q
يبدو ان المناكفات السياسية بخصوص الطلب على النفط واسعاره لازالت شرارتها متقده ولاهوادة فيها سيما بعد العقوبات الاقتصادية وتحذيرات ترامب وضغطه على أوبك من أجل خفض الاسعار، ولربما تأتي دوافع ترامب هو حتى لاتستفيد دول مثل ايران وفنزويلا من ارتفاعات اسعار النفط...

يبدو ان المناكفات السياسية بخصوص الطلب على النفط واسعاره لازالت شرارتها متقده ولاهوادة فيها سيما بعد العقوبات الاقتصادية وتحذيرات ترامب وضغطه على أوبك من أجل خفض الاسعار، ولربما تأتي دوافع ترامب هو حتى لاتستفيد دول مثل ايران وفنزويلا من ارتفاعات اسعار النفط، وبالتالي تضييق الخناق عليها اقتصادياً، فقد استبعدت السعودية أكبر منتج في أوبك وروسيا أكبر المنتجين الحلفاء لها خارج المنظمة أي زيادة إضافية فورية في إنتاج الخام، في رفض فعلي لدعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التحرك لتهدئة السوق، حيث ذكر وزير الطاقة السعودي خالد الفالح ”لا أؤثر على الأسعار“، وذلك في الوقت الذي عقد فيه وزراء الطاقة بالدول الأعضاء في أوبك ونظراؤهم في بعض المنتجين المستقلين اجتماعا في الجزائر. وانتهى الاجتماع دون توصية رسمية بأي زيادة إضافية في الإمدادات، وبلغ خام القياس العالمي مزيج برنت 80 دولارا للبرميل هذا الشهر، مما دفع ترامب لدعوة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من جديد إلى خفض الأسعار.

ويرجع ارتفاع أسعار النفط بصفة أساسية إلى تراجع صادرات إيران عضو أوبك بسبب العقوبات الأمريكية الجديدة، وأضاف الفالح إن السعودية لديها طاقة فائضة لزيادة الإنتاج، لكن ليست هناك حاجة لمثل هذه الخطوة في الوقت الراهن، وربما لا تقتضيها الضرورة في العام المقبل، وسط توقعات المنظمة بزيادة كبيرة في الإنتاج خارجها قد تتجاوز نمو الطلب العالمي، وأضاف ايضاً ان الأسواق تتمتع بإمدادات كافية. ليس لدي علم بأن هناك أي شركة تكرير في العالم تبحث عن نفط ولا تستطيع الحصول عليه، مضيفا أن السعودية قد تزيد الإنتاج بما يصل إلى 1.5 مليون برميل يوميا إذا اقتضت الضرورة ذلك.

يذكر ان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أنه لا توجد ضرورة لزيادة الإنتاج على الفور، رغم أنه أبدى اعتقاده بأن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والعقوبات الأمريكية على إيران توجدان تحديات جديدة لأسوق النفط، وأضاف ”الطلب على النفط سينخفض في الربع الأخير من العام الحالي وفي الربع الأول من العام القادم. حتى الآن، قررنا الالتزام باتفاقاتنا في يونيو“، وخفضت أوبك والحلفاء الإنتاج بأكثر من المتفق عليه بمقدار 600 ألف برميل يوميا، وهو ما يرجع في الأساس إلى انخفاض إنتاج إيران نتيجة تقليص عملاء في أوروبا وآسيا لمشترياتهم قبل سريان العقوبات الأمريكية.

وقدرت أوبك إنتاج إيران الحالي عند 3.58 مليون برميل يوميا، بانخفاض نحو 300 ألف برميل يوميا عن بداية العام، وفقا لمصادر أوبك الثانوية التي تشمل باحثين ومتتبعين لحركة السفن، وأكد حسين كاظم بور أردبيلي، محافظ إيران في أوبك، استقرار إنتاج بلاده عند 3.8 مليون برميل يوميا، لكن يبدو أنه خفف موقفه بخصوص الزيادات المحتملة في إنتاج المنظمة، وذكر وزير الطاقة السعودي أن العودة لمستوى امتثال بنسبة 100 بالمئة هو الهدف الرئيسي ويجب تحقيقه خلال الشهرين أو الثلاثة المقبلة.

