تموج بنوك العالم في الوقت الراهن بين الازمات المالية والديون المتراكمة نتيجة لسياسيات الاحتكار وجرائم الاحتيال التي قادة بعض البنوك العالمية الى النزاعات القضائية على غرار ما حدث مؤخرا مع عمان التي رفعت دعوى قضائية على بلغاريا بسبب انهيار كورب بنك، ويملك صندوق الاحتياطي العام للدولة بسلطنة عمان حصة نسبتها 30 بالمئة في رابع أكبر مصرف في بلغاريا والذي انهار جراء إقبال العملاء على سحب ودائعهم وأغلقه البنك المركزي متسببا في نشوب أسوأ أزمة مالية تشهدها البلاد منذ تسعينات القرن العشرين.
في حين واجه جي بي مورجان تشايس أكبر بنك في الولايات المتحدة اتهامات بالاعتماد على التوقيع دون إطلاع وأساليب أخرى تفتقر إلى المصداقية لملاحقة المستهلكين بخصوص ديون لا تخصهم وتقديم معلومات غير دقيقة لمشتري الديون.
يرى المراقبون المصرفيون ان هذه النزعات القضائية والاتهامات بالمصداقية لبعض البنوك العالمية آنفة الذكر سيكون لها دورا كبيرا في تغيير موازين الاقتصاد العالمي، لا سيما تتصاعد المخاوف من تخلف بعض البلدان عند سداد الديون في الوقت الذي يستعد أكبر اقتصاد في العالم لرفع أسعار الفائدة.
لذا يرى هؤلاء المراقبون إن فكرة اتخاذ أسهم البنوك ملاذا آمنا قد تبدو غير مقنعة، لكن ذلك بالضبط هو ما يوصي به بعض المستثمرين والسماسرة استنادا إلى أن القطاع رخيص وقد تم تنظيفه في أعقاب الأزمة وقد يكون قادرا على تحميل ارتفاع سعر الفائدة على أكتاف العملاء في ظل اقتصاد آخذ بالتحسن.
لذا باتت البنوك العالمية تمثل المحرك الرئيسية لعجلة الاقتصاد المحلي والعالمي، لكن تصاعد قضايا الفساد وغسيل الاموال وغيرها من القضايا، اسهمت بتدهور القطاع المالي العالمي وبنشوب ازمة مالية متفاقمة، بسبب تراكم الديون في بعض الدول ذات الاقتصادات والرأس مالية، الامر الذي دفع بعض مدراء البنوك الى ايجاد استراتيجيات جديدة، لذا سيكون الاستغناء عن آلاف الوظائف وإغلاق وحدات وتدبير رؤوس أموال جديدة بمليارات اليورو خيارات مطروحة في ظل محاولة القيادات الجديدة بثلاثة من أكبر بنوك أوروبا التعامل مع ضغوط وضع استراتيجيات جديدة لإنعاشها.
أما في اسيا، فقد اعلن بنك "المجموعة المصرفية لهونغ كونغ وشنغهاي" (اتش اس بي سي) البريطاني العملاق الذي هزته غرامات ضخمة وفضائح مدوية فضلا عن نتائج مالية مخيبة للعام 2014، الغاء نحو 50 الف وظيفة في اطار خطة لاعادة هيكلة اعماله حول العالم، وفيما ستعزز هذه الخطة ترسيخ المجموعة في اسيا، يبقى الغموض سائدا حيال مصير مقرها في لندن.
لذا يتوقع المحللون ان تأثير أزمة بعض المصارف العالمية على الاقتصاد العالمي سيعيق الاستثمارات الاستراتيجية ليجعل من البنوك صوامع مالية تارة تنمي الاقتصاد وتارة أخرى تعيق استثماراته، وعليه أصبحت الاستثمارات في بنوك العالم اليوم تمثل ضرورة ملحة جدا لنهوض الاقتصادات وتجاوز الأزمات.
البنوك "المملة" تصبح ملاذا آمنا
في سياق متصل أبلغ روس كويستريتش كبير محللي الاستثمار في بلاك روك العملاء "في ظل الحماية الضعيفة التي توفرها بعض الملاذات الآمنة التقليدية مثل المعادن النفيسة والأسهم منخفضة المخاطر فإننا نعتقد أنه حري بالمستثمرين أن يتفقدوا بعض المواقع الأقل وضوحا، "أحدها القطاع المالي في ظل الاستفادة المحتملة للبنوك من رفع أسعار الفائدة"، ولن تكون تلك هي المرة الأولى التي يعاود فيها المستثمرون اختيار البنوك منذ الأزمة المالية لكن الغرامات المذهلة حرقت أصابع البعض منهم. بحسب رويترز.
