يبدو ان الصراعات الجيوسياسية والاقتصادية وضعت منظمة الاوبك في مواجهة تحديات متناميات، على الرغم من عودة بعض الدول الرئيسية في انتاج النفط للنمو والانتاج الوفير بصورة تدريجية، ويعزو أغلب المحللين المتخصصين في الطاقة ان التحديات القادمة الى عدة عوامل متعلق بالسوق النفطية، ابرزها غزارة انتاج السعودية والعراق وعودة إيران وروسيا الى واجهة التنافس لغايات اقتصادية وجيوسياسية.
ويرى بعض المحللين الاقتصاديين ان السعودية ستقترح اتفاقا لجلب التوازن لسوق النفط، كونها طرحت فيما يبدو فكرة اتفاق عالمي لجلب التوازن ورفع الأسعار من أدنى مستوياتها في نحو ست سنوات لكن منتجين آخرين مثل إيران وروسيا رفضوا جوهر المقترح القائم على خفض الإنتاج.
حيث قال محللون ومصادر في أوبك إنه سيكون من الصعب أن ينال الاقترح موافقة كل الأطراف المعنية إذ يكافح العراق لضبط ميزانيته رغم الزيادة الكبيرة في الإنتاج في حين تقول إيران إن منافسين استولوا على حصتها السوقية خلال سنوات العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران، فيما قالت مصادر خليجية في أوبك "من الصعب خفض الإنتاج بواقع مليون برميل يوميا بصورة جماعية، السعوديون لا يرغبون في تغيير تصريحاتهم السابقة: لا خفض دون تعاون".
فيما يقول محللون آخرون ان ضغوط الميزانية، والسعودية هي المحرك الرئيسي لسياسات أوبك الحالية المتمثلة في ضخ كميات قياسية من الخام لإخراج المنتجين مرتفعي التكلفة مثل شركات النفط الصخري الأمريكية الجديدة من السوق، وتراجع الإنتاج الأمريكي على مدى العام المنصرم لكن منتجين آخرين مثل روسيا لم يتزعزعوا، ونتيجة لذلك تراجعت أسعار النفط أكثر من النصف في الثمانية عشر شهرا الأخيرة مما أدى إلى عجز في ميزانيات معظم الدول الغنية بالطاقة.
وبالنسبة للسعودية أدت بالفعل احتمالات تسجيل عجز كبير في الميزانية إلى قيام المسؤولين بطرح فكرة إصلاحات قد لا تجد قبولا شعبيا مثل فرض ضريبة للقيمة المضافة وخفض دعم الطاقة، ويدفع تراجع إيرادات الطاقة البعض في طبقة المال والأعمال النافذة إلى الضغط على الرياض لسرعة إنهاء حربها المكلفة في اليمن وهي الرهان الاستراتيجي الأكبر للمملكة في عقود وإحدى السمات الرئيسية للسياسة الخارجية للملك سلمان.
وقد ينظر إلى المقترح السعودي على انه محاولة لقطع الطريق على مطالبات الأعضاء الأقل ثراء مثل فنزويلا لكن الشروط صعبة التطبيق، وقال مصدر خليجي في "من الصعب خفض الإنتاج مليون برميل يوميا بشكل مشترك. السعوديون لا يريدون التراجع عن تصريحاتهم السابقة، لا خفض بدون تعاون"، وارتفعت أسعار النفط من قرب أدنى مستوياتها في 2015 بفعل تقرير إنرجي انتليجنس حيث زاد سعر برنت نحو اثنين بالمئة إلى 43.29 دولار بحلول الساعة 1236 بتوقيت جرينتش لكن متعاملين قالوا إنهم يتوخون الحذر، وقالت جيه.بي.سي إنرجي في مذكرة بحثية "نرى في (فكرة الاتفاق) تلك جهدا لتوفير الدعم النفسي للسوق لكن فرصة الأخذ بها ضئيلة"، وعليه ربما ستواجه منظمة أوبك مهمة صعبة في اجتماعها لو لم تكن دول عديدة من أعضائها تضخ دون المستوى المستهدف أو العكس بسبب نزاعات أو الصراعات الجيوساسية.
