بعد الاكتشافات المهمة واتساع عمليات التنقيب في سواحل البحار عن الغاز الطبيعي، ازدادت المخاوف من تفاقم الازمات والمشكلات بين العديد من الدول وخصوصا تلك التي تبحث عن سرعة الوصول من اجل الاستفادة من مصادر الطاقة المختلفة ومنها الغاز الطبيعي، يضاف الى ذلك التنافس الاقتصادي بين بعض الدول العظمى...
بعد الإكتشافات المهمة واتساع عمليات التنقيب في سواحل البحار عن الغاز الطبيعي، ازدادت المخاوف من تفاقم الازمات والمشكلات بين العديد من الدول وخصوصا تلك التي تبحث عن سرعة الوصول من اجل الاستفادة من مصادر الطاقة المختلفة ومنها الغاز الطبيعي، يضاف الى ذلك التنافس الاقتصادي بين بعض الدول العظمى، التي سعت الى الدخول في تحالفات وصراعات خارجية من اجل الحفاظ على مكاسبها في العديد من المناطق المهمة.
ويرى بعض الخبراء أن أسواق الطاقة تشهد فترات مثيرة، لا بل فترات تحول كبيرة. ويشكل زيادة توفر الغاز الطبيعي المسال وتراجع أسعاره عاملاً أساسياً لهذا التحول، إذ يسمح للدول بتنويع مصادر الطاقة وتلبية ارتفاع الطلب واستبدال مصادر الوقود القديمة إلى مصادر متجددة عصرية. ضمن هذا الإطار، يبرز الغاز الطبيعي المسال كوقود تحولي مهم من شانه أن يسهّل الانتقال إلى طاقة أنظف.
ويُستخدم الغاز الطبيعي تقريبًا في كل شيء، فهو لا يُعد مصدرًا مهمًا من مصادر الطاقة فحسب، بل هو أيضًا الشريك الأساسي في كل الصناعات، سواء كان صناعة الكهرباء أو النقل أو الغاز المنزلي، فهو يدخل في كل هذه الأشياء وأكثر، فمثلًا هناك صناعة الصلب والأسمدة والمبيدات، وصناعة الكيماويات والملابس، وبالمناسبة، الصناعات التي لا يدخل فيه الغاز الطبيعي بصورة مباشرة يدخل فيها بصورة غير مُباشرة، فكل الآلات والمعدات الآن تعمل بالغاز الطبيعي، فهو العصب الرئيسي لأي مُحرك في العالم، حتى ولو كانت هناك منافسة من البترول والفحم، فهو يتفضل عليهم من حيث الجودة والسعر والتأثير على البيئة. وهو ما دفع الكثير من الدول الى الدخول في حرب تجارية وتنافس مستمر من اجل السيطرة على مصادر الطاقة.
وفيما يخص اخر تطورات هذا الملف فقد أعلن وزير الطاقة الأميركي ريك بيري أن خط أنابيب "نورد ستريم 2" للغاز الذي سيتم إنجازه قريبا، سيعزز نفوذ موسكو على سياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية. وحذر بيري خلال زيارة إلى ليتوانيا لتشجيع العلاقات بين الولايات المتحدة ودول أوروبا الشرقية في مجال الطاقة، بإن خط الأنابيب هذا "سيسدد ضربة كبرى لتنوع وأمن الطاقة في أوروبا". وقال إن نورد ستريم 2 "سيعزز نفوذ روسيا في سياسة أوروبا الخارجية ويجعل أوروبا أكثر عرضة لانقطاع الإمدادات".
ونورد ستريم 2 مشروع بحوالى عشرة مليارات يورو، سيسمح بمضاعفة إمدادات الغاز الروسي لألمانيا. وتخشى أوكرانيا وبولندا ودول البلطيق أن يعزز تبعية الاتحاد الأوروبي لروسيا وأن يشكل أداة تستخدمها روسيا لممارسة ضغوط سياسية. وقال بيري إن نورد ستريم 2 الذي يعبر في قعر بحر البلطيق وخط أنابيب "توركيش ستريم" الذي سينقل الغاز الروسي إلى تركيا عبر البحر الأسود، "سيسمحان لموسكو بوقف نقل الغاز عبر أوكرانيا في نهاية العقد الحالي". وأضاف أن المشروع "سيُدخل شريان غاز أحادي المصدر في عمق أوروبا ويضرب الاستقرار والأمن الأوروبيين في الصميم".
