تشكل البحار والانهار فعلياً موارد رئيسة في القرن الواحد والعشرين سواء من حيث انتاج الطاقة او من حيث الاستثمار في الزراعة، ناهيك عن كونها عامل بيئي مهم، ولهذا فإن السيطرة على مناطق المياه في العالم تعتبر بالنسبة للقوى القديمة والحديثة أساس الصراع الدولي في تجلياته الإقليمية والدولية...
تشكل البحار والانهار فعلياً موارد رئيسة في القرن الواحد والعشرين سواء من حيث انتاج الطاقة او من حيث الاستثمار في الزراعة، ناهيك عن كونها عامل بيئي مهم، ولهذا فإن السيطرة على مناطق المياه في العالم تعتبر بالنسبة للقوى القديمة والحديثة أساس الصراع الدولي في تجلياته الإقليمية والدولية، كما هو الحال مع روسيا وامريكا واوروبا والصين واليابان وبعض دول الشرق الاوسط، مثال ذلك انه على الرغم من التوتر الحاد الناجم عن خلافاتهما حول سوريا واوكرانيا، ما زال التعاون قائما بين روسيا والغرب بشكل متطور في القطب الشمالي، في المقابل قال علماء إن القاعدة الصخرية للقارة القطبية الجنوبية ترتفع بوتيرة سريعة على نحو قد يبطئ من الزيادة في مستويات البحار الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، فيما قال علماء إن الغطاء الجليدي للمحيط المتجمد الشمالي في فصل الشتاء انكمش هذا العام إلى ثاني أصغر مساحة له منذ بدء التسجيل وذلك في إطار ذوبان يمهد الطريق أمام عمليات الشحن والتنقيب عن النفط في المنطقة وربما يتسبب في تقلب أحوال الطقس جنوبا.
على صعيد ذي صلة، قال ممثلون عن دول أعضاء إن المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة توصلت يوم الجمعة لاتفاق لخفض انبعاثات الكربون بعد سنوات من التقدم البطيء، وأضافوا أن الخطة التي تمثل حلا وسط ستخفض الانبعاثات بنسبة 50 بالمئة على الأقل بحلول عام 2050 مقارنة بمعدلات عام 2008 لكنها لم ترق لأهداف طموحة وضعت في السابق.
من جانب آخر، قالت جماعة جرينبيس (السلام الأخضر) المعنية بالدفاع عن البيئة إن نفايات بلاستيكية ومواد كيماوية سامة عثر عليها في مناطق نائية بالقارة القطبية الجنوبية هذا العام تقدم دليلا إضافيا على أن التلوث يمتد وينتشر حتى إلى أطراف كوكب الأرض.
في الوقت نفسه، اقترحت المفوضية الأوروبية حظر المنتجات البلاستيكية التي تستخدم مرة واحدة مثل الأعواد القطنية وشفاطات المشروبات وإلقاء عبء التخلص من النفايات على المصنعين في محاولة للحد من القمامة الملقاة في البحر.
كما يبدو أن البحار والانهار تتغير بسرعة خلال السنوت القليلة الماضية ولكن ليس إلى الأفضل، إذ تشير أدلة علمية راسخة إلى أن المحيطات أصبحت أقل عمرانا بالكائنات الحية، وأكثر دفئا وحمضية، ويفرض هذا ضغوطا شديدة على الحياة البحرية. ولكن هناك نبأ سار: إذ تشير الأدلة أيضا إلى أن المحيطات قادرة على تجديد شبابها، وقد اتفق العالَم بالفعل على تمكين هذه النتيجة، اما الخبر غير السار فان استخدام البلاستيك بمستويات كبيرة، والمرشحة للتفاقم وتصل إلى مستوى كارثة بيئية كونية، تهدد كل أشكال الحياة على الكوكب، ولا سيما على البحار والمحيطات.
