منذ سنوات كان ينظر لكرة القدم وباقي انواع الرياضات الاخرى انها الاقل فساداً، حتى وان حدث ذلك فأنه في أقصى الظروف يصل الى التلاعب والاحتيال واستخدام المنشطات، ولكن السنوات الماضية سيما بعد موجة الفساد التي عصفت بالفيفا واطاحت برئيسها بلاتر، بات موضوع الفساد الرياضي...
منذ سنوات كان ينظر لكرة القدم وباقي انواع الرياضات الاخرى انها الاقل فساداً، حتى وان حدث ذلك فأنه في أقصى الظروف يصل الى التلاعب والاحتيال واستخدام المنشطات، ولكن السنوات الماضية سيما بعد موجة الفساد التي عصفت بالفيفا واطاحت برئيسها بلاتر، بات موضوع الفساد الرياضي على كل لسان بل وأصبح امر طبيعي ان نشاهد عمليات للقبض على رئيس اتحاد معين او رئيس نادي وتحقيقات واستدعاءات وماشابه. ويعود الفساد إلى الاهتمام الذي تجذبه الرياضات من المستوى الأول (حيث يقدر عدد اللاعبين النشطين في العالم بحوالي 800 مليون إلى 1.2 مليار شخص، وفقاً لدراسة صادرة عن جامعة هارفرد في العام 2014)، ولكن السبب الأبرز للفساد هو ارتباط الرياضات بالمبالغ المالية الضخمة، ويرى التقرير الذي أعده مركز الأخلاقيات في جامعة هارفرد، أن للرياضة تأثيراً اقتصادياً ضخماً على الدول، وفي الحالات القصوى يمكنها أن تشكل 2.5 إلى 3.5% من إجمالي الناتج المحل للدول.
فقد داهمت الشرطة البلجيكية مقار عدة أندية، ومنازل وكلاء لاعبين وحكام ، في إطار التحقيقات المتعلقة بقضية التلاعب بنتائج المباريات في الدوري البلجيكي لكرة القدم، كما طالت عمليات التفتيش ست دول أوروبية أخرى. اذ تشير المصادر إلى ضلوع 10 أندية من أصل 16 في الدرجة الأولى بالقضية التي تولت النيابة العامة البلجيكية التحقيق فيها مطلع 2017، بعد تقارير عن "مؤشرات على وجود معاملات مالية مشبوهة"، نفذت الشرطة مداهمات في سبع دول ، بناء على طلب النيابة العامة البلجيكية، واستهدفت من خلالها أبرز أندية كرة القدم في بلجيكا ومدرب نادي بروج، في إطار تحقيق في الفساد والتلاعب بنتائج المباريات.
ونفذ 220 شرطيا 44 عملية تفتيش للمنازل في أنحاء بلجيكا، بالإضافة إلى فرنسا، لوكسمبورغ، قبرص، مونتينيغرو، صربيا ومقدونيا بحسب ما أشار الإدعاء البلجيكي، ويتعلق التحقيق باحتيال مرتبط بالعمولات على انتقالات اللاعبين والتلاعب بنتائج المباريات في الدوري البلجيكي للدرجة الأولى، بحسب ما أشارت النيابة العامة، "ويغطي التحقيق القضائي الأنشطة التي تتم في إطار منظمة إجرامية، تبييض الأموال والفساد الخاص". وتتم مداهمة مقار "عدة أندية" في الدوري البلجيكي، على غرار بروج، أندرلخت، ستاندار لياج وغنك.
واستهدفت مداهمات الشرطة أيضا منازل "مدراء الأندية، وكلاء اللاعبين، الحكام، محام سابق، مكتب محاسبة، مدرب، صحافيين وبعض المتواطئين المحتملين". وذكر الادعاء أن الاشتباه بتلاعب في المباريات ظهر خلال التحقيق في الاحتيال، مع التركيز على المباريات المقامة في موسم 2017-2018. وذكر البيان "حرم عدد كبير من الأشخاص من حريتهم واقتيدوا لاستجواب شامل" من دون تحديد هوياتهم، وكان متحدث باسم النيابة العامة أكد في وقت سابق توقيف وكيل اللاعبين الشهير البلجيكي-الإيراني موجي بايات (44 عاما)، المدير السابق لنادي شارلروا الذي أوقف في منزله، مؤكدا ما ذكرته وسائل إعلامية أخرى.