وأكد أن الولايات المتحدة "مستعدة وراغبة وقادرة" على تعزيز أمن أوروبا على صعيد الطاقة بتوفير مصادر بديلة لها مثل الغاز الطبيعي المسال والتكنولوجيات النووية المدنية. وتابع "إننا نؤيد تعدد الطرق لتوفير الطاقة عبر أوروبا (...) ندعم الأسواق المفتوحة... إننا ضد استخدام الطاقة للضغط على بلد". وعلق الأستاذ في جامعة فيلنيوس راموناس فيلبيسوسكاس أن الانتقادات لنورد ستريم 2 تندرج ضمن حملة تسويق تخوضها الولايات المتحدة في أوروبا لبيع غازها، وأوضح "يبدو أن الهدف التجاري هو الدافع الرئيسي خلف الانتقادات". وأضاف أنه بالنسبة إلى ليتوانيا ودول أوروبا الوسطى الأخرى في الاتحاد التي تعتمد على الغاز الروسي "فالجميح يربح، لأنها تسعى بشكل نشط لتنويع مصادر تموينها".
توقعات مستقبلية
الى جانب ذلك توقعت وكالة الطاقة الدولية أن تصبح الولايات المتحدة أكبر بلد مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم والصين أكبر مستورد له في غضون خمس سنوات. وقال بيتر فريزر رئيس قسم أسواق الغاز والفحم والكهرباء في وكالة الطاقة الدولية إن من المتوقع أن تقفز صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال إلى أكثر من 100 مليار متر مكعب في 2024، لتطيح بكل من أستراليا وقطر المتصدرتين للسوق حاليا. في الوقت نفسه، من المتوقع أن ترتفع واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال لتتجاوز 100 مليار متر مكعب في 2024، لتتفوق بذلك على اليابان التي تتصدر قائمة المستوردين العالميين حاليا.
وشهدت واردات اليابان تراجعا منذ بلغت ذروتها في 2014، بعدما استأنفت شركات المرافق تشغيل بعض المحطات النووية التي أُغلقت لإجراء فحوصات السلامة الإلزامية والاختبار بعد الأضرار التي لحقت بمحطة فوكوشيما النووية في 2011 جراء زلزال وأمواج مد عاتية (تسونامي). وقالت وكالة الطاقة الدولية إنها تتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال بنحو أربعة في المئة سنويا حتى 2024. ولتلبية هذا الطلب، اتخذ المطورون قرارات استثمارية نهائية في 2018 لإضافة طاقة تصديرية جديدة بنحو 29 مليار متر مكعب، وضاعفوا ذلك إلى 58 مليار متر مكعب حتى الآن في 2019، بحسب فريزر.
وبالإضافة إلى ذلك، قال بعض المطورين إنهم قد يتخذون قرارات استثمار نهائية في وقت لاحق هذا العام ستضيف طاقة تزيد على 120 مليار قدم مكعب، بحسب الوكالة، من بينها نحو 30 مليار متر مكعب في الولايات المتحدة و43 مليار متر مكعب في قطر. وبلغ الطلب العالمي على الغاز المسال مستوى قياسيا عند 432 مليار متر مكعب في 2018، بعد ارتفاعه نحو عشرة بالمئة سنويا على مدى السنوات القليلة الأخيرة لأسباب أبرزها النمو السريع في الصين. بحسب فرانس برس.
وقالت وكالة الطاقة إن الطلب الصيني على الغاز الطبيعي، الذي ارتفع 18 بالمئة في 2018، مدعوم بالسياسات البيئية الرامية لتحويل معظم الاستهلاك الصناعي والمنزلي من الفحم إلى الغاز بهدف الحد من تلوث الهواء. وأضافت أنها تتوقع تباطؤ نمو استهلاك الغاز في الصين إلى وتيرة سنوية قدرها ثمانية بالمئة حتى 2024 بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي. ووفقا لتوقعات وكالة الطاقة، ستشهد الولايات المتحدة التي تتربع بالفعل على عرش منتجي الغاز في العالم نموا في الإنتاج إلى أكثر من تريليون متر مكعب في 2024، مما يعزز حصتها في الإنتاج العالمي لتصل إلى نحو 23 بالمئة.
