ونظرا للتطورات السياسية والاقتصادية والصحية لا يزال مشروع قانون موازنة العام 2021 في مجلس الوزراء بانتظار المناقشة والاقرار نتيجة لوعود حكومية بتضمين حزمة عريضة من الاصلاحات المالية تضمن التعايش مع الهبوط الحاد في الايرادات النفطية عبر تعظيم الايرادات غير النفطية وضبط وترشيد النفقات العامة. وتوفر الازمة المالية...
يلزم قانون الادارة المالية، رقم (6) لسنة 2019، في المادة (11)، الحكومة العراقية بتقديم مشروع قانون الموازنة الاتحادية الى مجلس النواب في موعد اقصاه منتصف شهر تشرين الاول من كل عام من اجل منح السلطة التشريعية والرقابية فرصة كافية للدراسة والنقاش والتعديل واقرار الموازنة قبل نهاية السنة المالية.
ونظرا للتطورات السياسية والاقتصادية والصحية لا يزال مشروع قانون موازنة العام 2021 في مجلس الوزراء بانتظار المناقشة والاقرار نتيجة لوعود حكومية بتضمين حزمة عريضة من الاصلاحات المالية تضمن التعايش مع الهبوط الحاد في الايرادات النفطية عبر تعظيم الايرادات غير النفطية وضبط وترشيد النفقات العامة. وتوفر الازمة المالية الراهنة ضغوط استثنائية لغرس سياسات اصلاح نوعية، طال ترحيلها خلال السنوات الماضية، في قوام الموازنة الاتحادية لضمان تنفيذها القسري بحكم القانون.
وفي هذا السياق يمكن اقتراح جملة من الفقرات التي ينبغي ان تتضمنها موازنة العام 2021، مع مراعاة ضرورة احكام الرقابة البرلمانية والقضائية للتأكد من تنفيذ كافة فقرات الموازنة ومنع تكرار ما حدث في موازنات الاعوام السابقة من تنصل حكومي صريح في التنفيذ بعض فقرات الموازنة الاتحادية، مع ضعف خطير في رصد المخالفات ومحاسبة المسؤولين لاعتبارات سياسية في الغالب.
1- اعادة النظر بفلسفة الموازنة العامة للبلد وتحويلها من متوالية عددية الى ارقام تقابلها اهداف تنموية واضحة ذات نواتج ومردودات اقتصادية واجتماعية وسياسية، والعمل على ان تكون موازنة 2021 موازنة مشاريع واداء لإحكام الرقابة والتدقيق، مع السعي الجاد لتقديم حسابات الارباح والخسائر والحسابات الختامية بدءا من سنة 2020.
2- ضرورة اعداد موازنة للعملة الأجنبية، تصدر ملحقا بالموازنة العامة، وتراقب شهريا للسيطرة على استقرار ميزان المدفوعات. وبخلافه فان استمرار تجاوز طلب القطاع الخاص على العملة الأجنبية ومدفوعات الحكومة في الخارج لمستورداتها والتزاماتها الأخرى، للإيرادات النفطية المتحققة سوف يستنزف احتياطيات البنك المركزي بشكل سريع ويعرض الاستقرار النقدي للخطر.
3- الالتزام بتحديد حصة اقليم كوردستان من مجموع الانفاق الفعلي (النفقات الجارية ونفقات المشاريع الاستثمارية) بعد استبعاد النفقات السيادية المحددة بقانون الموازنة العامة الاتحادية بشرط التزام اقليم كوردستان بتسديد اقيام النفط المصدر من الاقليم وبالكميات التي تحددها شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، فضلا على الايرادات غير النفطية، وبإشراف ديوان الرقابة المالية الاتحادي. وبخلافه ينبغي تجميد حصة الاقليم لكي لا يتكرر سيناريو الاعوام السابقة وخاصة عامي 2019 و 2020، حين استلم الاقليم حصته كاملة في عام 2019 وقرابة (2.4) ترليون عام 2020 مقابل وعود بتسليم النفط والانخراط في مباحثات مع بغداد يراد منها المماطلة والتسويف لكسب الوقت لا اكثر.
4- على مجلس الوزراء الاسراع في ابرام عقود رصينة لغرض اتمتة النظام الضريبي والكمركي واجازات الاستيراد وربط كل الوحدات الخاضعة للضريبة والكمارك بنظام الكتروني وجباية الرسوم الكمركية للبضائع المستوردة على اساس ما تم بيعه من العملة الاجنبية من خلال نافذة بيع العملة او الاعتمادات المستندية الى مستوردي السلع على ان يتم تسوية الفروقات بعد دخول البضائع المستوردة والمدققة من قبل الجهات المعنية. مع اهمية الغاء جميع الاعفاءات والاستثناءات الكمركية والضريبية الممنوحة للدول والمؤسسات الحكومية.
5- على وزارتي (الكهرباء والاعمار والاسكان) وامانة بغداد تفعيل جباية اجور الكهرباء والماء والمجاري وجميع الرسوم الاخرى المنصوص عليها ضمن قوانينها الخاصة عن الخدمات المقدمة من قبلها لغرض زيادة مواردها الذاتية. ويمكن الزام المواطنين بالدفع عبر ايقاف ترويج كافة معاملات المواطنين في جميع دوائر الدولة دون تقديم المستفيد فواتير جباية حديثة.
