q
ان هناك من طلبة الكليات الأهلية ما يفوقون بكفاءتهم طلبة الجامعات الحكومية، وهم من المبدعين وممن يتسنمون مواقع ريادية في المؤسسات الحكومية والخاصة، لكن نفس هؤلاء الطلبة لو تسألهم عن إمكانية فتح دراسات عليا في الجامعات الأهلية سوف يتساءلون عن جدوى فتحها أصلاً بسبب تراكم المشكلات...

تتفاخر الكليات الأهلية بالحصول على مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية للجامعات، تروج لإنجازها على أنه علامة للجودة ومؤهلاً لاعتبارها كلية رصينة، في مجال آخر يتحدث عمداء الكليات الأهلية بحيازة طلبتها على مقاعد للدراسات العليا في الجامعات الحكومية وسط تنافسية شديدة.

لا فرق أذا بين الدراسة في جامعة أهلية أو في نظيرتها الحكومية، فالجامعة الأهلية تنافس على تصنيفات عالمية وطلبتها يقبلون في الدراسات العليا بالجامعات الحكومية، كما أنها تخضع لمعايير قانون التعليم الأهلي الجامعي، ما جعلها تستقطب أفضل الأساتذة الجامعيين.

ما الذي يجعل وزارة التعليم ترفض فتح الدراسات العليا في الجامعات الأهلية؟

هذا التساؤل كان أحد محاور النقاش بين وزير التعليم الدكتور نعيم العبودي، وزعيم تيار الحكمة السيد عمار الحكيم يوم الثلاثاء (28 كانون الأول 2022)، الأخير دعا إلى دراسة إمكانية فتح دراسات عليا في التعليم الأهلي.

لا يا سيد عمار، التعليم الأهلي غريب على هذا الواقع الذي تسمعون عنه، وغريب حتى على الرصانة العلمية التي نسمع بها وجعلتها الكليات الأهلية مصدر تسويق وتفاخر لنفسها.

هناك مشكلات كبيرة تعترض فتح الدراسات العليا في الكليات الاهلية وهي:

إولاً: الإشكالية الأساسية في التعليم الأهلي هي تبعيته، نعم، هو تابع تبعية كبرى للممول الذي يفتح مشروع الكلية الاهلية، وتبعية صغرى للتمويل الذي يأتي عن طريق الطالب.

ثانياً: الطالب هو محور العملية التعليمية في الكليات الأهلية كما تقول إداراتها دائماً، لكن الحقيقة أن القسط المالي السنوي للطالب هو محور العملية في الكليات الأهلية، ينظر إليه باعتباره الممول الحقيقي للجامعة.

ثالثاً: الأستاذ الجامعي في الكلية الأهلية هو المتغير الدائم، والمادة العلمية التي يدرسها أستاذ جامعي معين في الفصل الدراسي الأول، قد لا يستمر بتدريسها في الفصل الدراسي الثاني لأنه قد تغير وانتقل إلى كلية أخرى أو ترك العمل وانتقل إلى مؤسسة حكومية.

وحتى نوعية الأساتذة، فهم إما ممن أكمل دراسته العليا حديثاً من حملة الماجستير بشكل أكثر والدكتوراه بشكل أقل، أو من المتقاعدين الذين كبروا في السن ولم يعودوا قادرين تقديم المادة العلمية بالشكل المطلوب.

تغيب استمرارية الأستاذ في جامعة واحدة، ما يجعله غير منسجم مع الجداول الدراسية والخطط العلمية، ومن ثم فمن يضمن استمرارية أساتذة الدراسات العليا في حال فتحها بنفس الجامعة.

رابعاً: إشكالية الطاقة الاستيعابية بالكليات الأهلية التي تستقطب أعداداً كبيرة من الطلبة وهم يتكدسون في الصف الدراسي، إذ تصل الأعداد في بعض الأحيان إلى 90 طالباً.

والسبب في زيادة الأعداد هذه هو من أجل الحصول على أكبر ربح مالي من الأقساط السنوية للطلاب، فهل تتكرر مشكلة الأعداد الكبيرة لطلبة الدراسات في الكليات الأهلية أم تعالج من قبل وزارة التعليم.

بالمجمل تعاني الكليات الأهلية من مشكلات إدارية بشأن استمرارية التدريسيين، وأخرى بغياب معايير المحاسبة العلمية الدقيقة.

نحن نعاني بالأصل من مشكلات كبيرة في الدراسات العليا بالجامعات الحكومية، ترهل واضح في أعداد المقبولين بالجامعات الحكومية، مع التوسعات السنوية الكبيرة يتجاوز عدد المقبولين الخطة الجامعية في كل عام.

ثم هناك طلبة الدراسات العليا في دول لا تتمتع بمستوى عالٍ من الكفاءة العلمية كما هو الحال في الدراسات العليا في إيران ولبنان والهند، يُقبل الطالب هناك بغض النظر عن خلفيته العلمية وكفاءته واستحقاقه للدراسة، بل المسألة تتعلق بالرغبة والمال فقط.

لنتفق قبل ختام المقال أن هناك من طلبة الكليات الأهلية ما يفوقون بكفاءتهم طلبة الجامعات الحكومية، وهم من المبدعين وممن يتسنمون مواقع ريادية في المؤسسات الحكومية والخاصة، لكن نفس هؤلاء الطلبة لو تسألهم عن إمكانية فتح دراسات عليا في الجامعات الأهلية سوف يتساءلون عن جدوى فتحها أصلاً بسبب تراكم المشكلات.

اضف تعليق