صرح رئيس شركة النفط الأميركية كونوكو فيليبس -بندوة نظمتها أوبك في فيينا- إن طفرة النفط الصخري الأميركي ستظل باقية رغم انخفاض أسعار الخام، حيث سيتيح التقدم التكنولوجي خفض التكلفة بشكل كبير، وأضاف رئيس مجلس إدارة الشركة ورئيسها التنفيذي ريان لانس "إن احتياطات النفط المحكم قد تستمر" موضحا أن التكاليف التي تحقق نقطة التعادل لإنتاج النفط الصخري تراجعت بنسبة تتراوح بين 15% و30% في الأشهر الماضية، وقد تنخفض من 15% إلى 20% أخرى بحلول 2020، وتباطأ نمو إنتاج النفط الأميركي في الأشهر الماضية وانخفض عدد منصات الحفر الباحثة عن الخام انخفاضا كبيرا، كما أفاد لانس أنه إذا استقرت الأسعار وبدأت في التحسن قليلا أعتقد أن منصات الحفر ستبدأ في الزيادة في 2016 و2017 وتوفير المزيد من الإمدادات، وتوقع تعافي نمو الطلب العالمي على النفط إلى 1.1 مليون أو 1.2 مليون برميل يوميا بما يعادل مثلي وتيرته خلال السنوات القليلة الماضية.
من جهة أخرى ذكر أيان تايلور رئيس فيتول أكبر شركة مستقلة لتجارة النفط في العالم إن أسعار خام القياس العالمي مزيج برنت ستبقى في نطاق يتراوح بين 40 و55 دولارا للبرميل خلال الأرباع القليلة القادمة حيث تعود السوق للتوازن ببطء بسبب زيادة الإنتاج الأمريكي، واتفقت الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون من خارج المنظمة في مقدمتهم روسيا على خفض الإنتاج بنحو مليوني برميل يوميا من يناير كانون الثاني 2017 على أمل خفض مخزونات الخام العالمية من مستوياتها القياسية التي تجاوزت ثلاثة مليارات برميل إلى متوسط خمسة أعوام البالغ 2.7 مليار برميل.
لكن زيادة الإنتاج في نيجيريا وليبيا عضوي أوبك المعفيين من اتفاق خفض الإنتاج قوضت الجهود بعض الشيء، وكانت أوبك استثنت البلدين من إجراءات خفض الإمدادات بعدما أثرت اضطرابات فيهما على الإنتاج، وزادت انتعاشة في الإنتاج بالولايات المتحدة من تخمة المعروض أيضا بعدما شجع ارتفاع السعر فوق 50 دولارا للبرميل على تنفيذ عمليات تنقيب جديدة، وأضرت الاضطرابات بمنطقة الساحل الغنية بالنفط في نيجيريا خلال العام الماضي وتسببت في خفض الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا. وفي ليبيا عطلت جماعات مسلحة العمل في موانئ رئيسية في الشرق وحقول نفط في الغرب في أزمة ممتدة منذ فترة.
لكن العام الجاري شهد انتعاشا في إنتاج البلدين، وتتوقع نيجيريا تسجيل أعلى صادرات منذ مارس آذار 2016 وتخطط لتصدير مليوني برميل في أغسطس آب كما تجاوز الإنتاج الليبي 900 ألف برميل يوميا هذا الأسبوع وتستهدف السلطات الوصول إلى مليون برميل يوميا بنهاية يوليو تموز، ومن المتوقع من الولايات المتحدة، وهي ليست طرفا في اتفاقية خفض الإنتاج، أن تزيد إنتاجها من النفط الصخري بما يصل إلى مليون برميل يوميا أو نحو عشرة بالمئة من إنتاج النفط الخام بالبلاد، وتعاملت فيتول في كميات قياسية من الخام والمنتجات المكررة في عام 2016 تجاوزت سبعة ملايين برميل يوميا بزيادة 16 في المئة على أساس سنوي.