ترامب: على منتجي أوبك خفض أسعار النفط

ربط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدعم الأمريكي لدول الشرق الأوسط بأسعار النفط داعيا أوبك من جديد إلى خفض الأسعار، وقد وجه الرئيس الجمهوري سهام انتقاداته إلى منظمة البلدان المصدرة للبترول على مدى الأشهر العديدة الماضية. وقد يصبح ارتفاع أسعار البنزين الأمريكية مبعث قلق سياسي لترامب قبل انتخابات الكونجرس في نوفمبر تشرين الثاني إذ ربما يبطل أثر دعاوى الجمهوريين بأن التخفيضات الضريبية وتخفيف اللوائح الاتحادية ساعدا في تعزيز الاقتصاد الأمريكي.

ودعا ترامب السعودية، أكبر منتج في أوبك، لزيادة الإنتاج قائلا إن عليها مساعدة الولايات المتحدة في خفض أسعار الوقود بما أن واشنطن تساعد الرياض في صراعها مع إيران، وأبلغت مصادر في أوبك أن من المستبعد أن تتفق المنظمة وحلفاؤها على زيادة رسمية في إنتاج النفط عندما يجتمعون في الجزائر وإن كان الضغط يتصاعد على كبار المنتجين للحيلولة دون طفرة في أسعار الخام قبيل فرض عقوبات أمريكية جديدة على إيران، وتخشى السعودية من أن توقد طفرة في أسعار النفط بسبب العقوبات شرارة انتقادات جديدة من ترامب لكنها تواجه أيضا شكوكا إزاء قدرتها على تعويض أي تراجع في المعروض الإيراني حسبما ذكرت المصادر.

كما صرحت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن الارتفاع المطرد في إنتاج النفط الأمريكي سيكتسب زخما في السنوات الخمس المقبلة، متوقعة أن ينخفض الطلب على نفط المنظمة رغم تنامي الإقبال على الطاقة بدعم من النمو الاقتصادي العالمي، وزادت الولايات المتحدة إنتاج النفط إلى مستويات قياسية في السنوات الأخيرة، بدعم من ثورة الإنتاج الصخري التي سمحت للتكنولوجيا الجديدة بالإفراج عن احتياطيات كانت تعتبر في السابق غير ذات جدوى اقتصادية، وساهمت العقوبات الأمريكية على فنزويلا وإيران عضوي أوبك في دفع أسعار النفط لأعلى مستوياتها منذ عام 2014 عند نحو 80 دولارا للبرميل، وهو ما حفز المنتجين الأمريكيين أيضا على زيادة الإنتاج.

غير أن ارتفاع أسعار البنزين على المستهلكين الأمريكيين قد يسبب مشكلة سياسية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي جدد دعوته لأوبك إلى زيادة الإمدادات، وبينت أوبك إنها عدلت تقديراتها لنمو إنتاج الخام والسوائل خارج المنظمة حتى عام 2023، وتتوقع الآن نموا يزيد أربعة ملايين برميل يوميا عن تقديراتها في تقرير العام الماضي، وذكرت أن المنتجين المستقلين سينتجون 66.1 مليون برميل يوميا من الخام والسوائل في 2023، ارتفاعا من 57.5 مليون برميل يوميا في 2017، وأضافت أن الولايات المتحدة ستزيد إنتاج النفط المحكم إلى 13.4 مليون برميل يوميا في 2023 من 7.4 مليون برميل يوميا في 2017، على أن يصل إجمالي الإنتاج الأمريكي إلى 20 مليون برميل يوميا.

ومن شأن ذلك أن يحقق الاكتفاء الذاتي من النفط للولايات المتحدة، التي كانت ذات يوم أكبر مستورد للخام في العالم، ونتيجة لهذه التغيرات المهمة، من المتوقع أن ينخفض الطلب على نفط أوبك إلى 31.6 مليون برميل يوميا في 2023 من 32.6 مليون في 2017، وكانت المنظمة توقعت في تقريرها عام 2017 وصول الطلب على خامها إلى نحو 33 مليون برميل يوميا حتى منتصف عشرينيات القرن الحالي.

