في تمام الساعة الحادية عشر من صباح يوم السبت الموافق السابع من يوليو-تموز لسنة ٢٠١٨ عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية ملتقاه الشهري تحت عنوان (الاقتصاد العراقي بين مطرقة الفساد وسندان الدولة)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز، وبعض الشخصيات الحقوقية والاكاديمية، وذلك ضمن ملتقى النبأ الأسبوعي...

في تمام الساعة الحادية عشر من صباح يوم السبت الموافق السابع من يوليو-تموز لسنة ٢٠١٨ عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية ملتقاه الشهري تحت عنوان (الاقتصاد العراقي بين مطرقة الفساد وسندان الدولة)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والاكاديمية، وذلك ضمن فعاليات ملتقى النبأ الأسبوعي.

وبدأ الملتقى اعماله بعرض ورقة الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية السيد حامد عبد الحسين الجبوري التي أكد فيها على أنه: من المعروف إن الاقتصاد العراقي يعاني من مشاكل كثيرة وكبيرة ومنها الفساد وتدخل الدولة، فالأول يسهم في تضخم تكاليف الإنتاج والأسعار وهذا ما يؤثر سلباً على عملية الإنتاج خصوصاً بعد عام 2003 حيث الانفتاح على العالم الخارجي والتنافسية العالمية في ظل العولمة التي تدعو للحرية الاقتصادية، والثاني وهو تدخل الدولة والذي يسهم في مزاحمة بل عرقلة إنطلاق القطاع الخاص في انتشال الاقتصاد العراقي، من المأزق الذي يعانيه.

فعلى مستوى مطرقة الفساد في الوقت الحاضر اصبح الفساد مشكلة عالمية تعاني منه اغلب دول العالم وبدرجات متفاوتة وفقاً لطبيعة الانظمة والمجتمعات؛ حيث استشرى في البلدان التي تكون انظمتها متواضعة وغير كفوءة وانخفاض وعي مجتمعاتها بمدى خطورة الفساد وآثاره على كافة مناحي الحياة، وما يؤكد على عالمية الفساد هو ما صرحت به منظمة الشفافية الدولية حين أوضحت بان " تفشي الفساد يُثقل كاهل اكثر من ثلثي الدول" أي إن أكثر من 120 دولة من أصل 180 دولة ضمها تقرير المنظمة الخاص بمؤشر مدركات الفساد عام 2017، تعاني من الفساد بشكل كبير، وكنتيجة لعدم وصول اي بلد للقيمة 100 في المؤشر التي تشير لانعدام الفساد، هذا ما يدلل على ان كل دول العالم تعاني من مشكلة الفساد بنسبة واخرى.

العراق وللأسف ولكن بنفس الوقت هو نتيجة طبيعية واستحقاق، يقع في الربع الاخير في مؤشر مدركات الفساد عام 2017 حيث يحتل المرتبة 169 من أصل 180 دولة ضمها تقرير المنظمة وبقيمة 18، وبما إن الدول الأكثر شفافية وأقل فساداً تقع في مقدمة الدولة هذا يعني إن العراق يقع في الربع الأول من الدول التي تعاني من ثقل الفساد، وبالتحديد في المرتبة الحادي عشر.

حيث ساهم الفساد وسيساهم في تقويض الاقتصاد العراقي مالم تتخذ الخطوات الحقيقة اللازمة لتجفيف منابعه ومكافحته عند ظهوره، وما يدلل على ذلك التقويض هو عدم وجود سلع وخدمات ذات قدرة تنافسية تستطيع اختراق الاسواق الدولية باستثناء النفط الخام، إذ إن الفساد يسهم في تضخم التكاليف الإنتاج الوطني وهذا ما يؤدي إلى إرتفاع أسعار المنتجات الوطنية فتضعف قدرتها على المنافسة في السوق المحلية والاقليمية فضلاً عن السوق العالمية، وما يؤكد هذه الحقيقة غياب العراق عن تقرير التنافسية العالمية لعام 2016/2017 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، ولم تذكر احصاءات تنافسية التجارة الخارجية الاجمالية والبينية للدول العربية التي يصدرها صندوق النقد العربي عن وجود سلع تنافسية للعراق سوى النفط الخام وملحقاته.

