تشهد الصين مستويات خطيرة من تلوث الهواء وخاصة في العاصمة بكين، في الوقت الذي يبدو فيه القضاء على المشكلة لن يكون مباشرا، حيث يتطلب أن يتقدم تحسين جودة الحياة في الأهمية على النمو الاقتصادي، وغالبا ما قللت الحكومة من شأن التلوث في العاصمة، وكانت تصر على أنها مجرد ضباب...
تشهد الصين مستويات خطيرة من تلوث الهواء وخاصة في العاصمة بكين، في الوقت الذي يبدو فيه القضاء على المشكلة لن يكون مباشرا، حيث يتطلب أن يتقدم تحسين جودة الحياة في الأهمية على النمو الاقتصادي، وغالبا ما قللت الحكومة من شأن التلوث في العاصمة، وكانت تصر على أنها مجرد ضباب، بالرغم من وجود أدلة تناقض هذا.
ففي الآونة الأخيرة تسببت كثافة الضباب الدخاني في شمال الصين في إلغاء مئات الرحلات الجوية كما أُغلقت طرق سريعة واضطربت الحركة المرورية، كما ذكرت وسائل إعلام محلية في الصين أن خمس مناطق في بكين أعلنت عن خطط للحد من عدد سكانها خلال الأعوام القلية المقبلة في محاولة من العاصمة للتعامل مع أزمتي التلوث والزحام المزمنتين.
فيما يرى الخبراء بهذا الشأن ان سبب المشكلة هو نمو الصين بسرعة ونطاق غير مسبوقين في التاريخ. وكان النمو مكلفا بكل المقايس مما أسفر عن تدهور حال البيئة، فمحطات الطاقة المعتمدة على حرق الفحم، والتي تزود مئات الملايين في المنازل بالتدفئة المطلوبة، تسهم كذلك في ارتفاع نسب السموم في الهواء.
كما تزدحم العاصمة بخمسة ملايين سيارة تصدر جميعها عوادم خانقة. ويوضح هذا العدد من السيارات قدر الرخاء المتزايد في البلاد، ولا يقتصر الأمر على جودة الهواء فحسب، بل يمتد إلى البحيرات والأنهار والمياه الجوفية التي تلوثت جراء القيود المخففة على الصناعة. ولم يعد أحد تقريبا في بكين يثق في جودة المياه التي تأتي عبر الصنابير، وربما يمثل الدخان الكثيف الذي غطى بكين في الآونة الأخيرة نقطة تحول.
حيث بات تلوث الهواء بالأوزون في مدن الصين يشكل خطرا كبيرا على الصحة وترتبت عليه زيادة في أعداد الوفيات بين السكان نتيجة الجلطات الدماغية وأمراض القلب، وذلك وفقا لدراسة جديدة قام بها فريق من الباحثين الصينيين.
وينتج الأوزون عند سطح الأرض، والمعروف أيضا بالضباب الكيميائي الضوئي، عن التفاعل بين ضوء الشمس وأكسيد النيتروجين وكميات هائلة من مركبات عضوية متطايرة لا يمكن التحكم فيها تنتج عن حرق الوقود الأحفوري أو إنتاج مواد كيماوية.
وتشن الصين حربا على التلوث للتصدي للأضرار البيئية التي نتجت عن نمو اقتصادي هائل بدأ منذ نحو أربعة عقود. ولكن التركيز الأكبر كان على خفض تركيز الذرات المتناهية الصغر المعروفة باسم (بي.إم 2.5) خاصة في فصل الشتاء.
وظل قطاع المناجم جزءا حيويا في التوسع الاقتصادي السريع بالصين في العقود الثلاثة الأخيرة لكن سوء التنظيم وضعف تطبيق المعايير تسبب في تلوث معظم التربة وجعل أجزاء من الأرض وإمدادات المياه غير صالحة للاستخدام الآدمي وهدد الصحة العامة.
والصين أكبر مصدر لغازات الاحتباس الحراري في العالم، ونشرت في عام 2016 خطة لتسريع وتيرة تطوير استخدام طاقة الوقود غير الأحفوري في 31 منطقة ومكافحة غازات الاحتباس الحراري في القطاع الزراعي وزيادة مساحة الرقعة الخضراء.
