأخرى {كروسيا، وكندا، وفنلندا} وغيرها عدة أراضي أخرى.
القارة القطبية الجنوبية ممنوع الدخول إليها والتنقيب بداخلها عن النفط أو أي موارد أخرى، أما بالمقابل القطب الشمالي مليء بالموارد والثروات النفطية وتبذل الكثير منَ الدول جهدها في التنقيب عن البترول واستنغلاله بالكامل، ومحاولة استكشاف جميع الموارد الأخرى واستغلالها لصالح الدول المُستكشفة.
القطب الجنوبي تم اكتشافه قبل 88 سنة تقريباً، أي قبلَ اكتشاف القطب الشمالي، ملكية القطب الشمالي أصبحت تابعة لعدة دول غربية للتنقيب بها والاستكشاف {كروسيا، والسويد} وغيرها، ولكن القطب الجنوبي غير تابع لأحد وغير مملوك لأي دولة من دول العالم.
تعيش البطاريق بكثرة في القطب الجنوبي، وبالمقابل تعيش الدببة القطبية في القطب الشمالي، طبقة ثقب الأوزون تكون منخفضة جداً في القطب الجنوبي وذلكَ بسبب الحرارة المتدنية والبرد القارس، بالمقابل غاز الأوزون يتواجد بدرجة أكبر في القطب الشمالي.
حدوث صدوع بكثرة في الطبقات الرقيقة من الثلج المُتجمد أثناءَ عملية ذوبان الثلج، ولكن هذا الأمر لا يحدث أبداً في القطب المتجمد الجنوبي.
ماذا عن سكان القطب الشمالي؟ وعن مكتشفه؟ كل هذه التفاصيل في التقرير.
قبل 110 أعوام، وتحديداً في السادس من أبريل/نيسان عام 1909، حقَّق المستكشف الأمريكي روبرت بيري حلماً بعيد المنال، عندما وصل هو ومساعده ماثيو هنسون إلى القطب الشمالي، كان الأمر شديد الصعوبة، فلم تكن خرائط جوجل متاحةً بعد، وليس هناك GPS، كل ما يمكن استخدامه كان خريطةً أو أطلساً فقط، نحن نتحدث عن بدايات القرن العشرين، حينما لم يكن كلا القطبين الشمالي والجنوبي قد اكتُشف بعد.
لماذا كان استكشاف القطب الشمالي أكثر صعوبة من نظيره الجنوبي؟
كان العثور على القطب الشمالي أصعب، فعكس القطب الجنوبي، الذي يقع على كتلةٍ أرضية، يقع القطب الشمالي في بحرٍ شاسعٍ مغطَّى بالجليد العائم، ونظراً إلى أنَّ الجليد مستمرٌّ في الحركة، فإنّ تنصيب عَلَم أو وضع علامة على البقعة غير مجدٍ أي منهما. بالإضافة إلى ذلك، تُصبح البوصلات المغناطيسية عديمة الفائدة في المناطق القطبية، بسبب المجال المغناطيسي في القطبين.
بناءً على ذلك، اعتمد تحديد موضع الشخص على العمليات الحسابية باستخدام الكرونومتر Chronometer وهو في الأساس قطعة زمنية عالية الكفاءة؛ وآلة السدس Sextant وهي أداة ملاحية تسمح للمستكشف بحساب خط العرض استناداً إلى موقع الشمس.
رحلات بيري لاستكشاف القطب الشمالي، قام بيري، وهو مهندس مدني في البحرية الأمريكية، بأوَّل رحلة له إلى المناطق الداخلية من غرينلاند في عام 1886. وفي عام 1891، انضم إليه هينسون -وهو بحار أمريكي من أصل إفريقي- في رحلته القطبية الشمالية الثانية.