غير أن ورقة بحثية من سيتي تتوقع تراجع مخصصات التقاضي السنوية للبنوك الأوروبية أكثر من النصف هذا العام، وفي غضون ذلك تنبئ التقييمات بأن البنوك هي الصفقات الوحيدة الباقية بأسعار بخسة، ومازال القطاع المصرفي رخيص نسبيا فأسهم البنوك العالمية متداولة بنسبة سعر إلى الأرباح تبلغ حوالي 12 ونسبة سعر إلى القيمة الدفترية تبلغ حوالي واحد مما يجعله من القطاعات الأدنى تصنيفا، بل إن بعض الأسماء الأوروبية الكبيرة مثل دويتشه بنك وكريدي سويس واتش.اس.بي.سي أرخص من ذلك.
وهناك أيضا تفاؤل كبير في أوساط المستثمرين بشأن الإدارات الجديدة في دويتشه وكريدي وستاندرد تشارترد، وكثيرا ما تبرز فكرة تداول أسهم البنوك للاستفادة من مزايا خطط إعادة الهيكلة على أمل أن يكون الوقت قد حان لإحداث تغييرات جذرية سواء على صعيد رأس المال أو خطوط الأعمال.
محاذير، هناك محاذير بلا ريب، فقد قال كريس ويلر المحلل في أتلانتيك إكويتيز إن رفع الفائدة لن يكون جيدا إلا إذا جرى بشكل تدريجي وإذا قفز دخل دفاتر القروض بدرجة أكبر من مدفوعات المودعين، وسيصب ذلك في مصلحة البنوك التي تقدم خدماتها إلى الأفراد والشركات على نحو أكبر من بنوك الاستثمار الخالصة، وفي حين قد ترحب أقسام التداول بالتذبذبات لأنها ترفع الأحجام فإن أجزاء من نشاط الدخل الثابت قد تواجه ضغوطا.
وقال كينر لاكاني المحلل في سيتي "زيادة التذبذبات ستؤدي إلى ارتفاع المبيعات وزيادة إيرادات التداول وارتفاع عوائد السندات أمر جيد بوجه عام للبنوك وبخاصة تلك التي تملك نسبة منخفضة للقروض إلى الودائع، "لكن التأثير لن يكون متطابقا لكل البنوك... فتداول الائتمان قد يتأثر سلبا"، والبنوك نفسها تبدو متشجعة نسبيا، فقد قال بروس تومسون المدير المالي لبنك أوف أمريكا خلال مؤتمر للمستثمرين إن رفع أسعار الفائدة "له تأثير محايد إلى إيجابي بالفعل" لكنه قال إن ائتمان الدخل الثابت هو مجال "لا يكون بنفس القوة" عادة في مناخ ارتفاع الفائدة.
من الأفضل أن تكون مملا، ويشير تحليل أجراه باركليز على أساس قيمة كل مجال من مجالات عمل البنوك على حدة إلى أن الأسعار الرخيصة للقطاع مبررة ولاسيما بالنسبة للبنوك الكبيرة، وكتب محللو باركليز في مذكرة إلى العملاء "جانب كبير من الجهد التنظيمي (لما بعد الأزمة) تركز في جعل البنوك الكبيرة أكثر أمانا... النتيجة الصافية لذلك هي أنه يصبح من الصعب أن تولد البنوك الكبيرة نفس العائد على حقوق المساهمين قياسا إلى البنوك الصغيرة".
وقال مدير صندوق تحوط في لندن إنه كلما كان البنك مملا كان ذلك أفضل مشيرا إلى لويدز وكيه.بي.سي كفرص آمنة لمزيد من مدفوعات المساهمين ولنموذج أعمال أكثر تحوطا، وقال "البنوك تتحول إلى شركات مرافق وهذا هو ما ينبغي أن تكون عليه: مملة وتبعث على الضجر وتحقق عوائد على رأس المال".
انهيار كورب بنك
على الصعيد نفسه قال مصدر في أكبر صناديق الثروة السيادية بسلطنة عمان لرويترز إن الصندوق بدأ في إقامة دعوى قضائية على حكومة بلغاريا بسبب انهيار مصرف كوربوريت كوميرشال بنك (كورب بنك). بحسب رويترز.
