q
قد يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة أسعار التذاكر، وإن كان ذلك لم يحدث بعد نظراً لارتفاع تنافسية السوق، الا أن قطاع الطيران قد يكون على الأرجح في ذروة دورة الربحية بعد تسع سنوات من المكاسب في حين يعاني انه من تكلفة البنية التحتية...

يؤكد الكثير أن ارتفاع أسعار النفط سيؤثر على أرباح شركات الطيران وقد يؤدي إلى خفضها إلى مستوى متدن جداً السنة المقبلة، ويجري تداول النفط بأسعار هي الأعلى منذ ثلاث سنوات ونصف وسط مخاوف من اضطرابات في الإمدادات بسبب قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران والاضطرابات في فنزويلا. نتيجة لهذا الارتفاع الكبير في أسعار الوقود والتهامها لأكثر من 40% من الكلفة التشغيلية، فضلاً عن التذبذبات الحادة في أسعار الصرف مقابل الدولار القوي يكون وضع شركات الطيران قلق للغاية.

فقد أعلنت مجموعة "طيران الامارات" أن أرباحها تراجعت بنسبة 86 بالمئة بسبب ارتفاع أسعار النفط، بحسب ما جاء في بيان أوردت فيه نتائجها نصف السنوية، وأوضحت المجموعة الاماراتية العملاقة أن نتائج عملياتها في الفترة الممتدة بين 1 نيسان/ابريل و30 أيلول/سبتمبر تأثّرت كذلك بـ"تذبذب أسعار صرف العملات في بعض الأسواق، بالإضافة إلى تحديات أخرى تواجهها الناقلة وقطاع السفر عامةً"، وذكرت في بيانها إن الايرادات في الفترة نمت بنسبة 10 بالمئة وبلغت 48,9 مليار درهم (13,3 مليار دولار)، لكن تراجعت بنسبة 86 بالمئة لتبلغ 226 مليون درهم (62 مليون دولار).

وقد افاد الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لـ"طيران الإمارات" إن "تكلفة الوقود العالية، وانخفاض أسعار صرف العملات في أسواق رئيسة، مثل الهند والبرازيل وأنغولا وإيران، استنزفت نحو 4,6 مليارات درهم من أرباحنا". وتابع "ستكون الأشهر الستة المقبلة صعبة، لكن مجموعة الإمارات ستبقى قوية"، و"طيران الامارات" أحد أكبر شركات النقل في المنطقة والعالم، وهي أكبر مشغل لطائرات بوينغ 777 وايرباص "ايه-380".

الاستحواذ على "الاتحاد"

نفت شركة طيران الإمارات في دبي الخميس ان تكون تنوي الاستحواذ على "الاتحاد" للطيران الظبيانية التي تواجه اضطرابات منذ عدة سنوات، وذلك ردا على "شائعة لا أساس لها".

وقد ذكرت وكالة بلومبرغ هذه المعلومات مشيرة الى ان هذا الاستحواذ سيؤدي الى قيام اكبر شركة طيران في العالم من حيث حركة المسافرين، وقالت متحدثة باسم طيران الامارات لوكالة فرانس برس "لا صحة لهذه الشائعات". كما أصدرت الاتحاد للطيران نفيا مماثلا.

وقالت بلومبرغ إن العملية كانت "في مرحلة أولية" وأن أي اتفاق سيتطلب "مباركة" قادة أغنى إمارتين في الاتحاد الذي تتشكل منه دولة الامارات، وتواجه الاتحاد للطيران صعوبات كبيرة، ففي تموز/يوليو 2017، أعلنت الشركة عن خسائر بقيمة 1,87 مليار دولار، نتجت خصوصا عن مشاركتها في راس مال شركة الطيران الإيطالية "اليطاليا".

من جهتها أعلنت شركة "فلاي دبي" الاماراتية الحكومية عن تسجيل خسائر بأكثر من 40 مليون دولار ، ليتواصل بذلك مسلسل الخسائر وتراجع الأرباح في شركات النقل الجوي في الدولة الخليجية الغنية، وذكرت الشركة التي تتّخذ من إمارة دبي مقرا إن عائداتها نمت بنسبة 12,4 بالمئة لتصل الى 6,2 مليارات درهم (1,7 مليار دولار) مقارنة مع 5,5 مليارات درهم (1,5 مليار دولار) في العام الماضي.