احتدام التوتر
على صعيد متصل احتدم التوتر بين قبرص وتركيا بسبب أعمال التنقيب البحرية عندما قالت نيقوسيا إن قرار تركيا إرسال سفينة إلى منطقة منحت فيها نيقوسيا ترخيصا للتنقيب عن النفط والغاز بمثابة ”تصعيد حاد“ لما وصفته بانتهاكات أنقرة لحقوق الجزيرة السيادية. وأعلنت تركيا أنها أرسلت سفينة تنقيب عن النفط والغاز إلى المياه قبالة جنوب قبرص حيث منحت السلطات القبرصية اليونانية بالفعل حقوق التنقيب عن المواد الهيدروكربونية لشركات إيطالية وفرنسية.
وقالت أنقرة التي تتحدى الانتقادات الأوروبية المتزايدة إن سفينة التنقيب ستبدأ عمليات جديدة في الوقت الذي قال فيه دبلوماسي بريطاني إن بريطانيا ”تأسف بشدة“ لأي عمليات تنقيب في المياه القريبة من الجزيرة. وتقول تركيا إن بعض المناطق التي تستكشفها قبرص هي إما على جرفها القاري، أو في مناطق يتمتع فيها القبارصة الأتراك بحقوق متساوية في أي اكتشافات مع القبارصة اليونانيين.
وقامت تركيا بالفعل بحفر بئرين في المياه إلى الشرق والغرب من الجزيرة، مما أثار احتجاجات قوية من نيقوسيا والاتحاد الأوروبي في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك فرض عقوبات من جانب الاتحاد. وفي بيان شديد اللهجة اتهمت الرئاسة القبرصية تركيا باللجوء إلى ”أساليب بلطجة من عهد ولى“ ودعت تركيا إلى الانسحاب من المنطقة. وأضافت ”هذا الاستفزاز الجديد هو مثال لتحدي تركيا للنداءات المتكررة من الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي لوقف أنشطتها غير القانونية“.
كما حث البيان تركيا على احترام حقوق جمهورية قبرص السيادية في استكشاف واستغلال مواردها الطبيعية داخل مناطقها البحرية. وذكر أن هذه الخطوة ”دليل آخر على السلوك الاستفزازي والعدواني لأنقرة التي اختارت أن تخرج بسرعة وبلا رجعة عن الشرعية الدولية مما يعرض الأمن والاستقرار في شرق البحر المتوسط للخطر“. وتوقفت سفينة التنقيب ياووز على بعد نحو 51 ميلا بحريا جنوب غربي قبرص.
وقال دبلوماسي تركي في تغريدة على موقع تويتر إن ياووز ستبدأ جولة جديدة من عمليات التنقيب جنوبي قبرص، مضيفًا أن هذه العمليات ستكون داخل الجرف القاري لتركيا. وقال كاجاتاي إرجييس رئيس القسم المعني بشرق البحر المتوسط في وزارة الخارجية “منطقة الحفر تقع داخل الجرف القاري التركي المسجل لدى الأمم المتحدة وفي نطاق التراخيص التي منحتها (الحكومة) لشركة النفط التركية (تركش بتروليوم).
وأضاف إرجييس أن تركيا لا تعترف بادعاءات القبارصة اليونانيين عن الحدود البحرية، مضيفًا أن ”الأعمال من جانب واحد“ التي يقوم بها القبارصة اليونانيون تنتهك حقوق تركيا والقبارصة الأتراك. ومضى قائلا إن ”تركيا لا تعترف بالجرف القاري/مزاعم الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة للقبارصة اليونانيين على الرغم من جهودهم لوضع هذا الادعاء على هيئة مياه أو حدود للاتحاد الأوروبي، وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي“. بحسب رويترز.
