يشكل الذكاء التنافسي اليوم أحد أهم المرتكزات التي تعتمد عليها المنظمات الصناعية لفهم بيئتها، ومتابعة تحركات المنافسين، واتخاذ قرارات مبنية على معلومات دقيقة تدعم استراتيجياتها المستقبلية. ورغم اتساع الاهتمام العالمي بهذا المفهوم، فإن الأبحاث المحلية تشير إلى غياب دراسات تربطه بصورة مباشرة بالأداء التسويقي المستدام...
يشكل الذكاء التنافسي اليوم أحد أهم المرتكزات التي تعتمد عليها المنظمات الصناعية لفهم بيئتها، ومتابعة تحركات المنافسين، واتخاذ قرارات مبنية على معلومات دقيقة تدعم استراتيجياتها المستقبلية. ورغم اتساع الاهتمام العالمي بهذا المفهوم، فإن الأبحاث المحلية تشير إلى غياب دراسات تربطه بصورة مباشرة بالأداء التسويقي المستدام، الأمر الذي أحدث فجوة معرفية واضحة في الأدبيات العراقية.
وجاءت دراسة الباحث محمد يونس العكيدي من كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة الموصل لتسدّ جزءاً محورياً من هذه الفجوة، إذ تُعد بحسب إطلاع الباحث أول دراسة عراقية تربط بين الذكاء التنافسي والأداء التسويقي المستدام داخل بيئة صناعية فعلية، عبر تحليل آراء عيّنة من العاملين في معمل سمنت حمّام العليل. وتمثل هذه الخطوة إضافة معرفية مهمة، خصوصًا أن موضوع الأداء التسويقي المستدام لم ينل نصيبه الكافي من التعمق البحثي، رغم أهميته في تحقيق التوازن بين الجدوى الاقتصادية والحماية البيئية والمسؤولية الاجتماعية.
وتتجلى أهمية الدراسة في معالجتها المتوازنة للشقين النظري والتطبيقي، وتقديمها رؤية عملية لكيفية توظيف الذكاء التنافسي في تحقيق أداء مستدام قادر على مواكبة تحديات السوق المحلي. كما بذل الباحث جهوداً ميدانية كبيرة لتجاوز صعوبات تطبيقية واجهته أثناء جمع البيانات في البيئة الصناعية، ما أضفى على نتائجه مصداقية أعلى وعمقاً أكبر.
في هذا الحوار، نفتح مع الباحث ملفات دراسته، ونناقش أبرز نتائجها، والصعوبات التي واجهته، والرؤى التي يقترحها لمسار التطوير المستقبلي في المنظمات الصناعية العراقية، وخاصة ما يتعلق بتفعيل الاستدامة عبر أدوات الذكاء التنافسي.
كيف أسهمت الدراسة الحالية، بوصفها " أول دراسة تربط ما بين الذكاء التنافسي والأداء التسويقي المستدام"، في إثراء الفجوة المعرفية التي حددتها في الأدبيات السابقة؟
أسهمت هذه الدراسة الحالية من أهمية كبيرة في الموضوعات والمضامين التي تتطرق اليها بوصفها موضوعات لم تلق نصيباً كافياً من التعمق خاصة الأداء التسويقي المستدام، إذ شكل موضوع الأداء التسويقي المستدام موضوعاً معاصراً في تعامله و كذلك امتازت في تقديمها بشقيها التطبيقي والنظري عبر دراسة المفاهيم الذكاء التنافسي، والأداء التسويقي المستدام، وذلك لتحديد رؤيتها، من أجل تحقيق الأداء الجيد والمستدام والمحافظة على الاداء البيئي والاجتماعي والاقتصادي، وأسهمت هذه الدراسة الحالية كونها أول دراسة تربط ما بين الذكاء التنافسي والأداء التسويقي المستدام حسب إطلاع الباحث، وهذا ما دفع الباحث إلى بذل المزيد من الجهد والوقت لإكمال هذه الدراسة.
