q

تعد أوبر شركة نقل أمريكية متعددة الجنسيات على شبكة الانترنت، مقرها في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا. قامت بتطوير أسواق تعمل على تطبيق أوبر الجوال، والذي يتيح لمستخدمي الهواتف الذكية طلب رحلة، حيث يتم توجيه سائقين أوبر الذين يستخدمون سياراتهم الخاصة لتنفيذ تلك الرحلات، واعتبارا من 28 مايو 2016، كانت خدماتها متوفرة في 449 مدينة متوزعة على أكثر من 66 بلدا حول العالم، ومنذ إطلاقها، قامت العديد من الشركات الأخرى بنسخ نموذج أوبر في أعمالها، وهو الاتجاه الذي بات يشار إليها باسم "Uberification".

ومؤخراً كشفت شركة "اوبر" الأميركية لخدمات الأجرة نتائجها المالية لسنة 2016 التي تظهر رقم أعمال قدره 6,5 مليارات دولار وخسارة بمقدار 2,8 مليار دولار، وأكدت "اوبر" أرقاما كشفتها سابقا ويشار إلى أن "اوبر" ليست مدرجة في البورصة وبالتالي هي ليست مرغمة على نشر بيانات عن حساباتها المالية دوريا، وأوضحت المجموعة التي تتخذ مقرا لها في مدينة سان فرانسيسكو أن عدد الرحلات عبر خدمتها سجل ازديادا بواقع أكثر من الضعف مقارنة مع العام الماضي ليصل مجموع قيمتها الى 20 مليار دولار من دون احتساب الصين حيث باعت "اوبر" عملياتها، وتسعى "اوبر" التي تقرب قيمتها في السوق من 70 مليار دولار، حاليا إلى تعيين نائب للمدير لمساندة المدير العام للشركة ترافيس كالانيك.

حملة تطهير واسعة في "اوبر" وسط ضبابية بشأن مستقبلها

إزاء الفضائح المتكررة التي تلطخ صورتها، تقوم "اوبر" بحملة تطهير في صفوف قيادييها لكن يتعين عليها مواجهة التحديات التي تعيق مستقبلها بحسب المحللين، وتقدم الرجل الثاني في الشركة العملاقة في مجال خدمات الأجرة باستقالته، في أحدث تطور ضمن سلسلة طويلة من حالات الطرد والاستقالة على خلفية اتهامات بالتمييز ضد النساء او التحرش او سرقة التكنولوجيات، وكانت "اوبر" طلبت من مكتب محاماة التحقيق في شأن ممارسات المجموعة وإصدار توصيات على ضوئها. ومن بين هذه التوصيات كانت مغادرة اميل مايكل المقرب من المدير العام المثير للجدل ترافيس كالانيك، على ما افادت وسائل اعلام اميركية عدة.

وهذا التطور الأخير يضيق الخناق حول كالانيك المتهم كما مايكل بالتشجيع على ممارسات ادارية مشكوك في نزاهتها في ظل عدم وجود استراتيجية للشركة التي خسرت 2,8 مليار دولار سنة 2016 ولم تحقق أي ارباح منذ انطلاقها سنة 2009، وقد أعلنت المجموعة الاستغناء عن خدمات 20 موظفا إثر تلقيها 215 شكوى داخلية تتعلق بحالات تحرش (جنسي او غير جنسي) او تهويل. كذلك عينت "اوبر" امرأتين في مركزين مهمين لتلميع صورة الشركة والتصدي للمشاكل الادارية التي تعتريها.