أوبك تفكر في كيفية التعايش مع النفط الصخري الأمريكي
تجاهل متبادل في البداية ثم صراع محتدم وأخيرا الدخول في حوار رغم تعارض الأهداف، هكذا تطورت العلاقة بين منظمة أوبك وصناعة النفط الصخري الأمريكية تطورا كبيرا منذ اكتشفت المنظمة ظهور منافس غير متوقع في سوق رئيسية لنفطها قبل نحو خمسة أعوام، وحضر القائمون على صناعة النفط الصخري إلى فيينا وترتب أوبك لرحلة يقوم بها كبار مسؤوليها إلى تكساس لمعرفة ما إذا كانت هناك إمكانية للتعايش بين الصناعتين أم أنهما تتجهان لصراع حاد آخر في المستقبل القريب، وصرح خالد الفالح وزير الطاقة السعودي الذي ضغط من أجل خفض إنتاج الخام في ديسمبر كانون الأول أنه "ينبغي أن نتعايش" فيما يمثل عدولا من جانب الرياض عن استراتيجية سابقة سعت من خلالها لضخ أكبر كميات ممكنه في محاولة للتخلص من النفط الصخري الأمريكي من خلال أسعار الخام المنخفضة، واتفقت الدول الأعضاء في أوبك والمنتجون من خارجها علي تمديد تخفيضات الإنتاج لمدة تسعة أشهر حتى مارس آذار 2018 مما يعني بقاء نحو اثنين بالمئة من الإنتاج العالمي خارج السوق في مسعى لتعزيز الأسعار، لكن أوبك أدركت الآن أن تخفيضات الإمدادات والأسعار الأعلى إنما تسهل على قطاع النفط الصخري تحقيق أرباح أعلى بعد أن وجد سبيلا لخفض التكلفة حين رفعت السعودية الإنتاج على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وفي حوض برميان - أكبر حقل نفطي أمريكي - تضخ شركات من بينها برسلي انرجي ودياموندباك انرجي بأسرع معدلات في سنوات مستغلة التكنولوجيا الجديدة وانخفاض التكلفة واستقرار أسعار النفط لتجني أرباحا على حساب أوبك، وتعترف أحدث حسابات لأوبك بمكانة النفط الصخري لكنها تسعى لعرقلة نموه من خلال إتاحة إمدادات كافية في السوق للاحتفاظ بالسعر دون 60 دولارا للبرميل، في حين ذكر نور الدين بوطرفة الذي مثل الجزائر في اجتماع أوبك "كل شركات النفط الصخري شركات صغيرة. في الواقع عند سعر بين 50 و60 دولارا للبرميل لا تستطيع (صناعة النفط الأمريكية) تجاوز العشرة ملايين برميل يوميا".
وهذا هو المستوى الذي قدر العديد من المحللين أن إنتاج النفط الأمريكي سيبلغه، أي بزيادة مليون برميل يوميا، وهي قفزة كبيرة لصناعة شهدت عشرات الإفلاسات في 2015 و2016 فضلا عن الاستغناء عن آلاف العاملين بسبب حرب الأسعار مع أوبك على مدار عامين، ومع ذلك قد تكون الكميات الإضافية غير كافية لتلبية الطلب العالمي المتزايد أو تعويض التناقص الطبيعي في حقول النفط التقليدية وهو ما تعول عليه أوبك، ويحرص بعض أعضاء أوبك على ما يبدو على إظهار تخليهم عن أي أفكار ساذجة سابقة بشأن النفط الصخري مما جعله موضوعا مهما في اجتماع المنظمة يوم الخميس رغم أنه لم يكد يذكر من قبل، وتناولت المناقشات نقاط ضعف النفط الصخري بما في ذلك ارتفاع تكلفة الخدمة.
إدارة معلومات الطاقة ترفع توقعاتها لإنتاج الخام الأمريكي في 2018 إلى مستوى قياسي
رفعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعاتها لإنتاج النفط الخام الأمريكي في 2018 قائلة إنها تتوقع الآن أن يتجاوز الإنتاج عشرة ملايين برميل يوميا متجها صوب أعلى مستوى على الإطلاق، وفي تقريرها الشهري عن آفاق الطاقة في الأمد القصير توقعت الإدارة أن ينمو الإنتاج 680 ألف برميل يوميا إلى 10.01 مليون برميل يوميا في 2018، وكانت الإدارة ذكرت في تقرير الشهر الماضي إنها تتوقع ارتفاع الإنتاج 650 ألف برميل يوميا على أساس سنوي إلى 9.96 مليون برميل يوميا.