ما هي أبرز الصعوبات المنهجية التي واجهتك أثناء تطبيق الدراسة في البيئة العراقية، وتحديداً في معمل سمنت حمام العليل، وكيف تجاوزتها لضمان دقة النتائج؟
أثناء تطبيق الدراسة في معمل سمنت حمام العليل، واجهت عدة صعوبات منهجية أثرت على جمع وتحليل البيانات، أبرزها كان نقص البيانات الدقيقة والمحدثة، فاعتمدت على الجمع الميداني الاستبانة والمقابلات وتحويل المعلومات الورقية إلى صيغ قابلة للتحليل، كما واجهت محدودية التعاون الداخلي بسبب ضغط العمل، فتمت الجدولة المرنة للمقابلات وشرح أهمية الدراسة للفريق، كذلك تفاوت الوعي بمفاهيم الذكاء والاستدامة بين الموظفين، فتم تقديم شرح مبسط قبل تعبئة الاستبيانات لضمان دقة المعلومات، كما شكلت حساسية بعض البيانات تحدياً، فاعتمدت على بيانات عامة رسمية، هذه الإجراءات ساعدت في تحقيق نتائج دقيقة وموثوقة رغم التحديات.
صف لنا آليات عملية "النشر" لنتائج التحليل داخل المنظمة، وكيف تضمن هذه الآليات تحويل المعلومات التنافسية إلى إجراءات استراتيجية ملموسة؟
من ضمن آليات النشر هي قنوات الاتصال الداخلية بين الوحدات الإدارية المختلفة بأنواعها المختلفة والتي تشمل وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها والأجهزة والآلات والموارد التقنية التي تشمل البرامج والإجراءات الالكترونية يمكن إن تشمل قواعد البيانات والمعرفة والبيئة المناسبة للعمل ودعم الدورات التدريبية الخاصة في مهارات التواصل ودعمهم في مهارات الاستعلام والتنقيب في البيانات التي تساهم في تسهيل عملية الاستفادة واسترجاع وحفظ البيانات وإتاحتها عند الحاجة لمستخدميها، وتساهم هذه الاليات في تحويل المعلومات التنافسية الى إجراءات تنافسية من خلال تقديم نتائج التحليل إلى المستويات الإدارية المختلفة في المنظمة للمساعدة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية المهمة وكذلك مساعدة العاملين في أداء أنشطتهم الوظيفية ومساعدة المدراء على التنبؤ بالمستقبل بالنسبة لجميع أنشطة المنظمة والإسهام في تقييم الأنشطة وإجراءات عمليات الرقابة.
بأي طريقة يعكس كل بعد من أبعاد الذكاء التنافسي (التخطيط، جمع البيانات، التحليل، النشر) رؤية المنظمة في تحقيق المزايا التنافسية في صناعة الإسمنت؟
_ يعكس بعد التخطيط في تمكين المنظمة من التفكير المبكر والمنظم في كل الأمور ذات الصلة بالأنشطة التسويقية ويضمن التنسيق والتكامل لكل الجهود المختلفة في المنظمة، ويؤدي إلى تحديد الوقت اللازم لتنفيذ كل جزء من أجزاء العمل المنظمة، يساعد التخطيط في بناء معايير للأداء لتسهيل عملية الرقابة ورفع مستوى أدائها.
_ بعد جمع البيانات فهي عملية تتم من خلالها جمع البيانات والمعلومات المتعلقة بكل تحركات المنافسين في المؤسسة لذلك يعد التحذير المبكر للتهديدات المنافسين لذلك غالباً ما تكون بعض المؤشرات المرتبطة بالنوايا المنافسين غامضة ومن ضمنها، عدد المنافسين ومواقع تواجدهم، التغيرات في الحصة السوقية، الاستراتيجيات المعتمدة من قبل المنافسين.
_ بعد التحليل تشتمل عملية التحليل البيانات على اختبار منظم للبيانات والمعلومات المناسبة، والمعرفة التي جمعت من أجل أن تكون قابلة وممكن تحويلها إلى نتائج جيدة ومفيدة.
