بمعزل عن التطمينات الحكومية بأن رواتب الموظفين متوفرة وان الوضع الاقتصادي مستقر وآمن تحاول وزارة المالية العراقية الاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على مزيد من القروض لتغطية العجز وتمويل دفع رواتب الموظفين. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ماذا سيعمل المسؤولون عن الملف المالي...

شهدت أسعار النفط تراجعاً غير مسبوق تاريخياً ادى الى بيع عقود خام تكساس لشهر أيار مايو لمستويات وصلت الى 37 دولار للبرميل في السالب. اما خام برنت فتراوح عند مستويات وصلت الى 25 دولار للبرميل.

وهذا سينعكس سلباً على الدول المعتمدة على النفط في ايراداتها المالية ومنها العراق.

فإذا كانت رواتب الموظفين في العراق قرابة 4 مليار دولار شهرياً فإن ايرادات النفط العراقية وفق الأسعار الحالية لن تغطي الا ثلثها او ما يعادل ثلاثة اشهر فقط. واذا ما نظرنا الى وضع الاقتصاد العالمي والانخفاض الكبير في الطلب مع الفائض في العرض فإن الأسعار لن ترتفع لمستوى 30 دولار الا في بداية الربع الاول من العام القادم 2021 على احسن تقدير.

وفي الوقت الذي شارك العراق كإحدى دول الاوبك في اتفاق خفض الانتاج مع اوبك+ ومنتجي النفط من خارجها فإنه قد يكون ملزماً بإجراء مزيد من الخفض في الانتاج لامتصاص الفائض في الاسواق العالمية. ولأن العراق ملزم مع شركات النفط العالمية بسعر محدد وثابت للخدمات وفق جولات التراخيص الرابعة فإن العراق سيكون ملزماً بدفع تلك المبالغ بغض النظر عن تراجع الأسعار. وهذا يحمل العراق خسائر بمليارات الدولارات اضافة الى خسارة العراق بسبب تراجع الايرادات.

وبمعزل عن التطمينات الحكومية بأن رواتب الموظفين متوفرة وان الوضع الاقتصادي مستقر وآمن تحاول وزارة المالية العراقية الاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على مزيد من القروض لتغطية العجز وتمويل دفع رواتب الموظفين.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ماذا سيعمل المسؤولون عن الملف المالي العراقي اذا ما تدهورت أسعار النفط اكبر خاصة وان الدول ستستخدم مخزوناتها النفطية حال عودة الطلب للنمو؟

الطامة الكبرى ان معالم الصناعة النفطية كانت واضحة بأنها تعيش أياماً صعبة منذ أكثر من عشرة أعوام وكنا نسمع عن أهمية تنويع الاقتصاد العراقي، لكن ما رأيناه طيلة السبعة عشر عاماً كان هدراً للموارد المالية واستنزافاً لثروات العراق دون اي اهتمام بتنويع الاقتصاد والحد من الفساد.

الاحزاب الحاكمة في العراق لا تهتم الا بلجانها الاقتصادية والصراع على الوزارات في حين يواجه الشعب العراقي مصيراً مجهولاً وغامضاً.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق