بعد عقد من الزمن إذا لم تعمد الجهات المعنية لتثقيف الجمهور ورفع مستوى الحرص الجماهيري، علينا الا نتفاجأ إذا تكرر الاستطلاع ووجدنا اغلب من حولنا لا يعرفون نقاط التواصل مع الشرطة المجتمعية والجهات الإسعافية، وهكذا تتوارث الأجيال اللاحقة هذا النوع من الجهل...

بين استطلاع للرأي اجرته احدى الجهات الأمنية ان اغلب طلبة الجامعة (عينة الاستطلاع) لا يعرفون الخطوط الساخنة للدفاع المدني وشرطة النجدة والاسعاف الفوري، الى أي شيء يشير هذا الاستطلاع؟

يشير هذا الاستطلاع الى شيء في غاية الأهمية وهو ان الطبقات التي من المفترض بها تكون على معرفة بأن الرقم 115 هو الرقم المخصص للدفاع المدني، و104 لشرطة النجدة والاسعاف الفوري 122، اثبتت بأن ليس لديها حس أمني او اهتمام بالمسائل المتعلقة بالجوانب الأمنية والحياتية.

كل فرد من افراد المجتمع مطالب بأن يكون على قدر من المسؤولية واليقظة والحذر، ولنتصور ان حدثا امنيا وقع امام انظارنا واردنا معالجة الموقف، فكيف يمكن ان تتم المعالجة إذا لم نعرف رقم شرطة النجدة؟

وكذلك فيما يخص الحاجة للإسعاف الفوري او الدفاع المدني، تبقى الحاجة لمعرفة هذه الأرقام كجزء من المساهمة في تلافي الكثير من الخسائر المتعلقة بأرواح وممتلكات المواطنين.

عدم معرفة الفرد برقم الإسعاف الفوري، قد ينتج عنه وفاة شخص تعرض لحادث سير او لحالة صحية تتطلب النقل الى أحد المراكز العلاجية القريبة من الحادث، وبهذه المعرفة نكون قد ساهمنا بإنقاذ حياة هذا الشخص، وهنا يتحتم على أي شخص أن يكون أهــلاً للمسؤولية المنوطة به، ويــــؤدي دوره في الحياة وفقا لمنهج دقيق ومنظم.

الدقة والتنظيم هنا يقصد بها الدقة في معرفة كل ما يتعلق بالشؤون الحياتية المهمة، فمثلا الاتصال بالدفاع المدني في الوقت المناسب يجنب الأهالي الكثير من الخسائر المتوقعة نتيجة انهيار مبنى او نشوب حريق في مكان ما، نتيجة عدم معرفة كيفية التعامل مه هذا النوع من الحوادث.

وجود هذا الحس لدى الافراد يسهم وبشكل كبير في تقليل المخاطر التي تحيط بهم، فلا يمكن لأي جهاز أمني او صحي معالجة الحالات التي تحصل بشكل يومي، ما لم يكون للأهالي دور في معالجة هذه الحالات والحد من انتشارها بشكل أوسع.

فليس بمقدور أي دورية امنية الاستمرار بمتابعة الحالات المشبوهة او غير المناسبة، وهنا يأتي دور المواطن في الإبلاغ عن مثل هذه الحالات لتتمكن الأجهزة الأمنية من السيطرة عليها وفرض القانون، وكذلك بالنسبة للجوانب الأخرى.

وهنا نريد التأكيد على اهمية الوعي الاجتماعي الذي يشكل حجر الزاوية في التقليل من بعض المخاطر، اذ لا بد من اتباع استراتيجية معينة من قبل الجهات الأمنية ومنظمات المجتمع المدني لرفع مستوى الوعي وإشراك الافراد في عملية التصدي للمسؤولية الاجتماعية.

أهمية الوعي الأمني والصحي والاجتماعي تتجلى بتقليل الضرر عند وقوع الحوادث، باستخدام الأساليب الضرورية للتعامل مه هذه الحالات المرتبطة بحياة الافراد، اذ من الممكن ان تعمل هذه الطرق على تعزيز نهج الأمن الوقائي وتدعيم القدرة على التوقع والتنبؤ والاستعداد المسبق للمواجهة.

تدني الوعي في الشؤون العامة له الكثير من الأسباب، يمكن اجمال أبرزها والمتمثل بعدم قيام وسائل الإعلام بدورها التوعوي والتثقيفي في الأوساط الاجتماعية، والاكتفاء بتقديم البرامج ذات الابعاد السطحية وعدم الولوج لقضايا الفرد الجوهرية، وبذلك أصبح الاهتمام ينصب على الشؤون السياسية بالدرجة الأولى.

ناهيك عن تقصير الفعاليات الاجتماعية الأخرى في هذا المجال لخلق تفاعل إيجابي من الجمهور وتكوين خط صد لمواجهة وتحييد الاخطار الي تطارد الافراد وتحاول النيل منهم، ووفقا لهذه الاستراتيجية يكون الفرد مستعدا للإبلاغ عن أي نشاط يثير الشك مع توفير أكبر قدر ممكن من المعلومات الضرورية.

بعد عقد من الزمن إذا لم تعمد الجهات المعنية لتثقيف الجمهور ورفع مستوى الحرص الجماهيري، علينا الا نتفاجأ إذا تكرر الاستطلاع ووجدنا اغلب من حولنا لا يعرفون نقاط التواصل مع الشرطة المجتمعية والجهات الإسعافية، وهكذا تتوارث الأجيال اللاحقة هذا النوع من الجهل. 

اضف تعليق