تشهد اسواق النفط الخام وللمرة الاولى ضغوطا عكسية من جانبي العرض والطلب، فقد ولدت الاحداث الاخيرة صدمة مزدوجة اطاحت بالأسعار بشكل حاد لم تشهده اسواق الطاقة منذ حرب الخليج عام 1991، بسبب حرب سعرية اندلعت بين كبار منتجي النفط في العالم (السعودية وروسيا) تهدد بإغراق الأسواق بالنفط الرخيص...

تشهد اسواق النفط الخام وللمرة الاولى ضغوطا عكسية من جانبي العرض والطلب، فقد ولدت الاحداث الاخيرة صدمة مزدوجة اطاحت بالأسعار بشكل حاد لم تشهده اسواق الطاقة منذ حرب الخليج عام 1991، بسبب حرب سعرية اندلعت بين كبار منتجي النفط في العالم (السعودية وروسيا) تهدد بإغراق الأسواق بالنفط الرخيص.

جاء ذلك في اعقاب رفض روسيا دعم منظمة اوبك في تقليص إنتاج النفط العالمي للتكيف مع التراجع الكبير في الطلب بسبب تأثير فيروس كورونا على حركة السفر والنشاط الاقتصادي وتفاقم المخاوف من ركود اقتصادي عالمي في ظل الانتشار السريع لفيروس كورونا.

صدمة العرض

تراجعت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام ولأدنى مستوى لها منذ العام 2016 بعد أن خفضت السعودية السعر الرسمي لبيع نفطها الخام، اشارة لحرب أسعار عقب إخفاق محادثات أوبك مع روسيا في التوصل لاتفاق بشأن خفض الانتاج. وجاءت هذه الخطوة كرد لرفض روسيا يوم الجمعة الماضي اقتراح أوبك إجراء تخفيضات كبيرة في الإنتاج من أجل استقرار الأسعار التي تضررت من التبعات الاقتصادية لفيروس كورونا. وقد حاولت أوبك زيادة التخفيضات الحالية مع حلفائها، في إطار ما يعرف بمجموعة (أوبك+)، بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا، إلى أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا حتى نهاية العام. ونتيجة رفض روسيا مقترح التخفيض انهار التحالف النفطي واندلعت حرب أسعار على الحصص السوقية.

وتفيد حسابات أجرتها وكالة رويترز فقدان النفط لأكثر من ثلث قيمته السعرية بعد انهيار تحالف (أوبك+)، وهو ما يكلف الدول الأعضاء في أوبك أكثر من نصف مليار دولار يوميا بسبب انحسار الإيرادات النفطية. ويتصدر الايراد النفطي قائمة مصادر الدخل بالنسبة لأعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط، وسيفرض مثل هذا الهبوط الحاد في الأسعار ضغطا على اقتصاديات وموازنات هذه الدول، وبالخصوص بالنسبة لفنزويلا والعراق وإيران لعدم امتلاكها مصدات مالية مناسبة لحماية الموازنة والاقتصـــــاد.

وقد تراجع خام برنت بقرابة (31%) ليسجل 31.02 دولار يوم الاثنين الماضي، وهو أدنى مستوى له منذ منتصف فبراير شباط عام 2016. وعند هذا المستوى المتدني، تكون الأسعار قد تراجعت بقرابة 20 دولارا للبرميل عن ذروة ما قبل اجتماع أوبك وحلفائها في السادس من مارس آذار الجاري. ووفقا لحسابات رويترز، يعني هذا، وبناء على متوسط إنتاج دول اوبك، فقدان إيرادات نفطية تتجاوز حاجز 500 مليون دولار يوميا. وتفوق الخسائر الاجمالية لهذه الدول مليار دولار يوميا عند مقارنتها مع المستوى المرتفع الذي بلغته اسعار نفط برنت في يناير كانون الثاني عند 71.75 دولار للبرميل.

وقد اعلنت كل من السعودية وروسيا رغبتها زيادة الإنتاج بعد انهيار اتفاق (اوبك +) والذي استمر لثلاث سنوات بينهما وبين منتجي نفط كبار آخرين لكبح المعروض النفطي العالمي. مما يرجح انخراط بقية منتجي النفط الخام في هذه الحرب حفاظا على حصصها السوقية، وهو ما ينذر بانهيارات جديدة اذا ما استمر الجميع في اتباع سياسة التخفيض السعري.

صدمة الطلب

على جانب الطلب على النفط الخام، اعلنت وكالة الطاقة الدولية يوم الاثنين الماضي إن الطلب العالمي على النفط يتجه للانكماش للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات في ظل تعثر النشاط الاقتصادي العالمي بسبب فيروس كورونا. وقالت الوكالة إنها تتوقع أن يبلغ الطلب على النفط قرابة 99.9 مليون برميل يوميا في عام 2020 لتخفض بذلك الوكالة توقعاتها السنوية بقرابة مليون برميل يوميا في أول تراجع للطلب منذ العام 2009. واشارت الوكالة في تقرير توقعاتها متوسطة الأجل أنه في حال فشل الحكومات في احتواء تفشي فيروس كورونا فإن الاستهلاك قد ينخفض بما يصل إلى 730 ألف برميل يوميا.

وقد ادى تفشي الفيروس إلى تراجع حاد في النشاط الصناعي في الصين واقتصادات آسيوية أخرى وكذلك إيطاليا وهي إحدى المناطق الأكثر تضررا خارج الصين. كما أسهم تفشي الفايروس إلى تباطؤ في الطلب العالمي على النقل البري والجوي في مختلف بلدان العالم.

* باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2020
www.fcdrs.com

اضف تعليق