يقصد بالصناديق السيادية هي ترتيبات او صناديق للاستثمار ذات غرض خاص تملكها الحكومة العامة، وهي ليست بالظاهرة الجديدة، وتعود فكرتها الى الخمسينيات من القرن الماضي، عندما انشأت هيئة الاستثمار الكويتية اول صندوق سيادي عام 1953، وبعدها استمر انشاء هذه الصناديق، ليصل مجموع الاصول في الصناديق السيادية في العالم عام 2015 الى اكثر من 7 تريليون دولار بحسب مؤسسة صندوق الثروة السيادية ، ومايزال الاستثمار في هذه الصناديق جارياً ومستمراً، اذ صرح الشيخ حامد بن زايد آل نهيان العضو المنتدب لجهاز أبوظبي للاستثمار إن الجهاز أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم يرى فرصا استثمارية في أسواق العقارات وأدوات الدخل الثابت في الصين بالإضافة إلى شركات صينية أصغر حجما، ويستثمر جهاز أبوظبي للاستثمار في الصين منذ 25 عاما وهو صاحب أكبر انكشاف على الأسهم المدرجة بما في ذلك مخصصات بقيمة 2.5 مليار دولار للأسهم المقومة باليوان في إطار برنامج المؤسسات الاستثمارية الأجنبية المؤهلة.
وأن الجهاز يتطلع إلى فرص للشراكة مع شركات محلية للاستثمار في العقارات التجارية والسكنية في الصين بينما يعمل أيضا مع صناديق محلية للاستثمار المباشر لإيجاد فرص للاستثمار المشترك في شركات صغيرة وناشئة، من جهة أخرى ذكر مركز بحثي تديره الحكومة الصينية إن النمو الاقتصادي في الصين قد يتراجع إلى 6.5 في المئة هذا العام من نحو 6.7 في المئة في 2016 رغم تحذير رئيس الوزراء لي كه تشيانغ من أن الاقتصاد سيواجه مزيدا من الضغوط والمشكلات في 2017.
كذلك رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين هذا العام 0.3 نقطة مئوية إلى 6.5 في المئة وسط توقعات باستمرار سياسة التحفيز لكنه سلط الضوء أيضا على المخاطر التي قد تنجم عن المستويات القياسية للإقراض من البنوك الحكومية وعن ارتفاع ديون الشركات، ولا يفصح جهاز أبوظبي للاستثمار الذي أنشئ عام 1976 في الإمارة عن إجمالي حجم أصوله لكن معهد صناديق الثروة السيادية ومقره الولايات المتحدة يقدر أصول الجهاز بنحو 792 مليار دولار.
وأضاف الشيخ حامد أن هناك أيضا بواعث قلق لدى الجهاز من تأثير أسعار الفائدة التي بلغت مستويات متدنية للغاية أو دون الصفر في بعض أرجاء العالم، اذ بين جهاز أبوظبي للاستثمار في أحدث مراجعة سنوية إن معدل العائد السنوي على محفظته خلال 20 عاما تراجع إلى 6.5 في المئة في 2015 من 7.4 في المئة في العام الذي سبقه.
صندوق الثروة السيادية القطري يستثمر 10 مليارات دولار في أمريكا
أفادت مصادر إن رئيس صندوق الثروة السيادية القطري أبلغ مسؤولين أمريكيين بأن الصندوق سيستثمر عشرة مليارات دولار في مشروعات للبنية التحتية داخل الولايات المتحدة في دعم واضح للخطط الاقتصادية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
وذكر الصندوق في وقت سابق إنه يعتزم استثمار 35 مليار دولار في مشروعات غير محددة في الولايات المتحدة فيما بين 2016-2021، وربما يساهم استثمار قطر التي توجد فيها أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط في تدعيم الروابط مع إدارة ترامب في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الخليج حالة من الغموض حيث تخشى دول عربية من استفادة غريمتها إيران من انحسار النفوذ الأمريكي.
