تمثل العقوبات التي فرضت على إيران في 2011 ضغطت بشدة على الاقتصاد الذي سجل مستويات قياسية حينها فاقت 590 مليار دولار.. ولكن سرعان ما أحكمت العقوبات قبضتها لينكمش الاقتصاد بـ9%، سنويا خلال العامين اللاحقين، في حين ارتفع التضخم إلى 45%، في يونيو 2013، بسبب تعطل التجارة وتوجه المستوردين لاستيراد البضائع عبر قنوات غير رسمية.
بعدها تحسن الوضع بعض الشيء ليسجل الاقتصاد نموا بنسبة 3%، العام الماضي ولينخفض التضخم إلى 15%، مع ذلك تبقى نسب النمو الاقتصادي أقل بستة في المئة عن مستويات 2011/2012 وتبقى معدلات التضخم والبطالة فوق الـ10%.
كما أعلن صندوق النقد الدولي في تقرير له أن الاقتصاد الإيراني مهدد بـ"تجدّد (حالة) عدم اليقين" وهو أمر مرتبط بالعلاقات مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبخطر فرض عقوبات جديدة على طهران، وكتب صندوق النقد في تقريره السنوي حول الاقتصاد الإيراني، أن "تجدد (حالة) عدم اليقين في ما يتعلق بالعقوبات، يجعل مناخ الأعمال قاتما"، ومنذ دخول اتفاقها مع الدول الكبرى وبينها الولايات المتحدة حيز التنفيذ في 2016، استفادت إيران من رفع العقوبات المتعلقة ببرنامجها النووي والتي كانت تثقل قطاعها النفطي.
وأشار صندوق النقد إلى أن "إنتاجاً وصادرات نفطية أكثر قوة قد أدّيا، بعد رفع العقوبات النووية في 2016، إلى انتعاش قوي في النمو"، واستناداً إلى تقديرات الصندوق، نما الناتج المحلي الإجمالي الإيراني 6,5% عام 2016 بعد انكماشه 1,6% في العام السابق، غير أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض وتنديده مراراً باتفاق نووي "كارثي" مع إيران، قد يهدّد هذا الانتعاش الهش، الا ان الإدارة الأميركية فرضت عقوبات جديدة مرتبطة بالبرنامج البالستي الإيراني، متهمة طهران بأنها الداعم الأكبر لـ"الإرهاب" عالميا.
وأشار صندوق النقد في تقريره إلى أن "حالة عدم اليقين المحيطة (بالاتفاق النووي)، وخصوصا بالعلاقات مع الولايات المتحدة، من شأنها أن تضعف الاستثمار والتجارة مع إيران، ووفقا للصندوق، سيتأثر النمو الإيراني بالتالي "سلبا" من جراء عقوبات قد تعوق وصول رؤوس الأموال الأجنبية وتؤدي إلى "انقطاع" إيران عن النظام المالي العالمي، وتتردد المصارف الكبرى في العودة إلى إيران التي لا تزال تحت وطأة عقوبات غربية جراء انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وفي بيان نشر تعليقاً على التقرير، ذكر ممثل إيران لدى صندوق النقد جعفر مجرد إن العقوبات الأميركية السارية المفعول وحالة عدم اليقين لا تزالان "تعوقان" عودة البنوك الكبيرة والاستثمارات "الواسعة النطاق".
خامنئي ينتقد السياسات الاقتصادية لحكومة إيران في كلمة العام الجديد
صرح الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إن السياسات الاقتصادية للحكومة خيبت الآمال ودعا إلى "اقتصاد مقاومة" جديد لخلق الوظائف مما يصعد الضغوط على الرئيس حسن روحاني قبل الانتخابات، وكثيرا ما ينتقد المتشددون بقيادة خامنئي الرئيس روحاني لا سيما بسبب شروط الاتفاق النووي الذي توصل إليه مع القوى العالمية ورفعت بموجبه العقوبات الاقتصادية عن طهران ومن المفترض أن يدعم الاقتصاد.