إنتشار الفساد لا يعطي تبريراً لشيوع الفساد في البلد وعدم تسليط الضوء عليه كونه مشكلة تعانيها كل دول العالم! ومن ثم عدم الإكتراث للآثار السلبية التي يتحملها المجتمع، من آثار نفسية واجتماعية وسياسية واقتصادية وغيرها! والتي تؤدي في النتيجة إلى إيقاف مسيرة البلد عن التقدم وربما التراجع إلى الخلف. وعليه لابد من الإهتمام بدراسته دراسة دقيقة وتحديد الاسباب الحقيقة التي تقف وراءه وإيجاد أفضل السُبُل لعلاجه، وذلك لمعالجة تلك الآثار التي يتركها الفساد على المجتمع وتعيق تقدمه نحو الأمام.

أما بالنسبة لسندان الدولة، فعلى الرغم من التحول المفاجئ الذي حصل بعد عام 2003 نحو النظام الرأسمالي الذي يقوم على الحرية الاقتصادية وحيادية الدولة ويكون القطاع الخاص المحرك الأساس للاقتصاد العراقي كما أشار دستور 2005 وفي المادة 25 " تكفل الدولة اصلاح الاقتصاد العراقي وفق اسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره وتشجيع القطاع الخاص وتنميته" والمادة 112 ثانياً " تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي، معتمدة أحدث مبادئ اقتصاد السوق وتشجيع الاستثمار".

 إلا إن الدولة لاتزال لم تفسح المجال للقطاع الخاص لأدآء الادوار المناطة به ولم تشجعه على ممارسة النشاط الاقتصادي بشكل حقيقي، حيث يؤكد مؤشر الحرية الاقتصادية الصادر عن مؤسسة هيرتيج وهي المركز البحثي الاول في واشنطن، إن العراق لم يدرج في مؤشر الحرية الاقتصادية للمدة من عام 2003 حتى عام 2017 في حين كان يندرج قبل عام 2003. نعم كان خلال هذه المدة ضمن آخر تصنيفات الحرية الاقتصادية التي تتراوح قيمتها ما بين صفر و49.9، حيث بلغت قيمته 17.2 وكانت ثابتة باستثناء عام 2002 قد انخفضت إلى 15.6، إلا أنه لم يستبعد من التصنيف كما حصل بعد 2003 وحتى 2017!!

 فحتى وإن أعلنت الدولة عن الحرية الاقتصادية إلا إنها لم تكن جادة ولم تعمل على خلق المناخ الاستثماري الجاذب للاستثمار الأجنبي فضلاً عن الاستثمار الوطني، المتمثل في تذويب معوقات الاستثمار وتوفير الضمانات والحوافز والاعفاءات وغيرها كتوفير البنى التحتية وتبسيط الاجراءات الادارية والتسهيلات المصرفية وغيرها، وذلك لغياب الرؤيا السليمة لاقتصاد البلد مستقبلاً والاهتمام بالمصالح الخاصة الشخصية والحزبية والفئوية والطائفية على حساب المصالح العليا للبلد.

 حيث لاتزال الدولة على سبيل المثال تمتلك ما يقارب 80% من الاراضي وتهيمن على النشاط الاقتصادي بفعل سيطرتها على القطاع النفطي الذي يترك آثاراً سلبية على الاقتصاد برمته في ظل غياب الادارة السليمة، لان القطاع النفطي يعد صناعة كثيفة رأس المال ويكون رأس المال الثابت فيه 80% والمتمثل بالأبنية والآلات والمكائن المتطورة اللازمة لقيام الصناعة النفطية وهذا ما يحتاج رؤوس اموال ضخمة ولايحتاج لرأس المال المتغير سوى 20% والذي يشمل الايدي العاملة.