_ بعد النشر هي الخطوات التي يتم عن طريقها نقل النتائج المتحصلة عليها من عملية توليد التحليل إلى الجهات المعنية ذوي السلطة والمسؤوليات العليا في المؤسسة من أجل العمل على البناء على تلك النتائج القيمة ويجب أن يكون تقديمها بالوقت الملائم والشكل المناسب لكافة المسؤولين في المنظمة التي تمكنهم من أداء وظائفهم والاستجابة لكافة التغيرات التي تطرأ على المحيط وتساعدهم على اتخاذ القرارات.
ما هي الأساليب المحددة التي يتبعها معمل سمنت حمام العليل لتتبع ومتابعة أنشطة البحث والتطوير لدى المنافسين، كما أشرت في مقترحاتك؟
معمل سمنت حمّام العليل يتابع أنشطة البحث والتطوير لدى المنافسين من خلال فريق يراقب الابتكارات والتقنيات الجديدة، وجمع معلومات مفتوحة عن منتجاتهم وشراكاتهم، كما يدرس براءات الاختراع والمقالات العلمية لمعرفة أولويات البحث المستقبلية، ويحلل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات لديهم، يستخدم المعمل أدوات ابتكار وتقنيات لتحليل البيانات بسرعة ودقة، ويحضُر المؤتمرات الصناعية لمتابعة المشاريع الجديدة ، تُجمع كل المعلومات في تقارير دورية تُستخدم في التخطيط الاستراتيجي لتحديد أولويات البحث والتطوير واتخاذ قرارات مبتكرة تدعم القدرة التنافسية.
كيف يمكن للمنظمة أن تترجم العلاقة الارتباطية والتأثيرية القوية التي وجدتها بين الذكاء التنافسي والأداء المستدام إلى سياسات تشغيلية يومية على أرض الواقع؟
يمكن للمنظمة استخدام الذكاء التنافسي لتحسين الأداء المستدام من خلال جمع المعلومات عن المنافسين والسوق جزءًا من القرارات اليومية، تُحوَّل هذه المعلومات إلى مؤشرات عملية تساعد فرق العمل على تحسين عمليات الإنتاج بطريقة صديقة للبيئة وفعّالة اقتصاديًا واجتماعيًا، وكذلك تحدد الإدارة أهدافًا يومية وأسبوعية واضحة مرتبطة بالاستدامة ليعرف كل فريق دوره بالضبط ، تُنشأ أنظمة متابعة مستمرة لمراقبة النتائج وتصحيح أي انحراف فورًا، يتم تدريب الموظفين على استخدام المعلومات التنافسية لتحسين العمليات الإنتاجية المستدامة واقتراح حلول جديدة ، وتُربط المكافآت بتحقيق أهداف الاستدامة والقدرة على الاستفادة من المعلومات التنافسية، بهذا الشكل، تصبح المعلومات التنافسية أداة عملية يومية تساعد على تحسين الأداء التسويقيٍ المستدام وتعزيز ميزة المنظمة التنافسية.
في ضوء التحديات البيئية لصناعة الإسمنت، ما هي أهم الخطوات المبتكرة التي يمكن للمعمل تبنيها لخفض حجم "التأثيرات البيئية الخطيرة" بعيداً عن الطرق التقليدية؟
تقليل الآثار البيئية للسمنت من خلال استخدام مواد رابطة بديلة مثل المواد الإسمنتية التكميلية واستخدام الوقود البديل مثل النفايات، وتحسين كفاءة الطاقة في المصانع، وتطبيق تقنيات التقاط الكربون وتخزينه. كما يمكن استخدام الخرسانة الخضراء التي تعتمد على مواد مُعاد تدويرها لتقليل انبعاثات الكربون والبصمة البيئية.
أ_ استخدام مواد بديلة للسمنت: استخدام "المواد الإسمنتية التكميلية" (SCMs) مثل الرماد المتطاير وخبث الأفران كبدائل لجزء من الكلنكر في الأسمنت، مما يقلل من الحاجة إلى إنتاج الكلنكر ذي الطاقة العالية.