النرويج تنفق المزيد من صندوقها السيادي
تنوي النرويج سحب المزيد من صندوقها السيادي في العام القادم لدعم تعافي الاقتصاد لكن وزراء حذروا قبل انتخابات صعبة من أن انتهاء "العصر الذهبي" للنفط قد يعني كبح الإنفاق في المستقبل، وذكرت رئيسة الوزراء إرنا سولبرج ووزير المالية سيف ينسن إنهما يستهدفان إنفاق 225.6 مليار كرونة (28.1 مليار دولار) من الصندوق البالغ حجمه 888 مليار دولار في 2017 أي حوالي ثلاثة بالمئة من قيمته، ويزيد هذا على الإنفاق المقترح للعام الحالي البالغ 205.6 مليار كرونة أو 2.8 بالمئة.
وتراجع النمو الاقتصادي إلى أدنى مستوياته في سبع سنوات وارتفعت البطالة إلى أعلى مستوياتها في 20 عاما بفعل انحدار أسعار النفط الخام - سلعة التصدير الرئيسية للنرويج التي أسست من إيراداتها أضخم صندوق ثروة سيادية في العالم - وانخفاض مماثل في استثمارات شركات النفط منذ 2014، وفي ضوء الانتخابات البرلمانية واستطلاعات الرأي التي تظهر سباقا متقاربا فإن حكومة الأقلية التي تقودها سولبرج ستكون مضطرة مجددا للتفاوض بشأن الميزانية مع حزبي الوسط الليبراليين والمسيحيين الديمقراطيين، وقدم الحزبان مطالب أصعب من المعتاد هذا العام تضمنت كبح الإنفاق وزيادة الضرائب على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المتسببة في تغير المناخ.
وبينت سولبرج وينسن إن الإنفاق من الصندوق السيادي يهدف إلى تعزيز نمو اقتصاد "البر الرئيسي" الذي لا يشمل قطاعي الطاقة والشحن البحري شديدي التقلب بنسبة 0.4 بالمئة في 2017 وهو مستوى أقل من النمو البالغ 1.1 بالمئة المتوقع هذا العام، ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد البر الرئيسي واحدا بالمئة في 2016 و1.7 بالمئة في 2017 و2.4 بالمئة في 2018 حسبما أظهرته الميزانية.
حيازات أسهم أوروبا للصناديق السيادية أكثر من 4 أضعاف
أفادت دراسة أن حيازات صناديق الثروة السيادية من الأسهم أكبر بكثير مما كان يعتقد في السابق وأنها تعادل ما لا يقل عن ستة أو سبعة بالمئة في المتوسط من كبرى الشركات الأوروبية المدرجة، وخلصت الدراسة التي أجرتها ناسداك كوربريت سولوشنز إلى أن بعض الصناديق الحكومية الخليجية تملك على الأرجح من الأسهم الأوروبية أربعة أمثال ما تعتقده إدارات الشركات، ورصدت الدراسة ملكية الأسهم في 20 شركة أوروبية كبرى من خمس دول وقطاعات مختلفة. وأشار التقرير إلى أن الصناديق وبخاصة الخليجية منها تستعين بمديري أصول خارجيين لاستثمارات الأسهم مما يخفي حجم حيازاتها الأجنبية، وذكر سكوت يونج المدير المشارك للخدمات الاستشارية في ناسداك ان الصناديق السيادية تملك أكثر بكثير مما تظهره أي بيانات علنية، قد تصل ملكيتها إلى ستة أو سبعة بالمئة على الأقل في الشركات الأوروبية الكبيرة. الافتراض السائد أقل من ذلك.
ولا يشمل ذلك الحيازات الشهيرة مثل حصة قطر في فولكسفاجن، وبإضافة تلك الأسهم تصل ملكية الصناديق السيادية إلى مستويات الثمانية أو التسعة بالمئة، ولا تعلن الصناديق الخليجية في السعودية وأبوظبي والكويت بياناتها بشكل كامل وتسند ما بين 75 إلى 100 بالمئة من استثمارات أسهمها الأوروبية إلى أطراف ثالثة مما يجعلها تظهر كحصص شركات.
وأضاف يونج إنه في حين تملك الصناديق النرويجية والصينية ما يصل إلى ثلاثة بالمئة و1.5 بالمئة على الترتيب في أكبر 20 شركة أوروبية شملها تحليله فقد أظهرت الدراسة أن مؤسسة النقد العربي السعودي تملك على الأرجح ما يصل إلى 0.75 بالمئة في حين يملك كل من جهاز أبوظبي للاستثمار والهيئة العامة للاستثمار الكويتية نحو 0.3 بالمئة.