قام فريقهما برحلةٍ طويلة في شمال شرقي غرينلاند، واستكشف ما أصبح يُعرف باسم "Peary Land"، وهي شبه جزيرة تقع شمال غرينلاند، في عام 1893، بدأ المستكشفون العمل نحو القطب الشمالي. وفي عام 1906، خلال محاولتهم الثانية، وصلوا إلى خط العرض 88 درجة شمالاً تقريباً، على بُعد 150 ميلاً فقط من هدفهم.
في عام 1908، سافر الفريق إلى جزيرة إليسمير Ellesmere عن طريق السفن. وفي عام 1909، قطعوا مئات الأميال من الجليد، ووصلوا في يوم 6 أبريل/نيسان إلى خط عرض 90 درجة شمالاً عند القطب الشمالي.
ما أهمية الوصول إلى القطب الشمالي من الأساس؟
هناك جهد كبير مبذول من أجل دراسة القطبين الشمالي والجنوبي، فأحوال الطقس في القطب الشمالي والجنوبي مختلفة عن بقية الكوكب؛ فهما أبرد منطقتين مناخيتين على الأرض، ويؤثران في مناخ الكوكب كله.
وهما مكانان جليديان، وبالفعل مصدران باردان للكوكب يؤثران في مناخ الأرض. يمكن اعتبار هذه الحقيقة السبب الأول وراء إجراء البحوث في المناطق القطبية، الثاني يتمثل في أن المناخ يسخن بسرعةٍ أكبر بكثير في القطبين أكثر من أي مكان آخر، لا سيما في القطب الشمالي. لذا يحتاج العلماء فهم سبب ذلك وما هي الآثار التي ستحدثها هذه الظاهرة.
السبب الثالث الذي يجعل من المهم للغاية إجراء البحوث بالمناطق القطبية يكمن في الخصائص الرئيسية للمنطقتين، فعندما تتساقط الثلوج، تبقى على الأرض ولا تذوب. يتكون الثلج من بلورات صغيرة ينحصر الهواء بينها. نظراً إلى تراكم طبقات الثلج تدريجياً بمرور الوقت، لم يعد هذا الهواء قادراً على الهروب ويبقى محاصَراً في الثلج. مع مرور السنين، يؤدي التراكم إلى ظهور جليد ضخم يغطي القطبين.
تحتوي طبقات الجليد هذه على سجلات للهواء ومعلومات حول مناخ الأرض تعود إلى ملايين السنين، ومن خلالها يمكن دراسة فترة زمنية معينة من خلال إطلاق فقاعات الهواء المحاصرة، وهذه الدراسات مهمة، لأنها تمكننا من معرفة الطريقة الطبيعية التي يعمل بها المناخ، كما يفهم العلماء من خلالها الارتباط بين درجات الحرارة ومعدلات ثاني أكسيد الكربون.
ماذا عن سكان القطب الشمالي؟ يجعل مناخ منطقة القطب الشمالي المتطرف المنطقة مكاناً محظوراً على السفر ومكاناً صعباً للعيش فيه. ومع ذلك، فقد وجد الناس طرقاً لاستكشاف القطب الشمالي والعيش فيه، يعتقد علماء الآثار والأنثروبولوجيا الآن أن الناس عاشوا في القطب الشمالي منذ عشرين ألف عام. يعد الإنويت في كندا وغرينلاند، ويوبيك وإينوبيات وأثاباسكان في ألاسكا، مجرد عدد قليل من المجموعات التي تنتمي إلى القطب الشمالي، عاشت الشعوب الأصلية بالقطب الشمالي في المقام الأول من الصيد وصيد الأسماك والرعي وجمع النباتات البرية من أجل الغذاء، على الرغم من أن بعض الناس يمارسون الزراعة أيضاً، خاصة في غرينلاند.
