أغلب إدارات المدارس في وقتنا هذا غير كفوءة، ولا تُقّدر حجم المسؤولية، بل مازال البعض منها يعمل بعقلية الكتاتيب، ويظنون أنهم يحسنون صنعاً! فبعضهم جعل من المدرسة عملهُ الثاني، ويكاد لا يتواجد فيها إلا عند سماعهِ بمجيئ أحد المشرفين، والأخر جعل منها ضيعتهُ يتحكم فيها...
في مقالنا السابق" فشل الوزارة بسبب سوء الإدارة "، وضعنا النقاط على الحروف كما يُقال، واليوم في مقالي هذا أُريد أن أتطرق لأهم الإدارات، ألا وهي إدارة المدرسة، لأنها مهمة جسيمة وكبيرة، وأمانة لا يستطيع أن يحملها إلا النُزر القليل ممن وفقهُ الله برعايتهِ.
ما يؤسفنا حقاً أن أغلب إدارات المدارس في وقتنا هذا غير كفوءة، ولا تُقّدر حجم المسؤولية، بل مازال البعض منها يعمل بعقلية الكتاتيب، ويظنون أنهم يحسنون صنعاً! فبعضهم جعل من المدرسة عملهُ الثاني، ويكاد لا يتواجد فيها إلا عند سماعهِ بمجيئ أحد المشرفين، والأخر جعل منها ضيعتهُ يتحكم فيها كيف يشاء ولا حساب، لأنهُ أسكت مَن هو أعلى منه وطرقهُ متعددة في ذلك، وبعضهم وضيع رفعهُ كُرسي الإدارة، فلا هو تاركهُ لمستحقهِ ولا هو قادرٌ على عملهِ، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
سلطت صحيفة "الجارديان" الضوء على بعض صفات الإدارة الفاشلة، فالكثير من الموظفين على مستوى العالم يشتكون من سوء معاملة مديريهم في العمل، وفي كثير من الأحيان لا يدرك المديرون أن اسلوبهم في الإدارة يسيء إلى الموظفين، ورصدت أربع صفات تعكس فشل الإدارة:
1- مصادقة الموظفين وصعوبة التفويض: عملية متابعة الموظف أثناء قيامه بأحد المهام المفوضة إليه والصبر عليه حتى يتقنها تستغرق وقتا لكنها تؤتي ثمارها في النهاية، فهي تتيح للمدير الفرصة للتركيز على مهام أخرى أهم، كما تساعد على بناء فريق عمل قوي.
2- محاولة خلق صورة من الكمال: هذا النموذج من المديرين شائع إلى حد كبير، حيث يتفاخرون دائما بنجاحاتهم أمام موظفيهم، لكنهم يغفلون عن ذكر الأخطاء التي ارتكبوها، والدروس التي تعلموها من تلك الأخطاء، فالاعتراف بالوقوع في الخطأ يعزز الجانب الإنساني للمدير أمام الموظفين، ويقدم لهم مثالا يُحتذى به، على القدرة على تحمل المسئولية عن الأخطاء ومحاولة تصويبها.
3- التركيز على الخطأ وتجاهل المميزات: المدير المتسلط دائما ما يظهر في قصص الموظفين المرعبة عن المدراء، وهو ذاك المدير الذي يبث في نفوس الموظفين الرعب من الذهاب إلى أعمالهم، لأنهم يشعرون بأن أي شيء يقومون به لن ينال الرضا، فإذا وجد المدير أنه يركز على انتقاد الأخطاء أكثر من اهتمامه بمكافأة من يتقن في عمله، فعليه أن يراجع نفسه وأن يستخدم التحفيز والترغيب، بدلا من الترهيب، لأن الأول يؤتي بثماره أسرع كثيراً في تحسين كفاءة الموظف.
4- غياب معايير المكافأة والمحاسبة: معظم الموظفين الذين يغادرون أعمالهم، لا يفعلون ذلك بدافع المال، وإنما بدافع شعورهم "بعدم التقدير"، والتقدير يبدأ بإعطاء الموظف مسؤولية معينة، و"قياس" مدى نجاحه في أدائها وهو ما يعرف "بالمحاسبة"، فيجب على كل مدير تحديد "نظام واضح" لمكافأة من يتقنون عملهم من جهة، والتدرج في نوع المهام الموكلة إلى الموظفين الذين يجدون صعوبة في إنجاز المسؤوليات الموكلة إليهم، حتى يتحقق مبدأ العدل بين الموظفين.
هذه الصفات لا تعمل بها أغلب الإدارات والمشرفين عليها، فما معنى أن يعمل المعلم لـ12 عاماً ولا يحصل على كتاب شكر واحد؟! وما معنى أن تكون نسبة نجاح المرحلة المنتهية 100% ويكون تقدير المعلم من قِبل المشرف (متوسط أو مقبول)؟! أيعقل هذا؟! أين هو الحافز للمعلم؟! ماذا قدمتم للمعلم وتريدون نظام تعليمي ناجح؟! لقد ذكرنا قصة مقتل البطة في مقالنا السابق ولا داعي للإعادة.
لقد جعلت وزارة التربية بإسلوب تعاملها هذا، المعلم كحلقةٍ أضعف يعاني الأمرين، جراء سوء المعاملة وفقدان التقدير! فالمدراء والمشرفين كأنهم ملائكةٌ منزلين من السموات، معصومون من الخطأ وبعيدون عن المحاسبة، والمقصر الوحيد هو المعلم!
لذا أُطالب وزير التربية والمفتش العام:
1- إصدار كُراس يتعرف المعلم من خلالهِ المهام المنوطة بهِ، وكذلك بيان مهام وعمل الإدارة، لكي ننهي حالة التداخل الحاصل في عمل الطرفين.
2- متابعة مشاكل المعلمين ومحاسبة الادارات الفاشلة، ليس من خلال تدني نسبة النجاح فقط، بل حتى مع ارتفاع نسب النجاح، فالفضل بالدرجة الأولى للمعلم لا للإدارة.
3- تغيير المدراء كل أربع سنوات أو على أقل تقدير تدوير الإدارات بين المدارس، كما يحصل في إمتحانات المراحل المنتهية، والإستعانة بالطاقات الشبابية الواعدة.
4- المطالبة بمنع تدخل مجلس المحافظة في عمل المدارس من قريبٍ أو بعيد.
5- منح إمتيازات مادية ومعنوية لبعض المعلمين المجتهدين، وفق معايير توضع بعد النقاش معهم.
6- المطالبة بتقليل السن التقاعدي للمعلمين، وذلك بسبب المجهود البدني والنفسي الذي يبذلهُ المعلمون.
بقي شيء...
قال تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، الجمعة:6) البعض يتذمر من مسؤولية الإدارة، فلو كان صادقاً فليتركها وإلا فهو مصداق لهذه الآية، وهو أتعس حظاً من هؤلاء اليهود.
اضف تعليق