فبعد أن كثر الحديث مؤخرا عن مسألة الاحتباس الحراري وخطورتها على كوكب الأرض، وخصوصا على المخزون الجليدي في القطبين الجنوبي والشمالي، بدأت الكثير من المنظمات البيئية العالمية بمتابعة الظواهر البيئية ودرجات الحرارة التي سجلت هناك في السنوات الأخيرة.
ووفقا للخبراء تم التركيز على منطقة القطب الجنوبي تحديدا كونها تعد خزان المياه العذبة على كوكب الأرض، فهي تحتوي على 90% من المياه العذبة الموجودة على هيئة طبقات جليدية سميكة جدا".
وأوضح الخبراء أن "درجات الحرارة المرتفعة هناك قد تتسبب بكارثة حقيقية، فالجليد الموجود في القارة القطبية الجنوبية تصل سماكته إلى 5 كيلومترات في بعض المناطق، فلو افترضنا ذوبان هذا الجليد، فهذا معناه أن مستوى المياه في البحار والمحيطات سيرتفع بمعدل 60 مترا، أي أن المياه ستغمر الكثير من المدن وحتى البلدان على سطح الأرض.
وعليه فان أن قيمة المحيطات تذهب إلى ما هو أبعد من الاقتصاد. فالمحيطات تزودنا بنصف الهواء الذي نتنفسه، وتحكم أحوال الطقس، وتساعد على دعم السلام والرخاء ومستقبل المحيطات هو مستقبل العالم.
مستويات قياسية في حرارة المحيطات
أطلقت الأمم المتحدة تحذيرا من المخاطر على الحياة البحرية بسبب التغير المناخي، بعد أن سجلت المحيطات مستويات حرارة قياسية عام 2018. وكانت الأمم المتحدة قد أشارت في فبراير/شباط إلى أن فترة 2015-2018 كانت الأكثر حرا منذ بدء تدوين الحرارة في السجلات، وفي تقريرها حول وضع المناخ، أعطت المنظمة الدولية للأرصاد الجوية توضيحات حول تكاثر "الأدلة الحسية" للتغير المناخي مثل الظواهر المناخية القصوى. وقد فصلت أيضا أثرها الاجتماعي-الاقتصادي المتزايد.
وقالت المنظمة إن حرارة مياه المحيطات بلغت مستوى قياسيا جديدا في 2018 على عمق يراوح بين صفر و700 متر (بيانات تعود إلى العام 1955) وبين صفر وألفي متر (بيانات تعود إلى العام 2005) "ما أطاح المستويات القياسية المسجلة في 2017".
وأوضحت أن مستوى مياه البحر واصل ارتفاعه "بوتيرة متسارعة" ليصل إلى مستوى قياسي أيضا. وعزت هذا التسارع في ارتفاع منسوب البحار خصوصا إلى "تقلص متزايد للكتل الجليدية" القطبية.
وكانت الأطواف الجليدية في القطب الشمالي أدنى بكثير من المستوى الطبيعي طوال العام 2018 مع تراجع قياسي في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط. وفي نهاية 2018، كان مستوى الجليد البحري بالمعدل اليومي في أدنى مستوياته المسجلة على الإطلاق.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في مقدمة الإعلان إلى أن "البيانات التي كشف عنها في التقرير الحالي مقلقة جدا. السنوات الأربع الأخيرة كانت الأكثر حرا في السجلات على الإطلاق، ومعدل الحرارة على سطح الكوكب في 2018 بات أعلى بحوالى درجة مئوية مقارنة بالمعدلات ما قبل الثورة الصناعية"، وأضاف "لم يعد هناك أي وقت للمماطلة"، وخلال مؤتمر صحفي في نيويورك، حذر الأمين العام للأمم المتحدة إزاء استحالة عكس المسار المناخي الذي يسلكه العالم. وقال "بتنا قريبين جدا" من لحظة الوصول إلى نقطة اللاعودة مذكرا بأنه ينظم قمة في سبتمبر/أيلول في الأمم المتحدة لزيادة الزخم في التحركات المناخية في العالم، وأوضح أنه قال لزعماء العالم "لا تأتوا مع خطاب بل مع خطة"، كذلك اعتبرت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة ماريا فرناندا إسبينوزا من ناحيتها خلال المؤتمر الصحفي عينه أن ثمة حاجة ملحة "إلى زيادة الطموحات". وقالت "نحن في حاجة إلى التحرك وهذا يجب أن يحصل فورا"، وبحسب التقرير، كانت غالبية المخاطر الطبيعية في العالم التي وقع ضحيتها حوالى 62 مليون شخص متصلة بظروف الأحوال الجوية والمناخية القصوى. وكما في السابق، الفيضانات هي التي ألحقت أضرارا بالعدد الأكبر من الأشخاص وهم أكثر من 35 مليونا.