وجاءت أنباء الدعوى القضائية في الوقت الذي اتهمت فيه لجنة بالبرلمان البلغاري اليوم المساهم الرئيسي بالاحتيال في تشغيل كورب بنك وسط تراخ في إشراف البنك المركزي، وواجه المالك الرئيسي للبنك وهو رجل أعمال بلغاري يدعى تسفيتان فاسيليف اتهامات بالاختلاس منذ إقبال العملاء على سحب الودائع ومراجعة حسابية مستقلة طلبها البنك المركزي وأجبرت كورب بنك على شطب نحو ثلثي أصوله، ويجري حاليا اتخاذ إجراءات الإعسار في بلغاريا.
وقدم كونسورتيوم لمستثمرين من بينهم الصندوق العماني مقترحات لإنقاذ كورب بنك في أكتوبر تشرين الأول لكن البنك المركزي سحب الترخيص من المصرف بعد شهر وقضى على أي فرصة لتحسين أوضاع البنك، وقال مصدر في الصندوق طلب عدم ذكر اسمه "يتم التحكيم في محاكم أوروبية"، وأضاف "مطالبنا هي الحصول على القيمة الدفترية لاستثمارنا كما كانت في اليوم الذي توقفت فيه أعمال البنك إلى جانب الفوائد".
وقالت وزارة المالية في رسالة إلكترونية "لا تتوافر لدى وزارة المالية معلومات عن القضايا المقامة على الدولة البلغارية في محاكم أوروبية ولا عن قضايا التحكيم المسجلة المرفوعة على بلغاريا بمبادرة من صندوق الاحتياطي العام للدولة في سلطنة عمان"، وبدأ تهافت العملاء على سحب ودائعهم من كورب بنك بعد ورود تقارير عن صفقات مشبوهة بالمصرف ووسط خلاف علني بين فاسيليف وأحد منافسيه.
ونفى فاسيليف ارتكابه أي مخالفات وقال إن إقبال عملاء البنك على سحب الودائع هو مؤامرة دبرها منافسوه بالتواطؤ مع بعض مسؤولي الدولة، وقال تقرير لجنة البرلمان إن ما يزيد على ثلثي قروض كورب بنك قدمت إلى شركات مرتبطة بفاسيليف أو شركات وهمية وهو ما يؤيد نتائج المراجعة الحسابية التي طلبها البنك الوطني البلغاري (المركزي).
اتش اس بي سي يعيد هيكلته
من جانبه صرح مدير عام المجموعة المصرفية العملاقة ستيوارت غاليفر "سبق ان اجرينا تعديلات على اتش اس بي سي، لكنها غير كافية"، وذلك في مؤتمر مع المستثمرين حيث عرض استراتيجية المجموعة، وستلغي المجموعة بين 22 و25 الف وظيفة في اطار خطة تقشف جديدة، ما سيؤدي الى اغلاق فروع وتخفيض عدد الوظائف الادارية وترشيد استخدام التكنولوجيات الرقمية وزيادة اعتماد الزبائن على الخدمة الذاتية. بحسب فرانس برس.
في الوقت نفسه، اعلنت المجموعة وقف انشطتها في تركيا والبرازيل، ما سيفقدها 25 الف موظفا اضافيا، لكنها ستحتفظ ب"تمثيل" في البرازيل لخدمة زبائنها من المؤسسات، وفي حال تنفيذ المشاريع المعلنة في اجالها ستكون المجموعة الغت ثلث عديدها الاجمالي تقريبا، الذي سيتراجع من 295 الف موظف في 2010 الى 208 الاف في 2017، كما يريد المصرف نقل الاف الوظائف الى بلاد حيث اليد العاملة "متدنية الكلفة وعالية النوعية"، وتوفير 4,5 الى 5 مليارات دولار سنويا حتى 2017، وستكلفه اعادة الهيكلة هذه بين 4 و4,5 مليارات دولار في الفترة نفسها.
