أصبح الحسين قبلة الانسان الحر، ونبراس التربية الصالحة، وينبوع الحق الذي شربت منه أجيالنا وشبابنا، فأنتجت شباب لا يهابون الموت في سبيل الدفاع عن الحق ورفع الحيف والظلم، عن كل مظلوم من شجر وحجر، وحيوان وانسان، ما مكنهم الله من ذلك، يمشون لا يؤذون نملة، هؤلاء...

ما أن يأتي ذكر لفظة كربلاء، حتى يتبادر الى الذهن مباشرة واقعة الطف الأليمة، وبطلها الامام الحسين وأهل بيته (عليهم السلام)، فهما متلازمان في العقل الجمعي، لدى جميع افراد المجتمع الانساني.

 أرى أن حياة كل إمام من أهل بيت النبوة، هي مدرسة قائمة بحد ذاتها، متممة لسلسلة حلقات (مدراس) حيوات جميع الائمة، تُقدم كل مدرسة للمجتمع نوعاً ومنهجاً خاصاً، يبني حياة الانسان ويضعه على الطريق الصحيح، ليرقى بنفسه فوق طور البهيمية، وهي بذلك تخرجه من الظلمات الى النور.

 يقول أحد الشباب: عندما كنت اسمع قصة حادثة كربلاء، وما جرى على اهل البيت عليهم السلام من قتل وسبي، أكره تلك الروايات والفتاوى التي تخص الاماء والعبيد، وكذلك احتلال البلدان الأخرى تحت شعار الفتوحات الإسلامية، وأتساءل: كيف يكون هذا دين الحسين وجده (ص)!؟ مستحيل أن يقبلوا ذلك أو يرضوه. لقد رأيت كيف تعامل أولاد الحسين وأحباؤه من الشيعة في العراق، عندما حررونا وحرروا سبايا الايزيدين وباقي الطوائف الدينية واللادينية ممن لا يؤمنون بالله والإسلام، تعاملوا معهم كأنهم منهم وأخوتهم، كنتُ أبكي على ما فرطت في جنب الله، وأقول: والله إنها لمدرسة الحسين الحقة، التي أسسها وخلقها بدمه الطاهر. وصدق رسول الله حين قال: حسين مني وانا من حسين. 

 وعت الناس من خلال حياة اهل البيت، وتعلمت مفاهيم الإنسانية الحقة التي أرادها الله ورسوله، فنحن نقرأ (من وصية الامام علي لأبنه ووصيه من بعده الإمام الحسن قوله: يا بني أحب لأخيك ما تحب لنفسك)، والمعنى واضح وجلي، ذلك بأن تقيس الأشياء على نفسك قبل ان تفعلها مع الاخرين، فإن أنت قبلتها على نفسك أو عيالك وخاصتك، فاقبلها لغيرك، والا فليس من الإنسانية والمروءة ان تقبل لغيرك ما ترفضه لنفسك، فإن هذا قمة الجحود والانانية واللا إنسانية، وهذا ما لا يرضه عقل او دين.

 ينظر المجتمع الإنساني لواقعة الطف، بأنها واقعة أليمة، وفاجعة مرة في جميع حيثياتها، حين كشف الظلم عن وجهه وظهر بأبشع صوره وكلها بشعة، حين كان نكران الجميل والغدر والخسة والخيانة، لأعظم ناصح ومصلح موجود على وجه الوجود. فالمجتمع الحق يرفض ويستنكر ما وقع في هذه الحادثة المخزية في تاريخ المجتمع الإنساني.

 أصبح الحسين قبلة الانسان الحر، ونبراس التربية الصالحة، وينبوع الحق الذي شربت منه أجيالنا وشبابنا، فأنتجت شباب لا يهابون الموت في سبيل الدفاع عن الحق ورفع الحيف والظلم، عن كل مظلوم من شجر وحجر، وحيوان وانسان، ما مكنهم الله من ذلك، يمشون لا يؤذون نملة، هؤلاء الشباب فخرنا وعزنا، هؤلاء أولاد الحسين الحق، قال رسول الله (يا علي انا وانت ابوا هذه الامة) نعم هؤلاء الذين تخلقوا بأخلاق اهل البيت، هم أبناء محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم.

بقي شيء...

نصيحتي لهؤلاء الشباب: اثبتوا ورابطوا واستمروا على اتباعكم نهج الحسين، فهو نهج الله الذي ارتضاه لعباده الصالحين، أنتم اهل الحق، فلا تهنوا ولا تستكينوا فالله ناصركم في الدنيا والاخرة.

اضف تعليق