q

الكوارث الطبيعية وكما تشير المصادر، هي ابتلاء أو دمار كبير يحدث بسبب حدث طبيعي منطوي على خطورة، وهناك تعريفات متعددة للكارثة حددتها المنظمات والهيئات الدولية، ويشترط في التعريف الوضوح والشمولية والإيجاز ودقة اختيار الكلمات، فهيئة الأمم المتحدة عرفت الكارثة بأنها: حالة مفجعة يتأثر من جرائها نمط الحياة اليومية فجأة ويصبح الناس بدون مساعدة ويعانون من ويلاتها ويصيرون في حاجة إلى حماية، وملابس، وملجأ، وعناية طبية واجتماعية واحتياجات الحياة الضرورية الأخرى، اما المنظمة الدولية للحماية المدنية فتعرف الكارثة بأنها، حوادث غير متوقعة ناجمة عن قوى الطبيعة، أو بسبب فعل الإنسان ويترتب عليها خسائر في الأرواح وتدمير في الممتلكات، وتكون ذات تأثير شديد على الاقتصاد الوطني والحياة الاجتماعية وتفوق إمكانيات مواجهتها قدرة الموارد الوطنية وتتطلب مساعدة دولية.

ويرى الكثير من الخبراء ان كوكب الارض يتعرض اليوم لمخاطر بسبب التغيرات المناخية المتفاقمة التي ادت بدورها الى تفاقم الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأعاصير وارتفاع درجات حرارة كوكب الأرض مما يهدد بتغيير معالم العالم، تحمّل معظم التقارير العلمية الإنسان مسؤولية التغير المناخي الذي بات يهدد كوكب الأرض مع توالي الكوارث الطبيعية، ويقول وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بان إيغلاند " خلال الثلاثين عاماً الماضية كان تأثير الكوارث الطبيعية على البشر خمسة أضعاف تأثيرها قبل جيل بأكمله. والأوضاع تزداد سوءاً فالمناخ يتغير مما يهدد بوجود ظواهر جوية متطرفة ففي عام 2006 وحده عانى 117 مليون شخص من نحو 300 كارثة طبيعية بما في ذلك الجفاف الشديد في الصين وإفريقيا والفيضانات الكاسحة في آسيا وبعض مناطق إفريقيا ما أدى إلى خسائر بنحو 15 مليار دولار.

ضحايا الفيضانات

وفي هذا الشأن فقد أظهرت تحليلات أن عدد المتضررين من فيضان الأنهار على مستوى العالم سيزيد إلى ثلاثة أضعاف خلال السنوات الـ15 القادمة. وبحسب معهد الموارد العالمية، ترجع هذه الزيادة في الفيضانات إلى التغير المناخي وزيادة أعداد السكان. ويقول المعهد إن هذه الدراسة هي أول تحليل عام لكل البيانات العالمية عن مخاطر فيضان الأنهار حاليا وفي المستقبل. وتظهر الدراسة أن حوالي 20 مليون شخص مهددين بالتأثر بالفيضانات في الوقت الحالي، وأن إجمالي تكلفة الدمار قد تصل إلى حوالي 65 مليار جنيه استرليني.

وبحسب التقديرات الجديدة، قد تصل أعداد المتضررين من الفيضانات خلال 15 عاما إلى حوالي 50 مليون شخص، بتكلفة تصل إلى حوالي 340 مليار جنيه استرليني من إجمالي الاقتصاد العالمي. وترجع هذه الزيادة في جزء كبير منها إلى التغير المناخي والتطور الاقتصادي والاجتماعي. ويقول البنك الدولي إن هذه البيانات ستساعد الحكومات في وضع خطط الدفاع والوقاية من الفيضانات. وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن حوالي نصف الكوارث الطبيعية التي تعاملت معها العام الماضي كانت بسبب الفيضان.

زلازل قوية في امريكا

على صعيد متصل قال علماء بالحكومة الأمريكية إن فرصة تعرض كاليفورنيا لزلزال شدته ثماني درجات أو أكبر خلال العقود الثلاثة القادمة تصل إلى سبعة في المئة وهي نسبة تزيد كثيرا عما كان يعتقد من قبل. وقالت هيئة المسح الجيولوجي الامريكية في دراسة جديدة إن احتمال سبعة في المئة يستند إلى نماذج علمية وضعت حديثا فيما كانت التقديرات السابقة للعلماء تشير الى احتمال بنسبة 4.7 في المئة على مدى 30 عاما.