وتريد المجموعة خفض اصولها العالية المخاطر وقيمتها 290 مليار دولار، وتحقيق نسبة عائدات على راس المال الصافي تتجاوز 10% في غضون عامين، بالاضافة لذلك، ستعمل على "تسريع الاستثمارات في اسيا"، التي ستصبح محرك نموها الرئيسي، وتوسيع وجودها في ادارة الاصول والضمان، واوضح غاليفر "يتوقع ان تشهد اسيا نموا كبيرا وتصبح مركزا للمبادلات الدولية في السنوات العشر المقبلة".
بالتالي، سيعزز المصرف وجوده في الجنوب الصناعي في الصين ودول جنوب شرق اسيا التي تسجل، على غرار الفيليبين واندونيسيا وماليزيا وسنغافورة، نسب نمو سنوية تفوق 4%، واهتزت مجموعة اتش اس بي سي مؤخرا نتيجة عملية سويسليكس، حيث كشفت شبكة من الصحف حول العالم عن ممارسات تهرب ضريبي واسعة النطاق جرت عبر فرعها في جنيف، لكن هذه الفضيحة التي طالت المجموعة ليست الوحيدة في السنوات الاخيرة، فقد الزمت بتسديد غرامات وتعويضات بمليارات اليورو في عدة دول، لا سيما المملكة المتحدة والولايات المتحدة، اثر فضائح تبييض اموال وتلاعب بالاسواق.
وادت هذه الغرامات الضخمة التي اضيفت الى مختلف الاحكام والتعويضات الى تراجع صافي ارباحها بنسبة 15% في العام الفائت، وحول مقرها العالمي الذي تدرس نقله من لندن الى هونغ كونغ لتفادي تشريعات تعتبر انها تضاعف القيود عليها، اكد غاليفر ان القرار سيتخذ بهذا الشأن "قبل نهاية العام" الحالي، وراى جاكسون وونغ المحلل لدى سيمسن ان المستعمرة البريطانية السابقة "تتمتع بفرص جيدة" لاستضافة مقر البنك بسبب نظامها الضريبي المناسب.
فالمصرف البريطاني الذي تعذر عليه "تقليص تكاليفه في الاعوام الاخيرة" يتخذ هذه المرة اجراءات "حاسمة" حسب قوله، وذكرت وسائل الاعلام ان ضريبة بريطانية تشكل عبئا على المصارف بشكل خاص تم رفعها بانتظام في السنوات الاخيرة، كاحد اسباب اعادة المجموعة المصرفية العملاقة النظر في موقع مقرها، لكن غاليفر اشار الى ان القرار سيتخذ بحسب "المستقبل الاستراتيجي للشركة" وليس "بحسب مسائل قصيرة الامد".
ويشكل الانتقال الى هونغ كونغ في حال حصوله، عودة الى المهد بالنسبة الى المجموعة، التي لم تنقل مقرها الى لندن الا في 1992، فيما يعكس اسمها "المجموعة المصرفية لهونغ كونغ وشنغهاي" تاسيسها في الشرق الاقصى عام 1865، واحتفالا بهذا العيد الـ150 اطلقت المجموعة في هونغ كونغ اوراقا نقدية تذكارية كل منها بقيمة 150 دولار هونغ كونغ، جذبت الاف المشترين، وفي بورصة لندن، خسر سهم المجموعة واحد في المئة من قيمته ليبلغ 613,9 بنسا استرليني قبل ظهر اليوم.
جيه.بي مورجان يدفع 125 مليون دولار لتسوية تحقيقات
الى ذلك قالت مصادر مطلعة إن جيه.بي مورجان تشيس اند كو وافق على دفع 125 مليون دولار على الأقل لتسوية تحقيقات تجريها الولايات والسلطات الاتحادية الأمريكية في مزاعم بأن البنك سعى إلى جمع ديون بطاقات ائتمان استهلاكية وبيعها على نحو غير سليم، وقالت المصادر إن التسوية تشمل حوالي 50 مليون دولار تعويضات. بحسب رويترز.
وقالت المصادر إن من المتوقع أن يعلن مكتب الحماية المالية للمستهلكين و47 ولاية ومقاطعة كولومبيا عن التسويات، وستتقاسم الولايات نحو 95 مليون دولار بينما يحصل مكتب الحماية المالية على 30 مليون دولار، ولم يرد المكتب ولا جيه.بي مورجان على مكالمات للتعليق.