وأثناء حديثه في نيقوسيا، قال وزير الدولة البريطاني لشؤون أوروبا، كريستوفر بينشر، إنه ينبغي استخراج أي ثروة نفطية لصالح جميع القبارصة. وقال بينشر ”أوضحت بشكل قاطع أن بريطانيا العظمى تستنكر أي حفر في المياه القريبة من قبرص لكنها تدعم حق قبرص في استخراج النفط والغاز في منطقتها الاقتصادية الخالصة“. وانقسمت جزيرة قبرص إثر غزو تركي عام 1974 في أعقاب انقلاب بإيعاز من اليونان. وتمثل الحكومة القبرصية اليونانية المعترف بها دوليا قبرص في الاتحاد الأوروبي، بينما لا تعترف سوى أنقرة بدولة القبارصة الأتراك المنشقة في الشمال.
من جانبه ندد الرئيس التركي رجب اطيب اردوغان بالعقوبات الاخيرة للاتحاد الاوروبي على أنقرة لمواصلتها عمليات التنقيب عن الغاز قبالة قبرص، ووعد بمواصلة التنقيب في هذه المنطقة. وقال اردوغان في مؤتمر صحافي عقده في أنقرة ونقله التلفزيون "إن الاتحاد الاوروبي الذي أعلن عن اجراءات مزعومة لا يضر بنا بقدر ما يضر بنفسه". وتابع الرئيس التركي "نواصل نشاطاتنا في مجال التنقيب وسنواصل ذلك بالعزم نفسه".
وكان الاتحاد الاوروبي أقر في منتصف تموز/يوليو الماضي سلسلة من الاجراءات السياسية والمالية في إطار فرض عقوبات على تركيا لمواصلتها اعمال التنقيب بشكل غير شرعي في المياه الاقليمية القبرصية رغم التحذيرات الاوروبية. وأهم إجراء اتخذ في هذا الاطار هو اقتطاع 145،8 مليون يورو من المبالغ الاوروبية التي يفترض أن تستفيد منها تركيا عام 2020. وتعتبر أنقرة أن الموارد الغازية لا بد أن تتوزع بشكل عادل بينها وبين قبرص الامر الذي ترفضه نيقوسيا بشدة.
التودد لقطر
في السياق ذاته عندما أرادت شركة رويال داتش شل العام الماضي شراء حصة في امتياز مبشر للتنقيب عن النفط قبالة سواحل جنوب أفريقيا، استخدمت شركة توتال صاحبة الحصة الرئيسية في الامتياز حقها في وأد هذه الصفقة واشترت الحصة بنفسها لتبيعها فيما بعد لشركة قطر للبترول. وتقول مصادر في الشركات مطلعة على هذه الصفقة التي لم يسبق نشر تفاصيلها إن تطورات الأحداث المتلاحقة فاجأت بعض أطرافها.
بالنسبة لشركة توتال، كان ذلك جزءا من مسعى أوسع لتوثيق العلاقات مع قطر للبترول في محاولة لضمان الحصول على حصة في خطة التوسعة القطرية المزمعة في منشآت الغاز الطبيعي المسال التي تمثل أكبر منشآت من نوعها في العالم ومن أكثر المشروعات ربحية في قطاع الطاقة. وقد اجتذب السباق على القيام بدور في هذا المشروع عددا من كبرى شركات الطاقة العالمية، بما في ذلك إكسون موبيل وشل، والتي عرضت أيضا على قطر للبترول حصصا في بعض من أفضل مشروعاتها.
وترى شركات الطاقة في الغاز الطبيعي، أقل مصادر الطاقة الهيدروكربونية تلويثا للبيئة، نوعا رئيسيا من الوقود في إطار الانتقال إلى اقتصاد يقل فيه إطلاق الغازات الكربونية في الهواء. وتسمح إسالة الغاز بتصديره للدول المستهلكة مثل الهند والصين واليابان، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على الغاز الطبيعي المسال بشدة في العقود المقبلة. وتتيح منشآت إنتاج الغاز الطبيعي المسال القطرية، التي تملك فيها توتال حصة بالفعل مع شل وإكسون وكونوكو فيليبس، للمستثمرين النفاذ إلى موارد هائلة تعد من بين أرخص الموارد من حيث تكاليف الإنتاج.
