يتوقع ان تستمر المكاسب السعرية في الأسابيع القادمة على خلفية عدة عوامل، أبرزها التوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا والشرق الأوسط واستمرار نمو النشاط الاقتصادي العالمي رغم انتشار متحور اوميكرون فضلا على الضبط الصارم الذي ابداه تحالف اوبك+ في التعامل مع انحسار الطلب، مما يرجح الحفاظ على معدلات الامداد...

شهدت اسواق النفط الخام ارتفاعا ملحوظا في مستويات الاسعار خلال شهر كانون الثاني 2022، فقد ارتفع خام برنت لأكثر من 90 دولار للبرميل، وهو اعلى معدل تشهده الاسواق منذ العام 2014. ويتوقع ان تستمر المكاسب السعرية في الأسابيع القادمة على خلفية عدة عوامل، أبرزها التوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا والشرق الأوسط واستمرار نمو النشاط الاقتصادي العالمي رغم انتشار متحور اوميكرون فضلا على الضبط الصارم الذي ابداه تحالف اوبك+ في التعامل مع انحسار الطلب، مما يرجح الحفاظ على معدلات الامداد دون ظهور أي تخمة في اسواق النفط الخام في الامد القريب.

ويمكن ابراز اهم العوامل التي ساهمت في تعاف اسواق النفط بما يلي:

1- ارتفعت أسعار النفط لأعلى مستوياتها منذ عام 2014 وسط قلق المستثمرين من تعطل محتمل للإمدادات بعد هجمات متنوعة في الشرق الأوسط. اذ تصاعدت المخاوف من نقص الإمدادات في الأسبوع الماضي بعد هجمات تعرضت لها محطة تحميل المنتجات المكررة في منطقة مصفح في العاصمة أبوظبي. ورغم ان الأضرار التي لحقت بالمنشآت النفطية الإماراتية في أبوظبي ليست كبيرة في حد ذاتها، لكنها تثير احتمال حدوث مزيد من التعطيل في الإمدادات في المنطقة عام 2022.

2- تجاوزت أسعار النفط يوم الأربعاء الماضي حاجز 90 دولارا للبرميل لأول مرة منذ (7) سنوات وسط توترات بين روسيا والغرب، وتقف روسيا، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، في مواجهة مع الغرب بشأن أوكرانيا مما يثير مخاوف من تعطل إمدادات النفط إلى أوروبا. خاصة مع استمرار الاضطرابات الداخلية في كازاخستان والصراع المحتدم في ليبيا.

3- شهدت المخزونات التجارية من النفط والوقود في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أدنى مستوياتها في سبع سنوات، وفقا للتقرير الاخير لوكالة الطاقة الدولية مما يزيد حساسية الاسعار لأي صدمة في المعروض النفطي خلال العام 2022.

4- استمرار تسجيل خام برنت المزيد من المكاسب السعرية خلال الاسابيع الماضية بفعل انحسار المخاوف من تداعيات متغير أوميكرون من فيروس كورونا على الطلب العالمي ولثقة في تعاف الطلب واستمرار حركة التنقل بشكل طبيعي وإصرار دول كبرى مثل بريطانيا على عدم العودة إلى حالة الإغلاق.

5- تزايد مخاوف البلدان الصناعية والاقتصادات الناهضة من نقص الإمدادات في الوقت الذي يواجه فيه بعض المنتجين في منظمة البلدان المصدرة للنفط صعوبة في ضخ الكميات المسموح لهم بها بموجب اتفاق أوبك+ مع روسيا وحلفائها لإضافة (400) ألف برميل يوميا كل شهر. وتعد روسيا مثالا بارزا لمُنتج يقترب من الحد الأقصى لقدرته الإنتاجية المتاحة، ويعني ذلك لأسواق النفط إمكانية استمرار الموجة التصاعدية للأسعار، خاصة إذا استمرت معدلات نمو الطلب العالمي على النفط.

6- وفقا لبعض اعضاء منظمة اوبك فان ما يحدث الآن من زيادة في أسعار النفط هو بسبب زيادة الطلب على الغاز جراء برودة الجو وسوء الأحوال الجوية وشحة امدادات الغاز الى الاسواق، كما أن تجمد أنابيب الغاز في الدول الأوروبية وتوجه هذه الدول نحو النفط بدلا من الغاز أدى كذلك الى تعزيز الطلب على النفط لأن هذه الدول ستحتاج إلى النفط بشكل أكبر مما هو مخطط.

7- ثقة السوق في جاهزية تحالف "أوبك +" للتعامل مع أي تخمة في المعروض النفطي بشكل جيد، خاصة في ظل الاجتماعات الشهرية المتلاحقة لتقييم السوق وتحديد مستوى الإمدادات الملائم، علما أن اجتماع الوزراء في شباط المقبل سيتدارس المخاطر الجديدة، ويراقب تأثير الإفراج عن الاحتياطات النفطية الاستراتيجية لاقتصادات رئيسة عدة في العالم بقيادة الولايات المتحدة والصين.

مع ذلك، ثمة عوامل تكبح الارتفاع المستمر لأسعار النفط اهمها توقعات بضخ الولايات المتحدة والصين وعدة دول أخرى احتياطيات نفطية استراتيجية مطلع شهر شباط القادم. ومخاوف المستثمرين والخبراء حيال احتمال زيادات أسرع من المتوقع لأسعار الفائدة من قبل البنك الفدرالي الأميركي، لكبح الضغوط التضخمية، مما قد يخلف ارتفاعا للدولار الامريكي وتقليص الانتعاش الاقتصادي الراهن، وهي عوامل ترتبط عكسيا بأسعار النفط في الاسواق العالمية.

* باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2022
www.fcdrs.com

اضف تعليق