وقال توم جوردان مدير مركز كاليفورنيا الجنوبي للزلازل والمشارك في هذه الدراسة "نحن محظوظون لان النشاط الزلزالي في كاليفورنيا كان منخفضا نسبيا خلال القرن الأخير. لكننا نعرف ان القوي التكتونية تقوي باستمرار من شدة منظومة فالق سان اندرياس ما يجعل من وقوع زلازل كبيرة أمرا لا مفر منه". وقال نيد فيلد المشرف الرئيسي على تقرير هيئة المسح الجيولوجي إن منظومة النماذج العلمية الجديدة تأخذ في الحسبان الهزات التي قد تحدث على عدة فوالق أخرى بدلا من النظر الى كل صدع على حدة بصورة منفصلة.

وقالت هيئة المسح الجيولوجي إن زلزالا بقوة ثماني درجات أو أكبر يمكنه تدمير مناطق كبيرة. وخفضت الدراسة الجديدة من احتمالات تعرض كاليفورنيا لزلزال متوسط تماثل قوة زلزال منطقة نورثريدج الذي بلغ 6.7 درجة والذي تسبب في مقتل 57 شخصا عام 1994. وقالت الهيئة إن زلزالا بقوة 6.7 من المرجح ان يحدث مرة كل 6.3 سنة بالمقارنة بتقدير سابق أشار الى مرة كل 4.8 سنة. وكان أضخم زلزال مسجل يصيب كاليفورنيا في عام 1857 الذي أثر على جبهة طولها 300 كيلومتر من فالق سان اندرياس. وقالت الهيئة إن أكبر عدد من الوفيات نجم عن زلزال سان فرانسيسكو عام 1906 الذي قتل ثلاثة آلاف شخص.

الى جانب ذلك قال تقرير إن زيادة النشاط في الآونة الاخيرة حول خطوط التصدع الزلزالي التي يرجع عهدها الى مئات الملايين من السنين في ولاية أوكلاهوما الأمريكية قد يؤدي الى زلزال مدمر في الولاية التي شهدت انشاء عدة احتياطات احترازية تحسبا لتزايد الانشطة الزلزالية. وقالت دراسة تمت الموافقة على نشر نتائجها والتي من بين المشرفين عليها باحثون من هيئة المسح الجيولوجي الامريكية إن الولاية -التي شهدت بضع مئات من الاحداث الزلزالية خلال السنوات الخمس الأخيرة- تتسم "بدرجة عالية من احتمالات المخاطر الزلزالية".

وقال التقرير الصادر عن الاتحاد الامريكي للجيوفيزيقا "تشير معظم الزلازل التي شهدها وسط اوكلاهوما الى تجدد النشاط في الفوالق على اعماق ضحلة من القشرة الارضية" تقل عن ستة كيلومترات. ولم يشر التقرير الى ما اذا كان تجدد نشاط هذه الفوالق يرتبط بتقنية التكسير الهيدروليكي لاستخراج النفط والغاز والتي تتضمن ضخ كميات من المياه والرمال والمواد الكيماوية الى بئر للاستخراج.

وقال دانييل مكنمارا أحد المشاركين في الدراسة والباحث بهيئة المسح الجيولوجي الامريكية إن الفوالق الواقعة أسفل القشرة الارضية والتي يرجع عهدها الى 300 مليون عام ولم تكن نشطة من قبل يشتبه بانها مرتبطة بالانشطة السيزمية الاخيرة. وقال "أي من مناطق الفوالق هذه يمكن ان يتسبب في زلازل شدتها من 3 الى 4 والتي قد تصبح زلزالا كبيرا. وهناك ايضا 12 منطقة تصدعات مختلفة يمكنها التسبب في زلازل اكبر من خمس الى ست درجات". بحسب رويترز.

وشهدت اوكلاهوما في نوفمبر تشرين الثاني من عام 2011 زلزالا قوته 5.6 دمر أكثر من عشرة من المنازل والمنشآت التجارية. وقواعد البناء في اوكلاهوما الخاصة بمواجهة الزلازل ليست مشددة مثلها مثل ولايات معرضة بدرجة أكبر للهزات الارضية مثل كاليفورنيا. ويشك كثير من العلماء في ان مياه الصرف المستخدمة في عمليات التكسير الهيدروليكي تسهم في زيادة احتمالات الانشطة الزلزالية فيما تنفي شركات الطاقة التي تستخدمه اي صلة له بالنشاط الزلزالي. وتتضمن عمليات التكسير الهيدروليكي نقل ملايين الجالونات من مياه الصرف من موقع التكسير الى آبار ومن ثم يتم ضخها وحقنها لعمق آلاف الأقدام في باطن الأرض عبر الطبقات المسامية للقشرة الأرضية.

