إعطاء الجوانب العملية والمهارية نسبة اعلى في الاختبار تضمن تكافؤ الفرص وعدم ظلم الطلبة الذين يعانون من تهالك نظام البكالوريا الذي لا يزال يحظى باحترام أصحاب الحل والعقد في وزارة التربية التي كثرت نوازلها وقل المفتون بما يخدم العملية التربوية بشكل عام...

البكالوريا لها دلالات عميقة في نفوس الطلبة بمراحلهم الدراسية، فهي ليست امتحان عابر او شهادة بسيطة، بل هي بوابة تفتح للطلبة آفاق جديدة وفرص لا حصر لها، يسعى الفرد الطالب للحصول عليها ويضعها نصب عينيه منذ اليوم الأول لدخوله المرحلة الابتدائية.

يُعتبر نظام البكالوريا في العراق من الأنظمة التعليمية الأساسية التي تحدد مستقبل الطلاب الأكاديمي والمهني، ومع التطورات الحديثة في أساليب التعليم العالمية، تتزايد الدعوات والنقاشات حول إمكانية الغاء هذا النظام واستبداله بآليات أخرى، من شأنها ان تجد بيئة تعليمية أكثر شمولية وعدالة.

يعاني الطلبة في العراق من نظام البكالوريا، ونظرا لأهميته في تحديد المستقبل العلمي للطلبة فقد يتسبب بضغط نفسي غير مسبوق في المراحل الدراسية للطالب قبل بلوغ مرحلة البكالوريا سواء في المرحلة المتوسطة او الإعدادية، فالضغط النفسي يؤثر وبشكل مباشر على صحتهم النفسية والجسدية ويجعل من التقييم غير عادل لبعض الطلاب الذين يكونون بحالة أفضل بالأداء على مدار العام الدراسي.

من السلبيات التي تؤشر على نظام البكالوريا انه يظلم عدد من الطلبة الذين يجبرون على ظرف معين او حالة غير طبيعية أيام الامتحانات النهائية، ما يجعل معدلهم قابل للانخفاض وبالنتيجة ضياع تعب قرابة العقد والنصف من الدراسة والمثابرة.

ليس من الصحيح ان يبنى مستقبل الطالب على أسبوعين من اثنا عشر موسم دراسي، فقد يتعرض لحالة وفاة او يصاب بمرض مفاجئ يمنعه من اداء الامتحان كما يجب ان يكون، وهنا تكمن عدم عدالة هذا النظام التعليمي، ويمكن الخروج من هذا المأزق بتغيير نظام احتساب الدرجة بالنسبة لطلبة المراحل المنتهية.

يمكن القضاء على او انهاء مخاوف الطلبة من المراحل الدراسية الحاسمة عن طريق اتباع النظام الجامعي الذي يعتمد احتساب المعدل بشكل تراكمي، يعتمد على درجات المراحل الأربعة لاحتساب معدل الطالب للدراسة الجامعية، اذ يسهم هذا النظام بتحفيز الطلبة على الابداع ومواصلة التفوق.

وان فاتته مرحلة دراسية من تحقيق الدرجات او المعدلات المرتفعة، تبقى امامه فرصة ولم يغلق الباب بوجهه، فيمكن ان يحث الخطى ويجتهد في المرحلة القادمة ورفع نسبة معدله السنوي، وهذا ما نبحث عنه ونود تطبيقه في الدراسة الإعدادية ليتسنى للطلبة التمكن من رفع معدلاتهم ولا يصابون بخيبة امل ويلجأ جزء كبير منهم الى ترك مقاعد الدراسة وهجرها بصورة نهائية.

الأنظمة كما البشر تمر بمراحل عمرية مختلفة، فنظام البكالوريا تم اعتماده كنظام اختبار اثبت نجاعته في مرحلة من المراحل، لكنه لا يعني صموده امام المتغيرات الحاصلة في النظم العلمية والاجتماعية التي تشهد تحديا وتطورا بشكل مستمر، ومن هنا يمكن استبداله بغيره من أساليب الاختبار التي يتأهل بموجبها الطالب للدخول الى الكلية.

ولان العالم متجه نحو تطوير المهارات الفردية سواء للطلبة وغيرهم، يمكن الذهاب باتجاه اعتماد طرق اختبار تركز على مهارة الفرد بعيدا عن القلم والورقة، مع عدم الاستغناء عن الاختبار العلمي الذي يهدف الى معرفة المستوى العلمي وحجم المعلومات المترسب في هن الطالب من المراحل الدراسية السابقة.

ويمكن لأنظمة التقييم البديلة ان تركز على تطوير مهارات التفكير النقدي، وتعزيز القدرات الفردية الذاتية، لاسيما وان العالم اليوم متجه صوب النهوض بالجوانب العملية بعيدا عن عملية الحفظ والتلقين المتبعة لعقود من الزمن.

فإعطاء الجوانب العملية والمهارية نسبة اعلى في الاختبار تضمن تكافؤ الفرص وعدم ظلم الطلبة الذين يعانون من تهالك نظام البكالوريا الذي لا يزال يحظى باحترام أصحاب الحل والعقد في وزارة التربية التي كثرت نوازلها وقل المفتون بما يخدم العملية التربوية بشكل عام. 

اعتماد الطرق الحديثة في الاختبار يعطي كل ذي حق حقه من الطلبة، فيمكن للمؤسسة التربوية من خلالها القضاء على ظاهرة الغش التي انتشرت في الأوساط التعليمية، وأصبح بإمكان أي طالب شراء سماعة او استخدام طريقة ما واجتياز المرحلة الإعدادية بمعدل ربما اعلى من الطالب المجد لكنه تعرض لكبوة منعته من الخروج، ولهذا يبقى التساؤل معلق، هل بالإمكان الغاء نظام البكالوريا؟ 

اضف تعليق