ويعد بيات وشقيقه مهدي من أصحاب النفوذ في ساحة كرة القدم البلجيكية، وقد بدآ صعودهما بعد شراء عمهما نادي شارلروا في عام 2000، بحسب تقارير محلية، كما أوقف أيضا الكرواتي إيفان ليكو مدرب نادي بروج الذي يشارك هذا الموسم في دوري أبطال أوروبا، بحسب ما ذكر مصدر قريب من التحقيق، على غرار هرمان فان هولسبيك المدير العام السابق لأندرلخت النادي الاكثر تتويجا في البلاد.
وأشار ناديا بروج وأندرلخت إلى أنهما سيتعاونان مع التحقيق. وذكر رئيس بروج بارت فيرهاغه ليومية "دي مورغن": "ليس لنادي بروج أي شيء يخفيه". فيما أفاد المتحدث باسم أندرلخت دافيد ستيغن إن ناديه "يقدم تعاونا كاملا ولن يدلي بأي تصريح إضافي". وانطلق التحقيق بإشراف النيابة العامة، المسؤولة عن ملاحقة الجريمة المنظمة، مطلع العام 2017، بعد تقرير من وحدة الاحتيال الرياضي في الشرطة الاتحادية كشف عن "مؤشرات على وجود معاملات مالية مشبوهة" في دوري الدرجة الأولى، يذكر ان بلجيكا حلت ثالثة في مونديال روسيا 2018 الصيف الماضي بعدما قدمت مستويات لافتة، وهي تحتل صدارة التصنيف العالمي الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا)، بيد أن بطولتها المحلية ليست ضمن الدوريات الخمسة الكبار في القارة العجوز.
حل اتحاد كرة القدم "بسبب فضيحة فساد"
حُل الاتحاد الوطني لكرة القدم في غانا بعد كشف تحقيق صحفي سري عن تورط رئيس الاتحاد ومسؤولين آخرين في فضيحة فساد مالي طالت أكثر من 100 من الحكام والمسؤولين الأفارقة، وتم تصوير رئيس الاتحاد الغاني والنائب الأول للاتحاد الأفريقي "كاف" كويسي نيانتاكي وهو يتقاضى 65 ألف دولار نقدا من صحفي متخف ادعى أنه رجل أعمال من منطقة الشرق الأوسط ويسعى للاستثمار في مجال كرة القدم في البلاد.
وقام فريق عمل الفيلم الوثائقي بدعوة نيانتاكي إلى فندق باهظ التكاليف في وأخبروه أن سيلتقي رجل أعمال ثري يرغب في الدخول في صفقة لرعاية اتحاد كرة القدم الغاني، وبعد المفاوضات وقع نيانتاكي صفقة الرعاية على ان يتم تخصيص جزء من العائد لشركة يمتلكها، ولم يعلق نيانتاكي الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم وعضوية مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا على الاتهامات التي وجهت إليه ولا على قرار حل الاتحاد.
ونقلت مواقع إخبارية غانية تصريحات عن وزير الرياضة الغاني إسحق أسياما ذكر فيها "إن اتحاد كرة القدم قد تم حله بشكل فوري". كما صرح وزير الإعلام مصطفى عبد الحميد إن الحكومة قررت حل اتحاد كرة القدم بعد يوم من ظهور مسؤولين منهم نائب رئيس الاتحاد في فيلم وثائقي وهم يتلقون رشى، ومدة الفيلم الوثائقي ساعتين ويحمل عنوان "عندما يصبح الجشع والفساد طبعا" وهو إنتاج الصحفي المتخفي أنس أريمياو وتم بثه لأول مرة بعد أسابيع من عرضه على السلطات الغانية، من جانبه، أعلن الاتحاد الغاني لكرة القدم استعداده للتعاون مع سلطات التحقيق بشكل كامل.
أربعة أعوام سجن بحق الرئيس السابق للاتحاد البرازيلي
حكم القضاء الأمريكي بالسجن أربعة أعوام بحق الرئيس السابق للاتحاد البرازيلي جوزيه ماريا مارين، في أول حكم بالسجن من السلطات الأمريكية بحق مسؤول كبير مدان في سلسلة فضائح الفساد التي طالت الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وأصدرت محكمة فدرالية في بروكلين (الولايات المتحدة) حكما بالسجن أربع سنوات ضد الرئيس السابق للاتحاد البرازيلي لكرة القدم جوزيه ماريا مارين، في قضية تندرج ضمن سلسلة فضائح الفساد التي طالت الاتحاد الدولي للعبة (فيفا).