وتقع معظم الزلازل لأسباب طبيعية إلا ان العلماء يربطون بين بعض الهزات الأرضية البسيطة وأنشطة استخراج النفط والغاز في جوف الأرض وهي التي من شأنها ان تغير من توزيع الضغط وتؤدي الى الإخلال باتزان التربة. وشهدت الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة تزايدا في أنشطة التنقيب عن النفط والغاز في إطار الجهود الأمريكية الرامية الى الاعتماد الذاتي في مجال الطاقة. ومن بين أنشطة التنقيب والاستخراج المثيرة للجدل على نحو خاص ما يعرف باسم عمليات التكسير المائي والحراري.

تراجع الثقة

في السياق ذاته ذكر مسح أن سنة من الكوارث وسوء الإدارة والتي شملت حوادث سقوط طائرات على نحو غامض واختراق معلومات وتلاعب في أسعار الصرف الأجنبي وأسوأ تفش لفيروس الإيبولا نسفت ثقة الناس في الهيئات العامة وقطاع الأعمال. وأظهر مقياس إيدلمان للثقة والذي نشر في دافوس تراجعا كبيرا في الثقة بشكل عام مع تدني الثقة في الحكومات والشركات ووسائل الإعلام والهيئات غير الحكومية لأقل من 50 في المئة في ثلثي الدول.

وتضم قائمة الأماكن التي يسود فيها الآن انعدام الثقة بين السكان الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وروسيا وتركيا. والصورة صارخة بشكل خاص بالنسبة لقادة قطاع الاعمال البالغ عددهم 1500 والذين يتجمعون لحضور اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي خلال الفترة من 21 يناير كانون الثاني وحتى 24 من الشهر نفسه في دافوس. ولم تتراجع الثقة بشكل عام في قطاع الأعمال فحسب ولكن الثقة في المديرين التنفيذيين كأشخاص موثوق فيهم تراجعت للسنة الثالثة على التوالي.

ورسم المسح صورة متأرجحة للتكنولوجيا التي تلعب دورا محوريا على نحو متزايد في حياة الناس. ويعتقد غالبية من شملهم الاستطلاع أن الاختراعات التكنولوجية تحدث بشكل سريع جدا بدافع جشع الشركات وليس إنطلاقا من الرغبة في جعل العالم مكانا أفضل. ولكن في إشارة مثيرة للقلق بالنسبة "لوسائل الإعلام القديمة" تعد محركات البحث على الانترنت الآن محل ثقة كمصدر للأخبار والمعلومات العامة أكثر من وسائل الإعلام التقليدية. بحسب رويترز.

ويرغب المستهلكون في كل الدول الصناعية الكبرى تنظيما أكبر لقطاع الأعمال ولكن ليس لديهم ثقة تذكر في أن صناع السياسة سيطورون وينفذون قوانين ملائمة. واستطلع المسح آراء 27 ألف شخص في 27 دولة وأجري فيما بين 13 أكتوبر تشرين الأول و24 نوفمبر تشرين الثاني.

خسائر تتضاعف

من جانب اخر أفادت نتائج دراسة للامم المتحدة بأن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث الطبيعية زادت بواقع ثلاثة أمثال خلال السنوات العشر الاخيرة فيما تحمل المزارعون على عاتقهم ما يقرب من ربع هذا العبء في الدول الفقيرة. وقالت الدراسة التي أجرتها منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (فاو) وأعلنت خلال مؤتمر دولي للحد من مخاطر الكوارث عقد في منطقة سينداي باليابان إن موجات الجفاف والفيضانات والعواصف والكوارث الطبيعية الاخرى كبدت قطاع الزراعة في الدول النامية اضرارا بلغ حجمها 70 مليار دولار بين عامي 2003 و2013. وقالت الدراسة التي عنيت بتحليل بيانات من 78 من الكوارث في 48 من البلدان النامية إن آسيا كانت المنطقة الأكثر تضررا بخسائر حجمها 28 مليار دولار تلتها افريقيا بحجم خسائر بلغ 26 مليار دولار.

وأوضحت الدراسة الجديدة ان قطاع الزراعة تحمل 22 في المئة من اجمالي الخسائر ما دفع مسؤولي الفاو الى الدعوة لزيادة الدعم الممنوح للمزارعين لمجابهة هذه الازمة. وقالت الدراسة إن 4.5 في المئة فقط من حجم المعونات الانسانية المقدمة عقب الكوارث بين عامي 2003 و2013 استهدف قطاع الزراعة. ويعتمد 2.5 مليار شخص في العالم في كسب ارزاقهم من الزراعة فيما يمثل صغار المزراعين والرعاة والصيادين المجتمعات الاكثر عرضة للكوارث. بحسب رويترز.