كما إن زيادة الاعتماد على الايرادات النفطية وتوظيفها في المجالات الاستهلاكية وعدم استثمارها في البنى التحتية والبيئة الاستثمارية المناسبة للاستثمار حتى ينطلق القطاع الخاص بالتنمية الحقيقة للبلد، المتمثلة في إعادة الروح للجهاز الإنتاجي، ساهم ذلك التوظيف في المجالات الاستهلاكية في جعل القطاع الخاص يبتعد عن التنمية الحقيقية والاقتصار على التنمية الهامشية المتمثلة في القطاعات التوزيعية والخدمية، والتي تعتمد بالأساس على الرواتب النفطية!

الأسباب:

هناك الكثير من الاسباب التي جعلت الاقتصاد العراقي يقع بين مطرقة الفساد وسندان الدولة ويمكن ايجازها بعضها بالآتي:

1- صدمة التحول المفاجئ من النظام الدكتاتوري إلى النظام الديمقراطي سياساً ومن النظام الاشتراكي إلى النظام الرأسمالي اقتصادياً وعدم تهيئ البلد لهذا التحول المفاجئ مما إنعكس على اضطراب البلد في أغلب المجالات.

2- ثقافة المجتمع الاشتراكية التي لاتزال حاضرة في الأذهان وترفض التغيير والاعتماد على الذات وتريد الاستمرار في الإتكاء على ما تدره الدولة.

3- المحاصصة التي أدت إلى صرف إنتباه السياسيين عن إدارة البلد بالشكل الأمثل، والتفكير بكيفية الاستفادة من المناسب السياسية أكبر قدر ممكن لصالح الأحزاب التي ينتمون إليها كون هذه الاحزاب هي من أسهم في تولي السياسيين للمناصب السياسية.

4- غياب دور المؤسسات الخاصة بفرض سيادة القانون والشفافية وحفظ الملكية الخاصة وحرية الاعلام وحرية الوصول للمعلومات.

5- ضعف الجهات الرقابية والقضائية في أداء مهامها بل هي نفسها تعاني الكثير من مشاكل الفساد، ومن أهم تلك الجهات البرلمان وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية والقضاء.

6- غياب العقوبات الصارمة بمرتكبي جرائم الفساد بشكل عام وبحق المسؤولين الحكوميين بشكل خاص.

7- غياب الوعي المجتمعي الخاص بمحاسبة الحكومة عن سوء الخدمات وإدارة الثروات بالشكل السيء، هذا ما دفع الحكومة التصرف بالثروات كما يحلو لها.

الخطوات

 ويمكن معالجة الاقتصاد العراقي من مرض الفساد وتدخل الدولة من خلال ثلاث خطوات مهمة يمكن ذكرها بإيجازها أدناه ولكن قبل ذكرها تجدر الإشارة إلى إنه لايمكن العمل على تطبيقها في ظل النظام الدكتاتوري الذي يحُن البعض في العودة إليه، كنتيجة للواقع المترد وهذا ما يمكن التعبير عن "معالجة الخطأ بالخطأ"، فهو غالباً ما يعمل على إقصاء هذه الخطوات ويقلل من شأنها خوفاً من الإطاحة به أو يجعلها تابعة أو توظيفها لمصالحه، ولذا فهي تنمو وتنتعش في ظل النظام الديمقراطي الذي يعطيها مساحة واسعة للتحرك والاختيار ووفقاً لمتطلبات الظروف المرحلية:

1- قيام المؤسسات الاجتماعية بتثقيف المجتمع بمدى خطورة الفساد وآثاره السلبية على المجتمع والاقتصاد وكيفية محاربته ومعالجته وكيف سينعكس اختفاء الفساد على حياتهم، وكذلك توعيتهم بأهمية دور القطاع الخاص في تطوير الاقتصاد والآثار الإيجابية التي تنعكس على الجميع وتجنب الآثار السلبية التي تتركها الدولة عندما تتدخل في الاقتصاد بشكل غير مدروس.