اتفاق لجلب التوازن لسوق النفط
في السياق ذاته قالت نشرة انرجي انتليجنس إن السعودية ستقترح اتفاقا يهدف لتحقيق التوازن في سوق النفط ويشمل مطالبة إيران والعراق العضوين في منظمة أوبك بالحد من نمو الإنتاج كما يشمل مشاركة دول غير أعضاء في المنظمة مثل روسيا، وقالت النشرة إن السعودية ستدعو لخفض إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بواقع مليون برميل يوميا العام المقبل لكن بشرط التزام غيرها من الدول الأعضاء في المنظمة والمنتجين من خارجها مثل روسيا والمكسيك وسلطنة عمان وقازاخستان بجهود مشتركة. بحسب رويترز.
وقد ينظر إلى المقترح بعين الشك كمحاولة لردع مطالب الدول الأعضاء الأقل ثراء مثل فنزويلا من خلال اظهار الاستعداد للعمل لكن مع فرض شروط صارمة يصعب تنفيذها، ولم تشترك الدول الأعضاء في أوبك مع المنتجين غير الأعضاء في المنظمة لمعالجة انخفاض أسعار النفط منذ 15 عاما وكان ذلك بعد الأزمة المالية الآسيوية في 1998، ومنذ ذلك الحين قاومت روسيا غير العضو في أوبك المطالبات بموقف مشترك وبدلا من ذلك رفعت إنتاجها 70 بالمئة.
وسيكون المقترح السعودي في حالة التوصل لاتفاق بشأنه مفاجأة إذ كان من المتوقع على نطاق واسع أن يبقي أجتماع أوبك على سياسات الإنتاج الحالية رغم هبوط الأسعار وتخمة المعروض، وإلى جانب صعوبة التوصل لاتفاق مع الدول غير الأعضاء فستواجه الرياض تحديات كبيرة مع شركائها داخل المنظمة، ونقلت النشرة عن مندوب رفيع المستوى في أوبك أن الاتفاق السعودي المقترح يتضمن أن يثبت العراق إنتاجه النفطي عند المستوى الحالي البالغ نحو أربعة ملايين برميل يوميا وأن تشارك إيران - التي تتوقع رفع العقوبات الغربية المفروضة عليها أوائل 2016 - في تلك الجهود.
وارتفعت أسعار النفط قليلا لكن المتعاملين ما زالوا يتوخون الحذر، وقال ريك سبونر كبير المحللين لدى سي.إم.سي ماركتس في سيدني "سترغب السوق في سماع آراء الأطراف الأخرى والاطمئنان على إمكانية تحقيق ذلك، لا يكمن الأمر فقط في موافقة المنتجين الآخرين على الاتفاق ولكن في التزامهم به"، وأضاف "حقيقة أن السعودية هي من تقدمت بالاقتراح يعطي الأمر أهمية أكبر".
وارتفعت العقود الآجلة للخام قرب أدنى مستوياتها في 2015 وزاد سعر برنت 70 سنتا بحلول الساعة 0640 بتوقيت جرينتش إلى 43.19 دولار للبرميل فيما ارتفع سعر الخام الأمريكي 56 سنتا إلى 40.50 دولار، ونقلت النشرة عن مندوب رفيع المستوى في أوبك قوله إن السعودية ستكون على استعداد لمناقشة مزيد من الجهود لإحداث التوازن في أسواق النفط وأن خفض الإنتاج بواقع مليون برميل يوميا سيكون نقطة البداية فقط. لكنها أضافت أنه لم تتضح كيفية تنفيذ ذلك الخفض وما إذا كان سيجري العمل مرة أخرى بنظام الحصص.
وقالت نشرة إنرجي انتليجنس إن السعودية أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) قد تقترح على الأعضاء خفض إنتاج الخام مليون برميل يوميا في العام القادم إذا انضمت الدول غير الأعضاء بالمنظمة إلى الفكرة. بحسب رويترز.
