يرى الكثير من الخبراء ان اقتصادات دول الخليج العربية، وعلى الرغم من الاحتياطات المالية الضخمة التي تتمتع بها هذه الدول، ربما ستواجه بعض المشكلات الكبيرة بسبب أزمة انخفاض أسعار النفط ، حيث يشكل النفط ما يقرب من نصف الناتج المحلي لدول الخليج مجتمعة 49%، وتمتلك هذه الدول أكبر احتياطي نفطي عالمي يقدر بـ486.8 مليار برميل بما يعادل 35.7% من إجمالي الاحتياطي العالمي من النفط وما نسبته 70% من إجمالي الاحتياطي العالمي لأوبك. وتعتمد موازنات الدول الخليجية بشكل كبير على سعر برميل النفط في احتساب موازناتها العامة، حيث يحدد سعر البرميل ما إذا كانت الموازنة ستحقق فائضًا أم عجزًا في نهاية السنة المالية وكانت السعودية الأعلى بين دول الخليج في تقدير سعر النفط في موازنتها العامة عند 90 دولار/للبرميل، بينما قدرته الكويت عند 70 دولار/للبرميل وقطر عند 65 دولار/للبرميل.
وقد حذّر معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز الدول الخليجية من تداعيات الانخفاض المستمر في أسعار النفط، إذ إنها قد تُلقي بضغوط لا يُستهان بها على الميزانية الحكومية، كما أنها ستؤثر قطعاً على النمو الحقيقي لإجمالي الناتج المحلي بالدول الخليجية ما لم تُتّخذ خطوات جادة بخصوص سياسات التنويع الاقتصادي في أسواق المنطقة. ويرى البعض ان على دول الخليج ان تعيد رسم سياساتها الاقتصادية وتعمد الى اجراء اصلاحات عاجلة وسريعة من تقليل الضغوطات على الموازنات الحكومية خاصة وأنها تواجه تراجعاً في العوائد النفطية، يضاف الى ذلك التكاليف الجديدة التي فرضت على الدول الخليجية بسبب الحرب الاخيرة التي تشنها قوى التحالف على اليمن وما سترتب عليها من خسائر كبيرة.
من جانب اخر قلل بعض الخبراء من هذه التوقعات والمخاوف مؤكدين أن هبوط سعر النفط لن يضر اقتصادات الخليج الكبرى كثيرا، لأن الحكومات كونت احتياطيات مالية كبيرة يمكن استخدامها لمواصلة الإنفاق بمستويات مرتفعة لسنوات طويلة حتى إذا شهدت ميزانياتها عجزا.
خفض النفقات وتنويع الاقتصاد
وفي هذا الشأن فقد دعا صندوق النقد الدولي دول الخليج النفطية الى خفض نفقاتها، وضمنها الدعم على المحروقات وتنويع اقتصادياتها لمواجهة تراجع عائداتها بسبب تدني اسعار النفط. لكن على الدول الخليجية الغنية بالنفط ان لا "تتصرف بطريقة اندفاعية بمواجهة تراجع الاسعار" بحسب ما قاله احمد مسعود مدير قسم الشرق الاوسط واسيا الوسطى في دبي. واضاف انه يجب على هذه الدول العمل على "تصحيح تدريجي" لاقتصادياتها عبر استخدام الاحتياطات المالية الضخمة التي تراكمت نظرا لارتفاع اسعار النفط خلال عدة اعوام.
والان، مع بلوغ اسعار النفط مستويات اقل من تلك الملحوظة في موازنات هذه الدول، "من المهم ان تخفض هذه الدول بشكل تدريجي انما حازم من نفقاتها، وتعزز وضعها المالي" حسب قوله. وفقدت اسعار النفط خمسين في المئة من قيمتها منذ حزيران/يونيو 2014 ومن المتوقع ان تنخفض الى ما دون مستوى الربحية بالنسبة للدول الخليجية في السنوات الثلاث او الاربع المقبلة.
ويعتمد اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي الست الى حد كبير على العائدات الناجمة عن قطاع الطاقة. وافاد اخر تقرير اقليمي لصندوق النقد الدولي ان فائض الموازنة الذي بلغ حجمه 76 مليار دولار في 2014 سيتحول الى عجز بحجم 113 مليار دولار العام الحالي. ولم تاخذ هذه التوقعات في الحسبان النزاع الجاري في اليمن حيث تشارك خمس من دول مجلس التعاون الخليجي في حملة جوية بقيادة السعودية. وقال احمد انه على الدول الخليجية النفطية ان "تبذل المزيد من الجهود من اجل تنويع اقتصادياتها وتقليل اعتمادها على النفط" مؤكدا في الوقت ذاته ان غالبية هذه الدول قد اتخذت اجراءات بهذا الشان.