وقال جوزيه جرازيانو دا سيلفا المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) في بيان إنه من اجل حماية المزارعين يتعين على الدول "تعزيز استعداداتها لسرعة مواجهة الكوارث فور وقوعها". ويربط كثير من المراقبين بين ارتفاع معدلات وشدة الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية وتغير المناخ. وقال الدراسة إنه من اجل الحد من حجم الاعباء التي يتحملها المزارعون جراء هذه الازمات فان الامر يستلزم انشاء منظومة للانذار المبكر وتحسين طرق انتاج المواد الغذائية والنهوض بسبل جمع المعلومات من اجل تحديد نطاق الكوارث ليتسنى مواجهتها.

حماية المدن

الى جانب ذلك قال خبراء إنه يجب على الحكومات إقناع مؤسسات القطاع الخاص بالاستثمار في مجال حماية المدن من الكوارث الطبيعية فيما يتعين على خبراء المناخ والتنمية تلبية احتياجات المجتمعات الفقيرة التي أضيرت بدرجة كبيرة جراء كوارث المناخ. وقال بيتر كينج الذي يعمل مع مشروع لهيئة المعونة الامريكية يساعد دول آسيا-المحيط الهادي للانتهاء من مشروعات التكيف المناخي والوصول الى التمويل إن نحو 80 في المئة من ثروات العالم تنشأ من المدن لذا فان القطاع الخاص له مصلحة في حماية هذه الأرصدة.

وقال "أعتقد ان التحدي عندئذ هو ان تقنع المدن القطاع الخاص بان يدرك ان الانفاق من أجل حماية هذه الأرصدة العامة". وتحدث كينج في اجتماع للجنة عن تمويل التكيف الحضري خلال مؤتمر ضم مسؤولي مدن وخبراء تنمية وباحثين من 100 مدينة في 30 دولة من آسيا وأمريكا الشمالية وأوروبا. وعادة ما تقع المدن الآسيوية في مناطق ساحلية معرضة للكوارث وفي دلتا الأنهار والسهول الفيضية.

وقالت الامم المتحدة إن منطقة آسيا-الهادي واحدة من أكثر المناطق عرضة للكوارث وشهدت مقتل 714 ألف شخص بسبب الكوارث الطبيعية بين عامي 2004 و2013 أي أكثر من العقد السابق بثلاث مرات في حين تجاوزت الخسائر الاقتصادية 560 مليار دولار. وتحدث كينج الذي يعمل في هيئة المعونة الامريكية عن سندات الكوارث وصناديق المعاشات وأرصدة تقدر بتريليونات الدولارات خاضعة للسيطرة والادارة وقال إن التعامل المالي الحصيف يمكن ان يجعل الاموال الموجودة جاهزة لاستخدام المدن والتمهيد لمزيد من التمويل الاضافي.

ومن أجل مساعدة المدن على التركيز على الاستثمار في تكيف المناخ وتطويعه يسعى مشروع المدن المئة لمؤسسة روكفلر لخلق وظيفة جديدة تسمى مسؤول التكيف المناخي في مجالس الحكم المحلي بشتى أرجاء العالم. إلا ان الباحث ديفيد دودمان قال إن قطاع التكيف المناخي يرتكب نفس الخطأ الذي ارتكبته وكالات التنمية بعدم الالتفات لاحتياجات المجتمعات الفقيرة.

وقال دودمان من المعهد الدولي للتنمية البيئية إن هذا القطاع أبطأ في التعرف على احتياجات سكان الحضر من ذوي الدخول المحدودة كما انه استخدم تعريفات "غير ملائمة على الاطلاق" للفقر. وأكد ريد كونستانتينو المدير التنفيذي لمعهد المناخ والمدن المستدامة ومقره الفلبين ضرورة اتاحة الفرصة للمجتمعات كي تتعقب مسار الكميات الهائلة من اموال التكيف المناخي التي تخصص للدول النامية. بحسب رويترز.

وقال كونستانتينو الذي ساعد في انشاء برنامج يتيح للحكومات المحلية والمجتمع المدني والمنظمات المجتمعية تتبع مسار هذه الأموال "إن الوصول الى المعلومات لا يساعد فحسب في تحسين المشروعات والبرامج والمبادرات بل انه يسمح بوضع تصميم أفضل وبمضاعفة فرص النجاح". وقال إن البرنامج يطور من مشاركة الجمهور لضمان حسن ادارة الموارد على أرض الواقع ودعا الى التركيز بدرجة أكبر على المشروعات الكثيفة المصادر من أجل تحسين التصميمات واشراك المجتمعات كي تقرر بنفسها ما تحتاجه وكيفية جعل المشروع يعمل بصورة أكثر فاعلية.