ويرى روبرت اندرله من مجموعة "اندرله غروب" إن "المشكلة الأكبر" تبقى مالية اذ ان "اوبر" تخسر اموالا، ويعتبر زميله تريب شودري من مجموعة "غلوبال ايكويتيز ريسرتش" أن التقديرات في شأن قيمة الشركة التي تقرب من 70 مليار دولار بالاستناد إلى حسابات تتعلق بجمع أموال لدى مستثمرين، مبالغ فيها بدرجة كبيرة متحدثا عن تقدير أكثر واقعية يراوح بين "ملياري دولار وثلاثة مليارات"، أما المحلل جاك غولد من مجموعة "ج. غولد اسوشييتس" فيقلل من حجم الموضوع. ويوضح إن "اوبر" "لا تبدو مهتمة بالمال الذي تخسره" نظرا إلى التمويل الكبير الذي تحظى به. أما في شأن المبالغة في تقدير قيمة الشركة، فيشير إلى أن "اوبر ليست الوحيدة" في هذا الوضع، ويؤكد أن "اوبر" عليها "حل مشكلاتها" الادارية والنزاعات الاخرى (مع سائقيها او سلطات بعض البلدان) لأنه "عندما يكون لدينا موظفون مستاؤون وايضا سائقون فإن ذلك يعطل عمل الشركة على المدى الطويل".

ويؤكد كل من غولد وشودري ضرورة قيام "اوبر" بعملية "اعادة تصور" لها. وعلى رغم الشكوك التي يبديها الثاني ازاء قدرات المجموعة على القيام بذلك، يؤكد الأول أن "اوبر" بدأت من خلال مشاريعها "للسيارات الذاتية القيادة أو لتأجير الشاحنات" ببلورة تصور جديد، ويضيف غولد "امازون انتظرت سنوات طويلة قبل كسب المال"، مذكرا بأن "نشاطاتها اقتصرت في البداية على بيع الكتب".

وقد أقالت شركة "أوبر" لخدمات سيارات الأجرة أكثر من 20 من موظفيها بعد تحقيق أجرته في ادعاءات بالتحرش الجنسي فيها، وتعرضت الشركة، التي تعمل من خلال تطبيق إلكتروني لسيارات الأجرة، لانتقادات شديدة في وقت سابق من هذا العام بسبب طريقة تعاملها مع النساء في مكان العمل، وتصاعدت هذه الانتقادات بعد أن نشرت موظفة سابقة تُدعى سوزان فولر تعليقا لاذعا في تدوينة على الإنترنت تتحدث فيها عن عدد من الحوادث التي شهدتها خلال عملها بالشركة، جدير بالذكر أن هناك أكثر من 12 ألف موظف يعمل في أوبر على مستوى العالم ويمثل النساء نحو 36 في المئة من قوة العمل، بحسب تقرير نشرته الشركة في وقت سابق من هذا العام. وتشغل النساء نحو 15 في المئة من الوظائف في قطاع التكنولوجيا بالشركة.

إضراب بالمئات لسائقي أوبر في قطر والهند

أضرب المئات من سائقي شركة أوبر في قطر للمرة الثانية خلال عام احتجاجا على تخفيض أجرة التوصيل، وكانت الشركة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها وبدأت العمل في الدوحة عام 2014 قررت في الشهور القليلة الماضية تخفيض سعر الأجرة بنسبة تتراوح بين 15 و20 في المئة للركاب وسط منافسة متنامية من شركات محلية، ولزم سائقون في أوبر منازلهم احتجاجا على التخفيض ورفضا لخدمة أطلقتها أوبر تسمح للركاب بالاطلاع على تكلفة الرحلة قبل القيام بها، وتحاول أوبر أن تخفض أسعارها حتى يفضلها الزبائن على المنافسين المحليين في قطر مثل شركة كريم التي تملك حصة سوقية أكبر من أوبر في معظم مدن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان التي تعمل بها وعددها 32 مدينة.

من جهة أخرى نفذ آلاف من سائقي خدمتي "أوبر" و"أولا" للنقل في الهند المطالبين برفع أجورهم إضرابا في العاصمة نيودلهي شلّ خدمات التوصيل في الشركتين اللتين استحوذتا بأسعارهما المتدنية على حصة كبيرة من هذا القطاع على حساب سيارات الأجرة التقليدية وعربات الريكشو، وواجه الزبائن تأخرا في مواعيدهم لليوم الرابع على التوالي على الرغم من وضع حكومة المدينة حافلات إضافية في الخدمة لتلبية النقص الناتج عن امتناع سائقي أوبر وأولا عن تلقي الحجوزات عبر تطبيق الهواتف الذكية الذي يوصلهم بأقرب الزبائن إليهم، وهذه هي المرة الأولى التي تحدث فيها مواجهة كبيرة بين نقابات السائقين في منطقة دلهي التي يسكنها 25 مليون نسمة وشركتي النقل اللتين توسعان خدماتهما في قطاع سيارات الأجرة الذي تصل عائداته إلى 12 مليار دولار في الهند.