وذكر خامنئي في رسالته بمناسبة العام الجديد "أشعر بمعاناة المواطنين الفقراء ومحدودي الدخل بكل وجداني وخصوصا بسبب ارتفاع الأسعار والبطالة والتفاوت (الاجتماعي)، وأضاف "اتخذت الحكومة خطوات إيجابية لكنها لا تلبي توقعات الشعب وتوقعاتي" ليفتح بذلك جبهة جديدة للمواجهة قبل انتخابات الرئاسة، من جانبه أصدر روحاني رسالة بمناسبة العام الجديد استعرض فيها الإنجازات الاقتصادية لحكومته ودعا فيها إلى احترام حقوق المواطنين وهي أمور ستجد صدى على الأرجح بين أنصاره خلال الانتخابات، مبيناً أن ما حققناه في كبح التضخم (وتعزيز) النمو الاقتصادي والوظائف في السنة الأخيرة لم يسبق له مثيل في الأعوام الخمس والعشرين الماضية، وقد تؤدي الرسالتان المتناقضتان من الزعيم الأعلى والرئيس إلى استقطاب الناخبين قبل انتخابات الرئاسة.
ولم يكشف المحافظون، الذين يأملون بعدم فوز روحاني بفترة ولاية ثانية مدتها أربع سنوات، عن مرشحهم حتى الآن لكن عددا من المتشددين البارزين انتقدوا طريقة تعامله مع الاقتصاد، وأطلق خامنئي على العام الجديد عام اقتصاد المقاومة والإنتاج والتوظيف، ويستخدم أنصاره عبارة "اقتصاد المقاومة" في وصف الإجراءات اللازمة لتعزيز الاكتفاء الذاتي لاقتصاد إيران وهو ما يتعارض مع سياسة روحاني الرامية لفتح البلاد أمام مزيد من التجارة والاستثمارات الدولية.
رويال بنك أوف سكوتلاند يرفض ضغوط الحكومة لتسهيل التجارة مع إيران
صرحت مصادر مطلعة إن رويال بنك أوف سكوتلاند رفض جهود الحكومة البريطانية الرامية إلى استدراج المصرف التي هي من بين أكبر مساهمية نحو تسهيل التجارة مع إيران في الوقت الذي يسعى فيه لتجنب الأنشطة التجارية التي تنطوي على مخاطرة، وحاول مسؤولون بريطانيون في الأشهر الماضية تعزيز العلاقات التجارية مع إيران بعد نحو عام من رفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على طهران في الوقت الذي تسعى فيه بريطانيا لتشكيل علاقات تجارية جديدة بعد التصويت لصالح الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي.
وذكرت المصادر إن وزارة المالية البريطانية حاولت استخدام نفوذ الحكومة لدى رويال بنك أوف سكوتلاند وبدرجة أقل مع لويدز الذي تمتلك فيه حصة أقلية للمساعدة على تسريع وتيرة التمويل التجاري مع إيران بما في ذلك تخليص خدمات للبنوك الإيرانية بالجنيه الاسترليني، وأفاد مسؤول مصرفي إيراني بارز إن طهران عقدت اجتماعات عديدة مع مسؤولين من الحكومة البريطانية.
وأضاف مسؤول حكومي بريطاني إن وزارة المالية على دراية كبيرة بالتعقيدات الكبيرة التي تحيط بالقنوات المصرفية البريطانية والإيرانية وإن البنوك ستضع في اعتبارها عوامل من بينها العقوبات الأمريكية وقضايا غسيل الأموال والفساد.
وبين مسؤول تنفيذي لدى رويال بنك أوف سكوتلاند بشكل منفصل إن المصرف "ليس مهتما في الحقيقة بالشرق الأوسط" وإنه يركز على بريطانيا وايرلندا في تحقيق نحو 90 بالمئة من أرباحه.
وذكر متحدث باسم لويدز إنه بنك بريطاني تجاري يركز على الخدمات المصرفية للأفراد مضيفا أن "هناك وعي بأن إيران ما زالت بلدا به مخاطر عالية فيما يتعلق بتنفيذ أنشطة هناك.