وتعهدت الصين بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة من نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 18 بالمئة خلال الفترة بين 2016 و2020 ووضع حد أقصى للاستهلاك الكلي للطاقة عند 5 مليارات طن من مكافئ الفحم القياسي بنهاية العقد ارتفاعا من 4.3 مليار طن في عام 2015، تكثف الصين حملتها الواسعة لمكافحة التلوث عبر اقفال أعداد كبيرة من المصانع خصوصا في قطاع صناعة الفولاذ، لدرجة بات البعض يبدي مخاوف على وتيرة النمو في هذا البلد الآسيوي العملاق.
فخلال الأشهر الأخيرة خرجت عدة مظاهرات كبيرة الحجم احتجاجا على مصانع يتم بناؤها في شتى المدن، ومازال النمو الاقتصادي يحتل قمة أولويات الحكومة. فالسلطات تخشى اضطراب الأوضاع في غياب هذا النمو، حيث ستصبح أعداد كبيرة من الناس عاطلين، ومازال هناك مئات الملايين من الصينيين الذين يرغبون في شراء سيارتهم الاولى، وجهاز تكييف وحتى ثلاجة، فمن منهم على استعداد للتنازل عن حلمه؟.
ولهذا السبب، من المرجح أن يظل الهواء النظيف أمرا نادرا في بكين لسنوات. كما أن بعض الأثرياء اتخذوا موقفا ونقلوا إقامتهم إلى كندا أو استراليا. لكن هذا الخيار غير متاح للغالبية.
التزم الصين بمعايير الصحة العالمية لجودة الهواء
قالت دراسة جديدة من مجموعة بحثية أمريكية إن الصين قد ترفع متوسط العمر المتوقع 2.9 سنة إذا حسنت نوعية الهواء إلى المستويات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية، وتعهدت الصين بتحديد التأثير الدقيق لتلوث الهواء والماء على الصحة في إطار جهودها لزيادة متوسط العمر المتوقع من 76.3 عاما في 2015 إلى 79 عاما بحلول 2030.
وقال معهد سياسة الطاقة في جامعة شيكاجو إن التحسينات الكبيرة على جودة الهواء والتي تحققت خلال السنوات الخمس الأخيرة كانت كافية بالفعل لرفع متوسط العمر المتوقع، وقال مايكل جرينستون مدير معهد سياسة الطاقة في إحدى المناسبات ببكين يوم الخميس إن ”الصين بدأت تكسب حربها ضد التلوث.. من المقرر أن تشهد(الصين) تحسينات كبيرة في الصحة العامة لشعبها بما في ذلك زيادة متوسط العمر المتوقع إذا استمرت هذه التحسينات“.وقالت النتائج التي توصل إليها معهد سياسة الطاقة إن من المتوقع بالفعل أن ترفع التحسينات التي جرت على جودة الهواء في مدينة تيانجين المعرضة للضباب الدخاني بشمال الصين خلال السنوات الخمس الماضية متوسط العمر المتوقع لسكانها البالغ عددهم 13 مليون نسمة 1.2 عام، وخفضت الصين متوسط تركيزات الجزئيات الخطيرة المعروفة باسم بي. إم2.5 إلى 39 ميكروجراما لكل متر مكعب في المتوسط العام الماضي بتراجع عن 9.3 في المئة من 2017 بعد حملة للحد من استخدام الفحم وتحسين مستويات الصناعة والسيارات.ولكن مازال متوسط مستويات الانبعاثات أعلى بشكل كبير من المعيار الذي حددته الصين لنفسها وهو 35 ميكروجراما بالإضافة إلى المستوى الذي حددته منظمة الصحة العالمية وهو عشرة ميكروجرامات، ويعتبر متوسط التركيزات أعلى بكثير في المناطق الصناعية الشمالية.
توسع نطاق الفحص البيئي للشركات المملوكة للدولة
قال مسؤول كبير في وزارة البيئة يوم الجمعة إن الصين ستوسع نطاق إجراءات التفتيش البيئي لتشمل المزيد من الشركات المملوكة للحكومة المركزية في العام المقبل في إطار توسيع حملة لمكافحة التلوث مدتها خمسة أعوام.