وتعتبر شركة "أوبر" التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها على الهند أكبر سوق واعد لها خارج الولايات المتحدة منذ العام الماضي. وتعمل الخدمة في 28 مدينة هندية وتشغل 200 ألف سائق، في حين ترى شركة "أولا" المحلية المماثلة لها أنها الأكثر شعبية على الإطلاق بين مثيلاتها وهي تنشط في 102 مدينة ويبلغ عدد السيارات العاملة لديها 450 ألفا.

برامج سرية للتهرب من هيئات الرقابة

تستخدم شركة أوبر لسيارات الأجرة بالطلب برنامجا سريا لمنع مسؤولي الهيئات الرقابية من وقف خدماتها في المدن التي تعمل بها في أنحاء العالم، ويسمى البرنامج الذي تستخدمه أوبر "غريبول". وقد صُمم من أجل حماية الشركة، التي تقدم خدماتها عبر تطبيق بالهواتف الذكية، من تبعات "المخالفات لشروط الخدمة"، لكن بيانات تم جمعها من تطبيقات هواتف المستخدمين أظهرت أن البرنامج استُخدم لتحديد هويات المسؤولين عن مراقبة سائقي الشركة، وأتاح البرنامج لأوبر رصد عادات المستخدمين والتعرف على مسؤولي الهيئات الرقابية الذين يتظاهرون بأنهم عملاء عاديون فيما يحاولون التحقق من ما إذا كانت الشركة تخالف القواعد التنظيمية لسيارات الأجرة في البلد.

ويعمل البرنامج عن طريق جمع معلومات عن المواقع الجغرافية وبطاقات الائتمان لمعرفة إن كان العميل مرتبطا بمؤسسة أو سلطة مكلفة بإنفاذ القانون، وحينها تنشط نسخة "خادعة" من التطبيق، تسمح للأفراد الذين يشتبه في أنهم يحاولون الإيقاع بالسائقين أن يستدعوا سيارة، ثم تُلغى الرحلة قبل أن السيارة، وذكرت أوبر في بيان إن "البرنامج يتيح لها استبعاد العملاء الذين يخالفون شروط الشركة"، وأضافت الشركة أن البرنامج يتعلق بـ"عملاء يحاولون إيذاء السائقين بدنيا أو منافسين يحاولون تعطيل خدماتنا أو خصوم يتواطئون مع مسؤولين من أجل تنفيذ "خدع" سرية للإيقاع بسائقينا".

مستقبل غامض ينتظر الشركة

اذ كشف تقرير جديد أن شركة آبل هددت بإزالة تطبيق أوبر من متجر التطبيقات على خلفية تجسس الشركة على المستخدمين حتى بعد حذفه من هواتف الآيفون قبل عامين، وأشارت مصادر إلى المشاكل التي واجهت الشركة مثل التحايل على المستخدمين أثناء التوسع في الصين لمواجهة المنافسين المحليين، وكذلك التجسس على مستخدمي آيفون حتى بعد حذف التطبيق من الهاتف وإعادة ضبط المصنع، وتستخدم أوبر عدة أساليب لإكتشاف ومنع عمليات تسجيل الدخول المشبوهة لحماية مستخدميها على حد قولها، وتضيف أن قدرتها على التعرف على المسيئين عندما يحاولون الدخول إلى أنظمة وخدمة أوبر، إجراء ضروري أمنياً للشركة ولحماية المستخدمين، ومن جهة أخرى ذكرت الشركة انها علقت برنامجها التجريبي للسيارات ذاتية القيادة، بعدما اصطدمت احدى سياراتها المزودة بهذه التكنولوجيا على طريق في اريزونا، هذا بالاضافة الى جملة من المشاكل الاخرى المتعلقة بالتجسس على المشاهير وثغرات في برامج التوصيل المجاني وغيرها.

اضف تعليق