6- لضبط ملف مزدوجي الرواتب والفضائيين في مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية ينبغي الزام جميع الجهات الحكومية باعتماد البصمة البايرومترية (الالكترونية) المتعددة خلال تنفيذ الحركات المالية للمستفيدين من الرواتب والمنح بكل انواعها بالتنسيق بين وزارة المالية ووزارة التخطيط وديوان الرقابة المالية لتدقيق اعداد الموظفين لغرض تقاطع البيانات والمعلومات مركزيا.
7- ينبغي على هيئة الاعلام والاتصالات الزام شركات الهاتف النقال وشركات تجهيز الانترنيت بتسديد ما عليها من مبالغ وغرامات والتزامات مالية خلال (90) يوم من اقرار قانون الموازنة الاتحادية وتسجل ايرادا للدولة. وفي حالة تخلف تلك الشركات عن تسديد ما عليها من التزامات مالية وضرائب الى وزارة المالية ضمن التوقيت المحدد توقف هيئة الاعلام والاتصالات الطيف الترددي لهذه الشركات.
8- اهمية ان تقوم كافة التشكيلات الممولة مركزيا التابعة الى وزارة او جهة غير مرتبطة بوزارة تحويل ايراداتها المستحصلة بموجب قوانينها وانظمتها النافذة ايراداً نهائياً الى الخزينة العامة للدولة لغرض تمكين دائرة المحاسبة من تمويل تقديرات الموازنة الاتحادية. فقد افصح تقرير ديوان الرقابة المالية السنوي لبيانات عام 2019 عن تخلف العديد من الشركات العامة في تسديد حصة الخزينة العامة من الارباح المتحققة والبالغة قرابة (2.301) ترليون دينار بذمة (22) شركة تمثل عشر وزارات عراقية. مما يؤشر عجز الحكومة الاتحادية في استيفاء اموال الخزينة رغم الضائقة المالية التي يمر بها البلد.(ديوان الرقابة المالية، 2019: 174).
9- تشكيل لجان مختصة لمتابعة أموال العراق المهربة إلى الخارج، والتي تقدر ما بين (100-150) مليار دولار بحسب تصريح وزير المالية العراقي علي علاوي في 4 تشرين الثاني الجاري، واستردادها بالطرق الدبلوماسية والقضائية.
10- على وزارة المالية اجراء التسويات اللازمة بين ما يترتب بذمة شركة توزيع المنتجات النفطية من ارباح مع الديون المترتبة بذمة الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة لشركة توزيع المنتجات النفطية. ووفقا لتقرير ديوان الرقابة المالية السنوي لبيانات عام 2019 بلغ اجمالي المبالغ واجبة التسديد من الشركة العامة لتوزيع المنتجات النفطية الى خزينة الدولة قرابة (1.857) ترليون دينار عراقي لسنة 2019 فقط. (ديوان الرقابة المالية، 2019: 174).
11- ينبغي اعادة النظر في التخصيصات المالية الموجهة لمختلف التشكيلات التابعة للوزارات والهيئات المستقلة نظرا لعدم قيام بعض هذه التشكيلات باستغلال التخصيصات المالية السنوية المرصدة لها من وزارة المالية، مما يؤشر عدم اعتماد الاسس العلمية في رصد تلك التخصيصات الأمر الذي يؤدي الى عدم استفادة الجهات الاخرى. مع ضرورة منع استغلال التخصيصات العائدة للتشكيلات التابعة للوزارات والهيئات المستقلة من قبل دواوين الوزارات خلافاً لتعليمات تنفيذ الموازنة العامة الاتحادية. (ديوان الرقابة المالية، 2019: 174).
12- اصلاح صندوق التقاعد من خلال ايقاف تمويله من الموازنة بشكل تدريجي، وحصر الدفع بصندوق التقاعد، مع المحافظة على مساهمة الدولة، ومراجعة تلك المساهمة، وتعديل القانون وفقا لذلك. مع ضرورة اعادة النظر في الرواتب التقاعدية ومنحها لمن ادى خدمة فعلية في مؤسسات ودوائر الدولة وفقا للقوانين والتشريعات النافذة. وعدم صرف الرواتب التقاعدية لأي موظف من موظفي الدولة والقطاع العام بمن فيهم كبار مسؤولي الرئاسات الثلاث الا بعد ابراء الذمة من ممتلكات الدولة المنقولة وغير المنقولة وبأثر رجعي على ان يقدم ديوان الرقابة المالية الاتحادي تقريراً الى مجلس النواب في موعد اقصاه نهاية الفصل الاول من سنة 2020.