2- تفعيل القطاع الخاص وذلك من خلال الاهتمام بالمناخ الاستثماري بحيث يكون جاذب للاستثمارات وليس طارد لها، ويكون تدخل الدولة محدود ومقتصراً على المجالات الأمنية والدفاعية والقضائية والاستراتيجية، والتدخل في الاقتصاد وفقاً للظروف الموضوعية والذاتية للقطاع الخاص، أي عندما لا يستطيع القطاع الخاص القيام بالنشاط الاقتصادي بسبب ضعف إمكاناته فلابد للدولة ان تتدخل وبشكل مكمل للقطاع الخاص وليس على حسابه ومزاحمته.

3- تقوية المؤسسات التي تهتم بسيادة القانون وتقوية القضاء وحماية حقوق الملكية الخاصة والشفافية وحق الوصول للمعلومة وحرية الاعلام، حتى تستطيع هذه المؤسسات من رصد نقاط الضعف التي تسير عليها الدولة ومعالجتها بالشكل المناسب، ومن أبرزها مشكلة الفساد.

 وللولوج أكثر في تفاصيل هذا الموضوع كان لابد من مناقشة الأسئلة التالية:

س1// ما هي أسباب الفساد في العراق واستمرار تدخل الدولة في الاقتصاد؟

الاقتصاد العراقي لا يمتلك هوية

- الدكتور حسين احمد السرحان رئيس قسم الدراسات الدولية في مركز الدراسات الإستراتيجية/جامعة كربلاء والباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، يرى أن "الاقتصاد العراقي لا يمتلك هوية معينة وهناك نوع من الفوضى، بالنتيجة وفي ضوء المعطيات الحالية لا يوجد برنامج محدد لمعالجة مشكلة الفساد، بالتالي اصبحت مشكلة معالجة الفساد حالة عقيمة في العراق، اما بخصوص اسباب الفساد فالخلل واضح في الجانب السياسي الاقتصادي الامني، اضافة إلى ذلك نحن شهدنا تحول مفاجئ، وهذا يحتاج إلى وعي ثقافي ووعي اقتصادي، ايضا كل هذه القوى السياسية هي غير مؤمنة بنظام الدولة بل مؤمنة ببناء السلطة الحزبية".

اهم فروع السياسية الاقتصادية هي حماية المنتج المحلي

- المهندس جاسم الطالقاني يعتقد أنه " لا توجد سياسية اقتصادية واضحة في البلد، كما ان اهم فروع السياسية الاقتصادية هي حماية المنتج المحلي ونخص بالذكر هنا مادة السمنت التي يشهد العراق حالة الاكتفاء الذاتي فلماذا نستورد المنتج الاجنبي، كذلك الحال بالنسبة لزراعة (الرقي) شهد وفرة في السوق العراقية والبعض من المزارعين تعرضوا لخسائر مالية كبيرة من جراء المستورد، وهذا من جراء عدم وجود سياسية اقتصادية".