واوضح في هذا السياق ان دولة "الامارات بلغت مرحلة اكثر تقدما من حيث تنويع اقتصادها في حين تحاول الدول الاخرى، بدرجات مختلفة، تشجيع انشطة القطاع الخاص بعيدا عن المجال النفطي". كما ان دول الخليج مدعوة الى خفض الدعم الذي تقدمه في قطاع المحروقات والتقليل من النفقات الحكومية وتحفيز المستهلكين على تغيير سلوكهم. واضاف احمد ان "غالبية دول مجلس التعاون الخليجي تستمر ببيع المنتجات النفطية بأسعار ادنى من مثيلاتها العالمية" مشيرا الى "اهمية خفض الدعم في قطاع الطاقة مع الوقت".
كما يتعين على الدول الخليجية احتواء زيادة الرواتب في القطاع الحكومي الذي يوظف مواطنين خلافا للقطاع الخاص الذي يعتمد بشكل اساسي على ملايين العمال الاجانب. الى ذلك، يجب ان تمنح هذه الدول اولوية لمشاريع الاستثمار التي "تحقق التنمية اكثر من غيرها"، وفقا لاحمد. وبالنسبة لهذه الدول، من المتوقع ان يبلغ حجم العائدات النفطية نحو 280 مليار دولار العام الحالي، اي اقل من تلك التي تحققت العام الماضي. بحسب فرانس برس.
وباستثناء قطر الغنية بالغاز والكويت، ستواجه الدول الخليجية الاخرى عجزا في موازناتها العام الحالي بحسب احمد الذي اوضح ان هذه الاوضاع قد تستمر لعامين او ثلاثة. لكنه اكد "اهمية الاقرار بان دول مجلس التعاون الخليجي راكمت احتياطا ماليا يضعها في موقع قوي جدا يسمح لها باستخدام مدخراتها من اجل تمويل النفقات". وسيؤدي ذلك الى التقليل من تأثير تراجع اسعار النفط. ويقدر الاحتياطي النفطي لدول مجلس التعاون الخليجي بنحو 2500 مليار برميل. ويتوقع صندوق النقد الدولي ان تبلغ نسبة النمو الاقتصادي في دول المجلس 3,4 للعام الحالي، اي اقل واحد في المئة مقارنة مع التوقعات السابقة.
تراجع التوقعات
الى جانب ذلك أظهر مسح خاص ضعف آفاق معظم اقتصادات دول الخليج العربية الغنية هذا العام والعام القادم مع بقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة نسبيا إذ قام خبراء اقتصاديون بخفض توقعاتهم. وقلص الإنفاق الحكومي الضخم والاستهلاك الفردي القوي تأثير هبوط إيرادات صادرات النفط. ورغم ذلك تم تجميد بعض مشروعات البناء والتنمية الاقتصادية وهو ما يضعف النمو الاقتصادي.
ومن المتوقع الآن أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في السعودية 2.6 في المئة في 2015 بحسب متوسط توقعات 18 محللا مقابل 3.2 في المئة في المسح السابق في يناير كانون الثاني. وفي العام الماضي نما الناتج المحلي الإجمالي السعودي 3.6 في المئة. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة ثلاثة في المئة في 2016 مقابل توقعات سابقة بنمو قدره 3.2 في المئة.
وتعافى خام القياس العالمي مزيج برنت ليصل إلى أعلى مستوياته في أربعة أشهر لكنه لا يزال أقل من المستوى الذي سجله في يونيو حزيران الماضي عند 115 دولارا. وقالت مونيكا مالك كبيرة الخبراء الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري إن توقعات النمو للمنطقة ربما تنخفض مجددا في وقت لاحق هذا العام مع تباطؤ المزيد من مشروعات التنمية بفعل هبوط أسعار النفط. وأضافت "ما لم تشهد أسعار النفط تعافيا كبيرا ربما يكون هناك مزيد من المخاطر النزولية على المدى المتوسط."
وتم خفض توقعات النمو هذا العام لدولة الإمارات العربية المتحدة وهي أقل اعتمادا على النفط نظرا لتنوع اقتصاد دبي إلى 3.4 في المئة من 3.8 في المئة وللعام القادم إلى 3.7 في المئة من 3.9 في المئة. ومن المتوقع أن يحقق اقتصاد قطر أفضل أداء بين دول مجلس التعاون الخليجي الست مع تسريع أكبر بلد مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم خطى برنامج مشروعات البنية التحتية. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي القطري 6.7 في المئة هذا العام و6.4 في المئة العام القادم.