مقارنة بالسكان الأصليين الذين عاشوا في القطب الشمالي آلاف السنين، فإن المستكشفين الأوروبيين هم من الوافدين الجدد نسبياً. بدأ الأوروبيون بالتوجه شمالاً إلى مناطق القطب الشمالي في الدول الاسكندنافية وروسيا منذ نحو ألف عام فقط، مع كثير من الاستكشافات التي حدثت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
الطقس في القطب الشمالي أكثر دفئاً من القطب الجنوبي
يعيش كثير من الناس في القطب الشمالي اليوم بمدن وبلدات حديثة. يعمل الأشخاص أيضاً في القطب الشمالي، حيث يقومون باستخراج النفط والغاز من الرواسب الغنية تحت التربة الصقيعية، أو العمل في السياحة، أو إجراء البحوث، لا يزال هناك أشخاص آخرون بالمنطقة القطبية الشمالية يعيشون في قرى صغيرة بالطريقة نفسها التي عاش بها أسلافهم.
هناك مجلس للقطب الشمالي، يتكون من الدول التي لها إقليم في الدائرة القطبية الشمالية. ويتصدى هذا المجلس للقضايا التي تواجهها الأمم والشعوب الأصلية في المنطقة القطبية الشمالية، ومن ضمن ذلك القطبُ الشمالي. ويشمل المجلس دول كندا، والدنمارك، وفنلندا، وآيسلندا، والنرويج، وروسيا، والسويد، والولايات المتحدة.
ومنطقة القطب الشمالي لها أهمية اقتصادية، فالتنقيب عن النفط والغاز في بعض مناطق القطب الشمالي أثبت أنه أمر مربح، ومع ذلك، فإن الاستفادة من الطرق أو الموارد البحرية في القطب الشمالي أمر حساس من الناحية السياسية. القطب الشمالي في وسط المحيط المتجمد الشمالي، خارج المطالب الإقليمية لأي دولة. ومع ذلك، يجري حالياً استكشاف القوانين الدولية التي تسمح للدول بالمطالبة بالأراضي الممتدة على طول الجرف القاري.
في عام 2007، كانت بعثة البحث الروسية "أركتيكا" التي تستخدم غواصات متطورة، أول من ينزل إلى قاع البحر الفعلي تحت القطب الشمالي. قامت البعثة بزرع العَلم الروسي فوراً، كان رد فعل دول القطب الشمالي الأخرى قوياً، فأصدرت الولايات المتحدة بياناً ترفض فيه أي مطالبة روسية بالمنطقة. استخدم وزير الخارجية الكندي جزءاً من النشيد الوطني الكندي للتوبيخ، ويقول فيه: "هذا هو الشمال الحقيقي القوي والحر، وهم يخدعون أنفسهم إذا ظنوا أن إسقاط العَلم على قاع المحيط سيغير شيئاً".
بعض الحقائق عن القطب الشمالي
1- يقع القطب الشمالي للأرض
وسط المحيط المتجمد الشمالي، والمغطى دائماً بالجليد البحري، ويقع عند خط عرض 90 درجة شمالاً. وفي القطب الشمالي تتلاقى جميع خطوط الطول، وأقرب أرض إلى القطب الشمالي هي غرينلاند، وتقع على بُعد 700 كيلومتر.
2- تكون الشمس باستمرار فوق الأفق خلال أشهر الصيف (187 يوماً)، وتحت الأفق دائماً خلال أشهر الشتاء (178 ليلة) في القطب الشمالي. هناك ليالٍ بيضاء خلال 15-16 يوماً قبل شروق الشمس وبعد غروب الشمس في القطب الشمالي.
3- الطقس في القطب الشمالي أكثر دفئاً من القطب الجنوبي، ومتوسط درجة حرارة القطب الشمالي خلال فصل الشتاء هو -34 درجة مئوية، ومتوسط درجة حرارة الصيف القطب الشمالي هو 0 درجة مئوية. تتغير درجة حرارة القطب الشمالي خلال الأعوام العشرين الماضية، وهو ما يعتبره عديد من العلماء نتيجة للاحتباس الحراري.