مشكلة الفساد عززت ازمة البطالة

- الدكتور صادق حسين الركابي، الخبير الاقتصادي في لندن "يعرف الفساد (هو كل عمل يتضمن سوء استخدام الفرد للمنصب خدمة لمصالح جماعة معينة)، مشكلة الفساد عززت ازمة البطالة إلى مستويات كبيرة جدا، وايضا ساهم في خروج (3،5) طفل خارج مقاعد الدراسة، ايضا تراجع الاحتياط النقدي العراقي من (89) إلى (49)، تزايد الاقتراض الاجنبي إلى (135) مليار دولار، بالإضافة إلى ذلك الفساد ساهم في وجود ستة آلاف مشروع وهمي بكلفة (200) مليار دولار، السبب يعود لتعدد الهيئات الرقابية وضعف نفوذها ازاء المؤسسات الاخرى، ايضا ضعف الدور الرقابي للمؤسسة التشريعية وضعف الانظمة المحاسبية، وذلك لان انظمة المصارف العراقية هي انظمة تقليدية ولا تتناسب مع الوضع الحالي، الشيء الاخر تخفيض انتاجية القطاع العام واعاقة عمل القطاع الخاص، يضاف إلى ذلك التعمد في تحييد الكفاءات وعدم وجود بيئة استثمارية وسوء التعليم وضعف المنظومة الاخلاقية".

فلسفة الاقتصاد قائمة في جوهرها على حركة الناس

- الشيخ مرتضى معاش المشرف العام على مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام يذهب الى القول: "فلسفة الاقتصاد قائمة في جوهرها على حركة الناس وعلى عمل الناس، فلدينا في الاحاديث(دع الناس يسترزقوا)، وايضا في القاعدة الاقتصادية المعروفة (دعه يعمل دعه يمر)، فعندما تكون هناك حرية اقتصادية للناس في العمل فهذا هو الاقتصاد الحقيقي، فالاقتصاد لا يأتي من الدولة وهي مجرد مشرفة ومنظمة ليس الا، فحتى في فلسفة السلطة فهي تقوم على حماية الحقوق والحريات وادارة الامور التي تفوض بها من قبل الشعب، اما عندما يصبح الاقتصاد بيد السلطة عندها يكون هناك طغيان والهيمنة تصبح مطلقة ويكون النظام الديمقراطي فاشل".

واضاف الشيخ معاش "هذا هو السبب الرئيسي في الفساد وفي البطالة وفي كل الامراض الاقتصادية والاجتماعية، التي تنبع من الدولة ومن المافيات التي ترتبط بالسلطة والكتل السياسية التي تمتلك اقتصاديات خاصة خارج اطار الشعب، بالتالي هذا يؤدي إلى نشوء الدولة العميقة التي تسيطر على كل الامور، وتحاول أن تدمر القطاع الخاص وبالنتيجة تكون هناك حالة من البيروقراطية العنيفة والمواطن يكون مجرد عبد لهذا النظام الحكومي والبيروقراطي، بالتالي نحن عاجزين عن ايجاد أي حل ما لم نخرج الاقتصاد من يد السلطة العميقة".

البيئة العراقية هي بيئة فاسدة بامتياز

- الدكتور خالد عليوي العرداوي، مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، يرى أنه "اولا يجب أن نفرق بين الفساد وبيئة الفساد وهي حالة موجودة في العراق، فالبيئة العراقية هي بيئة فاسدة بامتياز على مستوى الفرد وعلى مستوى صانع القرار، لسبب بسيط كوننا إلى الان لم ندرك حالة الدولة، فالدولة في حياة المواطن مفهومها ضبابي وغير واضح بالنسبة للفرد العراقي، بيئة الفساد تفاقمت بعد (2003) لأننا لا زالنا في المرحلة الانتقالية، بالتالي من يدرس حالة الفساد يؤكد بأن الفساد ينتشر في حالتين: المرحلة الاولى هي اثناء التحول السياسي والمرحلة الاخرى اثناء التحول الاقتصادي، بالتالي المشكلة في العراق مركبة وكلا التحولين موجود على الساحة العراقية اليوم، وفي نفس الوقت من اداروا السلطة في العراق لا يريدون الاستقرار، بل حاولوا ان يطيلوا الفترة الانتقالية الى اطول فترة ممكنة بغية سرقة العراق من جانبين من النظام الاشتراكي ومن القوى الجديدة".