وقال مصدر سعودي في وقت لاحق إن التقرير "لا أساس له" لكنه أحجم عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل وقال مصدر في إنرجي انتليجنس إن النشرة متأكدة من صحة الخبر، وتصر السعودية منذ فترة طويلة على أنها لن تخفض الإنتاج إلا بمشاركة الدول الأخرى من داخل أوبك وخارجها، ونقل التقرير عن مندوب بارز في أوبك قوله إن السعوديين سيقبلون بالخفض إذا جمد العراق زيادات الإنتاج وإذا ساهمت فيه إيران ودول غير أعضاء بالمنظمة مثل روسيا والمكسيك وسلطنة عمان وقازاخستان.
وسيكون أي تعاون بين المنتجين من داخل أوبك وخارجها لمعالجة تدني أسعار النفط هو الأول منذ ان تعاون الطرفان قبل 15 عاما لمساعدة السوق على التعافي من الأزمة المالية في 1998، ومنذ ذلك الحين تصم روسيا -أكبر منتج غير عضو في أوبك- أذنيها عن دعوات لأخذ إجراء مشترك بل ورفعت إنتاجها 70 بالمئة.
ومن المستبعد أن يتغير موقف روسيا وإيران العضو المهم في أوبك التي تريد زيادة إنتاجها بعد سنوات من الرزوح تحت عقوبات غربية. وتعقد أوبك اجتماعا في فيينا تسبقه محادثات غير رسمية، وأبلغ وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه الصحفيين في فيينا "لا نقبل بأي نقاش فيما يتعلق بزيادة إنتاج إيران بعد رفع العقوبات. هذا حقنا ولا يمكن لأحد ان يقيدنا لنفعل هذا. لن نقبل بأي شيء في هذا الصدد.
"لا نتوقع من زملائنا في أوبك فرض ضغوط علينا... هذا غير مقبول وغير عادل"، وأضاف أن إيران ستزيد الإنتاج بما يصل إلى مليون برميل يوميا بعد سنوات من القيود المكبلة بسبب العقوبات المتعلقة ببرنامجها النووي، وقال وزير النفط الروسي ألكسندر نوفاك في تصريحات لوكالة ريا المحلية للأنباء إنه لا يرى حاجة إلى ان تخفض موسكو إنتاج النفط مضيفا أنه لا يتوقع أن تغير أوبك سياسات الإنتاج في اجتماع .
استمرار هبوط الأسعار
في حين قال مسؤولون ومندوبون بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن المنظمة تستعد لاجتماع بالغ الصعوبة هذا الأسبوع في الوقت الذي تضخ فيه الدول الأعضاء كميات قياسية في ظل ضبابية آفاق الطلب واحتمال رفع الفائدة الأمريكية الذي قد يدفع أسعار النفط للنزول. بحسب رويترز.
وقال مصدر في أوبك إن الاجتماع المقرر عقده في فيينا "سيكون صعبا"، ويتوقع عدد كبير من المراقبين والمسؤولين في أوبك أن يتمخض الاجتماع عن تمديد العمل بسياسات الإنتاج الحالية، وراوغ وزير البترول السعودي علي النعيمي في رده على تساؤلات بشأن استراتيجية أوبك وذلك بعد وصوله إلى العاصمة النمساوية فيينا، وحينما سُئل النعيمي عما إذا كانت استراتيجية السعودية المتمثلة في الدفاع عن حصتها في السوق تؤتي ثمارها تساءل الوزير قائلا "أي استراتيجية؟ من الذي قال إننا نحافظ على الحصة السوقية؟".
وشكا مندوبون لدى أوبك من غير دول الخليج من أن السعوديين يفرضون وجهات نظرهم على المنظمة، وقال النعيمي بشأن الاجتماع "سنكون هناك .. سوف نستمع ثم نقرر"، وقادت السعودية قبل نحو عام قرار أوبك بضخ المزيد من النفط والدفاع عن الحصة السوقية في مواجهة المنتجين المنافسين. وقلصت هذه السياسة وتيرة إنتاج النفط الصخري الأمريكي إلى حد ما وتتجه إمدادات المنتجين من خارج أوبك إلى الانخفاض العام المقبل.