وأدين مارين (86 عاما) في كانون الأول/ديسمبر الماضي من قبل هيئة المحلفين بتهم التآمر وغسل الأموال والاحتيال في محاكمة مرتبطة بفضيحة الرشى التي عصفت بالفيفا منذ عام 2015، معتبرة أنه مذنب في ست من أصل التهم السبع الموجهة إليه، وأدانت الهيئة مارين في 22 كانون الأول/ديسمبر 2017، بتلقي رشى قد تصل قيمتها إلى 6,6 ملايين دولار أمريكي من شركات تسويق مقابل عقود مرتبطة ببطولات كبرى على غرار كوبا أمريكا وكأس ليبرتادوريس.
وفي ذات الفترة، أدين الرئيس السابق لاتحاد الباراغواي خوان أنخل نابوت، بينما برأت الهيئة الرئيس السابق لاتحاد البيرو مانويل بورغا. وكان الثلاثة قد دفعوا ببراءتهم من التهم التي وجهت إليهم، ومارين هو واحد من سبعة مسؤولين في الفيفا أوقفتهم السلطات السويسرية في أحد الفنادق الفخمة في مدينة زوريخ في 27 أيار/مايو 2015، وواحد من مسؤولين فقط تمت إدانتهما في محاكمة، في سلسلة الفضائح التي هزت أعلى هيئة كروية عالمية وأدت إلى الإطاحة برؤوس كبيرة فيها، وذكرت القاضية باميلا تشين أثناء الإعلان عن الحكم إن مارين هو "سرطان" ساهم في إفساد اللعبة الشعبية الأولى، أكان في بلاده أو في العالم. تابعت "كان في إمكانه، وكان عليه، أن يقول لا".
وكان الإدعاء قد طلب السجن عشرة أعوام لمارين، بينما سعى محامو الدفاع لأن تقتصر العقوبة على 13 شهرا نظرا لسنه وحالته الصحية، وبعد توقيفه، قضى مارين خمسة أشهر في أحد السجون السويسرية، قبل أن يتم ترحيله إلى الولايات المتحدة حيث دفع كفالة بلغت قيمتها 15 مليون دولار، وأمضى عامين قيد الإقامة الجبرية في شقة فخمة يمتلكها في برج "ترامب تاور" الواقع على الجادة الخامسة في مدينة نيويورك، قبل نقله إلى مركز توقيف في بروكلين لمدة ثمانية أشهر، وفي ما اعتبرت أكبر فضيحة في تاريخ القدم، وجه الادعاء الأمريكي اتهامات لـ42 شخصا في قضايا فساد ورشى تمتد لفترة 25 عاما.
ومن أصل الـ42، توفي ثلاثة أشخاص، بينما أقر 22 بالتهم الموجهة إليهم. وبقي 14 من المتهمين في بلادهم حيث حكم عليهم من قبل المحاكم المحلية، أو تمكنوا من تجنب تسليمهم إلى الولايات المتحدة مثل نائب رئيس فيفا السابق الترينيدادي جاك وورنر، أو رئيس الاتحاد البرازيلي حاليا ماركو بولو ديل نيرو الذي أوقفه فيفا في نيسان/أبريل الماضي مدى الحياة، أو ما زالوا طليقين، ودفع ثلاثة متهمين ببراءتهم، هم مارين ونابوت وبورغا، وهم الوحيدون الذين خضعوا بدءا من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، للمحاكمة أمام هيئة محلفين في نيويورك، قبل أن تصدر الأخيرة قرارها بشأنهم بعد نحو شهر.
ويتوقع أن تصدر القاضية تشين الحكم بحق نابوت في 29 آب/أغسطس، بينما تمت تبرئة بورغا بنتيجة المحاكمة، وأدت الفضائح إلى الإطاحة برؤوس كبيرة في فيفا، يتقدمها السويسري جوزيف بلاتر الذي تولى رئاسة الاتحاد لمدة 17 عاما، وانتخب السويسري جاني أنفانتينو خلفا له مطلع العام 2016.
حبس روسل 11 عاما وتغريمه 59 مليون يورو
طالبت النيابة العامة الاسبانية بحبس الرئيس السابق لنادي برشلونة ساندرو روسل 11 عاما وتغريمه 59 مليون يورو بتهمة غسيل الأموال في قضية تتعلق ببيع حقوق النقل التلفزيوني وصفقات رعاية للمنتخب البرازيلي لكرة القدم، وتتهم النيابة العامة روسل وزوجته وأربعة أشخاص آخرين ب"غسيل أموال على نطاق واسع"، على الأقل 19,9 مليون يورو منذ عام 2006، ويُزعم أنهم أخفوا الأموال التي حصلوا عليها بشكل غير قانوني من الرئيس السابق للاتحاد البرازيلي لكرة القدم ريكاردو تيكسيرا.