وقال ليو تشانغ قن رئيس الفريق المركزي للفحص التابع لوزارة البيئة إن عمليات التفتيش ستغطي مجموعة من القطاعات التي تعمل بمستويات طاقة وملوثات مرتفعة ومنها مصافي النفط ومصانع فحم الكوك وإنتاج الكيماويات.
وسيتحرى المفتشون مدى التزام الإدارات الحكومية بتطبيق إجراءات مكافحة التلوث بالكامل، وقالت الوزارة إنها ستطبق إجراءات أكثر فاعلية لمكافحة التلوث بعد اجتماع لكبار المسؤولين خلص لوجود ضغوط نزولية على ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وأكدت الوزارة أنها لم تخفف حملتها على التلوث وأشارت إلى زيادة الانبعاثات من المنازل مع بدء موسم الشتاء وسوء الأحوال الجوية وهبوب عاصفة ترابية أدت لانخفاض جودة الهواء في منطقة بكين-تيانجين-خبي.
فرض قيود على شاحنات الديزل وتحسن معايير الوقود
أفادت إرشادات جديدة نشرتها وزارة البيئة بأن الصين ستتخذ إجراءات ضد شاحنات الديزل التي تسبب تلوثا شديدا، وذلك بفرض معايير أكثر صرامة فيما يتعلق بالوقود والمحركات وزيادة أحجام الشحن عبر القطارات وتعزيز قدراتها الرقابية.
وأضافت الوزارة في وثيقة سياسات أصدرتها يوم الجمعة أنها ستسعى إلى تحقيق ”زيادة كبيرة“ في أعداد شاحنات الديزل المطابقة لمواصفات الانبعاثات بحلول عام 2020، مستهدفة معدل التزام يصل إلى 90 في المئة على الأقل في العام التالي.
وتعهدت الوزارة بتحسين جودة الديزل وفرض قيود على الوقود منخفض الدرجة وتقليص مجمل انبعاثات أكسيد النيتروجين وكذلك انبعاثات الجسيمات الناتجة عن استهلاك الوقود، وذكرت الوثيقة أن الشاحنات الجديدة التي لن تلتزم بالمتطلبات التي تفرضها الدولة لن يسمح لها بدخول السوق، كما سيتم إصدار أوامر للأقاليم الرئيسية لتطبيق معايير محسنة للوقود بدءا من يوليو تموز المقبل، وهذا هو العام الخامس في ”حرب“ الصين على ”التلوث“ لكن متوسط مستوى الانبعاثات في كثير من المدن الواقعة في شمال البلاد، والتي تشهد ضبابا دخانيا، لا يزال أعلى بكثير من المستويات التي توصي بها الحكومة.
خفض انبعاثات الضباب الدخاني 12% في 2018
قالت السلطات البيئية في الصين إن العاصمة بكين وإقليم خبي الصناعي المحيط بها حققا خفضا في الانبعاثات التي تتسبب في الضباب الدخاني بنسبة 12 بالمئة على الأقل العام الماضي، يأتي ذلك بعد حملة استمرت لفترة طويلة على المنشآت التي تتسبب في تلوث الهواء وحملات لتقليل استخدام الفحم في المنازل.
وتصدرت منطقتا بكين وخبي جبهة الحرب على التلوث التي بدأتها الصين في 2014 لتهدئة الاستياء العام من تلوث الهواء في سماء الصين وتلوث أنهارها وتربتها بعد أكثر من ثلاثة عقود من النمو الاقتصادي المطرد.
لكن خبراء في مجال حماية البيئة عبروا عن قلقهم من أن يجبر تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين السلطات المحلية على التساهل مع مسببي التلوث هذا العام فيما ارتفعت قراءات نسبة التلوث في مدن صناعية كبرى بنسبة 14 في المئة في نوفمبر تشرين الثاني.
وقالت السلطات المحلية في بكين عبر موقعها على الإنترنت يوم الجمعة إن انبعاثات الجسيمات الدقيقة الخطرة التي تُستنشق مع الهواء، وتعرف باسم بي.إم 2.5، انخفضت بنسبة 12 في المئة إلى 51 ميكروجراما في المتر المكعب على مدى 2018.