غير أن ذلك لن يكفي لوقف نمو تخمة المعروض مع الارتفاع الحاد في إمدادات روسيا غير العضو في أوبك والعراق عضو المنظمة في حين أن من المتوقع أن تزيد الإمدادات الإيرانية إذا رُفعت العقوبات الغربية عن طهران العام القادم، وهبطت أسعار النفط إلى أقل من النصف لتصل إلى 45 دولارا للبرميل من 115 دولارا قبل نحو 18 شهرا.
وقال مصدر ثان في أوبك إنه يتوقع المزيد من الضغوط النزولية على أسعار النفط إذا رفعت الولايات المتحدة أسعار الفائدة في ديسمبر كانون الأول بما يساعد الدولار على مواصلة مكاسبه بعد المستويات القياسية التي بلغها في الفترة الأخيرة، وأضاف أن أسعار النفط قد تنخفض إلى 35 دولارا للبرميل، وأشارت عدة مصادر إلى الاختلافات التي ثارت الأسبوع الماضي بخصوص آفاق الطلب العالمي حين التقى خبراء من أوبك في فيينا قبل الاجتماع الوزاري هذا الأسبوع.
وقال مصدر ثالث إن الأعضاء المتشددين بشأن الأسعار في أوبك وهم إيران والجزائر وفنزويلا إلى جانب الإكوادور والعراق وهما أكثر اعتدالا شككوا في التوقعات المتفائلة لأمانة المنظمة بشأن معدل نمو الطلب خلال العام المقبل والبالغ 1.25 مليون برميل يوميا، وذكروا أنهم يعتقدون أن معدل نمو الطلب سيصل في الواقع إلى مليون برميل يوميا فقط بما يمثل تباطؤا عن العام الحالي المتوقع أن يتجاوز فيه معدل النمو 1.7 مليون برميل يوميا.
في الوقت نفسه لم تظهر أي علامات على انحسار إنتاج كبار المنتجين العالميين، فقد ارتفع إنتاج السعودية في نوفمبر تشرين الثاني إلى 10.25 مليون برميل يوميا رغم العوامل الموسمية التي عادة ما تقلص الطلب على الخام للاستهلاك المحلي في أشهر الشتاء، وزادت صادرات النفط العراقية في نوفمبر تشرين الثاني إلى أعلى مستوى لها في عقود ليبلغ متوسطها 3.37 مليون برميل يوميا.
وبلغ إنتاج النفط الروسي في أكتوبر تشرين الأول مستوى جديدا هو الأعلى منذ انتهاء الحقبة السوفيتية، وقالت وكالة مهر الإيرانية للأنباء يوم الثلاثاء إن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه أرسل خطابا إلى أوبك قبل اجتماع الجمعة يحث الأعضاء على احترام سقف الانتاج المشترك البالغ 30 مليون برميل يوميا.
وقال محللون من انرجي أسبكتس في مذكرة "تجتمع أوبك في الرابع من ديسمبر ونتوقع استمرار الوضع الراهن. فالسعودية لا تريد خفض الإنتاج خصوصا مع استمرار صعوبة الخفض الجماعي وسط ارتفاع الضغوط المالية على كبار الأعضاء الآخرين في أوبك والمنتجين الرئيسيين من خارج المنظمة"، وقالت انرجي أسبكتس إنها تعتقد أن السعودية لن تخفض الإنتاج إلا إذا استطاعت التأثير على السوق وهو أمر يستبعد حدوثه قبل النصف الثاني من 2016 في ضوء المستويات المرتفعة الحالية للمخزونات.
تراجع النفط إلى 20 دولارا
فيما تعقد أوبك العزم على الاستمرار في ضخ النفط بقوة رغم الضغوط المالية الناتجة عن ذلك حتى على السعودية مهندسة سياسة الدفاع عن الحصة السوقية الأمر الذي يثير مخاوف الأعضاء الأصغر الذين يراودهم القلق من تراجع الأسعار أكثر صوب 20 دولارا للبرميل. بحسب رويترز.
