من White Lotus إلى Succession، هناك طلب كبير على الأعمال الدرامية التلفزيونية حول الأثرياء. عادة ما يتم تصوير الأثرياء في العروض الدرامية مثل White Lotus وSuccession على أنها شخصيات حزينة دون التطرق في الضرورة إلى مستوى ذكائهم وقدرتهم على تحصيل المال. لذلك فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل أغنياء هم أكثر ذكاء من الأشخاص الآخرين...
بقلم: د. هاني الشعراني
من White Lotus إلى Succession، هناك طلب كبير على الأعمال الدرامية التلفزيونية حول الأثرياء. عادة ما يتم تصوير الأثرياء في العروض الدرامية مثل White Lotus وSuccession على أنها شخصيات حزينة دون التطرق في الضرورة إلى مستوى ذكائهم وقدرتهم على تحصيل المال. لذلك فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل أغنياء هم أكثر ذكاء من الأشخاص الآخرين؟
وهل هم أغنياء لأنهم أذكياء؟
ليس هناك شك في أن الذكاء يساهم في النجاح الاقتصادي والمهني للأثرياء ويساعد في الوصول إلى الحرية المالية. وهناك الكثير من الأمثلة عن الأثرياء في الحياة العملية مثل إيلون ماسك وجيف بيزوس وراي داليو. في الواقع، الذكاء هو مؤشر على مستوى الإنجاز التعليمي وأداء العمل. والنجاح الأكاديمي والمهني بدوره مؤشر جيد لتحديد مستوى دخل الفرد في المستقبل. لكن هذه ليست القصة الكاملة في الحياة لأن هناك الكثير من الأذكياء الذين لا يملكون أي ثروة.
ليس كل الأشخاص الأذكياء مدفوعين أساسًا بالرغبة في لتحقيق أي ثروة – فهم غالبًا متعطشون للمعرفة. قد يختار البعض بدلاً من ذلك وظائف ذات رواتب أقل نسبيًا وتكون مجزية أكثر من الناحية الفكرية، مثل الهندسة المعمارية أو البحث العلمي. أظهرت دراسة سويدية أن درجات الاختبار المعرفي لأعلى 1٪ من الأثرياء لا تختلف اختلافًا كبيرًا عن الدرجات التي حصل عليها أولئك الذين حصلوا على ربح أقل. ولكن إلى أي مدى يعزز الذكاء ثروة الأثرياء؟
تعريف الذكاء
قبل الغوص في هذا الموضوع يجب أن نوضح ما يقصده الباحثون بمصطلح «الذكاء». يمكن تعريف الذكاء بأنه القدرة على أداء مجموعة واسعة من الاختبارات المعرفية بنجاح. إذا كان شخص ما جيدًا في حل اختبار معرفي معين، فمن المحتمل أن يؤدي أداءً جيدًا في الاختبارات المعرفية الأخرى أيضًا.
ومع ذلك، فإن الذكاء ليس سمة متجانسة. في الواقع يتكون الذكاء من بنيتين: البنية الأولى من الذكاء ترتبط بالآليات المعرفية الأساسية مثل سرعة معالجة المحفزات وسعة الذاكرة والتفكير المجرد. على العكس من ذلك، النوع الثاني من الذكاء إلى المهارات التي تم تطويرها في بيئة اجتماعية مثل معرفة القراءة والكتابة والحساب ومعرفة مواضيع محددة.
هذا التمييز مهم لأن هذين النوعين من الذكاء يتطوران بطرق مختلفة. يمكن توريث النوع الأول من الذكاء ولا يمكن تعزيزه وينخفض بسرعة إلى حد ما مع تقدم العمر. على النقيض من ذلك، يزداد التطور النوع الثاني من الذكاء في مرحلة البلوغ ويبدأ في الانخفاض فقط بعد تخطي حاجز ال 65 عامًا.
عامل التعليم والوضع الاقتصادي للأسرة
يعتبر عامل التعليم أمر أساسي لتطوير الإنسان وتنمية قدراته الفكرية والمعرفية. وأثبتت الدراسات العلمية أنه كلما زاد عدد سنوات الدراسة زادت درجات ذكاء الطلاب. لذا يعتبر تعلمك في المدرسة مفيد لتحقيق كل من النجاح المهني و العلمي. ليس من المستغرب أن يتأثر التعليم بدوره في الحالة الاجتماعية والاقتصادية للأسرة. على سبيل المثال توفر المدارس باهظة الثمن والمدرسون الخاصون للطالب تعليمات شخصية عالية الكفاءة الأمر الذي قد يحدث فرقًا كبيرًا في الدخل المستقبلي.
بطبيعة الحال فإن تأثير الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة على الثروة لا يعمل فقط من خلال التعليم. الميراث وشبكات العلاقات العامة الموروثة تعتبر من بين الأسباب التي تؤدي إلى تحديد الدخل المستقبلي.
دور الحظ
بالإضافة إلى دور الذكاء بالإضافة إلى التعليم والحالة الاجتماعية والاقتصادية للأسرة تشير دراسة حديثة إلى أن الحظ له تأثير كبير على دخل الفرد بحسب موقع ذا كونفرزيشن هذا يعني أن العقل وحده لا يمكن أن يفسر التفاوتات غير المتكافئة بين الأغنياء والفقراء في مجتمعنا وبالتالي يلعب الحظ دوره في تحقيق الثروة. أن تكون مولودًا في عائلة ثرية ومتعلمة هو حظ بحد ذاته. وبالمثل، فإن الفوز في اليانصيب لا يأتي بسبب سنوات من العمل الشاق. قد ندفع الحجة إلى أبعد من ذلك ونستنتج أن الذكاء هو شكل من أشكال الحظ بحد ذاته. لا تقلل الدراسة من دور الذكاء (أو الموهبة بشكل عام) لتحقيق الثروة والحرية المالية وفي المقابل تشير الدراسة ان الذكاء ليس ضمانًا للثراء.
اضف تعليق