ظهرت بعض الاختلافات والفوارق بين الجامعات والمدارس الحكومية والأهلية، في نواحٍ عديدة، وهنالك أسباب أدت إلى ابتعاد نسبة من طلاب الجامعات والمدارس الحكومية والذهاب إلى التعليم الأهلي، ومن هذه الفوارق أو المشاكل هي افتقار المدارس الحكومية للكادر التدريسي المختص والمتطور في المواد الدراسية تربوياً وتعليمياً، وكذلك الإهمال في توفير المستلزمات الرئيسة من (كتب، وقرطاسيه، ووسائل إيضاح، ومختبرات) في بعض المدارس.
فيؤدي ذلك إلى تدني نسب النجاح في المدارس الحكومية للأسباب التي تم ذكرها، ويقود ذلك إلى انخفاض كبير في المستوى التدريسي، وهناك سبب إضافي آخر هو قله عدد المدارس، ما يؤدي إلى كثرة أعداد الطلاب في الصف الواحد، فيهبط المستوى التدريسي، ويضطر الطلاب إلى التحويل من المدارس الحكومية إلى الأهلية، فيؤدي ذلك إلى أعباء كبيرة على الأسرة بسب أسعار التدريس الخصوصي الذي أصبح ظاهره تجارية وبشكل علني، فربما تصل الأجور بالملايين رغم تحسن المستوى المادي للكادر التدريسي عن طريق زيادة الرواتب.
وهناك أسباب أخرى تجعل الطالب يفضل المدارس الأهلية منها عدم توفر دورات المياه الصحية في المدارس الحكومية، وكل هذه الأمور تشكل عوامل خطيرة انعكست على سير العملية التربوية بالشكل الذي ينسجم مع الطموح المنشود.
ومع وجود كل هذه الأسباب في أعلاه، بدأ ظهور الجامعات والمدارس الأهلية في العراق بشكل واضح، حتى بات العديد من الطرقات العامة والتقاطعات المرورية والجداران لا تخلو من إعلانات الجامعات والمدارس الأهلية، فهذا النوع من التعليم يمتلك ايجابيات تجعله مفضلا على التعليم الحكومي، فالتعليم الأهلي يوفر المستلزمات الدراسية بشكلها المتطور، إضافة إلى توفير كادر تدريسي ذو كفاءة عالية، مع وجود أعداد قليله في كل صف على حدة فيساعد ذلك على توصيل المعلومات بطريقة أفضل.
كذلك يمكن للجامعات الأهلية أن توفر فرصا جديدة للطلاب من ذوي المعدلات المنخفضة لكي يكملوا الدراسة الجامعية، ويساعد التعليم الأهلي على فك الدوام المزدوج في بعض المدارس والجامعات الحكومية، نظراً لوجود أعداد كبيرة جداً من الطلاب فيكون الدوام بطريقة مزدوجة أي يجمع بين مدرستين في يوم واحد، وهناك دوام ثلاثي أي يجمع ثلاث مدارس في يوم واحد.
سلبيات التعليم الأهلي
وعلى الرغم من وجود كل هذه المقومات الجيدة في الجامعات والمدارس الأهلية، إلا أن هناك جوانب سلبية فيها، منها أجور الطلاب المرتفعة التي جعلت أولياء أمور الطلاب يعانون من التردد عن تسجيل أبنائهم في الجامعات والمدارس الأهلية، الأمر الذي أدى بالتالي إلى اقتصار التعليم في هذا النوع من الجامعات والمدارس على أبناء شريحة معينة من المجتمع، بمعنى أدق شريحة الأغنياء وشخصيات المسؤولين فقط.
وهذا يخلق تفاوتا بين الطلبة، إضافة إلى ذلك يتساوى أصحاب المعدلات العالية والمنخفضة بنفس المجال بسبب وجود الجامعات الأهلية، وقد انتقد بعض التدريسيين في المدارس الحكومية أسلوب المدارس الأهلية والأسس التي تقوم عليها، كونها مشاريع استثمارية إلى جانب مهمتها التعليمية، فالحصول على المال قد يتقدم على جدوى التعليم أحيانا حسب رأي بعض الآباء.
ونظراً لأهمية هذا الموضوع التربوي العلمي، وكذلك لدوره المهم في تطوير البلاد والارتقاء بها نحو الأفضل، قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) باستطلاع آراء عدد ممن لهم علاقة في هذا الموضوع الهام، فكانت لنا زيارة إلى بعض المدارس الأهلية والحكومية، وقد طرحنا بعض التساؤلات عليهم لتغطية هذا الموضوع.
وكان السؤال الأول: (ما هي الاختلافات بين الجامعات والمدارس الحكومية والأهلية، وأيهما أفضل في المستوى التربوي التعليمي؟).
وقد أجابنا الباحث الاجتماعي (امجد العامري) عن ذلك بقولة:
إن التعليم الأهلي يبقى بكل أنواعه وصنوفه ضرورياً، للتقليل من الزخم الحاصل على التعليم الحكومي، كما أن اندفاع الأسرة العراقية إلى التعليم الأهلي ناتج عن ارتفاع المستوى المعيشي لها.