تركيا تخطط لإطلاق صندوق ثروة سيادي
ناقش المشرعون الأتراك مشروع قانون لإقامة صندوق ثروة سيادي لدعم النمو على مدى السنوات العشر القادمة في هدف طموح لصندوق برأسمال مبدئي 16 مليون دولار ببلد بلا إيرادات من الطاقة، ويأمل مؤيدو الفكرة في أن يضطلع الصندوق بدور لطمأنة المستثمرين القلقين من محاولة الانقلاب الفاشلة وما أعقبها من حملة تطهير في الجيش والشرطة والحكومة أذكت المخاوف من قيام الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بإحكام قبضته على السلطة.
ونقلت مصادر عن وزير الجمارك والتجارة بولنت تفنكجي تصريح مفاده إن محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 و16 يوليو تموز ألحقت أضرارا اقتصادية بالبلاد بنحو 300 مليار ليرة (100 مليار دولار)، وبحسب مشروع القانون تخطط الحكومة لتأسيس شركة لإدارة الثروة باسم تركيا لإدارة الأصول وبرأسمال مبدئي مدفوع قدره 50 مليون ليرة (16 مليون دولار) يمول من صندوق الخصخصة الحكومي.
أما هدفها الاستراتيجي فتوليد نمو سنوي 1.5 بالمئة على مدى السنوات العشر القادمة، وأن صناديق الثروة السيادية مملوكة للحكومات وتعتمد بعض الصناديق الكبيرة على إيرادات الطاقة لكن بخلاف النرويج ودول الخليج الغنية بالنفط فإن تركيا تستورد جميع احتياجاتها تقريبا من الطاقة، وتدير تركيا دينا يبلغ نحو 30 بالمئة من الناتج الاقتصادي ولذا يثير المراقبون تساؤلات عن جدوى المشروع.
وسيمول الصندوق من حصيلة بيع أصول حكومية وفوائض مالية من صندوق الخصخصة ومؤسسات حكومية أخرى وفقا لمشروع القانون، وستنقل بعض الأصول من برنامج الخصخصة الحكومي إلى محفظة الصندوق الذي سيستثنى من بعض القواعد التنظيمية مثل قانون مكافحة الاحتكار ومن الرسوم إذا كانت الأوراق المالية التي يبيعها متداولة بالبورصة.
جولدمان ساكس ينتزع 1.2 مليار دولار من صندوق ليبي
أصدرت محكمة بريطانية حكما لصالح مصرف جولدمان ساكس في نزاع على معاملات متعلقة بالمشتقات بقيمة 1.2 مليار دولار مع صندوق الثروة السيادي الليبي البالغ حجمه 67 مليار دولار رافضة مزاعم بأن بنك الاستثمار أساء استغلال ثقة الصندوق، وكانت المؤسسة الليبية للاستثمار تحاول استرداد 1.2 مليار دولار من البنك في قضية تتعلق بتسعة استثمارات في مشتقات الأسهم جرى تنفيذها في 2008 واتضح في نهاية المطاف أنها عديمة القيمة.
وكانت المؤسسة الليبية صرحت إن التعاملات المذكورة كانت عصية على الفهم وإن جولدمان ساكس أساء استغلال مركزه كمستشار موثوق به، وتم تنفيذ هذه التعاملات بعد عامين من تأسيس الصندوق السيادي الليبي لاستثمار الثروة النفطية للبلاد.
ونفى جولدمان ساكس مزاعم المؤسسة الليبية للاستثمار من أن الصندوق كان ينقصه الحرفية المالية موضحاً بإن كسادا ماليا غير متوقع تسبب في الخسائر وليس أي مخالفات من جانب البنك، وأكد جولدمان أيضا أن علاقته مع المؤسسة الليبية للاستثمار كانت في علاقة طرفين مستقلين يقفان على قدم المساواة بين بنك وعميل.
وتطالب المؤسسة الليبية للاستثمار أيضا بنك الاستثمار الفرنسي سوسيتيه جنرال بنحو 2.1 مليار دولار تتعلق بمجموعة أخرى من المعاملات التي تمت في الفترة بين 2007 و2009. ويطعن سوسيتيه جنرال في الدعوى المتوقع أن تنظر فيها المحكمة في 2017.