لكنها رغم ذلك تلقت خسائر سنوية بقيمة 159,8 مليون درهم (43,5 مليون دولار)، علما أنها حقّقت في 2017 أرباحا بقيمة 37,3 مليون درهم (10,1 ملايين دولار)، وصرح فرانسوا اوبرهولزر الرئيس المالي للشركة "أداؤنا في العام 2018 تأثّر الى حد كبير بارتفاع أسعار الوقود وارتفاع معدلات الفائدة إضافة الى تطورات غير مواتية لصرف العملات". واعتبر غيث الغيث الرئيس التنفيذي للشركة ان 2018 كان "عاما مليئا بالتحديات". وكانت شركة بوينغ الاميركية أعلنت في كانون الاول/ديسمبر 2017 تلقيها طلبية من "فلاي دبي" لشراء 225 طائرة للرحلات المتوسطة بمحركات جديدة من طراز 737 ماكس من بينها 175 طائرة مؤكدة، بقيمة اجمالية تبلغ 27 مليار دولار حسب قائمة الاسعار.

واضافت "فلاي دبي" أنّها تسلّمت 7 طائرات جديدة من طراز بوينغ 737 "ماكس 8" و"ماكس 9" في 2018. وجاء الاعلان عن خسائر "فلاي دبي" في وقت يواجه قطاع الطيران في الامارات صعوبات مالية، وكانت "العربية للطيران" أعلنت في وقت سابق هذا الشهر عن خسائر بقيمة 307 ملايين درهم (نحو 84 مليون دولار) لسنة 2018. وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أعلنت مجموعة "طيران الامارات" العملاقة التي تتّخذ أيضا من دبي مقرا، أن أرباحها تراجعت بنسبة 86 بالمئة بسبب ارتفاع أسعار النفط، كما قالت "الاتحاد للطيران" المملوكة من حكومة أبوظبي في حزيران/يونيو أنها سجّلت خسائر بقيمة 1,52 مليار دولار.

وعادت أسعار النفط للارتفاع في السنوات الاخيرة بعد هبوطها الكبير في 2014. لكن تراجع أرباح قطاع طيران تأتي أيضا في ظل أزمة دبلوماسية بين الامارات والسعودية والبحرين ومصر من جهة، وقطر من جهة ثانية، وقطعت الدول الاربع علاقاتها مع الدوحة في حزيران/يونيو 2017، ومنعت طائرات الدولة الغنية بالغاز من عبور أجوائها، ما أدى إلى فقدان شركات طيران هذه الدول عشرات الرحلات اليومية، وقد أعلنت الخطوط الجوية القطرية في أيلول/سبتمبر عن تسجيل خسائر بقيمة 69 مليون دولار في سنتها المالية الممتدة بين الأول من نيسان/ابريل 2017 الى 31 آذار/مارس 2018 بسبب مقاطعة الامارات والدول الاخرى للامارة الغنية.

خسائر كبيرة

تخطط شركة الاتحاد للطيران بأبوظبي للاستغناء عن 50 طيارا بنهاية هذا الشهر، بعد خسارة كبيرة منيت بها العام الماضي، وتقوم الناقلة الخليجية المملوكة للدولة بمراجعة أنشطتها منذ 2016، بعد إخفاق استراتيجية لاستثمار مليارات الدولارات في شركات طيران أخرى.وإن الاتحاد لديها نحو 160 طيارا زائدا عن احتياجاتها وستسرح 50 طيارا بنهاية يناير كانون الثاني، بحسب ما ذكرته الشركة للطيارين في المذكرة. وصرحت متحدثة باسم الاتحاد للطيران إن إدارة العمليات الجوية في الشركة تخضع لمراجعة، ومن المرجح أن يكون أي خفض في العاملين بسيطا.

وذكرت الناقلة أيضا في المذكرة أنها تكبدت ”خسارة كبيرة“ العام الماضي، وأن ذلك سيستمر في 2019.ولم تعلن الاتحاد للطيران بعد نتائجها المالية لعام 2018. وذكر توني دوجلاس الرئيس التنفيذي للاتحاد للطيران في يوليو تموز إن الناقلة أصبحت ”أكثر ترشيدا“ بعدما بلغت خسائرها المتراكمة نحو 3.5 مليار دولار في العامين السابقين، وتركز الاتحاد، التي كان لديها في وقت سابق خطط لمنافسة طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية، في الوقت الحالي على المسارات المباشرة بعدما خفضت رحلات قالت إنها غير مستدامة.