ورغم أن الاقتصادات الخليجية تمكنت من مواصلة النمو في ظل هبوط أسعار النفط أتى ذلك بتكلفة باهظة تتحملها المالية العامة. ومن المتوقع أن تسجل خمس من دول مجلس التعاون الخليجي الست عجزا في الموازنة هذا العام والعام القادم. وارتفعت توقعات العجز المالي في السعودية هذا العام إلى 14.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي من 11 في المئة في المسح السابق بينما يتوقع أن يصل العجز إلى 10.6 في المئة من الناتج في 2016. ومن المتوقع أن يبلغ العجز في الإمارات 4.1 في المئة هذا العام وخمسة في المئة في الكويت. وقطر هي الوحيدة بين بلدان مجلس التعاون الست التي لن تسجل عجزا حيث من المتوقع أن تحقق فائضا قدره 1.8 في المئة. بحسب رويترز.
وبدأت السعودية بالفعل في اللجوء إلى احتياطياتها المالية في الخارج لتغطية عجز الموازنة. وتحوز المملكة احتياطيات ضخمة تمكنها من مواصلة ذلك لأعوام عديدة. وبالنسبة لدولة الإمارات والكويت فيتمتعان بموقف قوي مماثل. لكن الاحتياطيات المالية لسلطنة عمان والبحرين أقل كثيرا من جيرانهما. ومن المتوقع أن تسجل السلطنة عجزا ماليا قدره 11.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام بينما يتوقع أن يبلغ العجز في البحرين 12 في المئة. وربما تضطر الدولتان لإجراء خفض مؤلم في الإنفاق في الأعوام القادمة إذا بقيت أسعار النفط دون 70 دولارا للبرميل.
زيادة أسعار المياه والكهرباء
في السياق ذاته قال صالح العواجي وكيل وزارة المياه والكهرباء لشؤون الكهرباء بالسعودية إنه ينبغي للمملكة أن تدرس في نهاية الأمر زيادة أسعار المياه والكهرباء للحد من النمو السريع في الاستهلاك في البلد أكبر مصدر للنفط الخام في العالم. وقفز الطلب على المياه والكهرباء بشدة في السعودية خلال السنوات الأخيرة. وعزز الانخفاض الشديد للأسعار التي تدعمها الدولة كثيرا من الزيادة في الاستهلاك.
وقال العواجي "من أهم التحديات التي تواجه قطاع الكهرباء والمياه في المملكة هو معدلات النمو العالية في الاستهلاك وهو الأمر الذي يدعو للحاجة إلى التركيز على هذه القطاعات وإعادة النظر في أنماط الاستهلاك التي يتبعها المواطنون." وأضاف العواجي وهو أيضا رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للكهرباء أن استهلاك المياه والكهرباء ينمو بنحو ثمانية في المئة سنويا وإن الحكومة قادرة حاليا على تدبير التمويل وموارد الطاقة الكافية لتلبية الطلب المحلي لكن هذا لن يستمر دائما.
وقال "إذا نظرنا إلى الوضع بعد 20 عاما من الآن وإذا ظل النمو (في الطلب) عند المستويات الحالية .. فلن يكون ممكنا توفير الخدمات بنفس الكفاءة وبالأسعار الحالية" داعيا إلى مراجعة للتشريعات التي تتعلق بالمياه والكهرباء. وأضاف قوله "عندما نتحدث عن التشريعات نتحدث أيضا عن الأسعار - فهي إحدى الأدوات الفعالة للسيطرة على مثل هذه التحديات. لكن إذا عدلت الأسعار ينبغي مراعاة الفئات التي تستحق الدعم."
ولم يعط العواجي أي مؤشر على أن الحكومة قررت قبول نصيحته لكن تصريحاته جاءت بعد تصريح مماثل لمحافظ البنك المركزي فهد المبارك الذي دعا في فبراير شباط إلى إصلاح دعم الطاقة والمياه. ويقوم الملك سلمان الذي تولى الحكم في يناير كانون الثاني بتعديل أجهزة تشكيل السياسة الاقتصادية ويعكف على إدخال بعض الإصلاحات ومنها فرض ضريبة على الأراضي غير المطورة وهي إصلاحات توقفت في السابق. بحسب رويترز.
