تعــد الزراعـــــة من النشــاطات الاقتصاديـــة الـرئيسـة التي تســـهم فـي الاقتصـاد الـوطني، وتحقيق الأمـن الغـذائي يعتمـد بالدرجـة الأسـاس على توفير الغذاء من الإنتاج الزراعي المحلي، ويسهم نهوض القطاع الزراعي بتنويع الاقتصاد وتخفيف وطأة الفقر وتحسين الميزان التجاري وتحقق حركة لمعظم القطاعات المرتبطة به بصورة مباشرة وغير مباشرة...
لايستقيم أمر الاقتصاد العراقي الذي مازال يعاني من اختلالات بنيوية وهيكلية كبيرة وراسخة بدون التحول التدريجي والممنهج الى اقتصاد السوق (الحر)، وبدون اللجوء الى تنويع مفاصل الاقتصاد لكسر احتكار الريع النفطي الذي مازال يعتمده الاقتصاد العراقي بشكل شبه تام منذ عقود طويلة.
ومن جملة الفعاليات المطلوبة لذلك إحداث ثورة اقتصادية شاملة على مستوى الصناعة والزراعة وبقية القطاعات الانتاجية الأخرى، لان الاعتماد الريعي الكلي على النفط هو اشبه بالمقامرة الخاسرة ومن الخطأ الاستراتيجي الصارخ ارتهان اقتصاد اي دولة به وبدون اللجوء الى تنويع مصادر التمويل النقدي الاخرى للموازنات المالية العامة للدولة لاسيما العراق، لذا لابد من تصحيح مسارات الاقتصاد العراقي وبعدة اتجاهات.
ومن جملة آليات التصحيح احداث ثورة زراعية كبرى اي اعادة العافية للقطاع الزراعي لان الزراعة قطاع ستراتيجي وحيوي ويمثل نفطاً لا ينضب، فالاقتصاد الريعي غير متوازن وغير مستدام، إذ يعتمد بشكل كبير على ارتفاع وانخفاض أسعار الموارد الطبيعية كالنفط مثلا، مما يسبب عدم استقرار اقتصادي كبير، وبقاء الصفة الريعية للاقتصاد يقود إلى تعزيز الاعتماد على الاستيراد ويصبح الاقتصاد عرضة للصدمات الاقتصادية والحادة وربما المفاجئة، ولايتم الشروع بهذه الثورة الاّ بتحقيق تفعيل التصنيع الغذائي والتسويق الزراعي وهو مهم وأساسي في الحفاظ على القيمة الاقتصادية للمحاصيل والمنتجات الزراعية واحد اسباب نجاح وسائل الترويج الزراعية، فضلا عن اعتماد التسويق الزراعي المناسب للمحصول أو المنتج الزراعي بفروعه النباتي والحيواني والاستزراع السمكي وبجميع مفاصله.
والشيء الاهم هو منع الاغراق السلعي للمحاصيل الزراعية لتشجيع المنتج الوطني من جهة والحفاظ على العملة الصعبة من جهة اخرى. فالعراق يملك ملايين الدونمات الصالحة للزراعة ويطمح العراقيون الى تحقيق ثورة زراعية توظف قدرات البلاد بالاتجاه الذي يحقق منفعة كبرى، بوجود نحو 22.1 مليون دونم صالح للزراعة الاروائية ونحو 9.4 مليون دونم صالح للزراعة الديمية، كما يمكن أن توظف بالشكل الذي يغطي متطلبات السوق المحلية من مختلف المحاصيل الزراعية لتحقيق الحد الادنى من الأمن الغذائي الذي هو عماد الامن القومي لأي بلد كالعراق.
وفي هذا المطلوب جنبتان الاولى تحقيق احدى ركائز الامن القومي والثانية المساهمة برفد الموازنة المالية العامة والتقليل من نسب العجز النقدي فيها، اذ تعــد الزراعـــــة من النشــاطات الاقتصاديـــة الـرئيسـة التي تســـهم فـي الاقتصـاد الـوطني، وتحقيق الأمـن الغـذائي يعتمـد بالدرجـة الأسـاس على توفير الغذاء من الإنتاج الزراعي المحلي، ويسهم نهوض القطاع الزراعي بتنويع الاقتصاد وتخفيف وطأة الفقر وتحسين الميزان التجاري وتحقق حركة لمعظم القطاعات المرتبطة به بصورة مباشرة وغير مباشرة.
ولتحقيق التكامل في هذا القطاع لابد من مواجهة التحديات التي تعيقه مثلا ظاهرة التصحر والتملح اللتان تحدثان غالباً بسبب الاستغلال المفرط والاستخدام غير المناسب للأنظمة الايكولوجية للأراضي الجافة التي تغطي اكثر من ثلث مساحة اليابسة في العالم، اضافة الى شحة المياه ومن اسبابها عدم حصول العراق على حصته المائية الكافية نتيجة قيام بعض دول الجوار (المنبع) بتقليل الاطلاقات المائية لنهري دجلة والفرات، وانشاء السدود على فروعهما الامر الذي ادى الى جفاف وتصحر الاراضي وهجرة السكان.
يضاف الى كل ذلك ضعف الخطة الاروائية في توزيع الحصص المائية على الفلاحين ناهيك عن الطرق القديمة والمتخلفة للسقي والابتعاد عن الطرق الحديثة للري مثل (الرش والتنقيط)، ولن تتحقق الثورة الزراعية الكبرى الاّ بتجاوز هذه التحديات وصولا الى تحقيق الحد الادنى من الاكتفاء الذاتي المنشود.
اضف تعليق