تطوير أنواع جديدة من الخرسانة مثل "الخرسانة الخضراء التي تستخدم مواد مُعاد تدويرها لتقليل التأثير البيئي.
ب_ استخدام الوقود البديل: الاعتماد على أنواع وقود بديلة مثل النفايات الصلبة الصناعية والكتلة الحيوية لتقليل استخدام الوقود الأحفوري في أفران السمنت، استخدام الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة في عمليات الإنتاج حيثما أمكن.
ج_ تحسين كفاءة الإنتاج: تحسين كفاءة الأفران والعمليات في المعمل من خلال التقنيات المتقدمة والصيانة الدورية، وتطبيق تقنيات التقاط الكربون وتخزينه لالتقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل إطلاقها في الغلاف الجوي.
د_ استخدام تقنيات مراقبة فعالة: استخدام أجهزة استشعار لمراقبة الانبعاثات بشكل مستمر لتحديد المشاكل واتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب، وتطبيق معايير انبعاثات صارمة وفرض الحوافز والعقوبات لضمان الامتثال للممارسات البيئية الجيدة.
اشرح كيف يساهم تحفيز الموظفين لـ "توثيق معرفتهم التنافسية" في دعم الأداء الاجتماعي المستدام للمنظمة؟
نعم، يساهم تحفيز الموظفين بشكل مباشر في الأداء الاجتماعي المستدام من خلال تعزيز بيئة العمل الإيجابية، وزيادة التعاون بين الموظفين، وتحسين العلاقات بين الأفراد، ورفع الروح المعنوية للفريق، الموظفون المحفزون يساهمون في ثقافة عمل داعمة وشاملة، ويكونون أكثر استعداداً لمشاركة الأفكار وتبادل الخبرات، مما يعزز تماسك الفريق ونجاح المشاريع ، والموظفون المتحفزون يجلبون معهم الإيجابية والحماس، مما يؤثر على زملائهم ويدعم ثقافة شاملة داعمة، ويشجع التحفيز الموظفين على التعاون بفعالية أكبر ودعم زملائهم، مما يقوي العلاقات بين أعضاء الفريق، وعندما يشعر الموظفون بالتقدير والتحفيز، يصبحون أكثر استعداداً للتواصل بفعالية مع الآخرين وتبادل الأفكار والخبرات.
ما هي آليات التنفيذ لـ "التأكد من قيام المنظمة بإحداث التوازنات بين مستوى الجودة المطلوب ومقدار التكلفة" في سياق يركز على الاستدامة بثلاثة أبعادها؟
في سياق يركز على الاستدامة بأبعادها الثلاثة (الاقتصادية، البيئية، الاجتماعية)، تصبح آليات تنفيذ التوازن بين مستوى الجودة المطلوب ومقدار التكلفة أكثر تعقيداً، لأنها لا تقتصر على كفاءة مالية فقط، بل تشمل أيضاً التأثيرات البيئية والاجتماعية، فيما يلي آليات تنفيذ عملية وواقعية يمكن للمنظمة اعتمادها:
أولاً: آليات مرتبطة بالبُعد الاقتصادي (الكلفة مقابل الجودة)
1. تطبيق منهجيات إدارة الجودة الشاملة: استخدام أدوات لتقليل الهدر وتحسين الجودة، يؤدي ذلك إلى تقليل التكلفة على المدى الطويل عبر خفض الأخطاء وإعادة العمل.
2. تحليل التكلفة مقابل القيمة: تحديد العناصر ذات القيمة العالية للعميل والتركيز على تحسين جودتها فقط، تجنب الرفاهيات غير الضرورية التي تزيد التكلفة دون أثر على رضا المستهلك، يساعد هذا على اختيار حلول عالية الجودة تقلل التكلفة الإجمالية، حتى لو كانت تكلفة الشراء أعلى.