وكانت أكثر من 1600 وفاة متصلة بموجات الحرارة القصوى وحرائق الغابات التي ضربت أوروبا واليابان والولايات المتحدة، وقد قاربت قيمة الأضرار المادية المتأتية من هذا الوضع 24 مليار دولار في الولايات المتحدة، أما في الهند، لم تشهد ولاية كيرالا كميات أمطار بهذه الغزارة وفيضانات بهذا المقدار من قوة التدمير منذ قرن تقريبا.
تقرير: الجزر القطبية شمالي النرويج مهددة "بالدمار" بسبب تغير المناخ
أفاد تقرير نرويجي بأن درجات الحرارة في الجزر القطبية المتجمدة شمالي النرويج ترتفع بوتيرة أسرع من أي مكان آخر على سطح الأرض تقريبا وأن المزيد من الانهيارات الجليدية والأمطار قد تتسبب في تغيرات ”مدمرة“ بحلول عام 2100.
ويلقي ذوبان الجليد على جزر سفالبارد، التي يقطنها نحو 2300 شخص وتضم قرية لونجيربين الرئيسية التي تبعد 1300 كيلومتر عن القطب الشمالي، الضوء على مخاطر في أجزاء أخرى من المنطقة القطبية من ألاسكا إلى سيبيريا.
وتقول الدراسة إن متوسط درجات الحرارة على جزر سفالبارد ارتفع بين ثلاث وخمس درجات مئوية منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي وقد يرتفع عشر درجات إجمالا بحلول عام 2100 إذا استمرت الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في الزيادة.
وتتعهد نحو 200 حكومة بموجب اتفاق باريس المناخي لعام 2015 بالحد من ارتفاع متوسط درجات حرارة في العالم إلى ما دون درجتين مئوية فوق مستويات عصر ما قبل الثورة الصناعية بحلول عام 2100. وارتفعت درجة حرارة العالم بالفعل نحو درجة مئوية واحدة، وقال التقرير إنه يتعين على النرويج زيادة الاستثمارات لنقل مبان بعيدا عن مسارات الانهيارات الجليدية وحفر أساسات أعمق للبنية الأساسية مع ذوبان الجليد، وقُتل شخصان عام 2015 عندما هدم انهيار جليدي عشرة منازل في قرية لونجيربين.
أسرع من المتوقع
قال علماء إن درجة حرارة المحيطات ترتفع بشكل أسرع من التقديرات السابقة لتصل إلى مستوى قياسي جديد خلال عام 2018 في اتجاه يدمر الحياة البحرية، وأوضح العلماء أن القياسات الجديدة، التي أُخذت بالاستعانة بشبكة دولية مكونة من 3900 عوامة منشورة في المحيطات منذ عام 2000، تظهر ارتفاعا أكبر في درجات الحرارة منذ عام 1971 يفوق تقديرات الأمم المتحدة الأخيرة للتغير المناخي في عام 2013.