توتال تسعى لحصة بمشروع حقل غاز إيراني قيمته 4 مليارات دولار
ذكرت شركة الطاقة الفرنسية توتال في إشعار تنظيمي إنها تسعى لشراء 50 بالمئة في مشروع قيمته أربعة مليارات دولار بحقل الغاز الإيراني العملاق بارس الجنوبي مستعرضة تفاصيل محادثات مع المسؤولين الإيرانيين بخصوص عدة مشاريع في 2016، وكانت توتال وقعت اتفاقا أوليا لمشروع بارس الجنوبي العام الماضي لتصبح أول شركة نفط غربية عملاقة توقع اتفاقا في مجال الطاقة مع إيران بعد أن خفف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة العقوبات في إطار اتفاق لكبح الطموحات النووية لطهران.
وأضافت توتال في إشعار إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية إن مشروع بارس الجنوبي 11 سيتطلب استثمارا بنحو أربعة مليارات دولار وإن الشركة الفرنسية ستمول 50.1 بالمئة بمساهمات رأسمالية ومدفوعات بغير العملة الأمريكية، وفي حالة إتمام الصفقة فإن توتال ستدير المشروع بحصة قدرها 50.1 بالمئة في حين ستحوز سي.ان.بي.سي الصينية 30 بالمئة من خلال وحدة تابعة لها وتملك بتروبارس الإيرانية 19.9 بالمئة، ويعد بارس الجنوبي جزء من مكمن خليجي يعد من أكبر حقول الغاز في العالم لكن تطويره واجه صعوبات بفعل العقوبات المتعلقة بما يذكر الغرب إنه كان مسعى من طهران لامتلاك أسلحة نووية وهو ما تنفيه إيران.
ومن المتوقع أن تبلغ الطاقة الإنتاحية لمشروع بارس الجنوبي 370 ألف برميل من المكافئ النفطي يوميا وأن يستخدم الغاز في تغذية الشبكة الإيرانية، وسيتطلب المشروع منصتين بحريتين و30 بئرا، وكان باتريك بويان الرئيس التنفيذي لتوتال صرح إن من المتوقع أن تأخذ توتال قرارا استثماريا نهائيا بحلول الصيف لكن الأمر سيتوقف على تجديد الإعفاء من عقوبات أمريكية. وأفادت إيران إن العقود ستبرم بشكل نهائي، كما ذكرت توتال إنها ناقشت مشاريع أخرى مع المسؤولين الإيرانيين في 2016 وقامت بمراجعات فنية تتعلق إحداها بالاستثمار في محطة للغاز الطبيعية المسال ستبلغ طاقتها عشرة ملايين طن سنويا في تمباك على الخليج.
وكانت مصادر ذكرت إن توتال تجري محادثات لشراء حصة في منشأة تصدير الغاز المسال الإيرانية غير المكتملة بعد، وأضافت توتال أنها ناقشت خططا للاستثمار في حقل جنوب أزادجان النفطي، وقد ذكرت الشركة إنها استأنفت التجارة مع إيران 2016 واشترت نحو 50 مليون برميل من الخام مقابل حوالي 1.9 مليار دولار العام الماضي معظمها لتزويد مصافيها، واشترت الشركة أيضا 11 مليون برميل من المنتجات البترولية مقابل 394 مليون دولار مما در ربحا صافيا بلغ 2.8 مليون دولار.
وبينت توتال إن الاختيار وقع عليها مع شركات أخرى لتقديم المشورة بشأن خط أنابيب محتمل لنقل النفط والغاز بين إيران وسلطنة عمان، وتبلغ احتياطيات النفط المؤكدة في إيران نحو 160 مليار برميل وتمثل حوالي 10 بالمئة من إجمالي احتياطيات النفط في العالم مما يضع البلاد في المرتبة الرابعة بين الدول الغنية بالنفط.
إيران تتجاوز العراق لتصبح ثاني أكبر مورد للنفط إلى الهند
أظهرت بيانات شحن أن واردات الهند النفطية من إيران زادت نحو 17 في المئة مقارنة مع مستواها قبل شهر في الوقت الذي استقبلت فيه شركات التكرير كميات أقل من الخام من السعودية والعراق المنتجين الكبيرين في أوبك بعد اتفاق المنظمة على خفض الإنتاج.
وتعني تلك القفزة أن إيران حلت محل العراق لتصبح ثاني أكبر مصدر للنفط إلى الهند وهو الموقع الذي كانت تحتله إيران قبل فرض عقوبات غربية عليها بسبب برنامجها النووي.