3. تحسين الكفاءة التشغيلية وسلاسل الإمداد: تقليل الفاقد في الطاقة والمواد، دمج الموردين المستدامين للحصول على جودة عالية بتكلفة أقل على المدى البعيد.
ثانياً: آليات متصلة بالبُعد البيئي (جودة مستدامة بأقل أثر بيئي)
1. تطبيق الإنتاج الأنظف: تحسين العمليات لتقليل النفايات والانبعاثات دون المساس بالجودة، هذه المقاربة تخفض التكلفة عبر استهلاك أقل للمواد والطاقة.
2. اعتماد التصميم البيئي: تصميم منتجات عالية الجودة قابلة لإعادة التدوير أو ذات عمر أطول، يقلل ذلك الحاجة إلى مواد جديدة ويخفض التكلفة الإجمالية للمستهلك والمنظمة.
3. إدارة الطاقة بكفاءة: استخدام تقنيات موفرة للطاقة في الإنتاج والإدارة، يتيح تحقيق جودة ثابتة ولكن بتكلفة تشغيل أقل وبتأثير بيئي أقل.
ثالثاً: آليات مرتبطة بالبُعد الاجتماعي
1. تطوير المهارات الإنسانية وتحسين بيئة العمل: تدريب العاملين على تقنيات الجودة يقلل الأخطاء وبالتالي يقلل التكلفة، بيئة عمل جيدة تعني إنتاجية أعلى وجودة أفضل.
2. ضمان سلامة وأخلاقيات سلسلة الإمداد: اختيار موردين يطبقون معايير العمل العادل يقلل مخاطر السمعة ويزيد ثقة المستهلكين، الثقة تؤدي لاستقرار السوق وتقليل تكاليف الأزمات.
3. إشراك أصحاب المصلحة: فهم توقعات العملاء والمجتمع يؤدي لتحديد مستويات الجودة التي تستحق الاستثمار فقط، تجنب الإنفاق على جودة مبالغ فيها لا يطلبها السوق.
كيف ترى مستقبل "الأداء التسويقي المستدام" كمفهوم تطبيقي في المنظمات الصناعية العراقية في ظل التنافس العالمي الذي أشرت إليه كأحد دوافع البحث؟
في ضوء التحولات العالمية والضغوطات الاجتماعية والبيئية فإن مستقبل الأداء التسويقي المستدام ناجح في كل الجواب والمؤشرات التي تحقق للمنظمة الأداء الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بدلاً من الأداء التسويقي التقليدي، وهذا المتغير يساهم في تحقيق الأرباح للمنظمة وتحقيق المنتجات الخضراء التي تحافظ على البيئة من التلوث والهدر في الطاقة والكفاء واستغلال الموارد بشكل أمثل وكذلك المحافظة على المجتمع وتحقيق الابعاد الاستدامة الثلاثة في العملية الإنتاجية والتسويقية مما يزيد من عملية التنافس في السوق وزيادة في الحصة السوقية وبناء علامة تجارية ريادية في السوق مما يزيد من اقبال المستهلكين تجاه المنظمة.
ما هي التداعيات العملية لكون الذكاء التنافسي "المرأة العاكسة للأوضاع الخارجية" على عملية صناعة القرارات الاستراتيجية في معمل الإسمنت؟
لقد أصبح الذكاء التنافسي محط اهتمام الكثير من المنظمات في السنوات الأخيرة، لأهميته الكبيرة والفوائد والمزايا التي تجنيها المؤسسات في بيئة العمل، نتيجة دعمه في جمع المعلومات الخارجية وتفسيرها وتحليلها وبما يسهم بشكل جيد في تحقيق القيمة المضافة لها، يعمل الذكاء التنافسي على الرصد المستمر للسوق الذي يتميز بالتغيير الدائم فيعمل على توفير المعلومات منها الاتية منها:
أ_ الجداول الزمنية التنظيمية.
ب_ جميع التجارب الجارية من المنتجات التنافسية الحالية والمستقبلية.
ت_ مبيعات عدد من المنافسين والاستراتيجية التسويق.