وأي تغير في السياسة وارد فقط إذا ما انضم المنتجون الكبار من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول وبخاصة روسيا إلى الخفض المنسق للإنتاج، وبينما قد تتشاور موسكو مع وزراء النفط في أوبك قبل اجتماعهم نصف السنوي الذي يعقد الأسبوع المقبل فإن فرص مساهمتها في وقف هبوط الأسعار مازالت ضعيفة.
يقول مندوب لمنتج رئيسي في أوبك "ما لم تفصح الدول غير الأعضاء في أوبك عن رغبتها في تقديم يد العون أعتقد أنه لن يحدث أي تغيير، أوبك لن تخفض الإنتاج وحدها، وخلال اجتماع أوبك الأخير في فيينا في يونيو حزيران أخفى وزير البترول السعودي علي النعيمي ووزراء النفط في دول خليجية أخرى ابتهاجهم بشق الأنفس.
وقالت أوبك إن قرارها التاريخي في نوفمبر تشرين الثاني 2014 بضخ المزيد من النفط والدفاع عن حصتها السوقية أمام الموردين المنافسين أتى ثماره حينما كان سعر النفط نحو 65 دولارا للبرميل. لكن بعدها بستة أشهر سجل الخام 45 دولارا منخفضا من نحو 115 دولارا في منتصف العام السابق.
والآن يتحدث بعض الأعضاء عن العودة لسعر 20 دولارا للبرميل الذي لم يحدث منذ مطلع الألفية، وأشاروا إلى ثقة إيران في رفع العقوبات الدولية على اقتصادها بنهاية العام، وقال وزير النفط الفنزويلي إيولوخيو ديل بينو يوم الأحد "إيران تعلن أن انتاجها سيزيد فور رفع العقوبات ونحن بحاجة إلى أن نفعل شيئا. لا يمكن أن نسمح (في أوبك) باشتعال حرب أسعار. نحتاج لتحقيق الاستقرار في السوق".
وردا على سؤال عن إلى أي مدى يمكن أن تنخفض الأسعار العام المقبل إذا ما لم تغير أوبك مسارها قال "منتصف العشرينات"، وقال بنك جولدمان ساكس هذا العام إنه يتوقع احتمال انخفاض النفط إلى ما دون 20 دولارا بسبب التخمة الهائلة للمعروض العالمي وقوة الدولار إلى جانب تباطؤ اقتصاد الصين، ويشكك غالبية المحللين في رفع العقوبات عن ايران قبل الربيع المقبل بموجب الاتفاق النووي مع القوى العالمية لكنها سترفع إنتاجها من النفط إن عاجلا أو آجلا.
ضغوط على السعودية، حقق انهيار الأسعار بالفعل أهداف أوبك إلى حد ما، فقد عزز الطلب العالمي وكبح نمو إمدادات النفط الصخري الأمريكي المكلف نسبيا في إنتاجه، ومن المتوقع أيضا انخفاض الإمدادات من خارج أوبك للمرة الأولى في نحو عشر سنوات العام المقبل إذ يخفض المنتجون المحاطون بالمشكلات الإنفاق الرأسمالي.
لكن العالم مازال ينتج أكثر مما يحتاج من النفط. فقد سجل الإنتاج الروسي مستويات مرتفعة قياسية جديدة غير متوقعة في الوقت الذي تتضخم فيه المخزونات العالمية، وحتى السعودية التي قادت التغيير في سياسة أوبك تعاني من مزيد من الضغوط المالية، وتوقعت ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني أن يبلغ العجز في ميزانية المملكة 16 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في 2015 من 1.5 بالمئة في 2014.