وأضافت الحكومة المحلية أن تلك الانبعاثات ما زالت أكثر بكثير من معايير جودة الهواء الرسمية في الصين التي تبلغ 35 ميكروجراما وأن بكين حققت هذا الهدف في ثلاثة أشهر فقط من العام، وأظهرت بيانات أولية من مكتب شؤون البيئة في إقليم خبي الأسبوع الماضي أن الإقليم الذي يعد أكبر منتج للصلب في الصين شهد تراجعا في انبعاثات بي.إم 2.5 الضارة بنسبة 12.5 في المئة ليصل بذلك المتوسط إلى 56 ميكروجراما في 2018.
صدور تحذيرات من تلوث الهواء في 79 مدينة
ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) يوم السبت أن تحذيرات من تلوث الهواء صدرت في 79 مدينة صينية في المجمل مع انتشار سحابة من الضباب الدخاني الشديد على مناطق واسعة في البلاد خلال فصل الشتاء.
وأضافت الوكالة أن خمس مدن أصدرت تحذيرات من التلوث من الدرجة الحمراء، وهي الأعلى في نظام التحذير الصيني من التلوث، فيما أصدرت 73 مدينة تحذيرا من الدرجة البرتقالية، ثاني أعلى درجات النظام، وأصدرت مدينة واحدة تحذيرا من الدرجة الصفراء بحلول 30 نوفمبر تشرين الثاني مما استدعى اتخاذ إجراءات طارئة للسيطرة على الأمر.
وتقع المدن المتضررة بالتلوث في محيط منطقة بكين-تيانجين-خبي التي تشمل العاصمة وفي منطقة سهول فنوي التي تشمل أقاليم شانشي وشنشي وخنان وفي منطقة دلتا نهر يانغتسي الشمالية التي يقع فيها إقليم جيانغسو ثاني أكبر مركز لصناعة الصلب في البلاد، وأصدرت العاصمة بكين أول تحذير من تلوث الهواء خلال فصل الشتاء في 23 نوفمبر تشرين الثاني فيما أصدر إقليم جيانغسو تحذيرا برتقاليا من الضباب الدخاني أواخر الشهر الماضي مما أجبر المصانع وشركات المرافق على خفض الإنتاجية.
وتشهد المناطق الشمالية في الصين ضبابا دخانيا كثيفا أثناء الشتاء الذي يمتد من منتصف نوفمبر تشرين الثاني إلى منتصف مارس آذار حيث تحرق شركات المرافق والمنازل المزيد من الفحم من أجل الطاقة الكهربائية والتدفئة.
ملاحقة مرتكبي جرائم التلوث
قالت سلطات إنفاذ القانون إن الصين حاكمت أكثر من 3500 شخص ممن ارتكبوا جرائم تتعلق بالتلوث في الشهور العشرة الأولى من العام بزيادة 40 بالمئة تقريبا عن العام الماضي فيما تلجأ بكين للمحاكم والشرطة للحد من الانتهاكات.
وتسعى الصين لفرض قوانين حماية البيئة حيث تغض الحكومات المحلية، التي تركز على النمو، الطرف عن الشركات المسببة للتلوث، وأصدرت العاصمة بكين يوم الجمعة أول تحذير من التلوث لموسم الشتاء الحالي قبيل موجة ضباب دخاني من المتوقع أن تغطي منطقة بكين-تيانجين-خبي على مدى الأيام الثلاثة المقبلة.
وسيتعين على مواقع البناء والصناعات الثقيلة وقف جميع العمليات طوال تلك المدة بينما ستعزز المدينة مراقبة سيارات الديزل ومطاعم الشواء لتحري التزامها بمعايير الانبعاثات، وقالت وزارة البيئة إن شركة للصلب في إقليم شانشي في شمال البلاد اتهمت بتزوير بيانات التلوث والتخلص من كميات كبيرة من المخلفات وذلك في أحدث مسعى لإعلان أسماء الشركات الملوثة للبيئة والتشهير بها.