وقال جيسون فير رئيس وحدة استخبارات الأعمال بشركة بوتن وشركاه للوساطة في سفن الغاز المسال والاستشارات ”هذه قطعة كبيرة من احتياطيات الغاز. وإذا استطعت أن تشتري حصة فيها أو المشاركة بشكل من الأشكال في هذه المشروعات فهذا قد يفيد (الشركات) فيما يتعلق بالاحتياطيات“. وتريد قطر للبترول زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال إلى حوالي 110 ملايين طن سنويا من 77 مليونا خلال السنوات الخمس المقبلة، وذلك بإقامة أربع وحدات إنتاجية جديدة.
وقالت مصادر بالقطاع إن من المتوقع أن تعلن الشركة عن شركائها في الأشهر المقبلة. ولم يتم حتى الآن الكشف عن شروط الإنتاج الجديد. وقال فير إن من المرجح أن تكون أقل إغراء من الشروط التي أقيمت بها وحدات إنتاج الغاز المسال الأصلية، لكنها ستكون مع ذلك من أفضلها في العالم. وتابع ”عوائد التوسعة ستكون أقل لمجرد أن المخاطر التي أحاطت بالوحدات السابقة اختفت إلى حد كبير ... وليس هناك ما يدعو القطريين لتقديم صفقة أفضل“.
وتمثل استثمارات قطر للبترول الخارجية جزءا من استراتيجيتها في ظل رئيسها التنفيذي سعد الكعبي، الذي يشغل أيضا منصب وزير الطاقة القطري، لتوسعة عملياتها العالمية. ولم يخف الكعبي نواياه. فقد قال في 2018 ”نحن نتطلع لأمور كثيرة (من شركائنا) بما في ذلك مبادلة أصول. أمور ستفيدني في توسعي الدولي“. وأضاف ”إذا لم أحصل على صفقات جيدة، فلن يأتي أحد“. كما ساعد الاستثمار الخارجي والتعاون مع الشركات الأجنبية قطر في تحدي المقاطعة التي فرضتها عليها دول مجاورة بقيادة السعودية في 2017 بسبب اتهامات بدعم الدوحة للإرهاب. وتنفي قطر هذا الاتهام.
وعمدت شركة إكسون، أكبر شركة مساهمة كبرى في قطاع الطاقة تتداول أسهمها في البورصات على مستوى العالم وأكبر مستثمر في الغاز الطبيعي المسال في قطر، إلى تعزيز شبكتها العالمية مع قطر للبترول في الأشهر الأخيرة بعدد من المشروعات المشتركة البارزة. ومن هذه المشروعات استثمار مشترك قدره عشرة مليارات دولار في مشروع جولدن باس للغاز الطبيعي المسال على الساحل الأمريكي بخليج المكسيك وحصة في مشروع تطوير غاز تنفذه إكسون قبالة ساحل موزامبيق من المنتظر أن يصبح من أكبر مشروعات الغاز الطبيعي المسال العالمية في العقد المقبل. كما اشترت الشركتان امتيازات للتنقيب قبالة سواحل البرازيل والأرجنتين وقبرص.
أما شل، أكبر مستثمر أجنبي في قطر، فقد قالت مصادر بالقطاع إنها تقدمت مؤخرا بطلب للانضمام لمجلس إدارة مجلس الأعمال الأمريكي القطري. وفي 2014، باعت شل حصة نسبتها 23 في المئة في مشروع بحري كبير بالبرازيل لقطر للبترول الدولية التي كانت آنذاك صندوق الاستثمار الخارجي القطري. كما فازت الشركتان معا بحقوق تنقيب في المكسيك العام الماضي. وتأمل الشركات المنافسة التي ليس لها دور في منشآت إنتاج الغاز الطبيعي المسال الحالية، ومنها شيفرون وإيني الإيطالية، أن تفوز بموطئ قدم في مشروعات التوسعة.