ومن شأن التوقعات الجديدة أن تدفع الإنتاج السنوي فوق المستوى القياسي السابق البالغ 9.6 مليون برميل يوميا الذي بلغه في 1970. وفي ذلك العام ارتفع الإنتاج الشهري إلى 10.04 مليون برميل يوميا في نوفمبر تشرين الثاني، ويزيد نمو الإنتاج الأمريكي من صعوبة الأمر على أوبك لتقليص تخمة المعروض العالمي من الخام التي هبطت بالأسعار إلى نحو نصف مستواها في 2014. وفي مايو أيار قررت أوبك وبعض الدول غير الأعضاء بالمنظمة بقيادة روسيا تمديد العمل بخفض الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يوميا لمدة تسعة أشهر أخرى حتى مارس آذار 2018.
ورفعت إدارة معلومات الطاقة تقديراتها أيضا لإنتاج الخام الأمريكي في 2017 قائلة إنه سيزيد إلى 9.33 مليون برميل يوميا من 8.87 مليون برميل يوميا في 2016 بزيادة قدرها 460 ألف برميل يوميا. وفي الشهر الماضي توقعت الإدارة زيادة على أساس سنوي للإنتاج قدرها 440 ألف برميل يوميا ليصل إلى 9.31 مليون برميل يوميا، وأشار كثير من المحللين إلى أن إنتاج النفط الصخري الأمريكي الذي يشكل أكثر من نصف إجمالي إنتاج الخام في الولايات المتحدة قد يبدد أثر أي تخفيضات ناجمة عن اتفاق أوبك، وزادت إدارة معلومات الطاقة تقديراتها للطلب الأمريكي على النفط إذ توقعت أن ينمو الطلب في 2017 بواقع 320 ألف برميل يوميا ارتفاعا من تقديراتها السابقة البالغة 290 ألف برميل يوميا. وتتوقع الإدارة أن ينمو الطلب في 2018 بواقع 310 آلاف برميل يوميا ارتفاعا من نمو قدره 300 ألف برميل يوميا في تقديراتها السابقة.
النفط الصخري الأميركي لن يعود قريبا
من جهة أخرى صرح وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أثناء مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس إنه لا يتوقع إضافة ما بين اثنين وثلاثة ملايين برميل يوميا إلى طاقة إنتاج النفط الصخري الأميركي في أي وقت قريب، وذكر الفالح أن التكاليف في قطاع النفط تتجه إلى الزيادة بسبب التضخم. وقد تراجعت أسعار النفط العالمية خلال الأيام الأخيرة لعدة أسباب، من بينها الخوف من نمو الإنتاج الأميركي مجددا، في المقابل، توقع مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول في حديثه بالمنتدى أن يزيد إنتاج النفط الأميركي هذا العام، وذكر بيرول أيضا إنه إذا لم تتحسن الاستثمارات في قطاع النفط فسيشهد العالم نقصا كبيرا في الإمدادات خلال عامين إلى ثلاثة أعوام، وأثناء المنتدى نفسه ذكر الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية السعودية (أرامكو) أمين الناصر إن السعودية تعمل على زيادة طاقتها لإنتاج النفط من المستوى الراهن البالغ 12.5 مليون برميل يوميا، وذكر الناصر أن العالم عليه أن يستثمر 25 تريليون دولار في طاقة إنتاج النفط الجديدة خلال السنوات الـ25 المقبلة لتلبية الطلب، وأشار إلى أنه بموازاة الاستثمار السعودي في طاقة إنتاج النفط فإن المملكة تستثمر أيضا في الطاقة المتجددة، وبين إن السعودية ستستثمر ما يصل إلى خمسين مليار دولار في الطاقة المتجددة بحلول عام 2023.
اضف تعليق