ث_ استراتيجية لعرض كافة المنتجات الجديدة ذات خصائص أكثر فعالية.
ح_ أنشطة المنافسين في الترويج للمنتج في وسائل الإعلام المرئية وغير المرئية ومدى تأثيراتها على أفكار وتوجهات المستهلكين.
قدم تصوراً لنموذج مثالي لتحليل البيانات داخل المنظمة يدعم صناع القرار الاستراتيجي في جوانب الاستدامة الثلاثة (الاقتصادي، الاجتماعي، البيئي)؟
هذا النموذج يوفّر إطاراً متكاملاً لجمع ولتحليل البيانات داخل المنظمة لدعم القرارات الاستراتيجية المرتبطة في جوانب الاستدامة الثلاثة (الاقتصادي، الاجتماعي، البيئي) ، يبدأ بجمع بيانات تشغيلية ومجتمعية وبيئية من أنظمة متعددة ومنها البيانات الاقتصادية مثل التكاليف والإيرادات، وبيانات اجتماعية مثل رضا الموظفين، وبيئية مثل الانبعاثات وغيرها، بعد ذلك تُدمج هذه البيانات في نظام موحّد مع تطبيق معايير الجودة والحوكمة، تُستخدم أدوات التحليل الوصفي والتشخيصي والتنبؤي لاكتشاف الأنماط وتفسير أسباب المشكلات وتوقع المخاطر التي تحدث داخل وخارج المنظمة ، يوفر النموذج أيضاً تحليلات استباقية تقترح أفضل الخيارات لتحقيق التوازن بين التكلفة والجودة والاستدامة، وتعرض لوحة القيادة الاستراتيجية النتائج بصورة مترابطة تسمح للمديرين برؤية التأثير الشامل لكل قرار، ويدعم النموذج اتخاذ قرارات تحقق توازناً حقيقياً بين الربحية ومسؤولية المنظمة تجاه المجتمع والبيئة. ويسهم النموذج في تحسين الأداء ورفع الكفاءة وتعزيز الميزة التنافسية للمنظمة.
ما هي الرسالة الجوهرية التي تود أن تصل إلى متخذي القرار في المنظمات الصناعية من خلال نتائج دراستك، خاصةً فيما يتعلق بضرورة التغيير من الأساليب القديمة؟
يجب على مدير المنظمات الصناعية تبني الأساليب المعاصر التي تحافظ على العوامل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ومن هذا الاساليب الذكاء التنافسي والأداء التسويقي المستدام اذ ان تساهم أهمية الذكاء التنافسي في جمع وتحليل وإيصال المعلومات البيئية الى المنظمة والتي تساهم في اتخاذ القرارات الاستراتيجية، واما في ما يخص تبني الأداء التسويقي المستدام المتغير المعاصر الذي يهدف في تلبية جميع مصالح أصحاب المصلحة الذين يرغبون في اتخاذ قرارات عقلانية واستثمارات أفضل، وتوفر إفصاحات الاستدامة بمستوياتها الثلاثة التي تعزز الشفافية، وتحسين اسم العلامة التجارية وقيمة الشركة ، وتخفيف عدم تناسق المعلومات وتحفيز المديرين والموظفين، وكذلك الحصول في النهاية على الميزة التنافسية على المنافسين، ومساهمة المنظمة على تبني استراتيجيات وأنشطة تمكنها من تحقيق أهدافها البيئية والاجتماعية والاقتصادية في الأجلين القصير والطويل.