وجود الدولة القانونية العميقة

- الدكتور علاء الحسيني التدريسي وأستاذ القانون الإداري في جامعة كربلاء- كلية القانون والباحث في مركز آدم "يؤكد على وجود الدولة القانونية العميقة، خاصة ومع وجود قوانين متوارثة من النظام السابق وإلى الان القابض على السلطة عاجز من النظر إلى (1%) منها، هذه القوانين على رأسها مثلا وزارة التخطيط وهي تعني أن التخطيط مركزي وأن القطاع الخاص مهمش، وبالتالي نحن نحتاج الى اجازات وإلى اذونات كثيرة لا يمكن احصائها حتى تحصل على اجازة استثمارية بسيطة، لذا نحن لدينا غياب للرؤية خصوصا وأن المشرع العراقي يصدر قانون للعفو العام يشمل الفاسدين، رئيس هيئة النزاهة استقال لأنه عندما يريد أن يحرك أي ملف يصطدم بأعلى سلطة في الدولة".

انعدام العدالة في التوزيع

- حسين محمد صادق موسى، باحث دكتوراه في الجامعة الاسلامية في لبنان قسم القانون الدولي العام "يحدد اسباب الفساد في العراق (وجود بيئة خصبة حاضنة للفساد تتعلق بنظام الحكم / فقدان الشفافية والوضوح والرقابة/ انعدام العدالة في التوزيع/ وجود المحاباة/ تعقيد الاجراءات)، هذه ادت إلى تجلي تلك الظاهرة من خلال الرشوة وتفشي المحسوبية والوساطة ووقف الاجراءات والتسيب في العمل وظاهرة العمولات والصفقات".

لا يوجد تخطيط في العراق

- أ. م. د. جليل جوده الخفاجي استاذ التاريخ الحديث والمعاصر "ينطلق من ثلاث محاور اساسية وهي (الاقتصاد/ الفساد / الدولة)، كما انه لا يوجد تخطيط في العراق وهناك هدر عالي في الثروة المالية والنفطية والزراعية".

اسباب الفساد هي الخطأ في اليات التغيير السياسي

- الدكتور ايهاب علي، أكاديمي وباحث في مؤسسة النبأ، "يعتقد أن أحد اسباب الفساد هي الخطأ في اليات التغيير السياسي في العراق، وهذا مما ترك فراغ أمنى جدا كبير بالتالي هذا فسح المجال واسعا امام تنامي افة الفساد، ثانيا التحول المفاجئ من نظام اشتراكي إلى نظام رأسمالي هذا ايضا يصب في خانة الاخطاء الفادحة، بالتالي نحن لا نمتلك اليات الاقتصاد الحر لا اجتماعيا ولا اقتصاديا ولا ثقافيا، النقطة الثالثة هي لم نمتلك البديل لإدارة الدولة".

الفساد في العراق اليوم هو فساد تراكمي

- الحقوقي احمد جويد، مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات "يعلل الفساد في العراق اليوم بانه فساد تراكمي منذ الحقبة الماضية وخصوصا ايام الحصار الاقتصادي، بالتالي ما لحق هذا الوضع من فوضى سياسية وامنية هي التي ابرزت افة الفساد في العراق، وأن الفساد الاكبر هو الفساد السياسي فالكل يحاول الوصول إلى الحكم باي وسيلة كانت، ايضا الروتين والبيروقراطية داخل الدولة أثر كبير في صدور العديد من القوانين المجحفة لذا يجب اعادة النظر بتلك القوانين".

الفساد هي نتاج طبيعي لتدخل الدولة

- الدكتور حيدر حسين أحمد آل طعمة، التدريسي في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة كربلاء، والباحث الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، "يعتبر أن حالة الفساد هي نتاج طبيعي لتدخل الدولة، بالتالي كل ما يقل تدخل الدولة في الاقتصاد يقل الفساد، اما ما يخص اسباب الفساد في العراق فالسبب الاول هو هيمنة الاحزاب السياسية على الدولة، ثانيا وجود التوافق السياسي، الامر الثالث ضعف القانون وضعف تنفيذ القانون وضعف الرقابة، رابعا الوضع الامني، اما ما يخص المواطن فهو مجبر بالتعاطي مع الفساد على اعتباره حالة طبيعية".