مع ذلك تقول المملكة إن العجز في ميزانية العام الحالي تحت السيطرة، وقال بنك أمريكا ميريل لينش إنه يعتقد أن الضغوط مرتفعة بشكل سيدفع حكومة السعودية إما إلى خفض قيمة عملتها المرتبطة بالدولار أو خفض انتاج النفط، وسيكون هذا الخفض تحولا كاملا في السياسة سيفسره كثير من المنافسين على أنه فشل استراتيجي، ومازال استمرار ضخ النفط بنفس المستويات على أمل أن يوتي ذلك ثماره في الأجل الطويل خيار الرياض فيما يبدو وحلفائها الخليجيين الأثرياء قطر والإمارات العربية المتحدة والكويت.
انتقادات متنامية، قد تحضر روسيا مشاورات غير رسمية مع أوبك قبل اجتماع فيينا في الرابع من ديسمبر كانون الأول لكن المصادر تستبعد أن تغير موسكو موقفها وتتعاون مع أوبك في خفض الانتاج، وأبقت أوبك على سياستها دون تغيير في اجتماع يونيو حزيران دون أي معارضة من أعضائها فيما يبدو. لكن هذه المرة تبدو المعارضة من صقور المنظمة وأعضائها الأفقر مثل فنزويلا أكثر وضوحا بينما تتزايد حدة الانتقادات.
وقال مندوب ثان في أوبك طلب عدم نشر اسمه "لا أظن أن أي شيء سيحدث لأن السعوديين لا يريدون خفض الانتاج. إنهم يتصرفون ضد مصالحهم وضد مصالح الجميع"، ومما يدل على تزايد الانقسامات عجز أوبك عن الاتفاق في نوفمبر تشرين الثاني على تحديث لاستراتيجيتها طويلة الأجل. واقترحت إيران والجزائر في تعليقات على مسودة وثيقة لأوبك أطلعت عليها رويترز أن تستأنف المنظمة الدفاع عن الأسعار والسيطرة على الامدادات من خلال تحديد حصص للأعضاء.
لكن حتى بعض دول أوبك التي تساند مثل هذه الخطوات لا ترى فرصة تذكر في الموافقة عليها، وقال مندوب ثالث في أوبك "أعتقد أن أوبك لن تتوصل لاتفاق للسيطرة على معدلات الانتاج وأن السعوديين سيتمسكون باستراتيجيتهم، لن يتم التوصل إلى حصص للإنتاج"، وتخلت أوبك عن نظام الحصص حينما حددت مستوى الإنتاج المستهدف عند 30 مليون برميل يوميا في 2012، وتجاوز الانتاج هذا المستوى طيلة العام في ظل الزيادة القياسية في إنتاج السعودية والعراق، ووفقا لبيانات أوبك بلغ الإنتاج 31.38 مليون برميل يوميا الشهر الماضي.
يقول مندوبون إن الوزراء قد يبحثون زيادة سقف الإنتاج إلى 31 مليون برميل يوميا لاستيعاب إندونيسيا التي تضخ نحو 900 ألف برميل يوميا وتسعى للعودة إلى أوبك من جديد بعد خروجها من المنظمة لمدة سبع سنوات، ومن المجهولات الكبيرة في 2016 حجم النفط الإضافي الذي قد تنتجه إيران بسرعة. ويتوقع مندوبون خليجيون في أوبك ما بين 100 ألف إلى 200 ألف برميل يوميا بينما تقول طهران إنها قد تضخ 500 ألف برميل يوميا أخرى في غضون شهور قليلة من رفع العقوبات، يقول ديفيد فيف رئيس البحوث في جانفور لتجارة السلع "في الوقت الحالي لا أري أي مؤشر على أن السعوديين سيسعون لتعديل استراتيجيتهم القائمة على حماية حصة السوق، ستخضع مرونة الإستراتيجية للاختبار خلال الاثني عشر إلى ثمانية عشر شهرا المقبلة في وجه أي زيادات في الإنتاج من إيران أو العراق أو ليبيا".