الكوارث الطبيعية وكما تشير المصادر، هي ابتلاء أو دمار كبير يحدث بسبب حدث طبيعي منطوي على خطورة، وهناك تعريفات متعددة للكارثة حددتها المنظمات والهيئات الدولية، ويشترط في التعريف الوضوح والشمولية والإيجاز ودقة اختيار الكلمات، فهيئة الأمم المتحدة عرفت الكارثة بأنها: حالة مفجعة يتأثر من جرائها نمط الحياة اليومية فجأة ويصبح الناس بدون مساعدة ويعانون من ويلاتها ويصيرون في حاجة إلى حماية، وملابس، وملجأ، وعناية طبية واجتماعية واحتياجات الحياة الضرورية الأخرى، اما المنظمة الدولية للحماية المدنية فتعرف الكارثة بأنها، حوادث غير متوقعة ناجمة عن قوى الطبيعة، أو بسبب فعل الإنسان ويترتب عليها خسائر في الأرواح وتدمير في الممتلكات، وتكون ذات تأثير شديد على الاقتصاد الوطني والحياة الاجتماعية وتفوق إمكانيات مواجهتها قدرة الموارد الوطنية وتتطلب مساعدة دولية.

ويرى الكثير من الخبراء ان كوكب الارض يتعرض اليوم لمخاطر بسبب التغيرات المناخية المتفاقمة التي ادت بدورها الى تفاقم الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأعاصير وارتفاع درجات حرارة كوكب الأرض مما يهدد بتغيير معالم العالم، تحمّل معظم التقارير العلمية الإنسان مسؤولية التغير المناخي الذي بات يهدد كوكب الأرض مع توالي الكوارث الطبيعية، ويقول وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بان إيغلاند " خلال الثلاثين عاماً الماضية كان تأثير الكوارث الطبيعية على البشر خمسة أضعاف تأثيرها قبل جيل بأكمله. والأوضاع تزداد سوءاً فالمناخ يتغير مما يهدد بوجود ظواهر جوية متطرفة ففي عام 2006 وحده عانى 117 مليون شخص من نحو 300 كارثة طبيعية بما في ذلك الجفاف الشديد في الصين وإفريقيا والفيضانات الكاسحة في آسيا وبعض مناطق إفريقيا ما أدى إلى خسائر بنحو 15 مليار دولار.

ضحايا الفيضانات

وفي هذا الشأن فقد أظهرت تحليلات أن عدد المتضررين من فيضان الأنهار على مستوى العالم سيزيد إلى ثلاثة أضعاف خلال السنوات الـ15 القادمة. وبحسب معهد الموارد العالمية، ترجع هذه الزيادة في الفيضانات إلى التغير المناخي وزيادة أعداد السكان. ويقول المعهد إن هذه الدراسة هي أول تحليل عام لكل البيانات العالمية عن مخاطر فيضان الأنهار حاليا وفي المستقبل. وتظهر الدراسة أن حوالي 20 مليون شخص مهددين بالتأثر بالفيضانات في الوقت الحالي، وأن إجمالي تكلفة الدمار قد تصل إلى حوالي 65 مليار جنيه استرليني.

وبحسب التقديرات الجديدة، قد تصل أعداد المتضررين من الفيضانات خلال 15 عاما إلى حوالي 50 مليون شخص، بتكلفة تصل إلى حوالي 340 مليار جنيه استرليني من إجمالي الاقتصاد العالمي. وترجع هذه الزيادة في جزء كبير منها إلى التغير المناخي والتطور الاقتصادي والاجتماعي. ويقول البنك الدولي إن هذه البيانات ستساعد الحكومات في وضع خطط الدفاع والوقاية من الفيضانات. وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن حوالي نصف الكوارث الطبيعية التي تعاملت معها العام الماضي كانت بسبب الفيضان.

زلازل قوية في امريكا

على صعيد متصل قال علماء بالحكومة الأمريكية إن فرصة تعرض كاليفورنيا لزلزال شدته ثماني درجات أو أكبر خلال العقود الثلاثة القادمة تصل إلى سبعة في المئة وهي نسبة تزيد كثيرا عما كان يعتقد من قبل. وقالت هيئة المسح الجيولوجي الامريكية في دراسة جديدة إن احتمال سبعة في المئة يستند إلى نماذج علمية وضعت حديثا فيما كانت التقديرات السابقة للعلماء تشير الى احتمال بنسبة 4.7 في المئة على مدى 30 عاما.