استراتيجيات في دائرة الضوء لثلاثي مدراء بنوك أوروبا الجدد
ويضع تيجاني تيام الرئيس التنفيذي لكريدي سويس وجون كريان رئيس دويتشه بنك وبيل وينترز الرئيس التنفيذي لستاندرد تشارترد اللمسات النهائية على خططهم التي سيعلنها تيام وكريان الشهر القادم في حين من المتوقع أن يعلن وينترز برنامجه أوائل ديسمبر كانون الأول. بحسب رويترز.
تولى الثلاثة القيادة قبل نحو 100 يوم وهي الفترة التي يستغلها الرؤوساء التنفيذيون الجدد لرسم الاستراتيجيات بعد عقد لقاءات مع المستثمرين والمسؤولين الرقابيين والساسة والعملاء والموظفين، لكن تقليص الوظائف يلوح في الأفق في مسعى لخفض التكاليف وتحسين الربحية وهو هدفهم الرئيسي، كانت مصادر مالية أبلغت رويترز في وقت سابق هذا الشهر أن كريان سيستغني عن 23 ألف موظف أي نحو ربع العاملين.
وقالت مصادر إن وينترز قد يسرح عدة آلاف لكنها أوضحت أن قرارات نهائية لم تصدر بعد، في غضون ذلك يقول تيام إنه ينوي الاستعانة بخلفيته الهندسية لإلقاء نظرة متفحصة على الكفاءة، وتشهد الإدارة العليا تغييرات أيضا حيث عين وينترز فريقا إداريا جديدا بينما يقوم بخفض طبقات البيروقراطية لتبسيط صناعة القرار وتسريعها بينما استعان تيام على الفور بشخصية مقربة في منصب كبير الموظفين وأجرى تغييرات أخرى في المواقع.
كانت آنا بوتين رئيسة مجلس إدارة سانتاندير قالت هذا الأسبوع إن تغييرات أجرتها في الاثني عشر شهرا الأولى لها "أرست الأسس للبنك الذي نريده للسنوات العشر المقبلة" وقالت إن 21 من أهم 31 فريقا إداريا جديدا هم أطقم جديدة أو ذات مهام جديدة، ويحتاج تيام وكريان ووينترز وجميعهم في أوائل العقد السادس من العمر إلى تصحيح أخطاء ارتكبها أسلافهم وتقليص بنوكهم للحد من التعقيدات والخروج من ميادين العمل التي لم تعد مدرة للمال.
وتمر بنوك أخرى مثل باركليز الذي يعمل بدون رئيس تنفيذي وأوني كريدت بعملية مماثلة لكن الرؤساء التنفيذيين الجدد يتعرضون لضغوط للتوصل إلى رؤية جديدة تقود إلى إجراءات جريئة، وقال مصرفي كبير "جميعهم من العيار الثقيل لكن عليهم المسارعة وأخذ قرارات بخصوص أنشطتهم وأسواقهم في الوقت الذي مازالوا يتعلمون فيه الكثير عن ذلك"، ورفض الرؤساء التنفيذيون الثلاثة طلبات لإجراء مقابلات، لكن فيما يلي أفكارهم في القضايا الرئيسية وفقا لتصريحات علنية ومقابلات مع مصادر في البنوك ومستثمرين ومحللين:
المئة يوم الأولى، اجتمع الرؤساء التنفيذيون الثلاثة مع مجالس إداراتهم وكبار مصرفييهم هذا الشهر - بمنتجعات في بافاريا وسويسرا وسنغافورة - لمناقشة الخطط، أجروا تغييرات كبيرة في أول شهرين أو ثلاثة وأعطوا تلميحات عامة عن أولوياتهم في رسائل إلى الموظفين وضمن نتائج الربع الثاني من العام، قلص وينترز التوزيعات النقدية لبنكه بمقدار النصف بعد أن كشف تراجع أرباح الربع الثاني حجم التحدي الذي يواجهه.
قال كريان إنه ينوي الالتزام بما يسمى "استراتيجية 2020" التي تتضمن تقليص حجم بنك الاستثمار وبيع بنك التجزئة بوست-بنك والاستغناء عن أجزاء أخرى من سلسلة التجزئة، وقال إن هناك الكثير من الأنشطة التي يمكن تغييرها "بشكل كبير"، من المتوقع أن يعمد الثلاثة إلى تقليص الأنشطة المصرفية الاستثمارية ولا سيما تداول أدوات الدخل الثابت.