وجدد العواجي التأكيد على أن المملكة تخطط لإنفاق أكثر من 800 مليار ريال (213 مليار دولار) خلال السنوات العشر القادمة على مشروعات للمياه والكهرباء. كان العواجي في ابريل نيسان من العام الماضي أن ذروة الطلب على الكهرباء خلال الصيف تقترب من استيعاب الطاقة الاجمالية المشغلة البالغة حوالي 60 ألف ميجاوات. وقال إن طاقة التوليد الاجمالية تتجاوز حاليا 65 ألف ميجاوات.
شروط الإقراض
من جهة اخرى اتجهت البنوك لتشديد شروط التسليف للشركات الصغيرة والخاصة في الخليج في علامة على أن اقتصاد دول المنطقة لم يفلت بالكامل من الآثار السلبية لانخفاض أسعار النفط. وفي الأغلب استطاعت الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي التكيف بارتياح مع هبوط النفط. ويعمل الإنفاق الكثيف من جانب الحكومات على استمرار النمو القوي. وبدلا من الاقتراض من السوق المحلي أو السحب من ودائع البنوك المحلية لجأت حكومات دول مثل السعودية إلى تغطية عجز الموازنة الناتج عن رخص أسعار النفط من خلال إعادة بعض الأموال المدخرة في الخارج إلى البلاد.
ويحول ذلك دون تقلص السيولة الوفيرة في الأجهزة المصرفية بدول مجلس التعاون جراء انخفاض ايرادات النفط. وواصلت الودائع نموها رغم بطء وتيرة النمو في بعض الحالات وأصبحت أسعار الإقراض ما بين البنوك قرب أدنى مستوياتها منذ أعوام. ولذلك فإن الاقتراض مازال سهلا لكثير من الشركات في الخليج والقروض متاحة بسهولة بأسعار رخيصة جدا. والاستثناء الوحيد هو الشركات الصغيرة التي لا تتمتع بميزة ارتباطها بالحكومات من خلال حصص مساهمة.
ويقول مصرفيون ورجال أعمال إن الشركات الصغيرة تلقى صعوبة متزايدة في الاقتراض وحتى عندما تستطيع الحصول على قرض فإن البنوك تطالبها بشروط أكثر تشددا مثل المزيد من الضمانات والتشدد في الالتزام بالوثائق المطلوبة وتقيدها بفترات أقصر لسداد القرض. وقال فيكرام فنكاتارامان العضو المنتدب لشركة فيانتا أدفايزورز الاستشارية التي تعمل مع الشركات الأصغر في المنطقة لتأمين الحصول على تمويل مصرفي "هم يشددون معايير الاقراض بسبب الأثر العام لأسعار النفط المنخفضة وما أعقبه من تجميد للمشروعات ذات رؤوس الأموال الكبيرة في صناعة النفط."
وتقول دراسة للبنك الدولي إن الإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة يمثل جزءا صغيرا فقط من أنشطة البنوك إذ بلغ في العام 2010 حوالي اثنين في المئة من قروض بنوك مجلس التعاون الخليجي. وتعتمد الشركات الصغيرة والمتوسطة اعتمادا كبيرا على مصادر تمويل أخرى مثل الشركات المالية غير المصرفية. لكن ما يحدث للشركات الصغيرة والمتوسطة قد يصبح في نهاية الأمر اتجاها يشمل قطاع الشركات بأكمله. وما يحل بالشركات الصغيرة والمتوسطة أمر له أهميته إذ أنها تمثل عنصرا مهما في توفير الوظائف بدول المجلس وتقول تقديرات رسمية إن أكثر من 40 في المئة من مجموع العاملين في دبي يعملون بها.
ومازالت البنوك تقدم القروض بسخاء لكبار المقترضين. وأظهرت بيانات أن حجم القروض المشتركة الجديدة في الشرق الاوسط خلال الربع الأول من العام الجاري زاد إلى مثليه مقارنة بالربع السابق ليصل إلى 23.25 مليار دولار مسجلا بذلك ثاني أعلى مستوى فصلي له منذ عام 2008. ومازالت أسعار الإقراض تتراجع لكبار المقترضين. فقد اقترضت شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط ما يعادل عشرة مليارات دولار في مارس آذار بأسعار تقل عدة نقاط أساس عن تسهيل سابق حصلت عليه عام 2010.
غير أن الشركات الأصغر الخاصة تمر بتجربة مختلفة. ويقول داني العيد مؤسس شركة بكسل بج للتكنولوجيا الرقمية في دبي إن البنوك تزداد تشددا. وأضاف "البنوك تطرح شروطا غير معقولة تشمل عمليات توثيق تستهلك الوقت وتفرض عقوبات على دفعات السداد المبكر وفترات سداد قصيرة لتقديم القروض بجانب تقاضي أسعار فائدة كبيرة." وقال العيد إنه اقترض 200 ألف درهم (54500 دولار) في فبراير شباط من منصة بيهايف الالكترونية على الانترنت للشركات الصغيرة في الامارات بسعر فائدة 14 في المئة بالمقارنة مع الفائدة التي طالب بها بنك محلي وبلغت 24 في المئة.