4- تتميز منطقة القطب الشمالي بفقر غطائها النباتي، حيث توجد بعض أنواع الطحالب، والأعشاب البحرية، والخشخاش القطبي. أما بالنسبة للحيوانات، فهناك بعض الأنواع القادرة على البقاء في المناخ القطبي مثل الدب القطبي، والأرنب القطبي، والثعلب القطبي، وحيوانات الرنة وغيرها.
الصيف يأتي في الشتاء ولا تغرب فيه الشمس
على الطرف الجنوبيّ من الكوكب تقع واحدة من أكثر الكتل الأرضية غموضاً في العالم؛ القارة القطبية الجنوبية أنتاركتيكا المتجمدة، تمتدُّ هذه المساحة الجليدية لتشمل أكثر من 14 مليون كيلومتر مربع، ما يجعلها خامس أكبر قارة في العالم. تقع بالكامل تقريباً داخل الدائرة القطبية الجنوبية، ما يعني أن درجات الحرارة تقل دائماً عن الصفر غالبية السنة.
يتفاوت حجمها خلال الفصول، إذ يتوسّع الجليد البحري على طول الساحل فيضاعف حجم القارة في الشتاء تقريباً. فجليد القارة القطبية الجنوبية يتغير باستمرار بسبب تزحزح الأنهار الجليدية في جميع أنحاء القارة، كل القارة القطبية الجنوبية تقريباً مغطاة بالجليد، وأقل من نصف في المئة من البرية الشاسعة خالية من الجليد، وهنا بعض الحقائق المثيرة عن القارة القطبية الجنوبية أنتاركتيكا.
كيف اكتشفنا القارة القطبية الجنوبية؟ كان الصياد الأمريكي جون ديفيس أول من ادعى أنه هبط على القارة القطبية الجنوبية في عام 1821، على الرغم من أن بعض المؤرخين يعارضون ادعاءه.
في بداية القرن العشرين، انطلقت مجموعتان من المستكشفين في أنتاركتيكا في سباق للمشي حيث لم يسر أيُّ رجلٍ من قبل. ترأس أحد الفريقين المستكشف النرويجي روالد أموندسن، بينما ترأس الفريق الآخر ضابط البحرية الإنجليزية روبرت سكوت.
أمضت المجموعات 99 يوماً في سباق بعضها البعض مع القطب الجنوبي، قبل أن تعلن مجموعة أموندسن النصر في 14 ديسمبر/كانون الأول 1912، وصل سكوت وطاقمه إلى القطب بعد أربعة أسابيع في 17 يناير/كانون الثاني 1913، لكنهم لم يعودوا على قيد الحياة. عثر فريق البحث على سكوت ورفيقيه المتبقيين داخل أكياس النوم الخاصة بهم في خيمةٍ صغيرة على الجليد، على بعد 17 كيلومتراً من أقرب مخبأ للطعام والإمدادات.
ما هي معاهدة أنتاركتيكا؟ لا توجد بلدان في أنتاركتيكا؛ فالقارة تحكمها معاهدة دولية (معاهدة أنتاركتيكا)، في عام 1959، وقَّعت 12 دولة يتمركز علماؤها في القارة اتفاقاً ينص على بقاء القارة القطبية الجنوبية أنتاركتيكا تستخدم للأغراض السلمية للأبد، ولن تصبح مشهداً أو محلاً للخلاف الدولي. ومنذ ذلك الحين وقعت 38 دولة على هذه المعاهدة.