وقالت النيابة الصينية في إفادة إنها ”لن تتهاون“ مع الجرائم المتصلة بالبيئة مضيفة أنها وجهت الاتهام لنحو 8500 شخص لارتكاب جريمة ”إتلاف الموارد“ في الشهور العشرة الأولى من العام بزيادة 44 بالمئة، غير أن بيانات لوزارة البيئة أظهرت أن عدد القضايا الجنائية صغير نسبيا مقارنة مع 130 ألف واقعة انتهاك لمعايير حماية البيئة في الشهور التسعة الأولى من العام.
تركيزات الأوزون ترتفع لمستوى قياسي
قالت منظمة السلام الأخضر (جرينبيس) المعنية بالبيئة إن تركيزات غاز الأوزون سجلت مستوى قياسيا في الصين في يونيو حزيران إذ ارتفعت 11 في المئة مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.
وقالت المنظمة نقلا عن مسؤولين إنه على الرغم من مكافحة الصين لتلوث الهواء منذ أربع سنوات أصبح الأوزون يمثل ”تهديدا للصحة“. وبلغ متوسط مستويات الأوزون في العاصمة بكين 120 ميكروجراما لكل متر مكعب في يونيو حزيران، أي مثلي المعدلات تقريبا في المناطق التي تشهد أعلى التركيزات مثل كاليفورنيا ومكسيكو سيتي.
وحذرت وزارة البيئة الصينية يوم الثلاثاء من أنها تتوقع ارتفاع مستوى التلوث بالأوزون بشكل خاص في المنطقة المحيطة ببكين خلال الأيام العشرة المقبلة، وينتج الأوزون الأرضي من التفاعل بين ضوء الشمس وثاني أكسيد النيتروجين وكيماويات عضوية متطايرة، وبحسب الوكالة الأمريكية لحماية البيئة فإن الأوزون يمكن أن يتسبب في ضيق النفس والسعال والتهاب مجرى الهواء. والأطفال معرضون للخطر الأكبر، وقد يؤدي التعرض الطويل للأوزون إلى الإصابة بالربو أو بحدوث تطور غير طبيعي في الرئة.
وجاء في تقرير لمنظمة جرينبيس ”الأسباب المرجحة وراء مستويات الأوزون المتصاعدة تشمل الانبعاثات المرتفعة من أكسيد النيتروجين من الصناعات الثقيلة والنقل وانبعاثات الكيماويات العضوية المتطايرة المتزايدة من صناعات عديدة تشمل تكرير البترول وصناعة البلاستيك وصناعات كيماوية أخرى إضافة إلى التشييد وكذلك من السيارات والشاحنات“.
وقالت المنظمة إن التعرض للأوزون كان سببا في نحو 70 ألف حالة وفاة مبكرة في الصين في 2016، وحث خبراء الصين على استهداف التلوث بالأوزون في أحدث خططها لمكافحة الضباب الدخاني على مدى ثلاث سنوات والتي كشفت عنها الشهر الماضي.
بكين تغلق ألف شركة تصنيع بحلول 2020
ذكرت وسائل إعلام محلية أن العاصمة الصينية بكين ستغلق حوالي ألف شركة تصنيع بحلول عام 2020 في إطار برنامج يهدف للحد من الضباب الدخاني وتعزيز الدخل بالأقاليم المجاورة، وذكرت صحيفة الشعب اليومية الناطقة باسم الحزب الشيوعي نقلا عن وثيقة سياسية نشرتها حكومة بكين المحلية أن بكين ستركز على الصناعات الحيوية وصناعات التقنية العالية وستنسحب من الصناعات ”العادية“.
وقالت الصحيفة إن المدينة رفضت طلبات تسجيل من 19500 شركة وأغلقت أو نقلت 2465 شركة متخصصة في الصناعات ”العادية“.
وأطلقت الصين خطة لتحسين التنسيق في منطقة بكين-تيانجين-خبي المعرضة للضباب الدخاني في 2014 وسط مخاوف من أن يؤدي السجال بين السلطات القضائية الثلاث لهدر الموارد ويخلق كسادا وتلوثا، وتخطط الصين لتجريد بكين من التصنيع والصناعات الثقيلة إلى جانب نقل مقرات الجامعات وبعض الإدارات الحكومية إلى منطقة شيونغان الصناعية الجديدة بإقليم خبي، وترغب الحكومة أيضا في عمل شبكة مواصلات متكاملة وتوحيد المعايير في مجالات مثل الخدمات الاجتماعية والتعليم لجعل خبي، المعروف بصناعاته الثقيلة، أكثر جذبا للمستثمرين، وفي وقت سابق من العام الجاري، قال مسؤول بإقليم خبي إن الخطة ساعدت على رفع متوسط الدخول في خبي 41 بالمئة منذ 2013 على الرغم من أنها لا تزال عند النصف فقط من مستواها في بكين.