من جهة أخرى فأن حكومة الوفاق الوطني الليبية التي تدعمها الأمم المتحدة ذكرت إنها عينت لجنة مؤقتة من خمسة أعضاء لإدارة المؤسسة الليبية للاستثمار صندوق الثروة السيادي للبلاد البالغة قيمته 67 مليار دولار.
وذكرت الحكومة في بيان إنه يمنع على اللجنة القيام بأي عمل من أعمال التصرف بأصول المؤسسة ومنقولاتها وتلتزم بمتابعة كل الخصومات والدعاوى المرفوعة في الداخل والخارج من المؤسسة وعليها والعمل على صون كافة حقوق المؤسسة واتخاذ كل الإجراءات المطلوبة حيالها.
وتعمل الحكومة أيضا على إعادة توحيد المؤسسات الرئيسية التي انقسمت بين الحكومتين المتنافستين مثل المؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي ومؤسسة الاستثمار.
ويأتي الإعلان عن لجنة تسيير الأعمال بعد أيام من تقديم حسن بوهادي أحد الرئيسين المتنافسين للصندوق استقالته، كما لايزال أكثر من ثلث أصول الصندوق مجمدا بموجب عقوبات فرضها مجلس الأمن الدولي في 2011 لمنع تهريب الأموال خارج البلاد.
الأفاق المستقبلية للصناديق السيادية
تؤدي الصناديق السيادية دوراً مهماً في الاقتصاد العالمي، من خلال تحريك سوق الاسهم والسندات، وتعد بلدان الخليج لاسيما السعودية وقطر والامارات أصحاب اكبر الصناديق السيادية في العالم، واستطاعت ان تحقق مكاسب كبيرة لهذه الدول، الا انه مايعاب عليها ولحد هذه اللحظة يتهم أكبر صناديق الاستثمار المدعومة من الحكومات في العالم بتجاهل مخاطر تغير المناخ في محافظهم الاستثمارية رغم التحذيرات من أن ذلك يمكن أن يؤثر سلبا على العائدات، ما يجعل الدخول في استثمارات في مجالات عالية الكربون لا قيمة لها.
ولم تجد دراسة أعدتها مؤسسة أسيت أونرز ديسكلوجر بروجيكت (أيه أو دي بي(، وهي منظمة لا تهدف إلى الربح، أي دليل على أن أغلبية صناديق الثروة السيادية في العالم قد اتخذت أي اجراء بشأن عامل مخاطر تغير المناخ في قراراتها الاستثمارية، كما وجدت المنظمة أيضاً أن ما يقرب من نصف أكبر 500 مستثمر في العالم يتجاهلون المخاطر المناخية، كما انه بعد أشهر فقط من بدء الأزمة الاقتصادية الحالية في دول الخليج والناجمة عن انخفاض أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، لجأت الدول الخليجية مجتمعة ودون استثناء، إلى إقرار عجز الموازنة العامة والاستدانة لمواجهة العجز، بدل اعتمادها كليًّا على صناديقها السيادية وعائداتها التي لم تستطع تغطية العجز المتفاقم للموازنات العامة. كما قامت تلك الدول ببيع جزء من أصول تلك الصناديق للمساهمة في تمويل عجز الموازنة الهائل، وهو ما طرح عدداً من الأسئلة حول حجم العائدات السنوية لتلك الصناديق، ومدى قدرتها على تعويض عائدات النفط والغاز، وحتى الدول التي تملك صناديق سيادية كبيرة والتي تعمل على تطوير هذه الصناديق، فأنها دائما تواجه مخاطر أخرى عالية مرتبطة أساساً بالتقلبات الاقتصادية العالمية والأزمات المتعددة التي يعرفها الاقتصاد العالمي ككل، فمحاولة الهروب من تقلبات الأسواق العالمية للنفط والغاز، واللجوء إلى أسواق الاستثمارات، سيجعل هذه الدول ومعها صناديقها السيادية عرضة للتقلبات الاقتصادية العالمية وحالات الركود الاقتصادي المستمرة.
اضف تعليق