وكتب علماء من الصين والولايات المتحدة في دورية ساينس العلمية إن ”سجلات رصد محتوى حرارة المحيطات تظهر أن ارتفاع حرارة المحيطات آخذة في التسارع“، ويقول الغالبية العظمى من علماء المناخ إن الغازات الناجمة عن الأنشطة البشرية تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي وتمتص المحيطات الجزء الأكبر من هذه الحرارة. ويجبر ذلك الأسماك على الهرب إلى مياه أكثر برودة، وكتب العلماء في إفادة ”التغير المناخي العالمي موجود وله تداعيات خطيرة بالفعل. ما من شك البتة“.
وتعتزم نحو 200 دولة التخلي عن الوقود الحفري خلال القرن الحالي بموجب اتفاق باريس للمناخ الذي جرى التوصل إليه عام 2015 وذلك للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. ويسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يرغب في أن تزيد بلاده من استخدام الوقود الحفري، للانسحاب من الاتفاق عام 2020.
وقال لي جينغ تشينغ من معهد فيزياء الغلاف الجوي في الأكاديمية الصينية للعلوم إن البيانات المقرر نشرها الأسبوع المقبل ستظهر أن ”عام 2018 كان العام الأحر على الإطلاق للمحيطات في العالم متخطيا عام 2017“.
ذوبان مبكر
تتدفق مياه نهرين رئيسيين في ألاسكا، عادة ما تكون متجمدة في هذا الوقت من العام، بسلاسة بعد ذوبان جاء قبل موعده بكثير بسبب ارتفاع قياسي في درجات الحرارة خلال الشتاء والربيع، ففي مدينة نينانا بألاسكا، انكسرت طبقة الجليد فوق نهر تانانا بعد منتصف ليل يوم الأحد بقليل. ويمثل هذا أبكر موعد لتفكك الجليد حتى الآن في التاريخ الممتد منذ 102 عام لبركة نينانا آيس كلاسيك الشهيرة التي تجرى عندها مسابقة يحاول فيها المشاركون التنبؤ بموعد سقوط هيكل خشبي موضوع على الجليد بسبب الذوبان.
وحدث ذوبان مبكر آخر يوم الجمعة على نهر كاسكوكويم بمدينة بيثيل بجنوب غرب ألاسكا. كان هذا الذوبان هو الأبكر في هذا الجزء من النهر منذ 92 عاما من السجلات التي تحتفظ بها الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية.
وتظهر السجلات الخاصة بالنهرين أن انكسار الجليد يحدث مبكرا بنحو أسبوع في المتوسط منذ الستينيات، دون الأخذ في الحسبان الموعد المبكر القياسي للذوبان في العام الجاري، وقال براين بريتشنايدر الباحث في المناخ بمركز إنترناشونال أركتيك للأبحاث في فيربانكس، والتابع لجامعة ألاسكا، إن استمرار حدوث الذوبان في وقت مبكر عن موعده يعكس التغير طويل الأمد في المناخ بالولاية، وأضاف أن الذوبان المبكر هذا العام انعكاس للدفء الذي ساد مناطق واسعة في ألاسكا، من قمم الجبال إلى المحيط.
وبالنسبة لمن يعيشون في ريف ألاسكا، في مجتمعات تفتقر إلى وجود طرق موصلة إليها، قد يكون للتغيرات في جليد الأنهار عواقب وخيمة، إذ يستخدم الريفيون وأيضا السكان الأصليون الأنهار المتجمدة للتنقل بعربات الثلوج أو مركبات أخرى.