الحركات السياسية في العراق هي حركات هزيلة

- الحاج جواد العطار، عضو برلماني سابق، "يجد أن الفساد متجذر في العراق والمثال الاقرب على ذلك هي حالة الفرهود التي ينطق بها الشارع العراقي حينما تضعف الدولة، وهناك اسباب اخرى للفساد منها امنية وتشريعية اقتصادية تفاوت مجتمعي بطالة، بالتالي نحن نحتاج إلى ترتيب الاولويات، ثالثا الحركات السياسية في العراق هي حركات هزيلة فحينما ينفض عنها التمويل يتفرق عنها الناس، اما بالنسبة للفرد العراقي هو يعتقد بانه يطلب الدولة".

غياب التخطيط الاقتصادي هو اهم عناوين الفساد الاقتصادي

- علاء محمد ناجي كاتب بشبكة النبأ المعلوماتية، قال: "غياب التخطيط الاقتصادي هو اهم عناوين الفساد الاقتصادي، ثانيا المحاصصة الاستثمارية، ايضا غياب المؤسسات الاقتصادية التي تدافع عن حق الفرد العراقي، إلى جانب ذلك هناك ضعف في الرقابة التشريعية والرقابة القانونية".

مشكلة الاقتصاد هي مشكلة ذاتية

- حسين علي حسين "يعتقد أن مشكلة الاقتصاد هي مشكلة ذاتية يعاني منها الفرد ذاته، بالتالي علاجها يكون علاج نفسي".

غياب ملحوظ في عدم زج العنصر الخارجي في الفساد

- علي حسين عبيد كاتب في مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، "يجد بان هناك غياب ملحوظ في عدم زج العنصر الخارجي في الفساد الذي يشهده العراق، خصوصا والشواهد كبيرة من اجل استيراد اللحوم الفاسدة ومصلحة الدولة الاقليمية في اضعاف الاقتصاد العراقي ونشر الفساد في هيكلية هذا الاقتصاد".

س٢/ماهي الحلول المقترحة لمعالجة الفساد واصلاح الاقتصاد؟

- الدكتور حسين احمد السرحان "يعتقد أن الفساد هو عبارة عن منظومة متكاملة اسبابها (سياسية/ قانونية/ اجتماعية/ اقتصادية/ ثقافية)، قبل ذلك لابد أن تعزز سلطة نفاذ القانون على كل اقليم الدولة، ايضا استكمال الاطر التشريعية المناسبة الاستقرار السياسي وتحييد الحركات والجماعات السياسية وابعادها عن الدور الاقتصادي، إلى جانب ذلك تأتي التربية والتعليم والتنشئة التربوية والسياسية".

- الدكتور صادق الركابي "يدعو إلى تطوير البيئة القانونية والتشريعات بما ينسجم مع حقوق المواطن والمستثمر، وتحديث النظام القضائي ورفع كفاءة القضاة، تطوير عمل المصارف وانهاء العمل ببيع العملة بالمزاد العلني، توحيد اجهزة الرقابة المالية والاهتمام بالموارد البشرية، تحديد الصلاحيات بما ينسجم مع نظام الدولة الفدرالي، تشكيل مجلس الاعلى للموارد الطبيعية، تأسيس مجلس وطني للأعمار، تدريب الكوادر الوطنية، تحقيق مبدأ الكفاءة في الاعمال، دعم القطاعات الانتاجية، العودة للقيم الاصلية، تطوير قدرات الابتكار والابداع، الزام الحكومة بتطبيق خطة التنمية، دعم الاعلام تشجيع منظمات المجتمع المدني".

