التعليم هو الطريق الصحيح للخروج من أنفاق الجهل والفقر والمرض ويخلق هوية مجتمع جديدة خاصة إذا ما أدركنا أنّ الكثير من الدول ومنها جنوب شرق آسيا مثلا على ذلك حققت قفزات كبيرة في عملية التطور العلمي والاقتصادي بفضل الاهتمام بالتعليم حتى باتت تتصدر سلّم التعليم في العالم إلى جانب تصدرها مؤشرات الاقتصاد الأفضل والرفاهية...
يعد التعليم وجودته أداة قوية لمواجهة جميع التحديات التي تعيشها المجتمعات ومحاولة تجاوزها، لهذا نجد أنّ كل الدول المتطورة كان سبب نهضتها وتطورها هو اهتمامها بالتعليم، وهذا ما جعل العالم يخصص يوم 24 كانون الثاني من كل عام يوم التعليم من أجل السلام خاصة وأن التعليم حق من حقوق الإنسان، لذلك الكثير من الدول وفرت للتعليم مقومات نجاحه واعتبرت المعلم قائدا في ساحة معركة خصمه فيها الجهل والتطرّف والفساد والمرض والفقر، لهذا وفرت له الأسلحة القادرة على تحقيق النصر له وللأجيال المقبلة عبر الدعم المستمر لهذا القطاع، ووجدنا أنّ موازنة التعليم وما يتبعه من مراكز دراسات وبحوث في الكثير من الدول تساوي أو أكثر من ميزانية وزارة الدفاع نظراً لأهمية تطوير التعليم في كافة مراحله في بناء المجتمع الصحيح والسليم.
لأنَّ هذه الدول تدرك جيداً أنَّ التعليم هو الطريق الصحيح للخروج من أنفاق الجهل والفقر والمرض ويخلق هوية مجتمع جديدة خاصة إذا ما أدركنا أنّ الكثير من الدول ومنها جنوب شرق آسيا مثلا على ذلك حققت قفزات كبيرة في عملية التطور العلمي والاقتصادي بفضل الاهتمام بالتعليم حتى باتت تتصدر سلّم التعليم في العالم إلى جانب تصدرها مؤشرات الاقتصاد الأفضل والرفاهية، ومن ثمّ وظفت التعليم لازدهارها عبر توفير فرص العمل والقضاء على الفقر. وهذه الدول ومنها سنغافورة مثلا غادرت حقبة مؤلمة من تاريخها وبدأت مرحلة جديدة تصدرت فيها مؤشرات التقدم في المجالات كافة.
لهذا نجد أنّ الاهتمام بالتعليم مفتاح مهم لأبواب التنمية والرفاهية وصناعة السلام الذي ينشده العالم دائماً، ومن هنا علينا أن نضع من أولوياتنا الحالية رفع مستوى التعليم والبنى التحتيّة له في بلدنا الذي يعاني من تراجع كبير في مستوى جودة التعليم بسبب تراكم عدم الاهتمام في العقود الماضية، والذي برز بشكل واضح في العقدين الأخيرين من نقص حاد في بنايات المدارس، بدأت الحكومة العراقية بمعالجته عبر حملات بناء المدارس، بدأت ثمارها تقطف في الأشهر الأخيرة.
والجانب الآخر يتمثل بتطوير المعلم ليواكب العالم وعملية التطوير هذه يجب أن لا تقتصر على الدورات السريعة بل تتعدى ذلك عبر توفير أدوات نجاح مهمته الصعبة جداً وهو يقود معركة تطوير الإنسان العراقي وجعله عنصراً فعّالاً في المجتمع.
إذا ما نظرنا إلى الواقع التربوي في العراق في السنوات الأخيرة سنجده قد تراجع كثيراً، وأسباب هذا التراجع كثيرة أهمها بالتأكيد عدم وجود تخطيطٍ ناجحٍ وبالتالي عدم وجود رؤية للواقع التربوي وهذا ما جعل نسبة كبيرة جداً من المدارس بدوام مزدوج وثلاثي أي معدل الدوام لكل مدرسة لا يتعدى ثلاث ساعات ووقت الحصة الدراسيَّة لا يتجاوز 35 دقيقة لا تكفي حتى لشرح الدرس، مع حذف حصصٍ دراسيَّة كثيرة من الجدول اليومي.
وأسبابُ هذا الازدواج الثنائي والثلاثي تكمنُ في سببين الأول تهالك بنايات المدارس القديمة وأغلبها مبنيَّة منذ العهد الملكي أو في زمن عبد الكريم قاسم، ومدارس أخرى تهدمت أجزاءٌ منها رغم أنَّها بُنيت ما بعد العام 2003 عبر مقاولين من دون إشرافٍ هندسي مسؤول عنها، ما جعلها غير صالحة في سنوات قليلة جداً.
السبب الثاني يكمنُ في عمليات شطر المدرسة الواحدة لمدرستين تحت بند (فصل البنين عن البنات) يعني عدم الاختلاط بين الجنسين ومع هذا فإنَّ وزارة التربية تسمح باستضافة البنين في مدارس البنات وبالعكس وهذا ما يعني أنَّ الاختلاط موجودٌ ولا داعي لشطر المدرسة الواحدة لمدرستين منفصلتين ودوام مزدوج قد يصل لثلاثي إذا اقتضى الأمر.
السبب الثالث أنَّ عمليَّة ترميم وصيانة وتأهيل المدارس يجب أنْ تكون في العطلة الصيفيَّة وليس مع بداية العام الدراسي كما يحصل الآن في أغلب مدارسنا التي اضطرت لإخلائها والنزوح لمدارس أخرى بدوام ثلاثي يؤثر بشكلٍ كبيرٍ جداً في المستوى العلمي للتلاميذ من جهة، ومن جهة ثانية هنالك تباينٌ كبيرٌ في أعداد التلاميذ من مدرسة لأخرى، ما يجعل الصفوف مكتظة وأحياناً لا تكفي وهذا له تأثيرات كما أشرنا على المستوى العلمي وعلى الصحي أيضاً خاصة أنَّ هنالك أمراضاً انتقاليَّة من الصعب السيطرة عليها في صفوف فيها أكثر من ستين تلميذاً وتلميذة.
لهذا سنجد وفق معايير الجودة العالميَّة التي نسعى لأنْ ندخلَ تصنيفها أنَّ أكثر من 90 % من مدارسنا غير مؤهلة لذلك ولا يمكن لنا أنْ نحجز مقعداً لنا في سلم الجودة العالمي وأنْ نلبي الحد الأدنى من شروطه والتي تتمثل بوجود بناية لكل مدرسة.
لهذا نجد أنَّ على وزارة التربية مراجعة النظر بشطر المدارس في البناية ذاتها والمرحلة الدراسيَّة ذاتها طالما أنَّها تسمح باستضافة البنين لدى البنات وبالعكس، على الأقل ننهي ما يسمى بالاستضافة بين المدارس من جهة، ومن جهة نقلل عدد المدارس من الناحية الإداريَّة وما يترتب على ذلك من تخصيصات ماليَّة وغيرها.
والجانب الآخر يتمثل بإمكانيَّة استثمار ما كانت تشغله المدرسة الثانية من غرف إدارة وغيرها وإضافة صفوفٍ أخرى لغرض التوسعة بدوامٍ واحد.
اضف تعليق