صعوبة العثور على الغذاء
قال علماء إن ظاهرة الاحتباس الحراري ستجعل الحياة أصعب بالنسبة للثدييات والطيور التي تعيش في البحار القطبية على التهام الأسماك التي كانت بطيئة الحركة وسهلة الصيد في المياه المتجمدة، وكتب الباحثون في دورية (ساينس) العلمية أن الفقمة والحيتان وطيور البطريق وغيرها من المخلوقات دافئة الجسد تسيطر على البحار القطبية جزئيا لأن درجة حرارتها الداخلية الثابتة تجعلها قادرة على التحرك بسرعة أكبر من فريستها ذات الدم البارد، ولكن ارتفاع درجات الحرارة في المحيط المتجمد الشمالي والبحار حول القطب المتجمد الجنوبي يعمل على تنشيط الأسماك من الكبلين الصغير إلى القروش الكبيرة التي تتباطأ حركتها واستجابتها في المياه المتجمدة، وكتب الباحثون الذين قادهم جون جرادي من جامعة ولاية ميشيجان في الدراسة ”بشكل عام تسيطر الحيوانات المفترسة ذات الأجساد الدافئة حيثما تكون الفرائس بطيئة وغبية وباردة“، وقال جرادي لرويترز في رسالة بالبريد الإلكتروني عن النتائج التي توصل اليها علماء من الولايات المتحدة وألمانيا وكندا وإنجلترا ”أن تكون أسرع من فريستك أو أعدائك ... ميزة مهمة للبقاء والحصول على الغذاء“.
وأضاف ”أسماك القرش الأسرع هي أسماك قرش أكثر فتكا. والثدييات والطيور الأكثر ضعفا هي تلك التي تتغذى على الأسماك سريعة الحركة وينبغي أن تقلق من أسماك القرش المفترسة وهذا يشمل الكثير من طيور البطريق وأسود البحر“.
ويعد التنوع الواسع للثدييات والطيور البحرية في المناطق القطبية من الأطوار البيولوجية الغريبة لأن التنوع عادة ما يكون قرب خط الاستواء. وتساعد ميزة الجسم الدافئ في المياه المتجمدة على تفسير هذا التناقض، ويقدر العلماء أن كل زيادة بمقدار درجة واحدة مئوية في درجة حرارة سطح البحر ستؤدي إلى انخفاض بنسبة 12 في المئة في عدد الثدييات البحرية.
علماء يبحثون بين الجليد عن مقومات الحياة
شرع فريق من العلماء في مهمة مدتها أربع سنوات لاكتشاف ما الذي يمكن أن يفقده العالم غير الماء عندما تذوب الأنهار الجليدية، ومن خلال فحص كائنات دقيقة توجد في جداول تغذيها الأنهار الجليدية، يأمل باحثون من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان أن يتوصلوا لصورة أوضح لكيفية تأقلم هذه الكائنات مع الأحوال البيئية القاسية، وقال توم باتن المدير الأكاديمي للمعهد وقائد فريق البحث للصحفيين عند نهر رون الجليدي المغطى حاليا بأغطية بيضاء عاكسة لأشعة الشمس في محاولة لإبطاء ذوبانه ”حان الوقت كي نجد وسائل جديدة لمواجهة هذا التغير البيئي غير المسبوق“.
وأضاف ”الشيء البالغ الأهمية الآن من الناحية العلمية هو أننا بدأنا العمل عبر حدود أنظمة مختلفة. ففي كثير من الأحيان ننتقل بسرعة كبيرة من انحسار الأنهار الجليدية إلى ارتفاع منسوب البحار. ما يحدث بين هذه وتلك أمر غير معروف“.
وسيسافر الباحثون إلى أكبر أنظمة الأنهار الجليدية في العالم لجمع كائنات متناهية الصغر من مئات الجداول التي تغذيها الأنهار الجليدية وتحليل خريطتها الوراثية. وستأخذهم رحلتهم البحثية إلى جداول في ألاسكا وجبال الهيمالايا والأنديز وجرينلاند والدول الاسكندنافية والقوقاز ونيوزيلندا وجبال الألب الأوروبية.
وكانت الأنهار الجليدية والجداول التي تغذيها كثيرة ذات يوم لكنها تتلاشى نتيجة تغير المناخ. ويتوقع علماء الجليد اختفاء نصف الأنهار الجليدية الصغيرة في سويسرا خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة، وينطبق نفس الشيء على الجداول التي تغذيها هذه الأنهار الجليدية والأنظمة البيئية التي تعتمد عليها.