ورفعت أوبك توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط، إذ تتوقع الآن وصول حجم استهلاك الخام في 2020 إلى 101.9 مليون برميل يوميا، بزيادة 1.2 مليون برميل يوميا عن تقرير العام الماضي، وعلى المدى الأبعد، من المتوقع أن يزيد الطلب النفطي بمقدار 14.5 مليون برميل يوميا ليصل إلى 111.7 مليون برميل يوميا بحلول 2040، بزيادة طفيفة عن توقعات العام الماضي، وفي الأمد البعيد، لا تزال أوبك تأمل في الاحتفاظ بحصة مستقرة في معروض النفط العالمي بفضل وفرة الاحتياطيات وانخفاض تكلفة استخراجها، وإن الطلب على نفطها سيزيد بواقع 7.3 مليون برميل يوميا بحلول 2040، بينما سيرتفع الطلب على سوائلها بمقدار 10.5 مليون برميل يوميا، وأضافت ”من المتوقع أن تزيد حصة خام أوبك في معروض النفط العالمي من 34 بالمئة في 2017 إلى 36 بالمئة بحلول 2040“.

توقعات بتباطؤ نمو الطلب على النفط في 2019 وتحذيرات بشأن الاقتصاد

قلصت منظمة أوبك مجددا توقعها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2019، وأفادت إن المخاطر في التوقعات الاقتصادية ترجح جانب التراجع الاقتصادي، مما يضيف تحديا جديدا لجهود المنظمة من أجل دعم السوق في العام القادم، وبينت منظمة البلدان المصدرة للبترول في تقرير شهري إن الطلب العالمي على النفط في العام القادم سيزيد 1.41 مليون برميل يوميا، بانخفاض 20 ألف برميل يوميا عن توقعات الشهر الماضي لتقلص تكهناتها للمرة الثانية على التوالي.

ويقدم التقرير مؤشرا جديدا على أن الطلب النفطي السريع الذي ساعد أوبك وحلفاءها على تصريف تخمة المعروض سيتباطأ في 2019. ويعني هذا ضغطا أقل على المنتجين الآخرين لتعويض فاقد إمدادات فنزويلا وإيران مع بدء تنفيذ العقوبات الأمريكية المجددة، وذكرت أوبك في التقرير ”التحديات المتنامية في بعض الاقتصادات الناشئة والنامية تميل بالمخاطر الحالية في توقعات النمو الاقتصادي العالمي إلى جانب التراجع، وان تصاعد التوترات التجارية وتداعيات المزيد من التشديد النقدي من جانب البنوك المركزية الأربعة الكبيرة مع تنامي مستويات الدين العالمية، جميعها بواعث قلق إضافية“.

واتفقت أوبك ومنتجون من خارجها في 22-23 يونيو حزيران على الامتثال بنسبة 100 في المئة لاتفاقية خفض الإنتاج التي بدأ العمل بها في يناير كانون الثاني 2017، بعدما دفع هبوط إنتاج فنزويلا وآخرين لأشهر نسبة الامتثال لتتجاوز 160 في المئة، وأضافت المنظمة أن إنتاج أعضائها الخمسة عشر النفطي زاد في أغسطس آب بمقدار 278 ألف برميل يوميا إلى 32.56 مليون برميل يوميا عقب اتفاق يونيو حزيران على تخفيف اتفاق خفض المعروض. وجاءت أكبر زيادة من ليبيا المستثناة من الاتفاقية، وهو ما ساهم في تعويض الانخفاضات من فنزويلا وإيران، وهذا يعني أن الامتثال لاتفاقية خفض الإنتاج الأصلية ارتفع إلى 133 في المئة، حيث لا يزال الأعضاء يخفضون الإمدادات بما يزيد عن المستهدف. وكان مستوى الامتثال في يوليو تموز 126 في المئة.

ومعدل الإنتاج في أغسطس آب منخفض عن متوسط الطلب على نفط أوبك في 2018، وأكثر كثيرا من احتياجات العام القادم، مع قيام منافسين مثل الولايات المتحدة بزيادة الإمدادات، وأضافت أوبك إن العالم سيحتاج 32.05 مليون برميل يوميا من نفطها في 2019، دون تغيير عن الشهر الماضي، وهو ما يشير إلى أنه سيوجد فائض في السوق بنحو 500 ألف برميل يوميا إذا بقيت المنظمة تضخ نفس الكمية مع ثبات عوامل أخرى، ولا يزال ارتفاع الأسعار الذي أعقب تنفيذ الاتفاقية التي قادتها أوبك، يحفز مزيدا من النمو في الإمدادات من المنتجين المنافسين. وقالت أوبك إنها تتوقع زيادة الإمدادات من المنتجين من خارجها بنحو 2.15 مليون برميل يوميا العام القادم، بارتفاع قدره 20 ألف برميل يوميا عن توقعات الشهر الماضي.

