يلوح في الأفق بوادر انشقاق واضح داخل إئتلاف دولة القانون وهو الكتلة ذات الثقل الأكبر في البرلمان والتحالف الوطني.
وإن حدث هذا فإن التحالف الوطني الشيعي مهدد بالانقسام ما قد يؤدي إلى تشكل تحالفات سياسية جديدة بعيداً عن الهويات الطائفية والقومية.
ملامح الانقسام داخل دولة القانون تشير إلى أن جناح رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي سيبقي على تحالفه مع المجلس الأعلى والتيار الصدري والفضيلة في حين يبقى جناح دولة القانون المتمثل بالمالكي مرتبطاً بالزواج الكاثوليكي مع كتلة بدر بزعامة هادي العامري.
إلا أن كتلة بدر أيضاً ليست موحدة كما كانت في السابق، ناهيك عن أنها لن تسمح بإضعاف الحكومة أو سحب الثقة عنها وذلك على الرغم من وجود تيار متشدد فيها يرى مصلحته في زيادة الضغط للحصول على مكاسب سياسية أكبر.
ويشعر الكثيرون من أعضاء دولة القانون أن سمعة كتلتهم قد تضررت في الأوساط الشعبية وذلك بسبب التصرفات الخاطئة لحكومة المالكي في المرحلة السابقة. لذا ينحاز أكثر من نصف أعضاء دولة القانون إلى جانب العبادي ما يقلص من المساحة التي يتحرك عليها جناح المالكي.
أما الرابح الأكبر في هذا الصراع فهوالكتل الأخرى من خارج التحالف الوطني وأبرزهم اتحاد القوى ممثلاً بالعرب السنة والتحالف الكردستاني.
فاتحاد القوى مستعد للدخول في تحالف مع أحد طرفي التحالف الوطني ممثلاً إما بالعبادي أو المالكي شريطة تنفيذ بعض المطالب وأهمها قانون الحرس الوطني المثير للجدل وعودة النازحين لمناطقهم.
أما التحالف الكردستاني فهو غير منسجم كما كان في الماضي. فكتلة التغيير لا ترغب في تشكيل حكومة يكون فيها رئيس الإقليم مسعود البرزاني محتفظاً بمنصبه أما الاتحاد الوطني الكردستاني فهو يرفض أيضاً تشكيل حكومة من دون أعضاء التغيير ما يعني أن هذا التحالف الكردي ليس متحداً كالمعتاد.
وقد تكون كتلة التغيير والاتحاد الوطني الكردستاني أقرب إلى جناح رئيس مجلس الوزراء العبادي. أما الحزب الديمقراطي الكردستاني المرتبط بمسعود البارزاني فهو قد يجد في التحالف مع جناح المالكي فرصة تاريخية لتجديد اتفاق أربيل مرة أخرى على أساس ما سيحصل عليه من تنازلات تتعلق بالنفط والمناطق المتنازع عليها.
ويزيد من تعقيد المشهد السياسي التدخل الإقليمي الذي سيكون له أثر واضح في دعم أو عرقلة هذه التحالفات. فإيران وحلفائها ستقف بوجه الطرف المؤيد لقانون الحرس الوطني في حين أن الولايات المتحدة وحلفاؤها ستدعمه.
لذلك فإن العبادي أمام خيارات كلها صعبة: فهو إما أن يبقى جزءاً من دولة القانون ويرضخ لإرادة كتلته التي تقيد تحركاته وهوما لا يفضله خاصة وأن هذا الأمر يعني الحد من رؤيته في التغيير والإصلاح.
أو أن يضطر لشق دولة القانون بالتعاون مع عدد من النواب المتمردين على واقع المحاصصة ومجموعة من النخب الشعبية. ويحتاج هذا القرار إلى جرأة وتخطيط مدروس واتفاق حتى مع القيادات الأمنية.
وفي جميع الأحوال فإن تشكيل العبادي لتكتل سياسي جديد مدعوم بتيار شعبي يتطلب مواجهة الواقع السياسي القائم وضرب الفاسدين والعمل على خلق واقع سياسي آخر يغير خارطة التحالفات السياسية القائمة.
اضف تعليق