ماذا عن طقس القطب الجنوبي؟ لأنها تقع في نصف الكرة الجنوبي، فالفصول في أنتاركتيكا هي عكس الفصول في الشمال. يمتد الصيف من شهر أكتوبر/تشرين الأول إلى فبراير/شباط ويغطِّي الشتاء ما تبقى من السنة، بسبب ميل الأرض، لا تشرق الشمس في القارة القطبية الجنوبية من الاعتدال الربيعي إلى الاعتدال الخريفي، ما يعني أن القارة تظل مظلمة طوال موسم الشتاء بأكمله. ومن الممكن أن تنخفض درجات الحرارة في الشتاء إلى ما دون -73 درجة مئوية، وكانت أدنى درجة حرارة سجلت على الأرض في محطة فوستوك Vostok الروسية في القارة القطبية الجنوبية -89.9 درجة مئوية في 21 يوليو/تموز 1983.
على العكس من ذلك، خلال أشهر الصيف (من أكتوبر/تشرين الأول إلى فبراير/شباط) لا تغرب الشمس في القارة القطبية الجنوبية، ما يعني أنها تتلقى بالفعل أشعة الشمس أكثر من خط الاستواء خلال هذا الإطار الزمني.
على الرغم من كل الجليد، فإنَّ القارة القطبية الجنوبية تصنَّف على أنها صحراء لأن الرطوبة قليلة جداً، وكمية الأمطار التي تسقط عليها منخفضة جداً. تحصل المناطق الداخلية من القارة على معدل 2 بوصة (50 ملم) من الأمطار -بشكل أساسي على شكل ثلج- كل عام، ولتعلم ضآلة تلك الكمية، لابد أن تعلم أن نصيب الصحراء الكبرى الموجودة في شمال إفريقيا حوالي ضعف تلك الكمية سنوياً.
تحصل المناطق الساحلية في أنتاركتيكا على مزيدٍ من الأمطار المتساقطة، ولكن لا يزال متوسطها 8 بوصات فقط (200 ملم) سنوياً. على عكس معظم المناطق الصحراوية، فإن الرطوبة لا تتسرب إلى الأرض، بدلاً من ذلك، تتراكم الثلوج فوق نفسها.
مظاهر الحياة في القارة القطبية الجنوبية، يقتصر النبات في أنتاركتيكا على انتشار الطحالب والأشنات. ازدادت التغطية الموسمية للطحالب في أنتاركتيكا بشكلٍ مطّرد على مدار الخمسين عاماً الماضية بسبب ارتفاع درجات الحرارة. ويتوقع العلماء أن تصبح القارة الباردة أكثر خضرة مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة في العالم.
على الرغم من عدم وجود المساحات الخضراء المورقة، والغياب الكامل للبرمائيات والزواحف والثدييات الأرضية، لا تزال هناك وفرة من الحياة البرية في أنتاركتيكا وحولها، حيث يزدهر عدد كبير من البطريق والحيتان والأسماك واللافقاريات على طول سواحل أنتاركتيكا والبحار القاحلة، خاصة في فصل الصيف.
أما بالنسبة للبشر، فلا يوجد شعب أصلي يعيش في القارة القطبية الجنوبية، ولكن هناك الباحثون في المنشآت العلمية والبحثية، هناك حوالي 30 دولة مختلفة مثل الولايات المتحدة، والصين، وفرنسا، وروسيا، واليابان تدير أكثر من 70 محطة بحثية تقع في أنحاء القارة، يبلغ عدد السكان الذين يشغلون هذه المنشآت حوالي 4000 خلال أشهر الصيف و1000 فقط خلال فصل الشتاء الطويل القاسي.
وعلى الرغم من أنَّ القارة القطبية الجنوبية تعدُّ إلى حدٍ كبير مركزاً لعلماء المناخ وعلماء المحيطات وعلماء الأحياء البحرية، فإنّ الصحراء المتجمدة تجتذب أيضاً علماء الفلك من جميع أنحاء العالم.
فبفضل مناخها الجاف وغياب التلوث الضوئي، تعد أنتاركتيكا واحدة من أفضل الأماكن على الأرض لمراقبة الفضاء. كما يجعلها الطقس المتجمد أيضاً موقعاً مثالياً لدراسة كيفية تكيف النباتات والحيوانات مع الظروف البيئية القاسية.