ارتفاع إنتاج نفط أوبك بقيادة السعودية والعراق
من جانب اخر خلص مسح أجرته رويترز إلى ارتفاع إنتاج نفط أوبك في نوفمبر تشرين الثاني عن الشهر السابق بقيادة انتعاش في الصادرات العراقية بعد طقس سيء عطل نمو المعروض بشكل مؤقت من ثاني أكبر منتج في المنظمة، وتشير الزيادة إلى أن منظمة البلدان المصدرة للبترول تضخ مجددا قرب مستوى قياسي مرتفع مع تركيز السعودية وكبار المنتجين الآخرين على حماية الحصة السوقية، وتجتمع أوبك هذا الأسبوع ومن غير المتوقع أن تغير سياستها. بحسب رويترز.
وبحسب المسح القائم على بيانات الشحن ومعلومات من مصادر بشركات النفط وأوبك واستشاريين زاد معروض أوبك في نوفمبر تشرين الثاني إلى 31.77 مليون برميل يوميا من 31.64 مليون في أكتوبر تشرين الأول، يأتي اجتماع أوبك يوم الجمعة بعد عام تقريبا من قرارها التاريخي الذي قادته السعودية بعدم دعم الأسعار، وتراجع النفط أكثر من النصف في 18 شهرا بسبب تخمة المعروض المستمرة لكن حتى أعضاء أوبك الذين يرغبون في تغيير نهج المنظمة لا يتوقعون ذلك.
وقال مندوب في أوبك من بلد غير خليجي يفضل فرض قيود على المعروض "أتوقع ألا تغير السعودية موقفها.. لن يفرز الاجتماع القادم النتيجة المرغوبة"، ورفعت أوبك الإنتاج نحو 1.50 مليون برميل يوميا منذ تغيير السياسة في نوفمبر تشرين الثاني 2014. ولا يقل الإنتاج كثيرا عن مستوى يوليو تموز البالغ 31.88 مليون برميل يوميا الذي يعد الأعلى منذ بدأت رويترز حفظ البيانات في 1997.
وجاءت أكبر زيادة شهرية في الإنتاج من العراق أسرع مصادر نمو المعروض في العالم هذا العام، ووفقا لبيانات التحميل ومصادر بالقطاع زادت الصادرات من المنفذ الرئيسي للعراق - مرافئه الجنوبية - إلى 3.06 مليون برميل يوميا على الأقل في نوفمبر تشرين الثاني وقد تتجاوز ذلك وتسجل رقما قياسيا مرتفعا إذا غادرت الناقلات المنتظرة حاليا قبل.
كانت أرقام أكتوبر تشرين الأول أقل من المتوقع جراء تعطل شحنات بفعل الطقس السيء، وتراجعت صادرات شمال العراق لحكومة إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي في حين استمر توقف صادرات شركة تسويق النفط العراقية (سومو) عبر المنفذ الشمالي للشهر الثاني حسبما أظهر المسح.
وقالت مصادر إن السعودية زادت الإمدادات أيضا مع قيامها بزيادة الصادرات واستهلاك المزيد في مصافي التكرير مما أبطل أثر التراجع الموسمي في استهلاك محطات الكهرباء المحلية، وقال مصدر يرصد الإنتاج السعودي "صادرات نوفمبر واستهلاك المصافي ارتفعا مقارنة مع أكتوبر بأكثر من تراجع الحرق المباشر (في محطات الكهرباء)، لذا زاد المعروض في السوق خلال نوفمبر".
وبلغ الإنتاج السعودي 10.25 مليون برميل يوميا وفقا للمسح غير بعيد بذلك عن مستواه القياسي المرتفع 10.56 مليون برميل يوميا المسجل في يونيو حزيران، لكن الإنتاج تراجع بعضوي أوبك في غرب افريقيا أنجولا ونيجيريا، وانخفض الإنتاج الليبي الذي لا يزيد بالفعل على نسبة ضئيلة من مستويات ما قبل الصراع هناك، واستقر إنتاج إيران ثاني أكبر منتج في أوبك قبل أن تجبرها العقوبات على تقليص الصادرات في 2012 حسبما أظهر مسح نوفمبر تشرين الثاني. وقد يؤدي رفع العقوبات المفروضة على إيران إلى زيادة إنتاج أوبك بدرجة أكبر في 2016.
اضف تعليق