وقال توم جوردان مدير مركز كاليفورنيا الجنوبي للزلازل والمشارك في هذه الدراسة "نحن محظوظون لان النشاط الزلزالي في كاليفورنيا كان منخفضا نسبيا خلال القرن الأخير. لكننا نعرف ان القوي التكتونية تقوي باستمرار من شدة منظومة فالق سان اندرياس ما يجعل من وقوع زلازل كبيرة أمرا لا مفر منه". وقال نيد فيلد المشرف الرئيسي على تقرير هيئة المسح الجيولوجي إن منظومة النماذج العلمية الجديدة تأخذ في الحسبان الهزات التي قد تحدث على عدة فوالق أخرى بدلا من النظر الى كل صدع على حدة بصورة منفصلة.

وقالت هيئة المسح الجيولوجي إن زلزالا بقوة ثماني درجات أو أكبر يمكنه تدمير مناطق كبيرة. وخفضت الدراسة الجديدة من احتمالات تعرض كاليفورنيا لزلزال متوسط تماثل قوة زلزال منطقة نورثريدج الذي بلغ 6.7 درجة والذي تسبب في مقتل 57 شخصا عام 1994. وقالت الهيئة إن زلزالا بقوة 6.7 من المرجح ان يحدث مرة كل 6.3 سنة بالمقارنة بتقدير سابق أشار الى مرة كل 4.8 سنة. وكان أضخم زلزال مسجل يصيب كاليفورنيا في عام 1857 الذي أثر على جبهة طولها 300 كيلومتر من فالق سان اندرياس. وقالت الهيئة إن أكبر عدد من الوفيات نجم عن زلزال سان فرانسيسكو عام 1906 الذي قتل ثلاثة آلاف شخص.

الى جانب ذلك قال تقرير إن زيادة النشاط في الآونة الاخيرة حول خطوط التصدع الزلزالي التي يرجع عهدها الى مئات الملايين من السنين في ولاية أوكلاهوما الأمريكية قد يؤدي الى زلزال مدمر في الولاية التي شهدت انشاء عدة احتياطات احترازية تحسبا لتزايد الانشطة الزلزالية. وقالت دراسة تمت الموافقة على نشر نتائجها والتي من بين المشرفين عليها باحثون من هيئة المسح الجيولوجي الامريكية إن الولاية -التي شهدت بضع مئات من الاحداث الزلزالية خلال السنوات الخمس الأخيرة- تتسم "بدرجة عالية من احتمالات المخاطر الزلزالية".

وقال التقرير الصادر عن الاتحاد الامريكي للجيوفيزيقا "تشير معظم الزلازل التي شهدها وسط اوكلاهوما الى تجدد النشاط في الفوالق على اعماق ضحلة من القشرة الارضية" تقل عن ستة كيلومترات. ولم يشر التقرير الى ما اذا كان تجدد نشاط هذه الفوالق يرتبط بتقنية التكسير الهيدروليكي لاستخراج النفط والغاز والتي تتضمن ضخ كميات من المياه والرمال والمواد الكيماوية الى بئر للاستخراج.

وقال دانييل مكنمارا أحد المشاركين في الدراسة والباحث بهيئة المسح الجيولوجي الامريكية إن الفوالق الواقعة أسفل القشرة الارضية والتي يرجع عهدها الى 300 مليون عام ولم تكن نشطة من قبل يشتبه بانها مرتبطة بالانشطة السيزمية الاخيرة. وقال "أي من مناطق الفوالق هذه يمكن ان يتسبب في زلازل شدتها من 3 الى 4 والتي قد تصبح زلزالا كبيرا. وهناك ايضا 12 منطقة تصدعات مختلفة يمكنها التسبب في زلازل اكبر من خمس الى ست درجات". بحسب رويترز.

وشهدت اوكلاهوما في نوفمبر تشرين الثاني من عام 2011 زلزالا قوته 5.6 دمر أكثر من عشرة من المنازل والمنشآت التجارية. وقواعد البناء في اوكلاهوما الخاصة بمواجهة الزلازل ليست مشددة مثلها مثل ولايات معرضة بدرجة أكبر للهزات الارضية مثل كاليفورنيا. ويشك كثير من العلماء في ان مياه الصرف المستخدمة في عمليات التكسير الهيدروليكي تسهم في زيادة احتمالات الانشطة الزلزالية فيما تنفي شركات الطاقة التي تستخدمه اي صلة له بالنشاط الزلزالي. وتتضمن عمليات التكسير الهيدروليكي نقل ملايين الجالونات من مياه الصرف من موقع التكسير الى آبار ومن ثم يتم ضخها وحقنها لعمق آلاف الأقدام في باطن الأرض عبر الطبقات المسامية للقشرة الأرضية.