وأضاف قائلا: إن لجوء الطلبة إلى الجامعات والمدارس الأهلية يعود إلى تردي التعليم الحكومي، وفي رأيي يجب الاهتمام بالتعليم بنوعي، لكي يسيرا جنبا إلى جنب مع بعضهما لخدمة المسيرة التربوية والتعليمية في هذه المرحلة، والتركيز على إعداد جيلا متعلما ومتحضرا.
ووجهنا السؤال للدكتور (علي الموسوي)، وهو احد أعضاء لجنة التعليم العالي في جامعة بغداد فأجابنا بقولة:
قامت الوزارة بتشجيع زيادة عدد الجامعات والمدارس الأهلية في العراق، وذلك للنقص الكبير في الأبنية المدرسية والجامعات الحكومية. وأشار إلى: أن التعليم الأهلي منتشر في كل دول العالم وهو ساند للحكومي لتقليل الزخم الحاصل عليه. وأكمل الموسوي: بأن لدينا برامج ساندة تسعى لتطوير الجامعات والمدارس الأهلية والتركيز على الرفاهية، أما الأجور فتحددها درجة الإقبال على تلك الجامعات والمدارس وتعتمد نظام التمويل الذاتي.
وخلال تجوالنا في إحدى المدارس الأهلية التقينا بالطالب (احمد حسين، الصف الثالث متوسط) فأجابنا بقولة:
إن المدارس الأهلية تتميز بعدم الازدحام في الفصول الدراسية مما ينعكس ايجابيا على التحصيل الدراسي، والاهتمام بالطلاب، وحسن معاملة المعلمين مع الطلاب، ووجود كل وسائل الراحة من ملاعب رياضية وسفرات ترفيهية وطرق تدريس حديثة، وهذا ما لا أجده في المدارس الحكومية. ويضيف قائلا: إن المدارس الأهلية أفضل بكثير من الحكومية لما تقدمه من امتيازات لطلابها، في جانب التدريس والمناهج وسعة الصف ووسائل الإيضاح والترفيه، كل هذه الأمور تجعل الطالب يفضل التعليم الأهلي على الحكومي، ولكن يبقى الوضع المعيشي والقدرة المالية لأسر الطلاب هي التي تتحكم في هذا الأمر.
تقليل الفارق بين التعليم الحكومي والأهلي
في حين وجهنا السؤال إلى مدرس مادة اللغة العربية الأستاذ (ستار عبد الله) فأجابنا:
إن التعليم يتراجع عاما بعد عام من جميع النواحي، حتى في مستوى المباني المتهالكة، كما أن غالبية المدارس الحكومية أصبح دوامها مزدوجا، مع عدم توفر المستلزمات المدرسية وحتى الصحية منها.
ويؤكد الأستاذ عبد الله على: أن السبب ليس بالمدرس نفسه، ولكن في الجهات المعنية والمتلكئة في تطوير التعليم الحكومي، لذلك يفضل الطلاب التعليم الأهلي لتكامل مستلزماته ورفاهية الدوام فيه وإمكانية الحصول على المعلومة بطريقة سهلة وصحيحة وبأسلوب تدريسي حديث.
وفي خروجنا من المدرسة التقينا بولي أمر احد طلاب المدرسة نفسها (أبو محمد)، وطرحنا عليه السؤال أعلاه فأجابنا قائلا:
إن المستوى المتدني للجامعات والمدارس الحكومية قد أرغم البعض على زج أبنائهم في التعليم الأهلي لأسباب عدة، أبرزها نقص الخبرة والكفاءة في الغالب عند الكادر التدريسي في التعليم الحكومي، إلى جانب عدم جديته وإهماله المتعمد.
وأكمل أبو محمد قوله: لقد جربتُ التعليم الحكومي فوجدته غير مجدٍ، بل يدفع الطالب إلى الاعتماد في دراسته على ما يشرحه له الأهل.
ينبغي أن تقوم وزاره التربية والتعليم العالي بتوفير ما يتلاءم مع اغلب شرائح المجتمع، من بناء مدارس جديدة حكومية، لتقليل الزحام في الصفوف، وتطوير أساليب التدريس بإدخال التدريسيين في دورات تطويرية داخل وخارج البلد وتعليمهم الطرق الحديثة في التدريس، وتعليمهم كيفية تدريس المناهج الجديدة التي أضيفت مؤخرا كتعليم اللغات المختلفة والتي تدرس في الجامعات والمدارس الأهلية، مع أهمية وجود وسائل ترفيهية لكسر حالة الجمود بين درس وآخر، وإيجاد حالة من التشويق إلى المدارس والجامعات، فضلا عن تنظيم السفرات الترفيهية للطلبة، وتوفير جميع مستلزمات الدراسة، لتقليل الفوارق بين التعليم الحكومي والأهلي بقدر الإمكان.
اضف تعليق