13- جرد املاك الدولة ووضع قاعدة بيانات مفصلة عنها، ثم تصنيفها من قبل لجنة عليا في رئاسة الوزراء (تشكل لهذا الغرض) على أساس إمكانية التصرف الحالي فيها، سواء بالبيع، او الايجار، او الاستثمار، وغيرها. وهنالك لجان متخصصة في دائرة التسجيل العقاري تضع أسعار تقديرية للأراضي والعقارات يمكن الاستعانة بها لوضع أسعار تقديرية محددة بسقف أدنى واعلى تكون مؤشر جيد وشفاف عند فتح المزاد لبيع او تأجير العقارات. ويمكن المباشرة بالمزاد بعد شهرين من تشكيل اللجان ويتم جني الأموال للموازنة العامة للدولة على ان تكون عمليات البيع او التأجير ممتدة لعدة سنوات لتمثل مصدر تمويل مستدام على الأمد المتوسط (5) سنوات مثلاً.
14- حجب البطاقة التموينية عن بعض الشرائح بما فيها كبار موظفي الدولة والتجار والمقاولين. اضافة الى خلق تمايز طبقي في مبالغ الدفع فيكون اكبر لمن هم تحت خط الفقر واقل للطبقات الوسطى وصفر لطبقة الدخول العالية، وفقا لبيانات دقيقة في مجال الاستهداف. ويمكن دمج بطاقات دفع مبالغ البطاقة التموينية مع بطاقات الدفع الأخرى وخاصة المتعلقة بالرعاية الاجتماعية او المتقاعدين او حتى الموظفين وفق أنظمة معدة لهذا الغرض. (العنبكي، 2020 :4)
15- تفعيل الاجازة براتب اسمي لمدة (5) سنوات وتكون بدون راتب لما زاد عن (5) سنوات لجميع موظفي القطاع العام على ان تحتسب لأغراض التقاعد ويحق للموظف العمل في القطاع الخاص استثناء من قانون انضباط موظفي الدولة رقم (14) لسنة 1991 المعدل.
16- ايقاف التعيينات في جميع وزارات ومؤسسات الحكومة، وخصوصا الرئاسات الثلاث (مجلس النواب، رئاسة الجمهورية، الامانة العامة لمجلس الوزراء ومكتب رئيس الوزراء) والجهات والدوائر التابعة لها، ولا يجوز نقل الخدمات او التنسيب اليها من الوزارات مع اعادة كافة منسبي الوزارات الى دوائرهم الاصلية.
17- لا يجوز لمجلس الوزراء اصدار أي قرارات تتضمن منح سلفة لأي وزارة أو جهة غير مرتبطة بوزارة دون وجود تخصيصات في الموازنة العامة المصادق عليها خلال السنة المالية 2021. مع اهمية توسيع العمل بقاعدة عدم تخصيص الايرادات العامة وأن توجه جميع الايرادات العامة إلى وعاء الخزينة العامة، وهو ما يلزم المشرع العراقي عدم تخصيص ايراد معين لجهة ما بصورة مسبقة. (العنزي،6:2020)
18- ضرورة اعداد تقارير وجداول تفصيلية عن المديونية الداخلية والخارجية والودائع الحكومية وودائع الشركات والصناديق والسياسات الضريبية والايرادات المتوقعة والاوعية المستهدفة والرسوم الكمركية والمنافذ الحدودية وعوائد عقارات الدولة وحصة الخزينة من ارباح الشركات العامة والصندوق العراقي للتنمية الخارجية والمناطق الحرة واعداد المتقاعدين وحسب الفئات وترفق مع قانون الموازنة العامة الاتحادية .
19- تعزيز عرض الموازنة العامة (دون الإخلال بالنظام المحاسبي الحكومي الذي تعد بموجبه) بكشوفات تحليلية، تستطيع مراكز اتخاذ القرار في السلطتين التنفيذية والتشريعية فهمها والوقوف على الحقائق والظواهر والمعلومات التي تعينها في اتخاذ التوجيهات والقرارات المناسبة، كما توفر تلك الكشوفات قواعد معلومات مهمة لكل المختصين والمعنيين إضافة إلى الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات المهنية وبيئة الأعمال إضافة إلى الجمهور بشكل عام.(العلاق:6).
20- اعادة النظر في منهج واليات دعم السلع الاستراتيجية كالحنطة والشعير وغيرها نظرا للتكاليف الباهظة وضعف الاستفادة منها، فضلا على استيراد كميات ضخمة من هذه السلع عبر منافذ اقليم كوردستان من دول الجوار واعادة بيعها للحكومة كمنتج وطني للاستفادة من فرق السعر.
21- إجراء مراجعة تفصيلية لرواتب القوى العاملة في القطاع العام، وتنفيذ إصلاحات أعمق بُعداً في إدارة الموارد البشرية، ومحاولة تشريع سلم وظيفي قائم على العدالة وضامن للحوافز ورفع انتاجية الموظفين في القطاع العام.
22- ينبغي ان تتركز جهود السياسة المالية في العراق في البحث عن الفرص المعظمة للموارد غير النفطية التي تجعل مقياس الرصيد الرئيسي غير النفطي NOPD هدفا للتعزيز والتكيفات المالية المطلوبة على مستوى ضبط النفقات العامة والسيطرة عليها وتعظيم الايرادات غير النفطية.
اضف تعليق