وتقع معظم الزلازل لأسباب طبيعية إلا ان العلماء يربطون بين بعض الهزات الأرضية البسيطة وأنشطة استخراج النفط والغاز في جوف الأرض وهي التي من شأنها ان تغير من توزيع الضغط وتؤدي الى الإخلال باتزان التربة. وشهدت الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة تزايدا في أنشطة التنقيب عن النفط والغاز في إطار الجهود الأمريكية الرامية الى الاعتماد الذاتي في مجال الطاقة. ومن بين أنشطة التنقيب والاستخراج المثيرة للجدل على نحو خاص ما يعرف باسم عمليات التكسير المائي والحراري.

تراجع الثقة

في السياق ذاته ذكر مسح أن سنة من الكوارث وسوء الإدارة والتي شملت حوادث سقوط طائرات على نحو غامض واختراق معلومات وتلاعب في أسعار الصرف الأجنبي وأسوأ تفش لفيروس الإيبولا نسفت ثقة الناس في الهيئات العامة وقطاع الأعمال. وأظهر مقياس إيدلمان للثقة والذي نشر في دافوس تراجعا كبيرا في الثقة بشكل عام مع تدني الثقة في الحكومات والشركات ووسائل الإعلام والهيئات غير الحكومية لأقل من 50 في المئة في ثلثي الدول.

وتضم قائمة الأماكن التي يسود فيها الآن انعدام الثقة بين السكان الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وروسيا وتركيا. والصورة صارخة بشكل خاص بالنسبة لقادة قطاع الاعمال البالغ عددهم 1500 والذين يتجمعون لحضور اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي خلال الفترة من 21 يناير كانون الثاني وحتى 24 من الشهر نفسه في دافوس. ولم تتراجع الثقة بشكل عام في قطاع الأعمال فحسب ولكن الثقة في المديرين التنفيذيين كأشخاص موثوق فيهم تراجعت للسنة الثالثة على التوالي.

ورسم المسح صورة متأرجحة للتكنولوجيا التي تلعب دورا محوريا على نحو متزايد في حياة الناس. ويعتقد غالبية من شملهم الاستطلاع أن الاختراعات التكنولوجية تحدث بشكل سريع جدا بدافع جشع الشركات وليس إنطلاقا من الرغبة في جعل العالم مكانا أفضل. ولكن في إشارة مثيرة للقلق بالنسبة "لوسائل الإعلام القديمة" تعد محركات البحث على الانترنت الآن محل ثقة كمصدر للأخبار والمعلومات العامة أكثر من وسائل الإعلام التقليدية. بحسب رويترز.

ويرغب المستهلكون في كل الدول الصناعية الكبرى تنظيما أكبر لقطاع الأعمال ولكن ليس لديهم ثقة تذكر في أن صناع السياسة سيطورون وينفذون قوانين ملائمة. واستطلع المسح آراء 27 ألف شخص في 27 دولة وأجري فيما بين 13 أكتوبر تشرين الأول و24 نوفمبر تشرين الثاني.

خسائر تتضاعف

من جانب اخر أفادت نتائج دراسة للامم المتحدة بأن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث الطبيعية زادت بواقع ثلاثة أمثال خلال السنوات العشر الاخيرة فيما تحمل المزارعون على عاتقهم ما يقرب من ربع هذا العبء في الدول الفقيرة. وقالت الدراسة التي أجرتها منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (فاو) وأعلنت خلال مؤتمر دولي للحد من مخاطر الكوارث عقد في منطقة سينداي باليابان إن موجات الجفاف والفيضانات والعواصف والكوارث الطبيعية الاخرى كبدت قطاع الزراعة في الدول النامية اضرارا بلغ حجمها 70 مليار دولار بين عامي 2003 و2013. وقالت الدراسة التي عنيت بتحليل بيانات من 78 من الكوارث في 48 من البلدان النامية إن آسيا كانت المنطقة الأكثر تضررا بخسائر حجمها 28 مليار دولار تلتها افريقيا بحجم خسائر بلغ 26 مليار دولار.

وأوضحت الدراسة الجديدة ان قطاع الزراعة تحمل 22 في المئة من اجمالي الخسائر ما دفع مسؤولي الفاو الى الدعوة لزيادة الدعم الممنوح للمزارعين لمجابهة هذه الازمة. وقالت الدراسة إن 4.5 في المئة فقط من حجم المعونات الانسانية المقدمة عقب الكوارث بين عامي 2003 و2013 استهدف قطاع الزراعة. ويعتمد 2.5 مليار شخص في العالم في كسب ارزاقهم من الزراعة فيما يمثل صغار المزراعين والرعاة والصيادين المجتمعات الاكثر عرضة للكوارث. بحسب رويترز.