كما إن الناقلة تخطط لخفض نفقات التشغيل بنسبة تتراوح بين سبعة وعشرة في المئة عبر شبكتها، والتركيز على زيادة معدلات الكفاءة، وفي العام الماضي، شجعت الاتحاد الطيارين على الخروج في إجازة بدون أجر لفترات تتراوح من أسبوع إلى نحو 18 شهرا، في الوقت الذي تراجع فيه متطلبات أسطولها بنية إخراج بعض الطائرات من الخدمة، ولدى الاتحاد أيضا اتفاقية مع طيران الإمارات لإعارة بعض طياريها الزائدين لها بشكل مؤقت. وأفادت مصادر إن عددا قليلا من الطيارين قبل العرض.

في الوقت نفسه أعلنت الخطوط الجوية القطرية عن تسجيل خسائر بقيمة 69 مليون دولار في سنتها المالية الممتدة بين الأول من نيسان/ابريل 2017 الى 31 آذار/مارس 2018 بسبب مقاطعة السعودية ودول اخرى للامارة الغنية.وذكرت المجموعة في بيان نشرته على موقعها ان العام المالي الأخير هو "أكثر الأعوام صعوبةً وتحدياً في تاريخ الناقلة"، وكانت السعودية والامارات والبحرين ومصر قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع قطر في 5 حزيران/يونيو 2017، بعدما اتهمت الامارة الغنية بدعم تنظيمات متطرفة في الشرق الاوسط، وه ما نفته الدوحة مرارا.

واتخذت الدول الاربع اجراءات عقابية بحق قطر، بينها منع طائراتها من عبور أجوائها واستخدام مطاراتها.وصرحت الخطوط القطرية في بيانها ان "الحصار الغير قانوني على دولة قطر" تسبّب بانخفاض "الإيرادات بشكل مباشر، حيث تأثرت نسبة المقاعد المشغولة على الرحلات المغادرة بنسبة 19 بالمئة"، وذكرت ان المقاطعة أجبرتها على إغلاق 18 وجهة وافتتاح 14 وجهة جديدة خلال السنة المالية الماضية.

وتابعت "تسبب افتتاح الوجهات الجديدة والتكاليف المترتبة على ذلك مثل تعزيز الحضور في هذه الأسواق الجديدة بتحمّل صافي خسارة بقيمة 252 مليون ريال قطري"، أي نحو 69 مليون دولار، وكانت الخطوط الجوية القطرية أعلنت العام الماضي أن صافي أرباحها في السنة المالية 2016-2017 ارتفع نحو 22% ليبلغ 540 مليون دولار، وذلك قبل اندلاع الأزمة في الخليج، وافاد أكبر الباكر الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية "لا شك بأن العام الماضي كان عاماً مليئاً بالإضطرابات مع إعلان الحصار الغير قانوني على دولة قطر، الأمر الذي انعكس سلباً على نتائجنا المالية السنوية بشكل حتمي". لكنه أضاف "بالرغم من ذلك، يسعدني أن أقول أنه تم التقليل من آثار الحصار بشكل كبير، مخالفين بذلك تمنيات دول الجوّار بأن يكون لهذا قد يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة أسعار التذاكر، وإن كان ذلك لم يحدث بعد نظراً لارتفاع تنافسية السوق. الا أن قطاع الطيران قد يكون على الأرجح في ذروة دورة الربحية بعد تسع سنوات من المكاسب في حين يعاني انه من تكلفة البنية التحتية الحصار آثار سلبية كبيرة علينا".

واليد العاملة وكذلك ارتفاع الضرائب. الا أن شركات الطيران تسجل على المستوى التشغيلي أداء إيجابياً سواء على صعيد زيادة أعداد الركاب أو على صعيد نمو الإيرادات التشغيلية، لكنها ما تلبث أن تتآكل بسبب الضغوط التي تفرضها أسعار النفط المرتفعة والدولار القوي.

اضف تعليق