وقد زار كلاوديو ديسكالزي الرئيس التنفيذي لشركة إيني الدوحة عدة مرات هذا العام، حسب ما ذكرته مصادر في الشركة، وباعت إيني لقطر للبترول حصصا في عدد من المشروعات في موزامبيق والمكسيك والمغرب وكينيا. وفي وقت سابق، تعاونت شيفرون مع قطر للبترول في بناء مجمع للبتروكيماويات في قطر بلغت استثماراته ثمانية مليارات دولار. ومن الاشتراطات الرئيسية لشركة قطر للبترول، على حد قول مسؤول تنفيذي بشركة نفط كبرى طلب عدم نشر اسمه، أن تحتفظ الشركات الشريكة باستثمارات كبيرة في أي مشروع مشترك.
وقال المسؤول التنفيذي ”الكعبي أوضح تماما أن بوسعهم إنجاز التوسعة بأنفسهم، ولذا فإن ما يمكن لشركات النفط العالمية أن تجلبه هو الصفة الدولية. فقطر للبترول تستغل التوسعة لتحقيق طموحاتها الدولية“. وأضاف أن الاستثمارات الدولية أصبحت ”ذراعا من أذرع السياسة الخارجية“ لقطر. وفي كثير من الأحيان يملك المساهمون الحاليون حق الشفعة الذي يتيح لهم شراء الحصص التي يبيعها أي شريك آخر في حقول النفط والغاز. غير أن تدخل توتال الفرنسية لمنع بيع حصة الشركة الكندية للموارد الطبيعية البالغة 25 في المئة في الامتياز 11ب/12ب لشركة شل كان معبرا بصفة خاصة، إذ أن مجموعة شل الإنجليزية الهولندية منافسة الشركة الفرنسية هي أكبر شركة في العالم في تجارة الغاز الطبيعي المسال ومنافس كبير في قطر.
وفي فبراير شباط من العام الجاري، أعلنت توتال أنها حققت كشفا غازيا كبيرا في بئر برولبادا في الامتياز 11ب/12ب، مما يمهد الطريق أمام تطوير أول حقل بحري في جنوب أفريقيا. وامتنعت شل والشركة الكندية للموارد الطبيعية عن التعقيب. ومنذ بيع الحصة في جنوب أفريقيا لشركة قطر للبترول، وقعت توتال عدة صفقات استثمارية مشتركة أخرى مع الشركة القطرية. ففي جيانا، التي اكتشفت فيها موارد كبيرة في السنوات الأخيرة، باعت توتال لقطر للبترول 40 في المئة من حصتها البالغة 25 في المئة في امتياز أوريندويك في يوليو تموز. وفي غضون أيام أعلن الشركاء في الحقل كشفا كبيرا وهم يعتزمون إقامة منشآت للإنتاج هناك.
كما أعلنت توتال أيضا صفقة لنقل حقوق في عدة امتيازات في ناميبيا إلى قطر للبترول. وقالت توتال في بيان”نحن لنا وجود يرجع إلى 80 عاما في قطر ونعتقد أن هذه العلاقة القديمة مثمرة لقطر للبترول ولتوتال“. وأضافت ”قطر للبترول كانت نشطة للغاية وناجحة في السنوات الأخيرة في تطوير وجودها الدولي. ونحن شركاء بالفعل في الكونجو وقد وسعنا هذه الشراكة في جنوب أفريقيا وكينيا وناميبيا وجيانا“. وتابعت ”كان هذا التعاون ناجحا للغاية، ونحن سعداء أن حققت قطر للبترول أول كشف دولي لها معنا في امتياز برولبادا بجنوب أفريقيا في وقت سابق من العام الجاري“. بحسب رويترز.
وفي وقت سابق هذا العام، باعت توتال حصة في مشروع بكينيا لقطر للبترول. وبرهن باتريك دو لا شيفارديير المدير المالي للشركة الفرنسية على ضخامة الفوائد المرجوة عندما قال في أكتوبر تشرين الأول الماضي إن الشركة ”ستشعر بخيبة الأمل إذا لم تشارك في التوسعة القطرية للغاز الطبيعي المسال“.
اضف تعليق