لم يفطن ساسة العراق ان داعش كان على الأبواب، ومن امتلك لحظة من الفطنة وقتها، دخل في سجالات مع غيره وتم تطييف تلك اللحظة.
دخل داعش واحتل وقتل ودمر، واضيف سبب اخر الى الأسباب العديدة التي كانت تغرس اليأس في قلوب الملايين من الشباب.
ثم ليكتشفوا ان مشاكلهم تزداد تراكما وتضاف لها مشاكل جديدة مع كل استثناء يعيشه العراق.
وكنا دائما نعيش هذا الاستثناء.
ربما هذا المدخل يطرح سؤالا ذو طبيعة اشكالية: هل ان ازماتنا السياسية ناجمة عن ازمة قيم، ام ان نوعية ما نحمله من قيم ومعتقدات هي التي انتجت ما نعيشه الآن من سياسة؟
تختلف المعايير المعينة لموضوع تحديد الفترة العمرية المحددة لسن الشباب بين الدول والمنظمات في العالم، فمثلاً:
الأمم المتحدة تحدد فئة الشباب بأنهم أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة.
البنك الدولي يحصر فترة مرحلة الشباب في ما ببن 15 و 25 عام.
معجم المنجد في اللغة العربية المعاصرة يحدد تلك الفترة من حد البلوغ إلى الثلاثين.
تتلخص مرحلة الشباب في أنها مرحلة التطلع إلى المستقبل بطموحات عريضة وكبيرة.
تقسم مرحلة الشباب بدورها الى مراحل عمرية مختلفة، وذلك لان كل مرحلة لها متطلباتها واحتياجاتها ووسائل التعامل معها، وهي تقسم الى ثلاث مراحل:
1- مرحلة المراهقة، من 15 – 19 عاما، وهي من اهم واخطر المراحل التي ينبغي التعامل معها.
2- مرحلة التعليم الجامعي والبحث عن عمل، من 20- 25 عاما، وهذه المرحلة تتسم بإنهاء مرحلة التعليم، والبحث عن وظيفة.
3- مرحلة النضج والاستقرار، من 25- 29 عاما، وهذه المرحلة تتسم بمشاعر الإحساس بالظلم والقهر وعدم الانتماء، والإحساس بالاغتراب والانفصال عن المجتمع، وملاحظة ان الادمان والسرقة والتطرف تتمثل بهذه الفئة العمرية، فضلا عن ان الشباب في هذه المرحلة يبحث عن البدائل، متمثلة في الهجرة خارج البلاد مما يسبب خسارة الشباب المتعلم.
ارقام ودلالات..
بعثة الأمم المتحدة في العراق ذكرت في بيان لها بمناسبة يوم الشباب العالمي في 12 أب 2010 إن "عدد الشباب في العراق دون سن 19 سنة يبلغ نحو نصف سكان البلاد تقريباً.
بيّن مسح إستطلاع رأي أوضاع وتطلعات الشباب 2012 كيفية حصول الشباب على الأعمال التي يمارسونها. وقد تبين ان العلاقات العائلية والشخصية هيمنت على العوامل الأخرى بنسبة (54% للذكور، 37% للإناث) وفي اقليم كردستان 47% للذكور و 28% للاناث. أما الخبرة في العمل فكانت بنسبة (18.0% يليها عامل مستوى التعليم أو الشهادة بنسبة 8.7%).
لقد تعزز تأثير هذه العلاقات بسبب التوجه نحو إقامة نظام توازن في المؤسسات العامة، يعتمد المعايير الإثنية والطائفية بحجة ضرورته لبناء نظام سياسي وإداري استيعابي وغير إقصائي، دفع، وسيواصل دفع، الكثير من الشباب إلى الاعتماد على أدوات الولاء الإثني والديني والطائفي وسيلة للتوظيف، مما يؤدي إلى تكريس هذه الانقسامات على حساب الهوية الوطنية.
اصدر فريق عمل مشترك من مركز المعلومة للبحث والتطوير ومنظمة تموز للتنمية الاجتماعية تقريرا خاص بيوم الشباب العالمي في العام 2012، سلطوا الضوء فيه وضع الشباب العراقي واهم المشاكل التي يعاني منها.
عبّر (%16.8) من الشباب العراقي في عمر (18-30) سنة عن رغبتهم في الهجرة ويرغب أكثر من نصف هؤلاء في الهجرة إلى أوربا، وإن حوالي (33%) من الشباب يرجعون سبب رغبتهم في الهجرة الى العمل وتنخفض نسبة الإناث من حيث رغبتهم العمل الى (16.6%) مقابل (47.4%) بين الذكور.
في تقرير التنمية البشرية الثالث والذي صدر في العام 2014 ذكر الدكتور نهدي العلاق احد معدي التقرير اهم التحديات التي تواجه الشباب:
1. عدم وجود سياسات تشغيل مناسبة بإمكانها أن تـخلق فرص عمل جديدة للشباب العاطل عن العمل بسبب ضعف الدور الذي يضطلع به القطاع الخاص وتدني كفاءته التنظيمية. كما أن تدني مستويات الاستثمار حد من امكانيات خلق فرص عمل جديدة تساهم في معالجة مشكلة البطالة.