اللمسة الشخصية، يرى المحللون أن تيام يثير الإعجاب ببدايته الواثقة، فقد قال الرجل الذي يتحدث عدة لغات إنه سيكون "شديد الانتقائية" بشأن ما يقوم به البنك مدفوعا في ذلك بزيادة القيمة للمساهمين، ويريد تيام الذي تولى من قبل حقيبة وزارية في ساحل العاج وسبق أن أدار برودنشال البريطانية للتأمين لست سنوات بنكا متخففا في الأعباء الرأسمالية ومن المتوقع أن يكثف التركيز على آسيا.
وقال جي دي بلوناي المدير في صندوق جوبتر للفرص المالية العالمية "هذا رئيس تنفيذي له سجل إنجازات.. سجل إنجازات ناجح جدا في برودنشال، إنه بارع في تخصيص الأصول ولا سيما في توزيع رأس المال على المناطق التي يتوقع لها النمو وتقليص رأس المال المتجه إلى تلك التي لا يتوقع فيها نموا مماثلا"، ويملك دي بلوناي أسهما في كريدي سويس وسبق أن استثمر في دويتشه بنك وستاندرد تشارترد.
أما وينترز الذي يحمل الجنسيتين الأمريكية والبريطانية وسبق أن أدار وحدة بنك الاستثمار لمجموعة جيه.بي مورجان وكان عضوا باللجنة المصرفية البريطانية التي قدمت توصيات لجعل البنوك أكثر أمانا فقد قال إن ستاندرد تشارترد "بنك متميز" لكن له مشاكله، وكان تركيز البنك منصبا أكثر من اللازم على النمو وليس على عوائد المستثمرين، وأبلغ المحللين أن تقييمه للمخاطر كان سيئا وأنه كان "بطيئا جدا في أخذ قرارات صعبة سواء بخصوص التكاليف أو الأشخاص أو الاستراتيجية".
وبالنسبة لكريان المدير المالي السابق في يو.بي.اس فقد قال إن التعقيدات والتكاليف يخنقان البنك، وقال مصدر مطلع على عمل البنك "إنها المرة الأولى على الإطلاق التي تشعر فيها بأن شخصا ما يتحدث بشكل صريح ومباشر.. لكن المشكلة أن عليه أن يحقق نتائج سريعة"، وقد ظل صامتا وسجل الكثير من الملاحظات خلال أول اجتماع يحضره للمجلس الإشرافي بعد أن أصبح رئيسا تنفيذيا في يوليو تموز بنيويورك لكنه تحدث كثيرا باجتماع الشهر الحالي في بافاريا وعرض كل مشاكل البنك ونقاط ضعفه غير أن أشخاصا حضروا الاجتماع قالوا إنه لم يعرض حلوله.
طلب التمويل؟ وفي غضون ذلك يقول المحللون إن البنوك الثلاثة قد تحتاج إلى مزيد من رؤوس الأموال، وتتجاوز نسبة كفاية رأس المال لكل منهم المتطلبات التنظيمية لكنها ضعيفة نسبيا قياسا إلى المنافسين، وقد يسعون إلى القيام بإصدارات حقوق كبيرة أو جمع تمويل أقل بعدة مليارات الدولارات بشكل أقل تعقيدا أو محاولة زيادة رأس المال المساهم به عن طريق استبقاء الأرباح وتقليص الأصول وهي طريق أقل إيلاما لكنها قد تعوق أي خطط نمو.
لكن المحللين والمستثمرين يقولون إن من المستبعد إجراء إصدارات حقوق في ظل الانخفاض الشديد لأسعار أسهم دويتشه بنك وستاندرد تشارترد تجنبا لمزيد من إضعاف القيمة، وقد جمع دويتشه بنك بالفعل 8.5 مليار يورو العام الماضي وقد يفضل وينترز حسبما قالوا القيام ببيع سريع للأسهم بسعر منخفض لجمع ثلاثة مليارات يورو.
ويرى المصرفيون إن من المرجح أن يجمع تيام السيولة سريعا وقد أبلغ الموظفين في أول يوم له أن البنك بحاجة إلى ميزانية قوية لمساعدته في الأوقات العصيبة، وتبلغ نسبة رأس المال المساهم به لكريدي سويس 10.3 بالمئة من الأصول المرجحة بالمخاطر وهو مستوى أقل بكثير من منافسه الرئيسي يو.بي.اس وقال المستثمرون إن جمع ستة مليارات دولار أو أكثر سيكون مبررا إذا واكبه نمو.
اضف تعليق