أكبر كتلة جليدية في العالم، الغطاء الجليدي في القارة القطبية الجنوبية هو أكبر كتلة جليدية في العالم، ويمكن أن يصل سمكها أحياناً حوالي أربع كيلومترات في بعض الأماكن. تحتوي القارة ككل على حوالي 90٪ من جليد الماء العذب على الكوكب وحوالي 70٪ من إجمالي المياه العذبة على الأرض.
ويدعي العلماء أنه في حالة ذوبان الصفيحة الجليدية في غرب القارة القطبية الجنوبية، فسترتفع مستويات المحيطات في العالم من 200 إلى 210 أقدام أي ما يبلغ 60 إلى 65 متراً.
في حين أن القارة القطبية الجنوبية مغطاة بالجليد، إلا أنها تحتفظ في الواقع بواحدة من أكبر سلاسل الجبال في العالم ألا وهي جبال Gamburtsev التي تمتد أكثر من 1200 كيلومتر. تقدر أعلى قمة فيها بحوالي 2800 متر أي حوالي ثلث أطول جبل على الأرض وهو جبل إفرست.
بحيرة مياه عذبة تحت الجليد، هناك ميزة جغرافية أخرى مثيرة للاهتمام مخبأة تحت الغطاء الجليدي، فقد اكتشفت تكنولوجيا الرادار والأقمار الصناعية نظاماً من الأنهار والبحيرات أسفل الألواح الجليدية في أنتاركتيكا.
سوف تساعد دراسة هذه البحيرات تحت الجليدية العلماء في صقل توقعاتهم للتغيرات المستقبلية للجليد الجليدي على المدى الطويل، بحيرة فوستوك Vostok، من أهم البحيرات المكتشفة في القطب الجنوبي، وهي بحيرة للمياه العذبة مدفونة تحت 4 كيلومترات من المياه المجمدة. تبلغ مساحة هذه البحيرة قدر مساحة بحيرة أونتاريو وهي واحدة من أكثر من 200 مسطحات مائية مختلفة تم اكتشافها تحت الجليد.
بينما يُعتبر جراند كانيون إلى حد كبير أكبر صدع طبيعي للكوكب، اكتشف العلماء صدعاً آخر على القارة القطبية الجنوبية يمكن أن ينافس أحد أقوى الميزات الطبيعية لأمريكا، تم العثور على الوادي الذي لم يكشف عن اسمه خلال رحلة استكشافية عام 2010 ويمتد 100 كيلومتر، ويبلغ عرضه أكثر من 9 كيلومترات ويصل عمقه إلى أكثر من 1.6 كيلومتر. يتكهن العلماء أنه قد يكون أكبر، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الاستكشاف لمعرفة الحدود الحقيقية لهذا الصدع الهائل.
جبل بركاني وسط الجليد، تعد أنتاركتيكا موطناً لجبل إيرباص، وهو البركان الأكثر نشاطاً في الجنوب، وأقرب براكين الأرض للقطب الجنوبي. ومن أكثر الأشياء إثارة وجود بحيرات الحمم البركانية داخل فوهة البركان على الرغم من الظروف القاسية في القارة.
أول طفل يولد في القارة القطبية الجنوبية في يناير/كانون الثاني 1979، أصبح إميل ماركو بالما أول طفل يولد في أنتاركتيكا، وكانت الأرجنتين تبذل قصارى جهدها للمطالبة بجزء في القارة القطبية الجنوبية، ولذا أرسلت امرأة حامل إلى القارة، ووضعت هناك ابنها بالما. منذ ذلك الحدث التاريخي لم يولد سوى 10 أشخاص آخرين في القارة، ولكن لم تكن هذه المرآة الحامل أول امرأة تزور القارة القطبية الجنوبية، فقد كانت كاثرين ميكيلسون صاحبة اللقب في عام 1935.
اضف تعليق