نفوق آلاف الأسماك النادرة
نقلت صحيفة (تشاينا ديلي) عن وزارة الزراعة الصينية القول إنه تم تعليق بناء جسر في إقليم هوبي بعد أن قيل إنه تسبب في نفوق حوالي ستة آلاف من سمك الحفش الصيني المهدد بالانقراض، وذكرت الصحيفة أن فريق تحقيق وجد أن مشروع البناء في مدينة جينغتشو تعدى على محمية طبيعية وطنية بالمخالفة للقانون.
وكانت الأسماك تربى في مزرعة مائية بجينغتشو. وعُزي نفوقها إلى ”صدمات وضوضاء وتغيرات في مصادر المياه“ تسبب فيها مشروع الجسر، وسمك الحفش الصيني على شفا الانقراض نتيجة للتلوث والصيد الجائر وبناء سدود عملاقة لتوليد الطاقة الكهرومائية بطول نهر يانغتسي، وقضت أعمال التطوير بالنهر الزائدة عن الحد أيضا على خنزير البحر الذي يعد يانغتسي موطنه الأصلي، كما تسببت في انقراض دولفين بايجي الذي يعرف باسم ”حورية يانغتسي“، وهناك ما مجموعه 1085 من الحيوانات والنباتات الصينية الأصل مدرجة على القائمة العالمية الحمراء للأنواع ”المهددة“ التي يعدها الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، وأفاد تقرير نشرته مجموعة من المنظمات الصينية غير الحكومية العام الماضي بأن 738 من الأنواع المحمية شهدت تناقصا في الفترة ما بين عامي 2000 و2015، ولم يشهد تحسنا إلا 102 فقط منها خلال تلك الفترة.
150 مليار دولار لمعالجة تلوث الأنهار
قال مسؤول بوزارة البيئة إن الصين ستحتاج إلى أكثر من تريليون يوان (148 مليار دولار) لبناء شبكة ضخمة من خطوط أنابيب مياه الصرف الصحي لتقليل التلوث الكبير في الأنهار بالبلاد، وبمقتضى خطة عمل للتعامل مع التلوث المائي نشرت عام 2015 فإن المدن الصينية مطالبة بخفض ما تصفه السلطات بالمياه السوداء ذات الرائحة الكريهة في أنهار البلاد إلى أقل من 10 في المئة من الممرات المائية بحلول عام 2020.
وقال تشانغ بو مدير إدارة المياه في وزارة البيئة للصحفيين إن الصين لا تزال بحاجة لبناء أنابيب مياه صرف أخرى بطول 400 ألف كيلومتر، بتكلفة ثلاثة ملايين يوان لكل كيلومتر واحد.
حملة تخيم على آفاق الاقتصاد
تتحرك الخطوط الأمامية للحرب التي تشنها الصين على التلوث إلى ما بعد بكين والمدن المحيطة التي يغلفها الضباب الدخاني مدفوعة بمسعى لتحسين جودة الهواء والماء في أنحاء البلاد، وأصبح إقليم جيانغسو، صاحب ثاني أكبر اقتصاد بالصين، جبهة القتال الجديدة في معركة تطهير البيئة مع سعي بكين للتصدي لحالة الاستياء العام وتسريع الانتقال إلى اقتصاد أكثر مراعاة للبيئة، وتفيد السلطات المحلية بأن مئات من مصانع الصلب والاسمنت ومحطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم إضافة إلى مصانع للبتروكيماويات أغلقت في الشهور القليلة الماضية في مدينتي سوتشو وليانيونقانغ الصناعيتين مع تكثيف الحكومة جهودها للقضاء على التلوث، وبدأت مدينة سوتشو وضع قيودها الخاصة على النشاط الصناعي بعد زيادة تدهور جودة الهواء العام الماضي، وجعلت الحكومة الصينية من الحملة على تلوث الهواء أولوية قومية وتخطط لمد نطاق الحملة في أنحاء البلاد وتوسيعها لتشمل الماء والتربة ومعالجة النفايات أيضا.