وفي الوقت الذي استمرت فيه السعودية أكبر مورد للنفط إلى الهند أظهرت بيانات تتبع سفن وتقرير أعده مركز أبحاث وتوقعات النفط أن واردات الهند من إيران زادت إلى 647 ألف برميل يوميا في فبراير شباط بارتفاع 16.7 في المئة مقارنة مع مستواها في يناير كانون الثاني وبزيادة تبلغ نحو ثلاثة أمثال تقريبا مقارنة مع مستواها في فبراير شباط 2016.
وتعهدت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بتقليص الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميا وهو أول خفض في ثماني سنوات وذلك في مسعى لتعزيز الأسعار والقضاء على تخمة المعروض. لكن جرى إعفاء إيران وليبيا ونيجيريا من الاتفاق، واستوردت الهند في الأشهر الأحد عشر الأولي من هذا السنة المالية في الفترة بين أبريل نيسان وفبراير شباط نحو 542 ألفا و400 برميل يوميا من إيران مقارنة مع نحو 225 ألفا و522 برميلا يوميا في نفس الفترة قبل عام. وارتفع متوسط كميات النفط التي توردها إيران خلال تلك الفترة لأعلى مستوى على الإطلاق.
وأظهرت البيانات أنه في أول شهرين من 2017 بلغ متوسط واردات الهند من النفط الإيراني 598 ألفا و400 برميل يوميا مقارنة مع نحو 192 ألفا و500 برميل يوميا قبل عام، وعادت شركات التكرير الهندية بما في ذلك ريلاينس اندستريز، المشغلة لأكبر مجمع تكرير نفطي في العالم في جامنجار، إلى شراء النفط الإيراني بعد توقفهم عن الاستيراد من إيران خلال فترة العقوبات.
في الوقت ذاته انخفضت واردات الهند النفطية من السعودية والعراق بنحو ثلاثة أمثال مقارنة مع مستواها في نفس الشهر قبل عام، وأظهرت البيانات أن إمدادات النفط النيجيري إلى الهند ارتفعت إلى 527 ألفا و400 برميل يوميا بزيادة 94 في المئة. ويعني هذا أن نيجيريا برزت كرابع أكبر مورد نفطي إلى الهند لتحل محل فنزويلا، وتقلص فنزويلا، التي تشهد انخفاضا في إنتاج النفط، الإمدادات إلى الهند في الوقت الذي تسعى فيه إلى الوفاء بالتزامات بموجب اتفاقات للحصول على قروض مقابل النفط مع الصين وروسيا.
الأفاق الاقتصادية للاقتصاد الايراني
يُتوقع أن ينمو الاقتصاد الإيراني بمعدل سنوي قدره 4.6% في الفترة 2016-2018، وفي الأمد المتوسط (2017-2018)، من المرجح أن يلعب الاستثمار دوراً أكبر بكثير في تحقيق النمو استناداً إلى افتراض أن الصفقات الاستثمارية الجديدة الجاري التفاوض عليها حالياً ستتبلور في 2017 و2018، وتُستعاد الروابط المالية مع سائر العالم.
في هذه الأثناء، يُتوقع أن يتراجع التضخم إلى أقل من 10% (8.6%) في عام 2016 للمرة الأولى منذ عام 1990 نتيجة انخفاض أسعار السلع وتكاليف الصادرات في أعقاب رفع العقوبات، لكن يمكن أن يرتفع في 2017-2018 إذا تعافت أسعار النفط.
ويُتوقع أن يتحسن رصيد المالية العامة بمقدار 1.2 نقطة مئوية إلى -0.4% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2016 نتيجة طفرة متوقعة في حجم الصادرات النفطية وزيادة موازية في الإيرادات غير النفطية، وأن يتحوَّل إلى تسجيل فائض في 2017-2018. ينبغي أن يبدأ فائض الحساب الجاري في التحسن في عام 2016ويبلغ 4.1% في 2018 حيث تعادل زيادة صادرات الطاقة الارتفاع في الواردات الناشئ عن انخفاض التكاليف التجارية وزيادة الاستهلاك المحلي.
اضف تعليق