تحذيرات روسية من سوق نفط "هشة"

أوضح وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن أسواق النفط العالمية مازالت ”هشة“ بسبب عوامل جيوسياسية وتراجع الإنتاج في عدة مناطق، لكنه أضاف أن بلاده قد تزيد الإنتاج إذا اقتضت الضرورة، وتأتي تصريحات الوزير في اقتراب سعر النفط من 80 دولارا للبرميل، ارتفاعا من أكثر بقليل عن 60 دولارا في فبراير شباط، في ظل حالات تعطل للإمدادات وعقوبات أمريكية مرتقبة على إيران، اذ أفاد نوفاك في مؤتمر اقتصادي بمدينة فلاديفوستوك الواقعة في أقصى شرق روسيا ”الوضع اليوم هش جدا بالطبع، ويرتبط بحقيقة عدم قدرة بعض الدول على استعادة حصتها السوقية وإنتاجها“، وأضاف ”نرى مثل هذا الوضع في المكسيك... وفي فنزويلا يتراجع الإنتاج بشدة، بواقع 50 ألف برميل يوميا. هذا يعني أن السوق لا تزال غير متوازنة في آفاق الأمد الطويل“.

وحذر نوفاك أيضا من التأثير الواقع على السوق جراء العقوبات الأمريكية الوشيكة التي تستهدف صادرات النفط الإيرانية، والمقرر أن يبدأ سريانها في نوفمبر تشرين الثاني المقبل، وأضاف ”هناك ضبابية كبيرة تكتنف السوق - كيف ستتصرف بلدان تشتري نحو مليوني برميل من النفط الإيراني يوميا. بلدان أوروبا ومنطقة آسيا المحيط الهادي... هناك الكثير من الغموض. يجب مراقبة الوضع عن كثب، وينبغي اتخاذ قرارات صحيحة“.

وبين نوفاك إنه إذا شهدت الأسواق نشاطا محموما وقفزت الأسعار فمن الممكن أن تزيد بعض البلدان الإنتاج، وأضاف ”بإمكان روسيا أن تزيد الإنتاج بواقع 300 ألف برميل (يوميا) في المدى المتوسط مقارنة مع مستوى أكتوبر 2016“، ومستوى أكتوبر تشرين الأول 2016 هو مستوى الأساس الذي استند إليه اتفاق خفض الإنتاج المطبق منذ عام 2017. وفي ذلك الشهر، أنتجت روسيا 11.247 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى بعد الحقبة السوفيتية.

وأفاد نوفاك إن الاجتماع الذي يعقد في سبتمبر أيلول الجاري بالجزائر بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وعدد من المنتجين المستقلين بينهم روسيا سيناقش الوضع في السوق، وأن الاجتماع سيناقش المزيد من التعاون في سوق النفط وسيأخذ في الاعتبار توقعات العرض والطلب في الربعين الثالث والرابع من 2018 والنصف الأول من العام المقبل، وإن روسيا تخطط للحصول على حصة نسبتها 20 بالمئة من سوق الغاز الطبيعي المسال العالمية بفضل احتياطيات الغاز الوفيرة.

في ظل مساعي روسيا لزيادة الانتاج من النفط فأن هذا الامر قد يزيد من وتيرة الصراع فيما بينها وبين الولايات المتحدة، بل وحتى مع أوبك التي تسعى الى الحفاظ على مستوى انتاجها وبالتالي قد نشهد تفكك أوبك اذا ماظل الضغط الامريكي مع صعوبة ايفاء اعضاء أوبك بالتزاماتهم لفترة طويلة، وعلى الرغم من نجاح أوبك في المحافظة على اسعار النفط، الا ان البعض يرى امكانية تلاشي هذا النجاح كما حصل في العام 2014، اذا ماشهدت أوبك اي ضعف او تراجع في قرارتها او قوتها كنتيجة للضغوط الامريكية في ظل موجة التوقعات المستقبلية المتدنية.

اضف تعليق