كيف يمكن الاستفادة من نتائج هذا البحث لتطوير مؤشرات قياس الأداء التسويقي المستدام لتكون أكثر ملاءمة للبيئة الصناعية العراقية؟
يمكن الاستفادة من نتائج البحث من خلال تكييفها مع واقع الصناعة العراقية بحيث تُحوَّل المفاهيم النظرية إلى مؤشرات بسيطة وقابلة للقياس، ٍحيث تُستخدم النتائج في تحديد المؤشرات الاقتصادية التي تناسب بيئة السوق المحلي مثل كلفة التسويق المستدام والحصة السوقية للمنتجات الصديقة للبيئة، ثم تُشتق مؤشرات اجتماعية تعكس طبيعة المجتمع العراقي مثل مستوى وعي العاملين ورضا المجتمع المحلي، كما تُطوَّر مؤشرات بيئية مرتبطة بالتحديات الحالية مثل استهلاك المياه والانبعاثات الناتجة عن المولدات، كذلك تساعد نتائج البحث في تعديل المؤشرات بحيث تكون واقعية وتأخذ بنظر الاعتبار محدودية التكنولوجيا في المصانع، إضافةً لذلك، يمكن دمج المؤشرات في لوحة متابعة أداء سهلة تناسب قدرات المنظمات الصناعية، بهذه الطريقة تصبح نتائج البحث أداة عملية لتحسين الأداء التسويقي المستدام في العراق.
ما هي الجوانب أو المتغيرات الأخرى التي لم تتطرق إليها الدراسة الحالية وتوصي الباحثين القادمين باستكمال البحث فيها ضمن نفس الإطار النظري؟
يمكن للباحثين القادمين استكمال الدراسة بالتركيز على جوانب لم تُدرس كلياً:
أولاً: دراسة التأثيرات الخارجية كالاقتصاد والسياسة والتكنولوجيا على الأداء التسويقي المستدام.
ثانياً: دور أبعاد الذكاء التنافسي في تعزيز الأداء الاقتصادي المستدام.
ثالثاً: النظر في البعد البيئي لمتابعة استدامة النتائج على المدى الطويل.
رابعاً: تحليل المتغيرات الوسيطة كالابتكار والمرونة المؤسسية لتفسير العلاقة بين الذكاء التنافسي والأداء التسويقي المستدام.
خامساً: تبني الأداء الاجتماعي المستدام ودوره في نجاح الذكاء التنافسي.
سادساً: دراسة التكنولوجيا والشراكات وأثرها على الأداء المستدام، التركيز على تكامل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لتقديم رؤية شاملة للاستدامة ضمن نفس الإطار النظري.
يكشف هذا الحوار مع الباحث محمد يونس العكيدي عن أهمية إعادة توظيف مفاهيم الذكاء التنافسي لخدمة الأداء التسويقي المستدام داخل الصناعات العراقية، بوصفه مساراً عملياً يتيح للمنظمات فهم بيئتها واتخاذ قرارات أكثر دقة واستشرافاً. وقد قدمت الدراسة نموذجاً رصيناً يجمع بين التحليل الأكاديمي والتطبيق الميداني، ويؤكد أن تطوير آليات جمع البيانات وتحليلها، وتحسين كفاءة الموارد، وتبني ممارسات إنتاج تراعي الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية، تمثل ضرورة إستراتيجية لكل منظمة تسعى إلى بناء ميزة تنافسية دائمة في سوق شديد التقلّب.
وتشير نتائج البحث إلى أن مستقبل الصناعة العراقية سيكون أكثر تقدماً حين تصبح المعلومات التنافسية جزءاً من الفعل اليومي للمنظمة، لا مجرد خيار نظري، وحين تتحول الاستدامة إلى منهج عمل شامل يدعم سمعة المؤسسة ويعزز موقعها في السوق. كما يوجّه الباحث رسالة واضحة إلى صناع القرار بضرورة مغادرة الأساليب التقليدية وتبنّي رؤى حديثة تستند إلى بيانات دقيقة، وتمنح العاملين مساحة أكبر للإبداع والمبادرة.
وفي الختام، نتقدّم بالشكر والتقدير إلى الباحث محمد يونس العكيدي على ما قدمه من جهد علمي وميداني أثْرى الحوار، وأسهم في توضيح مسارات جديدة يمكن للمنظمات الصناعية الاستفادة منها. كما نثمّن انفتاحه في مناقشة تفاصيل دراسته وتقديم رؤى قابلة للتطبيق تعزز من فرص تطوير الأداء الصناعي والتسويقي في البيئة العراقية.



اضف تعليق