2. غياب السياسة الوطنية الشاملة الموجهة للقطاع الشبابي جعل الخدمات المقدمة للشباب تشوبها الضبابية مما أفرغها من محتواها وفوائدها المرجوة.
3. التعدد والاختلاف في المؤسسات التي تقدم خدماتها للشباب أدى إلى غياب التنسيق وبعثرة الجهود.
4. محدودية الدور السياسي والمجتمعي المعطى للشباب.
5. الخوف من المستقبل في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة في البلاد.
6. ضعف في تأهيل وخبرة الكادر المتـخصص لإدارة المؤسسات الشبابية من الناحية الإدارية والفنية.
7. ضعف العلاقة بين المؤسسات والمنتديات الشبابية مع مجالس المحافظات.
8. النقص الكمي والنوعي في المرافق الرياضية والترفيهية للشباب من الجنسين والتفاوت بين المحافظات في توفير هذه المرافق.
9. محدودية الموارد المالية المخصصة للأنشطة الشبابية واحتلالها مراتب متدنية ضمن الموازنة الاتحادية للدولة.
10. عدم توفير الأراضي الكافية لإنشاء مشاريع للشباب عليها.
11. ضعف واضح في أداء الرياضيين يقابله ضعف ملحوظ في الجانب الثقافي والفني والعلمي الذي يكمل الأداء الرياضي ويساهم في اكتمال عناصر الشخصية لدى الشاب وصولا إلى تحقيق الانجاز المطلوب.
التقرير جرى العمل عليه قبل ظهور داعش واحتلاله ثلث العراق، وتهجيره للملايين من سكان المناطق التي احتلها، والنتائج الاقتصادية والعسكرية التي ترتبت على ذلك..
ونحن في العام 2015 اخذت الأرقام منحى اخر.
فقد اصبح عدد النازحين يزيد عن ثلاثة ملايين نسمة اضافة الى الملايين من العراقيين المهجرين خارج العراق و الاعداد الكبيرة من الجرحى، والمعاقين، والارامل، و الايتام.
ارتفاع عدد المقاتلين في القوات المسلحة من (٢٧٠) الف مقاتل الى اكثر من مليون مقاتل ما عدا مسلحي العشائر.
حسابات كلفة الحرب و مطاردة الارهاب حسب دراسة اعدت من ((سكوت والستن، و كاترين كوزك)).. ان المصاريف الاقتصادية المباشرة للحرب في اي نقطة محددة من الزمن، ستتجاوز تخصيصات الموازنة العامة بحدود لا تقل عن ٢٠ الى ٢٥٪ وفي التقديرات العراقية حسب فرضيات البرلمان العراقي لا تقل عن ٤٠٪ من الموازنة.
الدراسات الافتراضية تقدر بان العراق يحتاج في هذه السنة على وجه السرعة تخصيصات اضافية لإغاثة النازحين بمبلغ لا يقل عن نصف مليار دولار.
ما يحتاجه صندوق الاعمار والتنمية حوالي مليار دولار لهذه السنة على ان ترتفع التخصيصات في خمسة اعوام اخرى الى ما لايقل عن ((١٠)) مليار دولار سنوياً.
احد الخبراء الاجانب قدر اعمار المدن التي خربت من داعش تحتاج الى خمسمائة مليار دولار للاعمار ولتعويض اسر الضحايا وتسليح القوات الأمنية.
قامت شبكة النبأ المعلوماتية، وهي تواكب في موضوعاتها التحديات الحاضرة التي يمر بها العراق، من عمل استبيان على الشبكة تحت عنوان (ما هي الأسباب التي تدفع ببعض الشباب العراقي الى الهجرة او التطوع بالحشد الشعبي او المشاركة بالمظاهرات؟).
وكانت أجوبة المشتركين في تأييدهم للهجرة وسبب ذلك التأييد جاءت على الشكل التالي:
ولدنا على صوت المدافع – من حقنا العيش بسلام – لا حياة في بلدي – لا مستقبل للشباب – اليأس – عدم وجود التحرر الفكري – الكبت الديني -نمط المعيشة الواحد المفروض على الجميع -تدهور الوضع الحضاري للبلد، وليس فقط الاقتصادي والأمني -انخفاض فرص التطور الذاتي والمهني– التظاهرات لا تحقق شيئا لان المشاكل كثيرة -اهمال الجهات الرسمية للشباب وعدم توفير ابسط مستويات الحياة التي تليق بهم -الحصول على الأمان والاستقرار.
اما الرافضين للهجرة فكانت اسبابهم:
ارفض الهجرة الى خارج البلد لأسباب عديدة منها سياسي واقتصادي واجتماعي وديني-بالنسبة للحشد والمظاهرات فهما وجهان لعملة واحدة كلاهما يصبان في محاربة أعداء العراق ومن يريد بالعراق السوء من قتل وفساد -المشاركة في المظاهرات هو واجب وطني -المشاركة بالتظاهرات بقوة وتفعيل الدور الرقابي للمواطن واصلاح ما يمكن إصلاحه.
وقد جاءت نتيجة التصويت على الشكل التالي:
45% الهجرة الى خارج العراق
15% التطوع في الحشد الشعبي
32% المشاركة في المظاهرات
8% غير مبالي
اضف تعليق