ويقول المصرفيون إنهم أصبحوا أكثر حذرا بشأن إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة لان انخفاض أسعار النفط قد يحرم الشركات من الحصول على أعمال جديدة. وتجاوزت قيمة المشروعات الاقتصادية الجديدة التي تمت ترسيتها في دول مجلس التعاون الخليجي 40 مليار دولار في الربع الأول بزيادة 9.9 في المئة عن الربع السابق وفقا لبيانات بنك أبوظبي التجاري.
لكن عملية ترسية العقود تراجعت في بعض الدول مثل السعودية والامارات بعد أن دفع انخفاض أسعار النفط الحكومتين للتحرك وتعليق العمل في بعض المشروعات غير الضرورية. وحتى في قطر التي تزايدت فيها ترسية العقود عمدت الحكومة إلى الاقتصاد بعرض شروط أسعار أقل سخاء على بعض المتعاقدين. وفي حين أن الشركات الأكبر يمكنها بسهولة مجاراة التأخر في ترسية العقود أو تقليصها فإن الشركات الصغرى قد تواجه مواقف صعبة يكون الاختيار فيها بين الحياة والموت ما يجعل البنوك تتردد في إقراضها.
وثمة أسباب أخرى لرفض إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة. فقد بلغت أسواق العقار في دبي وبعض دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى ذروتها في الوقت الراهن. كذلك فإن حملة تضييق تشنها السلطات الأمريكية المعنية على عمليات غسل الأموال على المستوى العالمي أدت إلى زيادة عبء الالتزام باللوائح على البنوك التي تتعامل مع الشركات الصغيرة والمتوسطة. إذ يتعين على البنوك بذل مزيد من الوقت والجهد في التحقق من مشروعية أموال زبائنها وهو أمر له جدواه الاقتصادية بالنسبة للشركات الكبرى في حين أن العكس صحيح بالنسبة للشركات الصغيرة.
وفي العام الماضي أغلق بنك ستاندرد تشارترد حسابات آلاف الزبائن من الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات في إطار تسوية مع السلطات الأمريكية تستهدف محاربة غسل الأموال. وبحث البنك إمكانية بيع هذه الحسابات غير أنه لم يتمكن من ترتيب صفقة في المهلة المحددة. وقال مصرفي كبير يتولى محافظ القروض في بنك بالإمارات "نحن نشهد تعرض قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة للضغط في كثير من الأحيان وأحيانا ينتج ذلك عن تغيرات في أسعار السلع الأولية وأحيانا أخرى يرتبط بالسيولة..." وأضاف "ونتيجة لذلك فإن البنوك الاقليمية تراقب انكشافاتها مراقبة أشد."
ولكثير من المصرفيين فإن السؤال الرئيسي هو ما إذا كان تشديد القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة يمثل مقدمة لتشديد أوسع نطاقا في سوق القروض الخليجية في وقت لاحق من العام الجاري. ويبدو مستبعدا أن يحدث تشديد على نطاق كبير مادامت وزارات المالية في دول مجلس التعاون مستمرة في إدارة أموالها بطريقة تتجنب الضغط على السيولة في النظام المصرفي. غير أنه إذا ظل النفط دون 70 أو 80 دولارا للبرميل فلن يكون من الممكن أن يستمر ذلك إلى أجل غير مسمى خاصة لدول مجلس التعاون الأضعف ماليا. وفي سبيل الحفاظ على الإنفاق الحكومي المرتفع ستضطر هذه الدول إلى دخول سوق الاقتراض لتزاحم بذلك القطاع الخاص على القروض. بحسب رويترز.
ويبدو أن هذا الخطر كان ماثلا أمام البنك المركزي العماني عندما طالب عدة بنوك ومؤسسات مالية عمانية بخفض توزيعاتها النقدية لعام 2014 عن اقتراحاتها الأصلية. وقال تشيراديب ديب رئيس تمويل الشركات والقروض المشتركة ببنك المشرق في دبي "مازال الإقتراض ميسرا في السوق لكن كثيرين يعتقدون أن ديناميات السوق تتغير بسرعة خاصة للشركات المتوسطة. ونحن نقترب من نقطة التحول.
اضف تعليق