ويشتبه في أن روسل (54 عاما)، المحتجز منذ آيار/مايو 2017، وزوجته حصلا على 15 مليون يورو (17،5 مليون دولار) كعمولة غير قانونية من صفقة موقعة من قبل تيكسييرا عام 2006 تتعلق ببيع حقوق النقل التلفزيوني لـ 24 مباراة للمنتخب الوطني البرازيلي، حيث كان يعيش ويعمل سابقا في البرازيل، وقام روسل وزوجته بدفع 8,4 ملايين يورو لتيكسييرا، واحتفظا بمبلغ 6,6 ملايين يورو لهما، كما يشتبه بأن روسل وزوجته و4 اشخاص اخرين اتهمتهم النيابة العامة بتأليف "منظمة إجرامية"، أخفوا حوالي 5 ملايين يورو حصلوا عليها بصورة غير شرعية من تيكسييرا كجزء من صفقة رعاية شركة نايكي الأميركية للتجهيزات الرياضية للفريق البرازيلي.
ويلاحق تيكسييرا، النائب السابق لرئيس الاتحاد الدولي للعبة، من قبل القضاء البرازيلي وكذلك الاميركي، في فضيحة الفساد التي ضربت الفيفا والشهيرة بـ"فيفاغايت"، والتي تورط فيها كبار قادة اللعبة في العالم، كما أمر المدعى العام الإسباني بحبس مارتا بينيدا، زوجة روسل، لمدة سبع سنوات وتغريمها 50 مليون يورو، وبالنسبة لاحد الاشخاص المتهمين، جوان بيسولي، المستشار المالي المقيم في أندورا، فقد طالبت النيابة العامة بحبسه 10 سنوات مع تغريمه 55 مليون يورو.
وكانت الشرطة الاسبانية اوقفت روسل في ايار/مايو 2017 في إطار تحقيقاتها بهذه القضية، وأدار روسل (54 عاما) سابقا الفرع البرازيلي لشركة نايكي الاميركية العملاقة للتجهيزات الرياضية، واشرف على ارتداء منتخب "سيليساو" شعار الشركة، وهو كان متخصصا في التسويق الرياضي، وسبق ان أشرف على عقد يربط نايكي بفريق برشلونة، قبل أن ينتخب رئيسا للنادي في 2010، واستقال من منصبه في كانون الثاني/يناير 2014، بعد اتهامه بالتهرب الضريبي في قضية التعاقد مع المهاجم البرازيلي نيمار من نادي سانتوس عام 2013 (انتقل اللاعب صيف 2017 من برشلونة الى باريس سان جرمان الفرنسي)، ونجح روسل في تبييض صفحته من خلال اتفاق مع القضاء الاسباني ينص على ملاحقة النادي لوحده في القضية كشخص قانوني، لكنه لا يزال يخضع للتحقيق بتهمة الاحتيال والفساد بعد الشكوى الموازية التي قدمها صندوق الاستثمارات البرازيلي "دي أي إس"، المالك السابق لجزء من حقوق نيمار، الذي يشعر بالظلم من جراء العملية.
ومن اجل الحد من ظاهرة الفساد الرياضي أعلنت منظمة النزاهة الرياضية إطلاق مبادرة لمكافحة الفساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، مشيرة إلى أنه سيتم تقديم أمثلة تتصل بتنظيم بطولة كأس العالم. وذلك عبر الكشف عن الفساد والرشاوى والممارسات غير الأخلاقية، وتقديم المشتبه بارتكابهم لنشاطات مخالفة للقوانين واللوائح إلى العدالة، اذ ذكر جيمي فولر رئيس منظمة النزاهة الرياضية أنه نريد أن نُعيد البراءة والتنافس الشريف إلى الرياضة الأكثر جماهيرية، ونسعى لإحلال الشفافية والنزاهة بدلا من الفساد الذي نال من شعبية كرة القدم، ولوضع الفيفا أمام المسار القانوني الذي سيعالج إخفاقاتها وتجاوزاتها. اذ تهدف منظمة النزاهة الرياضية إلى إعداد البحوث والتقارير عن المخالفات للقوانين واللوائح الرياضية على مستوى الدول والمنظمات والاتحادات الدولية والإقليمية والوطنية وتوزيعها على الجمهور والجهات المختصة.
اضف تعليق