إنسانيات - تعليم

رسالة المعلم

إن المعلم يتعامل مع عقول صغيرة يطورها تدريجيا ويبدأ معها من الصفر وصولا للطموح الكبير في أن يرى هذه العقول قد نالت مكانتها التي تستحقها، ونجد أن جزءا مهما من تلبية مطالب المعلمين، يتمثل بان تؤدي وزارة التربية ومديرياتها العامة واجباتها نحو المدارس وما تحتاجه...

أثيرت الكثير من الأسئلة في الأسبوع الماضي عن إضراب المعلمين وما يحمله من دلالات كبيرة لهذه الشريحة المهمة، والتي تقع على عاتقها مسؤولية بناء المجتمع بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معان ودلالات.

المعلم يعاني كثيرا ليس في الأمور المادية فقط، بل في صلب عمله، الذي هو المدرسة وأركانها المتعددة من منهج مدرسي وبناية ومختبرات ووسائل إيضاح وإدارة ومديريات تربية وصولا للوزارة، وهذه الأمور إذا ما نظرنا إليها إنها تستنزف الكثير من طاقة المعلم وموارده المالية، التي يصرف منها على ما يحتاجه في مهنته ورسالته التي يجب أن يوصلها للتلاميذ والطلبة كما يجب ووفق ما يراه مناسبا. 

وبالتالي فإنه يكون مجبرا على توفير كل شيء تعجز وزارة التربية ومديرياتها العامة في توفيرها، من أجل أن يستطيع أداء دوره بشكل صحيح ومناسب ويرضي ضميره في إيصال ما مطلوب منه كما يجب.

من هنا نجد أن المعلم يشتري وسائل الإيضاح وأقلام السبورة بألوانها المتعددة، ويحفر التلاميذ عبر الهدايا الأسبوعية، ويدعم المتعففين منهم لأن هذا جزء من مهنة التعليم في خلق أجواء المحبة والألفة، ويسهم في ترميم المدرسة وصيانة أثاثها سواء مقاعد الدراسة (الرحلات) أو السبورات أو الشبابيك وتركيب الزجاج، يطبع الأسئلة ويستنسخها من ماله الخاص، ويوفر كل ما تحتاجه المدرسة. 

وهذا يحتاج إلى جهد تطوع به المعلم وأموالا ساهم بها من راتبه من أجل أن يظهر مدرسته بالشكل المناسب.

وهذا يعني إنه يختلف جذريا عن باقي موظفي الدولة، الذين يتعاملون مع مراجعين قد يأتون بكثرة في يوم ما وقد ينتهي الدوام دون أن يأتي أي مراجع، بينما المعلم لديه من المراجعين يوميا هو ينتظرهم ويتفقد الغائب منهم ويتابعه، ويحرص على توفير المناخ المناسب لهم، وهو بالتالي يتعدى عنوان موظف روتيني يؤدي عمله في ساعات محددة داخل دائرته، فساعات عمل المعلم أطول سواء في المدرسة أو خارجها وحتى أيام العطل نجده، يتواصل مع أولياء الأمور بشكل إنساني كبير جدا.

إن المعلم يتعامل مع عقول صغيرة يطورها تدريجيا ويبدأ معها من الصفر وصولا للطموح الكبير في أن يرى هذه العقول قد نالت مكانتها التي تستحقها، ونجد أن جزءا مهما من تلبية مطالب المعلمين، يتمثل بان تؤدي وزارة التربية ومديرياتها العامة واجباتها نحو المدارس وما تحتاجه بعيدا عن الاعتماد عن تكليف الهيئات التعليمية والتدريسية بجمع مبالغ للصيانة والترميم، وشراء الكثير من الحاجيات الضرورية من أجل تبقى المدرسة تؤدي دورها. وعلى الجميع أن يعرف أن كل مدارس العراق ما كانت قادرة على أداء واجبها لولا العمل التطوعي، سواء بالجهد أو المال الذي تقدمه الهيئات التعليمية والتدريسية.

اضف تعليق