- عدنان الصالحي، " المشكلة في العراق هي ليست مشكلة فنية، لكن المشكلة في ادارة الدولة التي تبحث عن مصالح دول اخرى على حساب العراق، بالتالي لا يمكن أن يكون الخصم هو الحكم في هذا الامر، فأنت تجد من يسن القوانين للاستثمار ومن اجل الاقتصاد وهو يمتلك اقتصاديات وشركات، فماذا تتوقع منه هل يسن قوانين تسمح للمنافسين بالحركة المرنة؟".

- المهندس جاسم الطالقاني، "يدعو إلى تنامي القطاع الخاص وإلى تنامي حالة الرقابة التشريعية والقانونية".

- الشيخ مرتضى معاش، "يجد أن الحلول المناسبة هي اخراج الاقتصاد من هيمنة الدولة وتحويله نحو القطاع الخاص، وحتى بعض المشاريع الاقتصادية التي يمكن للاقتصاد أن يؤديها تكون تحت رقابة مشتركة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، ايضا التأكيد على التخلص من اقتصاديات الظل والتركيز على الاقتصاد الوسطي والمشاريع الوسطية".

- الدكتور خالد عليوي العرداوي، "يعتقد باننا مهما طرحنا من نظريات حول تطوير الاقتصاد تبقى مجرد احلام، ما لم تكون هناك قيادة سياسية تتبنى هذه الاحلام وتضعها على الارض، فلا توجد في كل دول العالم نهضة اقتصادية بدون وجود قيادة سياسية لديها رؤية للنهوض بالواقع الاقتصادي".

- الدكتور علاء إبراهيم الحسيني "يصنف الاجابة على هذا السؤال بشقين: الشق الاول على المواطن العراقي تقبل القطاع الخاص، وثانيا على صانع القرار".

- حسين محمد صادق موسى "يبحث فكرة الاكتفاء الذاتي وعدم الاقتراض من البنك الدولي كي لا يكون اسير لسياسات البنك التي تريد التحكم بالبلد اولا، ثانيا يشكو حالة التضخم الوظيفي التي يعيشها العراق، ايضا حالة التقدم الصناعي شيء مهم، ايضا وضع عقوبات صارمة لصد بؤرة الفساد، الشيء الاخر الاقتصاد العراقي اقتصاد ريعي ولا يعتمد على الاستثمار، ايضا يجب خلق بيئة استثمارية من اجل خلق فرص العمل للمواطن العراقي".

- الدكتور جليل جوده الخفاجي، "العنوان الابرز هو فقدان ثقة المواطن بالدولة وبالحكومة، بالتالي نحتاج إلى تعديل فقرات الدستور وسد منافذ الخلل التشريعي كي لا ينفذ منها الفاسد".

- الدكتور ايهاب علي، "يصف حال الآراء المطروحة بأنها لا تعرف ماذا يريد، هل تريد اقتصاد اشتراكي اقتصاد رأسمالي، الشيء الاخر لدينا فساد كبير في العراق وبالتالي لابد أن نعود للدستور كي نصلح الامور، وهذا ايضا مستبعد في ظل الطموحات المالية التي تسود عقل السياسي العراقي اليوم، فالرهان الحقيقي هو وجود مشروع جماهيري ينهض بالواقع العراقي".

- الحاج جواد العطار، "يراهن على اسباب الفساد التي ذكرت بأجمعها فيتم معالجتها عندها سوف يتم معالجة الفساد، لذا نحن نحتاج الى همة عالية وإلى مبادرة كبيرة جدا على اعلى المستويات وتوحيد الاجهزة الرقابية".

- حسين علي حسين، "يعتقد المعالجة ممكنة وواردة من خلال المعالجة النفسية، ولكن يبقى السؤال المطروح هل يستطع الشخص العراقي معالجته نفسه ذاتيا".

اضف تعليق