جزيرة هندية تختفي تدريجيا
يود سكان جزيرة غورامارا الهندية الرحيل عنها إذ أن مساحتها تتقلص عاما بعد عام بسبب ارتفاع مستوى مياه البحر غير أن كثيرين منهم ليس بمقدورهم تحمل نفقات الرحيل، ويقول أعيان القرية إن الجزيرة التي تبلغ مساحتها 4.6 كيلومتر مربع وتعد جزءا من دلتا سوندرابان على خليج البنغال انخفضت مساحتها بمقدار النصف تقريبا خلال العشرين عاما الأخيرة، وانخفض عدد سكان الجزيرة الصغيرة إلى 4800 نسمة من 7000 نسمة قبل عشر سنوات، وقال سانجيب ساجار زعيم القرية في الجزيرة التي تبعد 150 كيلومترا جنوبي مدينة كلكتا الهندية ”إذ أصابت موجة مد (تسونامي) أو إعصار كبير هذه الجزيرة فسينتهي أمرنا“، وتضم دلتا سوندرابان التي تتقاسمها الهند وبنجلادش أكبر غابة مانجروف في العام كما تعيش فيها نمور ودلافين وطيور وزواحف نادرة معرضة للفناء.
وغورامارا واحدة من جزر عديدة في الدلتا تأثرت بارتفاع مستوى البحر وتآكل لتربة الذي يقول الخبراء إنه من فعل التغيرات المناخية، ويقول سكان إن مياه الفيضان تزداد سوءا وتهدد بيوتهم وأرزاقهم، وقال شيخ أفتاب الدين وهو يجلس خارج بيته الطيني مع زوجته بعد أن دمرت مياه الفيضان بيته السابق. ”إذا أتاحت الحكومة إعادة التأهيل فسأرحل“، وقال ساجار إن نصف القرويين مستعدون للانتقال إذا وفرت لهم الحكومة أرضا مجانية في منطقة آمنة. لكنهم لم يتلقوا ردا على طلب التعويض أو نقل الناس من الجزيرة.
وامتنع اثنان من العاملين في مكتب جاويد أحمد خان الوزير المسؤول عن إدارة الكوارث في حكومة ولاية البنغال الغربية عن التعليق على ما إذا كان لدى الحكومة خطط لنقل السكان، وقد حولت الفيضانات شواطئ الجزيرة إلى تربة طينية على حوافها قطع من أشجار جوز الهند، ويلقي الصيادون بشباكهم لمحاولة الاستفادة من ارتفاع منسوب المياه.
والفيضانات تدمر البيوت كما تدمر محاصيل النباتات الورقية الثمينة التي يقتات عليها كثيرون من سكان الجزيرة، وقال ميهير كومار موندال أحد مزارعي هذه المحاصيل ”كل عام تدخل مياه المد المالحة أرضنا وتدمر زراعاتنا ولذا علي أن أواجه خسارة كبيرة“، ويقول خبراء تغير المناخ إنه سيتعين نقل سكان الجزيرة بالكامل إلى منطقة أخرى في يوم من الأيام.
محطات تحلية المياه تضر بالبيئة
كشفت دراسة دعمتها الأمم المتحدة يوم الاثنين إن قرابة 16 ألف محطة لتحلية المياه في جميع أنحاء العالم تنتج كميات أكثر من المتوقع من المياه شديدة الملوحة (مخلفات) ومواد كيماوية سامة مما يشكل خطرا على البيئة.
وتقول الدراسة إنه لكي تنتج محطات التحلية 95 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب فإنها تنتج أيضا 142 مليون متر مكعب من المياه شديدة الملوحة كل يوم أي بزيادة 50 في المئة عن التقديرات السابقة.
