منتدى دافوس منظمة غير حكومية لا تهدف للربح مقرها جنيف بسويسرا أسسها أستاذ في علم الاقتصاد كلاوس شواب في 1971. يعتبر هذا المنتدى بمثابة المساحة تلاقى النخب من 1000 من ممثلى الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى من أمثال نستلة ونيكي وميكروسفت وبكتل، والقادة السياسيين بهدف النقاش في المشكلات الاقتصادية والسياسية التى تواجه العالم وكيفية حلولها. يعقد المنتدى اجتماعاته السنوية في دافوس "عاصمة مايكروسوفت" حيث يتم وضع مسودات لخطط ومشاريع اقتصادية مشتركة، هذا إلى جانب دوره التعبوى لسياسات النيوليبرالية للبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والتي تستهدف بالأساس لخصخصة الخدمات الأساسية وتحرير السوق وخلق مناخ يسمح بالاستثمار بما يتطلبه ذلك من إصلاحات سياسية.
دافوس 2018
وفيما برزت في منتدى دافوس 2017 مخاوف من تداعيات الانتخابات الرئاسية الأميركية وقرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الاوروبي، فإن المشاركين في دورة هذا العام يحضرون المنتدى وسط أجواء تفاؤل بسبب الانتعاش الاقتصادي العالمي، فقد نشر صندوق النقد الدولي أمس الاثنين توقعاته للنمو العالمي، والتي تشير إلى أن الاقتصاد العالمي سيحقق نموا بنسبة 3.9% هذا العام والعام المقبل، مقارنة بنمو بنسبة 3.7% في 2017.
ومما يضعف البيانات المتفائلة حول الاقتصاد العالمي تحذيرات للتجمعات النخبوية مثل دافوس، بأن عليها البحث عن حقوق لجميع الأشخاص على اختلاف مداخيلهم، في وقت يجمع فيه "1%" ثروات لا تحصى بعد عقد من أزمة مالية كبيرة، وتحدثت المنظمة الخيرية البريطانية أوكسفام عن اقتصاد عالمي تجمع فيه قلة من الأثرياء ثروات لا تحصى، فيما مئات ملايين الأشخاص "يكافحون للعيش على خط الفقر".
كما ينعقد منتدى دافوس في وقت بلغت فيه معنويات أرباب العمل أعلى مستوياتها بحسب استطلاع دولي أجرته شركة "برايس ووتر هاوس كوبرز" البريطانية، المتخصصة في التدقيق الاقتصادي، وأوضحت نتائج الاستطلاع أن 57% من مديري هذه الشركات يتوقعون أن ينمو الاقتصاد العالمي خلال الاثني عشر شهرا القادمة، وهذه النسبة هي الأعلى منذ بدء هذه الاستطلاعات عام 2012، وتجدر الإشارة إلى أن هذه النسبة ارتفعت بمقدار الضعف تقريبا مقارنة باستطلاع العام الماضي الذي بلغت النسبة فيه 29% فقط. في الوقت نفسه، أبدى 42% فقط من المديرين تفاؤلهم حيال تحقيق شركاتهم نموا.
دافوس والعراق
شارك العراق بوفد رفيع المستوى يضم رئيس مجلس الوزراء عددا من الوزراء والمسؤولين في اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي التي عُقدت بمنتجع "دافوس" السويسري في الفترة بين 23 و26 يناير 2018، تحت عنوان "بناء مستقبل مشترك في عالم مفكك"، ليمثل منصّة عالمية تجمع بين القادة في القطاعين الحكومي والخاص في مختلف أنحاء العالم، بمشاركة حوالي 70 رئيس دولة ورئيس وزراء، و340 من كبار الساسة والمسؤولين في العالم.
وكان يأمل العراق أن يحظى بردود فعل ايجايبة سيما بعد الانتصارات الأخيرة على داعش وإعادة المناطق المحررة من جديد، ومن خلال التحشيد في المشاركة في إعمار هذه المناطق والمساهمة أيضاً في مؤتمر المانحين الذي سُيعقد في الكويت الشهر القادم. الا أن مغادرة العبادي قبل نهاية المنتدى أظهرت أن العراق ربما قد فشل في نقل صورة ايجابية للمشاركين، فعلى الرغم من اللقاءات التي حدثت مع رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم وكذلك تيرزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا وعدد أخر من الرؤساء والمشاركين.
وربما تعود أسباب هذا الاخفاق غير المعلن الى جملة من الأسباب، أهمها:
1- إن النصر على تنظيم داعش وتحرير المناطق التي كانت تحت سيطرة الارهاب، لم يكن كافياً للمشاركين في تقديم ما يسعى اليه العراق من دعم وجلب للاستثمارات الاجنبية، والسبب في ذلك وعلى الرغم من أهمية الانتصار على داعش، الا أن هذا غير مقنع للمشاركين فهو يعد نصر على المستوى العسكري والأمني، اذ لم يتحقق شيء على المستوى السياسي والاقتصادي، سيما فشل وعود الاصلاح الاقتصادي، كذلك فأن جهود مكافحة الفساد غير مقنعة بالمرة. فضلاً عن أن المبالغ التي يسعى العراق الى الحصول عليها تصل من 50 الى 100 مليار دولار لأجل اعمار هذه المناطق، وهو رقم قد يكون من الصعب تحقيقه لضخامته.
2- تراجع مستوى العلاقات بين الاقليم والمركز، سيما بعد أزمة الاستفتاء، وعلى الرغم من الموقف الايجابي للحكومة، الا أن التخوف لايزال واضح من تردي وتأزم الوضع من جديد، وهذا قد يلقي بظلاله على طبيعة العلاقات والثقة التي يبدو أنها لازالت تمضي في طريق مسدود ولجميع الاطراف. فضلاً عن التخوف وغياب الثقة حول كيفية ضمان إن الاموال المخصصة للاعمار ستصرف بشكل شفاف وسليم في ظل الفساد المستشري في البلد.
3- موقف العراق الاقليمي والعالمي المتذبذب بخصوص الاحداث الخارجية، مع عدم وضوح سياسة العراق الخارجية تجاه القضايا الدولية، فهو تارةً مؤيد وتارةً أخرى رافض لذات القرار ولأكثر من مرة، سيما فيما يتعلق بالمواقف الأمنية والعسكرية في المنطقة.
4- قضية الانتخابات وما ستفرزه من نتائج تلقي بأثارها على ما سيكون الوضع عليه في المستقبل، كما لايزال هناك تخوف من مستقبل الحشد الشعبي والوضع الأمني في العراق، وفي ظل غياب سياسة داخلية لاحتواء الوضع، فأن هذا سينعكس سلباً على مُجمل العلاقات السياسية.
اضف تعليق