ثمة أزمات كثيرة تستقيم تأثيراتها معاً لتغير شكل ومفهوم مصطلحات كثيرة لدينا تكتسب أهميتها من دورها الرئيسي في بناء مستقبل أمتنا، فالأمم التي تعيش الازمات من الصعوبة أن تعي مقدار ما ستواجهه من مشاكل في شتى مناح الحياة في المستقبل إذا ما أغفلت أهمية العلم مثلاً، وطننا من تلك الامم التي تعاني ازمات كثيرة منذ عقود من الزمن وحتى اليوم تتسبب تلك الازمات في إنحدار مستوى التعليم ومدى استفادتنا من العلوم لصالح السلام والتنمية المستدامة، الارهاب والازمة الاقتصادية وثالثهما الفساد قد تطيح بالمستقبل إذا لم نجد سبيلاً لإخراج أنفسنا من هذا الثالوث المحبط لكل آمال شعبنا في الدخول من بوابة المستقبل المستدام.
العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام تحتفل الامم المتحدة باليوم العالمي للعلم لصالح السلام والتنمية تهدف فيه الى تجديد الالتزام الوطني والدولي للعلوم من أجل السلام والتنمية، وتؤكد على الإستخدام المسؤول للعلوم لصالح المجتمع. كما يهدف اليوم العالمي للعلم لصالح السلام والتنمية أيضاً إلى رفع مستوى الوعي العام بأهمية دور العلم، وإقامة جسور بين العلوم والمجتمع.
كيف يمكننا إستخدام العلم ومعرفة دوره البناء في عملية بناء السلام والتنمية؛ مع كل المعاناة التي تعتري العملية التربوية والعلمية بكافة قطاعاتها الابتدائية والاولية والعليا؟ وكيف يمكننا وضع نظام قياسي لمعرفة أين نحن من العالم في مجال العلم؟ بالتأكيد الاجابة ستكون سلبية ومحبطة لكوننا لم نعمل باتجاه صحيح منذ فترة طويلة في تطوير مؤسساتنا العملية ولازلنا نتخبط في أمور كثيرة واساسية تعتبر الدعامة المهمة للتعليم العالي.
نفتقر الى المدن العلمية الكاملة ونعاني الضعف في توفير مختبرات عالية المستوى تكفل تدريباً عالياً لطلبة الجامعات، لغاية العام الماضي، لازال طلبة الجامعات العلمية والتكنلوجية يعانون من عدم وجود مختبرات مهمة، غير تقليدية، تنمي قدراتهم الابداعية فالموجود منها كان قد غادره العالم منذ زمان بعيد، يرافق ذلك ضعف التخصيصات البحثية ورعاية براءات الاختراع التي أنتجتها الجامعات العراقية، قد لا نمتلك ارقاماً واضحة إلا أن مايتم صرفه على البحوث العلمية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وفي كافة اقسام البحوث في كافة الوزرات مبالغ لاتتناسب وحجم الطموح.
الحوكمة الالكترونية، تأخر الاحتفال بها كثيراً والجميع يعلم اهميتها في انتزاع سطوة الفساد من ايدي الفاسدين وتطوير القدرات العلمية لأبناء شعبنا في الحد من الروتين ودعم التنمية، وحتى بعد طرح الحكومة لمشروعها الوطني "حكومتكم في خدمتكم" لازالت الحوكمة تفتقر الى التطبيق الكامل والحرفي كما في البلدان المجاور، على اقل تقدير، لنحقق قفزة في مجال الخدمات العامة التي تسهل الطريق أمام المشاركة الوطنية الشعبية في بناء المستقبل، فللعلم طريق مباشر ومهم في بناءه.
للبحث العلمي دور مهم في تصعيد وتيرة الاتجاه السريع الى المستقبل، لم يخف عن الحكومة ففي أيلول الماضي كان رئيس الوزراء قد دعا في كلمته الافتتاحية لمؤتمر منظمة (TEDx) بدورته الخامسة برعاية مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون: "الشباب الذين يملكون الفكرة والحماس إلى تقديم أفكار تخدم المجتمع ويمكن تطبيقها نظرياً ومالياً، ومنها تطوير الأفكار لمواجهة مشكلة الكشف عن المتفجرات من خلال ابتكار أجهزة لكشف المتفجرات من وسائل بسيطة والمساهمة في إنقاذ الأبرياء"، في أحد أهم سبل مواجهة الارهاب الذي يقتص من ابناء شعبنا يومياً، مع ان العلم لم يتوقف على ذلك فلدينا من المعاضل العلمية الكثير وهي بحاجة لبحث علمي قادر على ان يخرجها من واقعها المرير كقطاع الكهرباء وسبل البحث في موضوع الطاقة النظيفة والبحث في مجال الصناعة وتطوير منتجات وفي ازمة تدوير النفايات والاستفادة منها في انتاج الطاقة وحدها نفاياتنا قد تحل لنا مشكلة الكهرباء ! وفي مجال بحوث العمليات والصحة لشعب مريض.. إلخ.
علينا أن نحث الخطى باتجاه استثمار جهود علمائنا. في البدء علينا أن لا نستنزف تلك الثروة بدفعها الى الهرب بعيداً عن الوطن فيكفي العراق من تركه منهم، غير نادم، بعدما هُددت حياته وعائلته تحت مسمى الطائفية ومسميات أخرى ويكفينا من أزهقت ارواحهم، كان ثقلهم كبير في المجتمع، علينا أن نقدم لهم ما يوازي العطاء المقدم لهم في دول الجوار وفي مقدمة العطاء الأمن والاحترام والتقدير، فشعار " العلوم من أجل مستقبل مستدام" لهذا العام يجب يكون له قادة وهم ليسوا أولئك اللذين دفعت بهم المحاصصة الى ارتقاء مناصب علمية مرموقة لم يحسنوا إدارتها والتصرف فخسرنها وخسرنا الاخرون حينما أحبطت خططهم بالتطوير.
بحاجة الى دعم كل مراكز البحث والتطوير في المؤسسات الصناعية ودفعها الى الابداع على طريق احداث تغيير مهم في حياتنا وفي مستقبلنا، نحن ندعو الى مؤتمر علمي كبير برعاية الحكومة ليأتي علمائنا ونؤشر لخطة علمية مستقبلية لعموم البلد ونفرد لها التخصيصات المالية ونتابع عمله وتوصياته، وسنرى حينها أن للمبدعين رأي آخر بعيد كل البعد عن ما نحن فيه الآن وأن لهم رؤية مثيرة لمستقبل وطنهم قد تجلي الصدأ عن عقول الاخرين.. حفظ الله العراق.
اضف تعليق