وتوضح الدراسة التي أجراها معهد جامعة الأمم المتحدة للمياه والبيئة والصحة ومقره كندا إن نحو 55 في المئة من المياه شديدة الملوحة تنتجها المحطات التي تقوم بتحلية مياه البحر في كل من السعودية والإمارات وقطر.
وتقول الدراسة عن التكنولوجيا التي يزداد الطلب عليها وكثيفة الاستخدام للطاقة إن المياه شديدة الملوحة تضخ معظمها في البحر وستكون كافية بمرور السنين لتغطية مساحة تعادل ولاية كاليفورنيا الأمريكية بمياه شديدة الملوحة يصل ارتفاعها إلى 30 سنتيمترا.
وقالت الدراسة إن المخلفات وهي مياه تمثل نسبة الملح فيها خمسة في المئة غالبا ما تحتوي على مواد سامة مثل الكلور والنحاس المستخدم في التحلية. وعلى النقيض فإن نسبة الملح في مياه البحر في جميع أنحاء العالم تبلغ نحو 3.5 في المئة.
وقال إدوارد جونز المشرف على الدراسة والذي يعمل أيضا في جامعة فاجنينجين في هولندا إن النفايات الكيماوية ”تتراكم في البيئة ويمكن أن تكون لها تأثيرات سامة على الأسماك“، وأضاف أن المخلفات من المياه شديدة الملوحة يمكن أن تقلل مستويات الأكسجين في مياه البحر قرب محطات التحلية مع ”تأثيرات كبيرة“ على المحار والكابوريا ومخلوقات أخرى في قاع البحر مما يؤدي إلى ”تأثيرات بيئية يمكن ملاحظتها على كل مستويات السلسلة الغذائية“.
وقال فلاديمير سماختين مدير معهد جامعة الأمم المتحدة للمياه والبيئة والصحة إن الدراسة جزء من بحث عن كيفية أفضل السبل للحصول على مياه صالحة للشرب لعدد متزايد من السكان من دون الإضرار بالبيئة.
جراد البحر يهدد التوازن البيئي
قال خبير أحياء مائية إن جراد البحر يتكاثر بسرعة ويشكل خطرا على الحياة بالمياه العذبة في ألمانيا، ويعود موطن جراد البحر إلى أمريكا الشمالية ولم يتضح حتى الآن كيف وصل إلى ألمانيا، وقال الأستاذ الجامعي أندرياس مارتنز رئيس معهد علم الأحياء بجامعة كارلسروهه إن جراد البحر وصل إلى ألمانيا قبل 25 عاما وانتشر بكثافة منذ ذلك الحين في عدة مناطق منها أعالي نهر الراين.
وقال مارتنز ”إنه خطير هنا على وجه الخصوص نظرا لقدرته على السير على الأرض ودخول مناطق مائية أصغر لها أهمية للكائنات البرمائية“، وأوضح ”بمجرد دخوله برك المياه يتكاثر بسرعة وعندما يحقق هذا الانتشار الكبير لا تجد شيئا آخر في المياه سوى هذا الكائن“، ومنذ نحو عامين، يلحق جراد البحر ضررا بالنظام البيئي في إحدى البقاع المائية بمدينة راينشتاتن في جنوب غرب ألمانيا. وقال الخبير الألماني إن أعداده تزداد هناك متوقعا انتشارا أكبر في العام المقبل، وأضاف مارتنز ”ثم لن تجد شيئا بعد ذلك. لن تجد نباتات مائية. لا شيء. ستجد فقط مياها عكرة“، وقال مارتنز إنه وزملاءه يحاولون حل المشكلة بوسائل منها وضع جذوع أشجار في قاع المياه حتى لا يتمكن الجراد من عبورها بينما تستطيع البرلمانيات اجتيازها، وأضاف ”الأهم أننا نحتاج لإخراج الإناث من المياه حتى نمنعها من التكاثر في العام المقبل“.
اضف تعليق