ومن غير الواضح حتى الآن كيف ستؤثر الحملة على النمو الاقتصادي المستهدف لهذا العام وقدره 6.5 في المئة، وأفادت بيانات لوزارة البيئة الصينية إن جودة الهواء في سوتشو كانت الأسوأ بين 74 مدينة صينية كبيرة خلال أول خمسة أشهر من العام الجاري، أما في مدينة ليانيونقانغ الساحلية المجاورة لسوتشو فقد أغلقت السلطات أكثر من 200 مصنعا للكيماويات منذ فبراير شباط بعد أن كشف تقرير بالتلفزيون المحلي قيام منطقة صناعية بالتخلص من الصرف بشكل غير قانوني.
محاربة التبديد والاستهلاك غير العقلاني ضمن مبادرة بيئية
نسبت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إلى الرئيس شي جين بينغ قوله إن على البلاد أن تحارب التبديد والاستهلاك غير العقلاني فيما تسعى للحد من الأضرار على البيئة بعد عقود من النمو بسرعة فائقة، وقال شي في اجتماع إنه بينما حققت الصين تقدما كبيرا في المعركة ضد التلوث فإن الإنجازات التي تحققت حتى الآن لم ”تتبلور“ بشكل كامل.
وقال ”ينبغي أن نسرع وتيرة بناء نظام حضارة بيئية وأن نضمن تحسن الحياة البيئية بحلول عام 2035 وتحقق هدفنا ببناء صين جميلة“، وأضاف أن الصين بلغت مرحلة حرجة فيما يتعلق بحماية البيئة، ودشنت الصين الحرب على التلوث في 2014 في مسعى لتهدئة السخط العام من الضرر الذي حل بسماوات البلاد ومياهها وتربتها منذ بدأ الانفتاح الاقتصادي في عام 1978، وأطلقت منذ ذلك الحين سلسلة من الحملات التي تهدف إلى الحد من التلوث الصناعي وتحسين آليات تطبيق قوانين البيئة وتعزيز معايير الانبعاثات واستخدام الطاقة النظيفة.
انهاء سياسة "التوجه الواحد" البيئية
قالت وزارة البيئة الصينية يوم الاثنين إن الصين تعتزم إنهاء سياسات التوجه الواحد التي تهدف إلى محاربة التلوث وستحاول استخدام سياسات أكثر دقة تتماشى مع الأوضاع المحلية وتقلل من الضرر الاقتصادي، وقالت الوزارة في مذكرة إن عدم الانتباه للأوضاع المحلية سيعد شكلا من أشكال التفكير البيروقراطي وسيتحمل المسؤولون مسؤولية أي مشاكل خطيرة تحدث، وكانت الصين فرضت العام الماضي قيودا على المرور واستخدام الفحم والأنشطة الصناعية في شمال البلاد المعرض للضباب الدخاني وجاهدت لتحقيق أهدافها المتعلقة بجودة الهواء.
وفي بعض المدن تم إرغام القطاعات الصناعية على إغلاق ما يصل إلى 50 بالمئة من إجمالي قدرتها الانتاجية للحد من تراكم الضباب الدخاني في المنطقة كما شكت كثير من الشركات من فشل بكين في أن تضع في حسبانها الأوضاع المحلية التي جعلت من المستحيل تلبية طلبات العملاء، وتسببت أيضا مساعي المسؤولين المحليين لتحويل الغلايات التي تعمل بالفحم إلى الغاز الطبيعي الأقل ضررا على البيئة ولكن الأكثر ندرة في انقطاع التدفئة عن آلاف المنازل خلال فصل الشتاء شديد البرودة.
وسيحظر الإجراء الجديد تعليق الانتاج في الشركات الصناعية التي تذعن للمتطلبات البيئية. وقالت الوزارة إن الشركات التي لا تلتزم بهذه المتطلبات ستكون عرضة أيضا لإجراءات وعقوبات أكبر.
اضف تعليق