وقال جوزيه جرازيانو دا سيلفا المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) في بيان إنه من اجل حماية المزارعين يتعين على الدول "تعزيز استعداداتها لسرعة مواجهة الكوارث فور وقوعها". ويربط كثير من المراقبين بين ارتفاع معدلات وشدة الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية وتغير المناخ. وقال الدراسة إنه من اجل الحد من حجم الاعباء التي يتحملها المزارعون جراء هذه الازمات فان الامر يستلزم انشاء منظومة للانذار المبكر وتحسين طرق انتاج المواد الغذائية والنهوض بسبل جمع المعلومات من اجل تحديد نطاق الكوارث ليتسنى مواجهتها.

حماية المدن

الى جانب ذلك قال خبراء إنه يجب على الحكومات إقناع مؤسسات القطاع الخاص بالاستثمار في مجال حماية المدن من الكوارث الطبيعية فيما يتعين على خبراء المناخ والتنمية تلبية احتياجات المجتمعات الفقيرة التي أضيرت بدرجة كبيرة جراء كوارث المناخ. وقال بيتر كينج الذي يعمل مع مشروع لهيئة المعونة الامريكية يساعد دول آسيا-المحيط الهادي للانتهاء من مشروعات التكيف المناخي والوصول الى التمويل إن نحو 80 في المئة من ثروات العالم تنشأ من المدن لذا فان القطاع الخاص له مصلحة في حماية هذه الأرصدة.

وقال "أعتقد ان التحدي عندئذ هو ان تقنع المدن القطاع الخاص بان يدرك ان الانفاق من أجل حماية هذه الأرصدة العامة". وتحدث كينج في اجتماع للجنة عن تمويل التكيف الحضري خلال مؤتمر ضم مسؤولي مدن وخبراء تنمية وباحثين من 100 مدينة في 30 دولة من آسيا وأمريكا الشمالية وأوروبا. وعادة ما تقع المدن الآسيوية في مناطق ساحلية معرضة للكوارث وفي دلتا الأنهار والسهول الفيضية.

وقالت الامم المتحدة إن منطقة آسيا-الهادي واحدة من أكثر المناطق عرضة للكوارث وشهدت مقتل 714 ألف شخص بسبب الكوارث الطبيعية بين عامي 2004 و2013 أي أكثر من العقد السابق بثلاث مرات في حين تجاوزت الخسائر الاقتصادية 560 مليار دولار. وتحدث كينج الذي يعمل في هيئة المعونة الامريكية عن سندات الكوارث وصناديق المعاشات وأرصدة تقدر بتريليونات الدولارات خاضعة للسيطرة والادارة وقال إن التعامل المالي الحصيف يمكن ان يجعل الاموال الموجودة جاهزة لاستخدام المدن والتمهيد لمزيد من التمويل الاضافي.

ومن أجل مساعدة المدن على التركيز على الاستثمار في تكيف المناخ وتطويعه يسعى مشروع المدن المئة لمؤسسة روكفلر لخلق وظيفة جديدة تسمى مسؤول التكيف المناخي في مجالس الحكم المحلي بشتى أرجاء العالم. إلا ان الباحث ديفيد دودمان قال إن قطاع التكيف المناخي يرتكب نفس الخطأ الذي ارتكبته وكالات التنمية بعدم الالتفات لاحتياجات المجتمعات الفقيرة.

وقال دودمان من المعهد الدولي للتنمية البيئية إن هذا القطاع أبطأ في التعرف على احتياجات سكان الحضر من ذوي الدخول المحدودة كما انه استخدم تعريفات "غير ملائمة على الاطلاق" للفقر. وأكد ريد كونستانتينو المدير التنفيذي لمعهد المناخ والمدن المستدامة ومقره الفلبين ضرورة اتاحة الفرصة للمجتمعات كي تتعقب مسار الكميات الهائلة من اموال التكيف المناخي التي تخصص للدول النامية. بحسب رويترز.

وقال كونستانتينو الذي ساعد في انشاء برنامج يتيح للحكومات المحلية والمجتمع المدني والمنظمات المجتمعية تتبع مسار هذه الأموال "إن الوصول الى المعلومات لا يساعد فحسب في تحسين المشروعات والبرامج والمبادرات بل انه يسمح بوضع تصميم أفضل وبمضاعفة فرص النجاح". وقال إن البرنامج يطور من مشاركة الجمهور لضمان حسن ادارة الموارد على أرض الواقع ودعا الى التركيز بدرجة أكبر على المشروعات الكثيفة المصادر من أجل تحسين التصميمات واشراك المجتمعات كي تقرر بنفسها ما تحتاجه وكيفية جعل المشروع يعمل بصورة أكثر فاعلية.

اضف تعليق